ناشونال انترست .. التحالف الاماراتي السعودي " هش " وسيسقط

ناشونال انترست .. التحالف الاماراتي السعودي " هش " وسيسقط

تناولت مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية في تقرير لها أبعاد ومستقبل التحالف الذي أعلن عنه مؤخراً بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في إطار حديثها عن آفاق تشكيل لجنة تعاون مشتكة بين الدولتين قبيل انعقاد قمة «مجلس التعاون الخليجي» الأخيرة.

واشارت المجلة إلى ما ذهب أليه محللون  عرب وغربيين حول أسباب الإعلان عن هذا التحالف قبيل القمة الخليجية الأخيرة في الكويت والرسالة التي يمثلها كبديل عن مجلس التعاون الخليجي، وأنه جاء بمثابة تصعيد  كبير للأزمة مع قطر»، وتوجهاً لتقوية التحالف بين الرياض وأبو ظبي»، إلا أن المجلة اعتبرت أن احتمالات التوتر بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قائمة، في ضوء «تزايد عدد نقاط الخلاف في (ملفات) السياسة الخارجية» بينهما في الأشهر الماضية، لا سيما في اليمن حيث تدعم كل من الرياض وأبو ظبي «وكلاء متنافسين» على الأرض هناك، وفي سوريا أيضاً، حيث تتبنى العاصمتان «مقاربتين متناقضتين» لحل الأزمة السورية

واعتبرت «ناشونال إنترست» أن وجود «مصالح استراتيجية مشتركة» بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا يخفي حقيقة «الدينامياتالجيو - سياسية» التي تعتمل داخل مجلس التعاون الخليجي، والتي تحمل دلالات على أن «التحالف بين الرياض وأبوظبي هو أضعف مما يبدو عليه»، مضيفة أن «التباين المتنامي» بين وجهتي النظر الإماراتية والسعودية حيال كيفية التعامل مع الأزمات الإقليمية «يرجح فرضية تصعيد التوتر» بين الدولتين الخليجيتين، على نحو قد يجعل من فرص التوصل إلى حلول له، أصعب من محاولات التوصل إلى حل للأزمة القطرية.

اختلاف الرؤى

فخلافاً للنزاع السعودي - القطري، ينبع الشقاق السعودي - الإماراتي من «الرؤى الاستراتيجية المتباينة والمتنافسة» لدى دوائر الرياض وأبوظبي، حيث تبرز كل منهما الاستعداد لاستخدام القوة العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الأحادية الجانب، من أجل تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، وفق تصوراتها الخاصة، وهو ما يرجح استمرار المنافسة الاستراتيجية بين الجانبين في المستقبل المنظور

وخاضت «ناشونال إنترست» في طبيعة الخلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. فالسياسة الخارجية للمملكة «تقوم على فهم طائفي للصراعات في الشرق الأوسط»، كما أن «السلوك الخارجي للرياض مدفوع بشكل واضح بهويته السنية»، ما يجعل من التنظيمات والجماعات المسلحة «الشيعية» الموالية لإيران ضمن خانة الأعداء الذين «يتوجب قمعهم بأي ثمن»، إذ عملت الرياض على تقديم الدعم المالي والعسكري للتنظيمات «السنية» في مناطق النزاعات والصراعات، لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

أما السياسة الخارجية الإماراتية، فهي «ترفض المقاربة الطائفية التي تنتهجها المملكة في التعامل مع أزمات الإقليم»، وقد دأبت على الدفاع عن قيم «العلمانية» في الشرق الأوسط، وعملت على تسهيل قيام «تحالفات غير أيديولوجية في مناطق النزاعات».

وفي هذا الإطار، أوردت المجلة حديث نيل كليام، الخبير في الشؤون الخليجية في معهد «تشاتام هاوس»، حين اعتبر أن صناع القرار في الإمارات العربية المتحدة يرون في الجماعات الإسلامية المتطرفة «تهديداً أكبر» من التهديد الذي تمثله طهران، ما يفسر تبنيهم لـ«نهج أكثر دقة» تجاه الأخيرة، قياساً بنظرائهم السعوديين.

الملف اليمني


وفي إطار الكلام عن اختلاف الرياض وأبوظبي في تشخيص التهديدات الإقليمية، بالنظر إلى أن الأولى تتبنى «أجندة سنية»، فيما تتولى الأخرى «أجندة علمانية»، قدمت المجلة اليمن، كمثال، زاعمة أن السعودية نظرت إلى قيام «حكومة شيعية في اليمن» على أيدي ميليشيات الحوثيين  بوصفه «تهديداً مباشراً لأمنها القومي»

فيما لا تتورع أبوظبي عن دعم أطراف «شيعية» محسوبة على إيران، طالما أن ذلك يخدم جهود تعزيز الاستقرار في اليمن، وفي الوقت عينه، ترفض تدخلات طهران المزعزعة للاستقرار في دول الشرق الأوسط، موضحة أن الخلافات الإماراتية السعودية على الساحة اليمنية تتمحور حول ماهية التهديد الذي تمثله الجماعات والشخصيات «الشيعية»، التنظيمات الدينية المتطرفة، إلى جانب الخلاف على تحديد الطرف الذي يمثل «الشرعية السياسية» في اليمن.

وذهبت المجلة إلى أن المملكة العربية السعودية ترى في الرئيس عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي للبلاد، وفي حزب «الإصلاح»، «طرفاً سياسياً شرعياً»، يفيدها في المعركة مع «المتمردين الحوثيين»، في حين لا تشاطر الإمارات العربية المتحدة جارتها الخليجية الرأي، بحيث ركزت جهودها على «الحد من تأثير الجماعات الشيعية والسنية (المتطرفة) على حد سواء»على حد وصف المجلة، إذ ساعدت الرياض ضد «الحوثيين» من خلال نشر قوات تابعة لها في جنوب اليمن، ووقفت إلى جانب الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في مواجهته العسكرية ضد «حزب الإصلاح» حيث تسعى أبوظبي لإقصاء حزب الإصلاح عن المشهد السياسي بدعوى انتماءه فكريا لجماعة الإخوان المسلمين رغم ما تشكله هذه السياسة الإماراتية لتهديد للنسيج الاجتماعي في اليمن.

وشرحت المجلة أن الرغبة التي تبديها الإمارات العربية المتحدة لاستخدام القوة ضد كتائب المقاومة التابعة  لـ«حزب الإصلاح»، المدعومة سعودياً، «يؤكد التزامها دعم القوى العلمانية في اليمن» بمعزل عن انتماءاتها الطائفية، لافتة إلى أن رهان أبوظبي في الفترة الماضية على إعادة الرئيس صالح إلى السلطة في البلاد، انطوى على رغبتها في «إعادة ترسيخ (نظام) سلطوي علماني» يعيد الاستقرار إلى ربوع اليمن الذي مزقته الحرب.

أما وقد قتل صالح، فقد رجحت المجلة أن تعمل الحكومة الإماراتية في الفترة المقبلة على البحث عن «زعيم شيعي معتدل جديد»، لدعمه بما يخدم جهود التوصل إلى «تسوية سياسية» للنزاع اليمني، على حد تعبير المجلة.

ونبهت المجلة من أن لجوء المملكة العربية السعودية إلى «توظيف مقتل صالح، من قبل المقاتلين الحوثيين، من أجل تشريع مواصلة حملة القصف العشوائي ضد شيعة اليمن»، قد يجعل الخلاف بين «براغماتية الإمارات»، و«طائفية السعودية» أكثر بروزاً في الأشهر القادمة، وفق المجلة.

الملف السوري 

إلى ذلك، لفتت «ناشونال إنترست» إلى اختلاف رؤى كل من الرياض وأبوظبي حيال الأزمة السورية، شارحة أن الهدف السعودي يتركز على «احتواء النفوذ الإيراني» في سوريا، فيما تولي الإمارات العربية المتحدة اهتماماً باستعادة الاستقرار في البلاد، في ظل «نظام علماني»، ضمن إطار تفاوضي يشمل الرئيس الحالي بشار الأسد، إلى جانب شخصيات سورية «سنية» معارضة، والفصائل الكردية المقاتلة، مع حرص الإمارات على إقصاء قوى الإسلام السياسي عن المشهد السوري .

و كشفت مؤخرًا برقية سرية صادرة من سفارة السعودية في أبوظبي، عن عدم التزام الإمارات بقرارات مجلس التعاون الخليجي والموقف السعودي إزاء الملف السوري وقرار مقاطعة دمشق، وجاء في البرقية أنه: «لم يُلمس أي إجراء تم اتخاذه من الجهات الإماراتية لفرض أية عقوبات اقتصادية على النظام السوري، حتى السفير السوري بالدولة لم يُبلغ بالمغادرة تنفيذًا لقرارات دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية القاضية باستدعاء سفراء الدول الخليجية والعربية من دمشق».

اقتصاديًّا، اتخذت الإمارات موقفًا براغماتيًّا من نظام الأسد، عندما احتوت مصارفها مئات ملايين الدولارات لشخصيات موالية للنظام وعائلته، منهم رجل الأعمال السوري وابن خالة بشار الأسد «رامي مخلوف» المصنف اسمه ضمن العقوبات الدولية، ووصل الأمر حد تورط شركات أجنبية لها فروع إماراتية، بتزويد النظام السوري بالنفط والغاز والمشتقات النفطية، وهو ما كشفه وثائقي الجزيرة «شريان الأسد السري».

عمل الإمارات في سوريا وفق سياستها الإقليمية المتمثلة في عداء أي تيار تابع للإسلام السياسي، فهي تقدمه على أي عداء آخر. وهي أيضًا تعمل على فرض نفوذها سواء بالاعتماد على نفسها، أو على الآخرين، وفي محطة الاعتماد على نفسها في الملف السوري، تدخلت قواتها بشكل مباشر كما كشف موقع «ستراتفور» في معركة الرقة، وهنا يمكن الاستشهاد بتقرير صحيفة «الجارديان» البريطانية التي تحدث عن الدلالات السياسية التي تعكسها المشاركة الإماراتية، والمتمثلة في «سعى الإمارات إلى فرض نفسها بصفتها أحد الفاعلين الرئيسيين في الشرق الأوسط في إطار التنافس مع قطر»،

مؤخرًا وفي إطار صراع النفوذ مع قطر وتركيا، دعت الإمارات في أغسطس الماضي الولايات المتحدة الأمريكية إلى تخفيف دعم المعارضة السورية، والعمل مع النظام السوري مقابل ضمانات بابتعاده عن إيران، ونقل موقع «زمان الوصل» السوري عن مصادر قولها إن الإمارات تهدف إلى منع تمكن المعارضة السورية من الوصول إلى السلطة، فهي ترى أن أغلبية المعارضة السورية باتت بيد القوى الجهادية الإسلامية

الكاتب