ميدل ايست .. الامارات تستخدم تكنلوجيا حديثة للتجسس على مواطنيها

ميدل ايست .. الامارات تستخدم تكنلوجيا حديثة للتجسس على مواطنيها

ناقشت صحيفة «ميدل إيست آي» البريطانية في تقرير لها السياسة التي تتبعها السلطات الإماراتية في التجسس على المواطنين والمقيمين في الإمارات، واستعانتها بمختلف التقنيات والخبراء في مجال التجسس وملاحقة أي رأي يعارض سياساتها الداخلية أو الخارجية وقمع حرية الرأي والتعبير.

وأشارت الصحيفة إلى أنه و منذ اشتعال الربيع العربي عام 2011، وظفت الإمارات العربية المتحدة أحدث أدوات التجسس في فضاء المعلومات لقمع المعارضين، مشيرة إلى أنه  تم تسليط الضوء على التفاصيل العملية لبرنامج المراقبة الإماراتي في 1 فبراير (شباط)، حيث خرجت شركة «DarkMatter» للأمن المعلوماتي، التي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها، عن صمتها للتحدث إلى وسائل الإعلام الدولية.

وقد أجرى المدير التنفيذي ومؤسسها، فيصل البناي، مقابلة نادرة مع وكالة «أسوشييتد برس» في مقر الشركة في أبوظبي؛ حيث قام بنفي مسئولية شركته عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأنشئت الشركة في الإمارات في عام 2015، ولطالما روجت عن نفسها أنها شركة تجارية، وعلى الرغم من أن الحكومة الإماراتية تشكل 80% من قاعدة عملائها، ووصفت الشركة نفسها في السابق بأنها «شريك استراتيجي لحكومة الإمارات العربية المتحدة»؛ فإن رئيسها التنفيذي أصرّ على أنها تعمل بشكل مستقل عن الدولة.

ووفقًا لموقعها على شبكة الإنترنت، فإن الهدف المعلن للشركة هو «حماية الحكومات والمؤسسات من تهديد الهجمات السيبرانية المتطورة باستمرار» من خلال تقديم مجموعة من خدمات الأمن السيبراني غير الهجومية.

الاستعانة بخبراء القرصنة والتجسس

وعلى الرغم من أن الشركة تؤكد أن أنشطتها دفاعية، إلا أن خبير الأمن الإيطالي، الذي حضر المقابلة مع الشركة في عام 2016، يشبه عملياتها بسلطة «الأخ الأكبر على الأنشطة»، ولمح إلى أنها جزء حيوي من نظام الاستخبارات الإماراتي.

كما ادعى سيمون مارجريتيلي، وهو قرصان سابق، أنه خلال هذه المقابلة أبلغ عن نية دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير نظام مراقبة «قادر على اعتراض وتعديل وتحويل، وأحيانًا إخفاء، تدفق البيانات في شبكات الاتصالات من الجيل الثاني والثالث والرابع»، وعلى الرغم من أنه عُرض عليه راتب شهري صافٍ قدره 15 ألف دولار، فإنه رفض العرض لأسباب أخلاقية.

وعلاوة على ذلك، في التحقيق الذي أجراه موقع «ذي إنترسبت» في عام 2016، قالت مصادر مطلعة في الشركة: إن «دارك ماتر» كانت تسعى «بقوة» خلف القراصنة المهرة للقيام بعمليات المراقبة الهجومية. وشمل ذلك خططًا لاستغلال أجهزة مثبتة بالفعل في المدن الكبرى من أجل تتبع وتحديد مكان واختراق أي شخص في أي وقت في الإمارات.

وكما هو الحال في الدول الأخرى، هناك حاجة للأمن «السيبراني» في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع تزايد خطر الهجمات السيبرانية في جميع أنحاء العالم، كانت هناك تقارير عديدة عن محاولات من جهات خارجية لشن هجمات على البنية التحتية الحيوية في البلد.

لكن منذ اندلاع الانتفاضات العربية في عام 2011، أصبح توظيف أدوات الأمن السيبراني داخليًا، الذي استخدم لقمع الثوار والأصوات المنشقة، ذا أهمية متزايدة للحكومة الإماراتية والأنظمة الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.

في الإمارات، كما هو الحال مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجد هذا صدى في قانون الجرائم الإلكترونية. شُرع القانون في عام 2012، وتوفر أحكامه غامضة الصياغة أساسًا قانونيًا لاحتجاز أي شخص ينتقد النظام على الإنترنت.

ويأتي ذلك بعد فترة وجيزة من تشكيل هيئة الأمن السيبراني في الإمارات، وهي الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، التي بدأت العمل مؤخرًا بالتوازي مع وحدة القيادة الإلكترونية للقوات المسلحة الإماراتية، التي أنشئت في عام 2014. وقد عملت شبكة من الهيئات الحكومية الإماراتية وصناعات الاتصالات الحكومية في تنسيق واسع مع الشركات الدولية المصنعة للأسلحة وشركات الأمن السيبراني لتحويل تكنولوجيات الاتصالات إلى مكونات مركزية للسيطرة الاستبدادية.

في عام 2016، أعلن مسؤول من شرطة دبي أن السلطات تراقب المستخدمين عبر 42 منصة إعلامية اجتماعية، في حين أن متحدثًا باسم هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات يتفاخر بالمثل أن جميع المواقع الاجتماعية ومواقع الإنترنت يجري تتبعها من قبل الوكالات ذات الصلة. ونتيجة لذلك، تم اعتقال عشرات الأشخاص الذين انتقدوا حكومة الإمارات على وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل تعسفي، واختفوا قسريًا، وتعرضوا للتعذيب في كثير من الحالات.

ففي العام الماضي، حُكم على كل من الصحافي الأردني تيسير النجار، والأكاديمي الإماراتي البارز ناصر بن غيث، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، و10 سنوات على التوالي للتعليق على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالمثل احتُجز الناشط الحقوقي أحمد منصور الحائز على جائزة دولية لقرابة العام بسبب أنشطته على الإنترنت.

كان هذا موضوعًا مشتركًا في المنطقة في المشهد ما بعد الربيع العربي. وتماشيًا مع هذا فُتحت سوق مربحة للأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي وفقًا لشركة أبحاث التكنولوجيا الأمريكية «جارتنر»، بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار في عام 2016.

في العديد من النواحي، وُضعت البنية التحتية للمراقبة في الإمارات من قبل شبكة من المتعاملين في مجال الأمن السيبراني الدوليين الذين استفادوا طوعًا من تزويد النظام الإماراتي بالأدوات اللازمة لبناء دولة مراقبة حديثة.

وعلاوة على ذلك، فقد ذُكر أن دارك ماتر وظفت مجموعة من أفضل المواهب من خبراء الأمن القومي الأمريكي وشركات التكنولوجيا، بما في ذلك من «جوجل» و«سامسونج» و«مكافي». وفي أواخر العام الماضي كُشف النقاب عن أن دارك ماتر كانت تدير عقدًا استخباراتيًا يقوم بتجنيد عملاء سابقين من وكالة الاستخبارات المركزية، ومسؤولين حكوميين أمريكيين؛ لتدريب مسؤولي الأمن الإماراتيين على تعزيز جهاز المخابرات الإماراتي.

كما أن الشركات العسكرية البريطانية لديها موطئ قدم في دولة المراقبة الإماراتية. في العام الماضي تم الكشف عن أن شركة «بي إي سيستمز» كانت تستخدم شركة تابعة دنماركية، «إيتي إيفيدنت»، لتصدير تقنيات المراقبة لحكومة الإمارات وأنظمة أخرى في المنطقة.

وعلى الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين، إلا أنه في عام 2016، أطلقت أبوظبي نظام «فالكون آي»، وهو نظام مراقبة مدنية أنتجته إسرائيل. وقال مصدر مقرب من الشركة المصنعة لنظام فالكون آي لـ«ميدل إيست آي» في عام 2015: إن هذا النظام يمكن مسؤولي الأمن الإماراتيين من مراقبة كل شخص «منذ لحظة خروجه من منزله إلى لحظة عودته إليه».

وأضاف المصدر أن النظام يسمح بتسجيل أنماط العمل والأنماط الاجتماعية والسلوكية وتحليلها وحفظها، «يبدو الأمر وكأنه خيال علمي، ولكنه يحدث في أبوظبي اليوم».

وعلاوة على ذلك، ففي قصة تصدرت العناوين الرئيسة في عام 2016، تم اختراق هاتف الناشط أحمد منصور من قبل حكومة الإمارات باستخدام برنامج حصلت عليه من مجموعة «NSO» الأمنية الإسرائيلية. وتفيد التقارير أن السلطات الإماراتية دفعت مليون دولار مقابل البرنامج؛ مما دفع وسائل الإعلام الدولية إلى تسمية منصور «معارض قيمته مليون دولار».

توضح قضية منصور كيفية قيام السلطات الإماراتية بممارسات غير أخلاقية في الماضي. في السنوات الأخيرة اشترت الإمارات برمجيات مصممة خصيصًا من شركات عالمية، مثل هاكنج تيم للانخراط في هجمات معزولة وموجهة ضد نشطاء حقوق الإنسان، مثل منصور.

إن عمليات شركة دارك ماتر، فضلًا عن نظام فالكون آي، تشير إلى أنه بدلًا عن الاعتماد على المنتجات الفردية من الخارج، تقوم السلطات الإماراتية حاليًا ببناء نظام مراقبة خاص بها، وتجلب العمليات إلى الداخل من خلال تطوير البنية التحتية لدولة بوليسية تجارية تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين.

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نشرت  تقريرا، كشفت من خلاله عن سعي دولة الإمارات لبناء شبكة تجسس ضخمة في الخليج، وذلك عبر التعاقد مع موظفين سابقين في أجهزة استخبارات أجنبية، وإغرائهم بالمال للقدوم إلى أبو ظبي، وجعل خبراتهم تحت تصرفها.

وقالت المجلة، في تقريرها ، إن مجموعة من المدربين الغربيين يوجدون حاليا في فيلا عصرية، تقع قرب ميناء زايد في شمال شرق أبو ظبي، حيث يعملون على تدريب ثلة من الإماراتيين على أساليب التجسس الحديثة. ويبدأ اليوم العادي في هذه الفيلا بالأساسيات، حيث يتم عقد اجتماع في صباح يوم الأحد على الساعة العاشرة صباحا، تحت عنوان "ما هي الاستخبارات". وفي يوم الثلاثاء يتعلم المتدربون كيفية القيام بمهام المراقبة والتقفي، ضمن فرق تتألف من أربعة أو ستة عناصر.

الكاتب