الذكرى الرابعة لقضية " الإمارات 94 " .. والجرح مازال ينزف ..!

الذكرى الرابعة لقضية " الإمارات 94 " .. والجرح مازال ينزف ..!

خاص شؤون اماراتية

اكتملت فصول الحكاية ، سقط العدل ، فاندثرت الإنسانية ..!

وكيف يكون للعدل متسع عندما يتساوى الحاكم واللص والقاضي والجلاد ، عندما يجتمعون معا من أجل كسر إرادة الشعوب ..ولإطلاق الآلة القمعية وأسلوب البطش وسياسة التركيع ..

عريضة الإصلاح

عريضة أظهرت وعيا إماراتيا نحو إمارات أفضل ، وقع عليها لفيف من ألوان الطيف الفكري والسياسي في الإمارات بينهم الرجال والنساء من أساتذة الجامعات وأعضاء سابقين في البرلمان ومسؤولين حكوميين سابقين ونشطاء حقوقيين وأعضاء في جمعيات المجتمع المدني وكتاب .

وتمثلت العريضة بالمطالبة بانتخاب جميع أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات من قبل كافة المواطنين كما هو مطبق في الدول الديمقراطية حول العالم، وتعديل المواد الدستورية ذات الصلة بالمجلس الوطني الاتحادي بما يكفل له الصلاحيات التشريعية والرقابية الكاملة.

هذين المطلبين كانا جل أمل 133 مواطن إماراتي رفعا في 3 من مارس عام 2011 إلى رئيس الدولة الشيخ، خليفة بن زايد آل نهيان، وأعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات السبع المكونة للاتحاد، وقد طالب هؤلاء المواطنين في عريضتهم بالتجاوب مع المتغيرات الدولية والإقليمية وتبني نهج ديمقراطي نيابي كما نص على ذلك دستور الدولة الصادر في 1971.

ليكون الرد قاسيا وعنيفا من قبل الحاكم ، حيث اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف هذه المطالب، وضغطت السلطات الأمنية على بعض الشخصيات الموقعة على عريضة الإصلاح لتكذيب توقيعهم واتهام العريضة بالتزوير، ومنذ ذلك اليوم بدأ الإعلان من جانب الأمن الإماراتي عن سقوط خلايا تستهدف قلب نظام الحكم، وانطلقت محاكمات سياسية، اعتقالات عشوائية، حجز على الأموال، منع من السفر، التهديد بسحب الجنسية، اختفاءات قسرية .

هكذا كانت البداية لتتدحرج الحملة الأمنية لتصل إلى ماعرف " بجمعية دعوة الإصلاح " والتي وصلنا اليوم لذكراها الرابعة ومازال أعضائها رهن السجون الإماراتية وعددهم أربع وتسعون وعرفت قضيتهم بـ " الإمارات 94 " .

قضية " الإمارات 94 "

مع حلول الذكرى الرابعة  لبدء المحاكمة الجماعية المسماة قضية “الإمارات 94″، التي أدت إلى الزج بالعشرات من منتقدي الحكومة ودعاة الإصلاح في السجون في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن بينهم عدد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان، والقضاة، وأساتذة الجامعات، والقيادات الطلابية ،وما زالت جذور القمع في البلاد مستمرة وخصوصا بعد إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لسنة 2012، والذي اتخذته الحكومة أداة لتكميم أفواه النشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرهم من دعاة وأنصار حرية التعبير على الإنترنت، وكذلك بصدور قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2014، الذي يتضمن تعريفاً مبهماً وفضفاضاً للإرهاب، يجرِّم طائفة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك تلك التي تكفلها وتصونها معايير حقوق الإنسان، باعتبارها من قبيل الإرهاب، مما يجعل بالإمكان استخدام هذا القانون في إنزال عقوبات غليظة بالسجن أو حتى الإعدام بحق المدافعين عن حقوق الإنسان أو منتقدي الحكومة.

تفاصيل المحاكمة الجائرة

في 4 مارس/آذار 2013، مثل 94 متهماً أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، من بينهم ثمانية وُجِّهت إليهم التهم وحوكموا غيابياً؛ وفي هذه المحاكمة الجماعية وجهت السلطات إلى المدعى عليهم تهمة إنشاء تنظيم يهدف إلى قلب نظام الحكم، غير أنهم أنكروا هذه التهمة بالإجماع، ولم تفِ هذه المحاكمة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وكانت محل تنديد واسع من قبل المنظمات الحقوقية وهيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، ومن بينها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، فقد قبلت المحكمة أدلة إثبات معظمها “اعترافات” أدلى بها المدعى عليهم أثناء اعتقالهم قبل المحاكمة. وقبل قبول تلك الأدلة، لم تلزم المحكمة الادعاء بأن يثبت بما لا يدع مجالاً لقدر معقول من الشك أن تلك “الاعترافات” قد تم الحصول عليها بالسبل المشروعة، وأن المتهمين قد أدلوا بها بمحض إرادتهم دون إكراه. كما تقاعست المحكمة عن اتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق، أو لإصدار أمر بإجراء تحقيق فوري ومستقل ونزيه وشامل فيما ادعاه المتهمون من أن محققي أمن الدولة قد أجبروهم، تحت وطأة التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة، على الإدلاء بشهادات كاذبة يجرمون بها أنفسهمأو غيرهم خلال الشهور التي قضوها رهن الاعتقال في أماكن سرية بمعزل عن العالم الخارجي، دون السماح لهم بالاتصال بمحاميهم أو بالعالم الخارجي. كما حُرم المتهمون من حقهم في الطعن في الأحكام الصادرة ضدهم أمام محكمة أعلى درجة؛ إذ ينص القانون الإماراتي على أن القرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية العليا هي قرارات نهائية لا يجوز الطعن فيها.

 وفي 2 يوليو/تموز 2013، أصدرت المحكمة أحكاماً بإدانة 69 من المتهمين الأربعة والتسعين، بمن في ذلك الثمانية المحاكمون غيابياً، وببراءة 25. وكان من بين المتهمين كثيرون من الأشخاص المرموقين في شتى مجالات تخصصهم، كالقانون والتعليم والتدريس الجامعي وقطاع الأعمال، فضلاً عن المستشارين الحكوميين. وأصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن تتراوح بين سبع سنوات و15 سنة، بحق الكثير من الشخصيات المرموقة، ومن بينهم أستاذ القانون والمحامي البارز المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن الذي ألف عدداً من الكتب والمقالات الأكاديمية حول حقوق الإنسان وحرية التعبير وقوانين مكافحة الإرهاب؛ والمحاميان الشهيران الدكتور محمد المنصوري وسالم الشحي؛ والقاضي محمد سعيد العبدولي؛ وأستاذ القانون والقاضي السابق الدكتور أحمد الزعابي؛ والمحامي والأستاذ الجامعي الدكتور هادف العويس؛ والشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي، وهو من كبار أفراد الأسرة الحاكمة في رأس الخيمة؛ ورجل الأعمال خالد الشيبة النعيمي؛ ومدرس العلوم حسين علي النجار الحمادي؛ والمدون والمدرس السابق صالح محمد الظفيري؛ وعبد الله الهاجري، وهو من قادة العمل الطلابي؛ والطالب والمدون خليفة النعيمي، الذي كانت لديه مدونة نشطة قبل اعتقاله، يستخدمها في التعبير عن انتقاده لوضع حقوق الإنسان في الإمارات، والأسلوب القاسي الذي يمارسه جهاز أمن الدولة.

المواطنون السبعة

 كما شملت قائمة المدانين في هذه المحاكمة سبعة نشطاء يعرفون باسم مجموعة “المواطنون السبعة " وهم الذين سحبت جنسيتهم على نحو تعسفي عام 2011، وأمروا بمغادرة البلاد. والسبعة هم: الخبير الاقتصادي أحمد غيث السويدي؛ والمدرس حسين الجابري؛ وحسين الجابري، وهو موظف قديم بوزارة الدولة لشؤون الرئاسة؛ والمدرس إبراهيم حسن المرزوقي؛ والمدرس السابق شيخ محمد الصديق؛ والدكتور شاهين عبد الله الحسني؛ والدكتور علي حسين الحمادي.

 وأثناء المحاكمة، اتخذت السلطات خطوات لمنع أي تغطية أو تقارير مستقلة عن وقائع المحاكمة؛ إذ لم تسمح لمراسلي وسائل الإعلام الدولية والمراقبين المستقلين للمحاكمة بالدخول، ورفضت السماح لمراقب مستقل موفد من منظمة العفو الدولية بدخول الإمارات قبيل بدء المحاكمة. وأوفدت اللجنة الدولية للحقوقيين اثنين من المراقبين المستقلين لحضور المحاكمة ولكن مسؤولين أمنيين يرتدون ثياباً مدنية ردوهما على أعقابهما قبل وصولهما إلى مقر المحكمة الاتحادية العليا.  كما منعت السلطات الإماراتية مراقبة دولية أخرى مكلفة من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان – منعتها من حضور الجلسة النهائية للمحاكمة في 2 يوليو/تموز 2013، رغم ما أفادت به السلطات سابقاً من أنها سوف تسمح لها بالحضور.

 كما منعت السلطات بعض أقارب المتهمين من دخول قاعة المحكمة؛ أما الآخرون الذين سُمح لهم بالحضور فقد تعرضوا للمضايقة أو الاعتقال أو السجن بعد انتقادهم إجراءات المحاكمة، ونشرهم علناً ادعاءات التعذيب التي أدلى بها المتهمون على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي.

اعتقال أبناء المعتقلين

 أسامة النجار، وهو من نشطاء الإنترنت وابن  المعتقل حسين علي النجار الحمادي، فقد اعتُقل في مارس/آذار 2014، وقُدِّم للمحاكمة بتهم تتعلق برسائل نشرها عبر تويتر مدافعاً فيها عن والده المتهم في قضية “الإمارات 94”. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وبغرامة باهظة، بتهم من بينها “تصميم وإدارة موقع إلكتروني عبر مواقع التواصل الإلكتروني بهدف نشر أفكار ومعلومات غير دقيقة وساخرة وتشهيرية تضر بهيكل مؤسسات الدولة”، و”التهجم على الدولة” و”التحريض على كراهية الدولة”، و”الاتصال مع منظمات أجنبية وتزويدها بمعلومات غير دقيقة” بشأن قضية “الإمارات 94″، والظروف المعيشية داخل سجن الرزين، وقد أنهى مدة محكوميته إلا أن السلطات رفضت الإفراج عنه ووضعته في مركز المناصحة تحت حجة " مازال يشكل خطرا على الدولة " .

هي الذكرى الرابعة وما زال المواطن الإماراتي يدفع ضريبة الحرية ، فإما أن يصبح في المعتقل أو أن يكون خارج البلاد في ظل الملاحقات الأمنية الشرسة التي مازالت تتواصل من قبل أمن الدولة بالإضافة إلى الانتهاكات التي يفرضها السجان على المعتقلين في السجون والتي كان آخرها قضية التحرش بالمعتقلين والتي اضرب على إثرها عدد من المعتقلين وكان بينهم المعتقل عمران الرضوان .

ورغم التنديد الواسع من قبل المؤسسات الحقوقية والدولية والمطالبات الجماعية بضرورة الإفراج عن المعتقلين إلا أن محمد بن زايد بسياسته الأمنية المطبقة على أبناء الشعب فقط لا زال يضرب بعرض الحائط تلك المطالبات ويتنكر لصخب النداءات .

الكاتب