ذي أتلانتك .. أمريكا الرابح الأكبر من حصار قطر

ذي أتلانتك .. أمريكا الرابح الأكبر من حصار قطر

ناقشت مجلة " ذي أتلانتك" الامريكية تداعيات استمرار الازمة الخليجية التي اندلعت في الخامس من شهر يوينوي/حزيران الماضي عقب قرار كل من الغمارات والسعودية والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر وفرض حصار عليها، و تعاطي الإدارة الامريكية مع هذه الازمة، وما حققته من مصالح اقتصادية خاصة فيما يتعلق بلجوء مختلف أطراف الأزمة لعقد صفقات تجارية مع واشنطن في مسعى لاستمالة مواقفها.

 واعتبر كريشناديفكالامور في مقال له على موقع المجلة إن الدول المحاصرة لقطر – السعودية والإمارات والبحرين ومصر – قد تلقت أنباءً سيئة في أواخر الشهر الماضي، بعد أن تابعوا نتائج الحوار الاستراتيجي بين الدوحة وواشنطن.

تعاون عسكري

وكان وفد قطري ضم كلاً من وزراء الدفاع والخارجية زار واشنطن الأسبوع الماضي والتقى كبار المسؤولين في الغدارة الامريكية، حيث أعلن وزير الخارجية الامريكي عن اتفاق بين  الولايات المتحدة الأمريكية وقطر على التنسيق فيما بينهما لحماية قطر من التهديدات الخارجية.

وبحسب ما نقلته قناة "الجزيرة" القطرية، فإن هناك "اتفاق أمريكي قطري على العمل المشترك لحماية قطر من التهديدات الخارجية" دون أن توضح تفاصيل الاتفاق.

ويرى تقرير مجلة" ي أتلانتك" أن الدول المحاصرة كافحت لإقناع العالم بأن قطر تدعم الإرهاب وتتدخل في شئونهم. مما دفع قطر إلى توطيد العلاقات مع تركيا، وتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع روسيا، ودشنت حملة دبلوماسية لتفنيد مزاعم دول الحصار. ولكن يبدو أن ثمة اختلافًا داخل الإدارة الأمريكية حيال الأزمة، فبينما تحاول وزارة الخارجية التوصل إلى تسوية، اتهم ترامب قطر بدعم الإرهاب.

لكنّ موقف ترامب لم يدم طويلًا، فقد أشار سايمون هندرسون – مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن – إلى أن البيت الأبيض «توقف عن اتهام قطر بدعم الإرهاب، وانتصر موقف وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين اللتين أكدتا على جهود الدوحة في محاربة الإرهاب. وقد تجلى هذا التغير في المواقف في أعقاب البيان الودي الذي صدر عن البيت الأبيض بعد اتصال هاتفي بين ترامب وأمير قطر تميم آل ثاني».

ويرى كالامور أن موقف قطر ازداد صلابة بعد انتهاء الحوار الاستراتيجي مع واشنطن. فقد جاء في البيان الختامي أن «الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي تهديدات لوحدة قطر باعتبار ذلك لا يتماشى مع القيم الأمريكية». وهذا من شأنه أن يثير حفيظة دول الحصار.

ويؤكد هندرسون على أنه «إن لم تتسبب نتائج الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة في صدمة عنيفة لدى أبوظبي تحديدًا، فلا أدري ما الذي قد يصدمها».

المكاسب الأمريكية

 

ولكن ما المكاسب التي حققتها واشنطن من التزامها بالدفاع عن قطر؟ يتساءل كالأمور.

منذ أواسط عام 2017 – يضيف كالامور – شددت قطر على عزمها على محاربة الإرهاب، واتخذت بعض التدابير الأمريكية في هذا المجال. وأدخلت تحديثات على قاعدة العديد الأمريكية، واشترت مقاتلات بحوالي 12 مليار دولار. ووافقت أخيرًا على الكشف عن ميزانية خطوطها الجوية، وهو مطلب لطالما أكدت عليه واشنطن؛ لأن الخطوط الجوية القطرية تحظى بدعم من الحكومة، مما يجعلها تتفوق على منافسيها حول العالم.

ويكشف أندرو براون – باحث زائر في معهد أميركانإنتربرايز – أنَّ قطر أدركت أن الطريق لكسر الحصار يمر عبر تطوير العلاقات مع واشنطن. «ترى الدوحة أنه يتعين عليها أن تعزز من علاقاتها مع أمريكا، وتبديد مخاوفها، وكسب ثقة ترامب» قال براون. وأضاف «لا أعتقد أن إدارة ترامب تعمدت ابتزاز الدوحة لبذل المزيد. وإنما تضارب التصريحات الصادرة من واشنطن دفع الدوحة إلى اتخاذ تدابير استباقية للسيطرة على موقف أمريكا من قطر». وقد أفلح الأمر – يقول كالامور.

صرح وزير الخارجية الأمريكي ريكستيلرسون قائلًا: «إن قطر حليف قديم للولايات المتحدة. ويجب على أطراف الأزمة التخلي عن النبرة المتشددة وتجنب التصعيد. إننا نتمسك بوحدة مجلس التعاون الخليجي، من أجل محاربة الإرهاب والتصدي للنفوذ الإيراني». كما أكد وزير الدفاع الأمريكي على عمق العلاقات العسكرية مع قطر لمواجهة التحديات.

ويؤكد كالامور أنه بعد أن تأكد لدى دول الحصار أن الأشهر الثمانية الماضية لم تدفع قطر لتقديم تنازلات كبيرة، وأنها قد صمدت أمام العزلة السياسية والمحنة الاقتصادية الناتجة عن المقاطعة، فعلى الأرجح أن الأزمة في طريقها إلى الحل. إذ يبدو أن البدائل قد نفدت لدى الرياض وأبوظبي. وبوسع ترامب الدعوة إلى قمة أمريكية خليجية والتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة.

وهذا ما أكد عليه وزير الدفاع القطري خالد العطية أثناء كلمته أمام مؤسسة هيريتاج حين قال «أعتقد أن بوسع الرئيس ترامب إنهاء الأزمة باتصال هاتفي واحد».

فيما كان موقع "ديفنس وان" الأمريكي المتخصص في الشؤون الدفاعية، نشر تقريرين عن التعاون العسكري بين قطر والولايات المتحدة في ظل الأزمة الخليجية المتصاعدة. وأوضح الكاتب ماركوس وايسبيرجر، أنه في خضم الحصار المفروض على قطر بقيادة السعودية، عمدت قطر على تعميق علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة بخطوات متسارعة.

وأشار الموقع إلى أن قطر وضعت خططا تسمح للبحرية الأمريكية بوضع سفن حربية هناك والسماح للعائلات الأمريكية بالعيش فى قاعدة العديد الجوية الضخمة، فى محاولة لتعميق العلاقات مع الجيش الأمريكى، خاصة بعد أن دخلت الأزمة الخليجية شهرها الثامن وسط تصاعد النزاع بين الجيران في منطقة الخليج.

 

ارتباك امريكي ام تبادل ادوار

وكان التعاطي الامريكي تجاه الازمة الخليجية اتسم بالارتباك وعد م الوضوح  ، فكان تصريح لـ«دانا شل سميث»، سفيرة الولايات المتحدة في قطر، على هذه المواجهة من خلال إعادة تغريد بيانٍ من وزارة الخزانة يشيد بقطر لمواجهتها تمويل المتطرفين.

وبعد بضعة أيام دعا وزير الخارجية «ريكستيلرسون» قطر إلى «إزالة مخاوف جيرانها»، لكنّه أضاف: «ندعو السعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى تخفيف الحصار المفروض على قطر». وأشار إلى أنّ النزاع يضعف التجارة الدولية ويعرقل الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن ناحية أخرى، أيد «ترامب» الحصار فور أن بدأ. وكان قد عاد قبل أيام من اجتماع قمة في الرياض بالسعودية مع قادة جميع دول الخليج، وأعلن على موقع تويتر أنّ زيارته بدأت «تؤتي ثمارها بالفعل».

ثم دافع السيد «ترامب» عن الحصار مرة أخرى بعد ساعات من حث السيد «تيلرسون» على وضع حدٍ له. وقال «ترامب» أنّ «الوقت قد حان لدعوة قطر إلى إنهاء تمويلها للإرهاب».

أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكيَّة فقد ألقت اللوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيث ترى أنَّ الأزمة الخليجية كشفت عدم قدرة الإدارة الأميركية الحالية على إدارة العالم.

وتشير الصحيفة إلى أن ترامب اجتمع في السعودية خلال مايو/أيار الماضي مع زعماء الدول الإسلامية وحدثهم عن توحيد الجبهة ضد الإرهاب العالمي، بل ووقّع اتفاقاً مع دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب.

وقالت: "لكن بعد أيام قليلة حاصر الإماراتيون والسعوديون دولة قطر وفرضوا عليها مقاطعة برية وجوية وبحرية، وهو أمر انقسمت حياله الإدارة الأميركية".

وأوضحت الصحيفة أن ترامب حذر الإمارات والسعودية وقطر من أن عليهم حل الأزمة سريعاً، وإلا فإنه سيستدعي زعماء الإقليم إلى البيت الأبيض للتعامل مع الأزمة شخصياً، لكنه لم يفعل شيئاً منذ إطلاقه هذا التصريح.

الكاتب