كيف تحولت دولة "الإمارات" إلى "المؤامرات" العربية المتحدة !!

كيف تحولت دولة "الإمارات" إلى "المؤامرات" العربية المتحدة !!

في الماضي القريب، كانت الجميع يسمّي بلادنا "إمارات الخير"، تحديداً زمن الوالد الراحل "زايد بن سلطان"، ولكنّ الحاضر ليس بتلك الصورة المشرقة أبداً، حيث دأب أبناء زايد على هدم كل الملامح الإنسانية والجميلة والأعراف والقيم والتقاليد التي زرعها الأجداد والآباء، وأسوأ ما وصلت إليه الإمارات اليوم في عهد محمد بن زايد الذي يُلقبه الموالون "أسد الإمارات"، وينعته المراقبون والناشطون بـ"شيطان العرب"، كوْنه نواة الفساد المحلي والخليجي والعربي بشكلٍ عام، وراعي الثورات المضادة ومموّل الانقلابات والعمليات العابثة بأمن الدول المحيطة والشقيقة، حتى تحوّلت البلاد في عهد محمد بن زايد من مسمى "الإمارات" إلى "المؤامرات".

فقد تشكّلت في الوطن العربي بيئة إستراتيجية "مثالية" بالنسبة للسلطات الإماراتية، التي ساهمت بقوة في تشكيلها معتقدة أنها تحفظها من التهديدات المختلفة، فتصرَّفت باعتبار نفسها "قوة إقليمية عظمى"، تستطيع بمؤامراتها الأمنية وأموالها السياسية أن تصنع متغيرات إستراتيجية تصبُّ في مصلحتها على الدوام، لكنها في النهاية فشلت خارجياً في مشاريعها ومطامعها وفضائحها، وانكشفت أمام الجميع عورة السعادة والتسامح والحريات التي تغنّت بها الحكومة الإماراتية منذ سنوات!.

تدبير الانقلابات:
لم يخْفَ على أحدٍ أنّ الإمارات بقيادة محمد بن زايد موّلت انقلاب "عبد الفتاح السيسي" على الرئيس الشرعي المنتخب "مرسي" في مصر، وهو أحد رموز التيار الإسلامي الذي بدأ يبسط نفوذ الحركات المسلمة في المنطقة، الأمر الذي لمْ يعجب أبو ظبي وحكامها فلجئوا فوراً للحد من توسّع الحركات الدينية، وقاموا بتمويل السيسي تشجيعاً له على الانقلاب وحكم مصر بالحديد والنار، وبعث الفساد فيها، واستنزاف قوتها في مشاكل داخلية وخارجية مع دول حوض النيل، وبذلك ضمان انهيار أكبر دولة عربية في محيط الكيان الصهيوني!.

كما لا يمكن للإمارات وأسدها إنكار صلتهم وتدبيرهم لانقلاب تركيا على آردوغان الذي فشل تمامًا، (بعكس انقلاب مصر الذي نجح جزء منه يختص بالإطاحة بالرئيس مرسي)، لأن الشعب التركي نزل لحماية آردوغان وحكومته بعد رسالة بعثها الرئيس التركي لشعبه، في سابقة تاريخية بمعنى الكلمة لن تتكرر ربما لآخر الزمان.

 

حصار غزة:
كما لعبت أبو ظبي دوراً كبيراً في حصار قطاع غزة الذي تحكمه حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تعتبرها حكومة الإمارات حركة إرهابية تابعة للإخوان المسلمين، وهي تشكل خطراً حقيقياً على أمن إسرائيل، بعدم استسلامها للمفاوضات السلمية مع الكيان الصهيوني، وإعلان المقاومة المسلحة خياراً وحيداً لدحر الاحتلال وتحرير فلسطين.

وكانت الإمارات على علمٍ مسبق بالحرب على غزة، ما شوّه صورتها أمام الشعب الفلسطيني والنشطاء الحقوقيين، كما أنها تدعم السيسي وتؤكد عليه إحكام الحصار على غزة، وعدم فتح المعبر الوحيد فيها عن طريق بوابة "رفح" الجنوبية تجاه مصر.

ومؤخراً دعمت السيسي في عملياته العسكرية في سيناء تحت مسمى الحرب على الإرهاب، تمهيداً لصفقة القرن التي اتفقوا عليها جميعاً في السعودية والإمارات ومصر وأمريكا وإسرائيل.

لكنّ المصالحة التاريخية بين "حماس وفتح" قطبيْ السياسة الأبرز على الساحة الفلسطينية، قضت مضاجع محمد بن زايد وحكومته، فسعتْ إلى إفسادها ومازالت بكل الطرق الممكنة، آخرها تفجير موكب رئيس الوزراء "رامي الحمد لله" في زيارته لغزة!.

حرب اليمن:
ملف الحرب في اليمن من أبرز القضايا التي تشوّه الصورة الجميلة عن الإمارات وحليفتها الأبرز المملكة السعودية، وتؤكد أنّها حكومة مؤامرات وإفساد، حيث جرّت الإمارات بقيادة محمد بن زايد المملكة السعودية بقيادة محمد بن سلمان، إلى خوض حربٍ طاحنة في اليمن تستنزف قوة المملكة من جهة كأكبر دولة في المنطقة، وتستهدف خيرات اليمن وتراثه من جهة أخرى، بحجة القضاء على الحوثي ومحاربة الإرهاب في الخليج العربي!.

وكانت الإمارات عبثت بأصحاب القرار في المملكة بعد تولي محمد بن سلمان زمام الأمور هناك، بتدبير محكمٍ من صديقه محمد بن زايد، تجهيزاً له لاعتلاء العرش في أقرب فرصة.
وتبقى جبهة اليمن مشتعلة إلى حدٍ غير متوقع، فكل يومٍ غارات وقصف ومعارك وشهداء وجرحى ومشرّدون وهاربون نازحون، وتكبّد الحلف الإماراتي السعودي خسائر بالجملة، من أرواح ومعدات وذخيرة وملايين أُنفقت أدراج الرياح.

ومازال الحوثي مسيطراً، بل أن قواته وصلت لتهديد المملكة بصواريخ باليستية تصل إلى الرياض العاصمة التي تعرضت لفضيحة كبرى، حين قرّر الملك سلمان نقل القمة العربية من العاصمة إلى الظهران!.
وهذه الخسائر المتلاحقة أدت إلى لجوء السعودية والإمارات على حدٍ سواء إلى الاستعانة بمرتزقة أفارقة للحرب في اليمن، وتنفيذ الجرائم البشعة بحق أطفال هذا البلد "السعيد" الذي لم يعدْ سعيداً!.

وتورّطت الإمارات حكومة وقيادة في دعم الثورات المضادة في تونس ومصر، وأصابعها وصلت لتعبث في سوريا والعراق، كما أنها تعبث في الصومال منذ فترة، وفسدت العلاقة بين البلديْن بشكلٍ واضح ومهين للإمارات، التي بدأت تصادق على جوازات سفر باسم أرض الصومال دعماً منها للانشقاق، ولكنّ الشعب الصومالي وقيادته حذروا السلطات الإماراتية أكثر من مرة بعدم التدخل في الشؤون الخارجية والخاصة بالصومال ذات السيادة، وقد تلوّث اسم الإمارات في أكثر من صفقة مشبوهة للسلاح والمخدرات إلى أفريقيا، مرة في الصومال وأخرى السودان وليبيا وإريتريا وأثيوبيا وحتى جنوب أفريقيا!.

دعم قوات "حفتر":

أحد أسوأ الملفات الإماراتية فساداً حدث في ليبيا حين دعمت اللواء "خليفة حفتر" لهدم حركة الإخوان هناك، وعاثت الأصابع الإماراتية بدعمها "حفتر" بالمال والسلاح وحتى المرتزقة الأفارقة لإشعال المنطقة بشكلٍ مستمر، ووصفتْه بالقائد العام للجيش الليبي على حد تعبير محمد بن زايد.

وتحت حجة محاربة الإرهاب، تقاتل قوات "حفتر" في الجنوب الليبي قوات تابعة لحكومة الوفاق في طرابلس، ويستمر الدعم الإماراتي اللامحدود لهذا اللواء المتقاعد الذي أعمتْه السلطة والمال عن مصلحة وطنه.

 لكن ذلك كله يصطدم بالتغيرات في التحركات السياسية وردود الفعل الدولية، والتي كان آخرها إدانة جرائم الحرب التي ارتكبها "حفتر" في بنغازي، وكذلك إلغاء اعتماد الفريق "عبد الرزاق الناظوري" كرئيس أركان لليبيا بمجلس الأمن، ونقل الاعتماد إلى المجلس الرئاسي، كضربة أخرى خارجية للإمارات.

تمويل مصر لإفساد إريتريا:
أكدت تقارير صحفية أن عددًا كبيرًا من جنود الجيش المصري وصلوا سراً على متنِ باخرة عسكرية إلى ميناء "مرسي تاكلاي" في إريتريا، وذلك لتقديم الدعم العسكري والفني واللوجستي لقوات إريترية تنفذ عمليات ضد أهداف داخل الأراضي السودانية.

وحطت القوات المصرية رحالها في الميناء الإريتري يوم السادس من كانون ثاني/ يناير2018م، ومن ثم تمركز الجنود المصريون في مناطق: هنبول، ساوا، وكركبت، لكنَّ الأهم من ذلك أن مجموعة من الخبراء العسكريين وصلوا من مصر والإمارات إلى إريتريا لتقديم المساعدة والإرشادات، ويقيمون في مجمع سكني بمدينة "بارنتو" الإريترية.

وبحسب المعلومات المفصلة التي أوردها موقع "عربي21" ، فإن الدعم المصري والإماراتي يتم تقديمه حاليا لإريتريا بعد أن تم إرسال العشرات من عناصر المخابرات الإريترية إلى داخل الأراضي السودانية من أجل تنفيذ عمليات خاصة، وبالذات في مدينة "كسلا"، حيث من المفترض أن تستهدفَ العمليات قوات الجيش السوداني المتمركزة في المدينة والمنتشرة في تلك المناطق، إضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال تستهدف قيادات المعارضة الإريترية التي توجد داخل الأراضي السودانية.

ويبلغ عدد الخبراء العسكريين المصريين والإماراتيين 15 خبيراً، وقاموا بنصب أجهزة مراقبة على الحدود مع أثيوبيا والسودان، كما نشر الخبراء والجنود المصريون منظومة صواريخ على جبل "حامد" المقابل للسودان وجبل "مهكلاي" المحاذي لأثيوبيا.

جميع ما سبق حدث أمام أعين العالم وليس في الخفاء، ومعظم الجرائم المذكورة –حقوقياً وإنسانياً- تفاخر بها قيادات الإمارات في أكثر من مقام، ما يدلّ على أن النهج الذي تتبعه حكومة الإمارات هو نهج أشبه بالاستعمار للوطن العربي وما حولها تحديداً، فهي كالأخطبوط الذي يمدّ أذرعته السامة في كل مكان لنشر سمومه، متناسية أنّها بذلك خسرت شعبها الشريف أولاً، وخسرت صورتها اللامعة ثانياً، وستخسر جهودها وأموالها عبر التشعّب في أكثر من ملف وقضية حول المنطقة كلها، ومن يدفع الفاتورة دوماً هو المواطن!!. 

الكاتب