الأمن الإماراتي يتجسس على الشعب .. لحساب من؟!

الأمن الإماراتي يتجسس على الشعب .. لحساب من؟!

في تقرير مفصل، سلَّطت مجلة (Columbia Journalism Review) الأميركية، الضوء على "برنامج تجسس إسرائيلي" يخترق الهواتف الذكية، استعانت به بعض دول العالم للتجسس على المواطنين بشكل عام والصحافيين بشكل خاص، ومن هذه البلدان برزت الإمارات والسعودية.

وبحسب المجلة الأميركية، فإنَّ أبو ظبي استعانت –سابقاً- ببرنامج «بيغاسوس» الذي اشترته من شركة إسرائيلية، للتجسس على الحقوقي المعتقل الآن لدى السلطات أحمد منصور، وكذلك الصحافيِّين السعودي عبد العزيز الخميس، والقطري عبد الله العذبة، كما فعلت السعودية أيضاً هذا الأمر مع عدد من الحقوقيين في المملكة.

وكان "أحمد منصور" قد تعرض لمحاولة اختراق هاتفه المحمول من نوع آيفون، في أغسطس 2016م، والذي بسببه حضَّت شركة "آبل" أصحاب هواتف "آيفون" على سرعة تحديث أجهزتهم، إثر هجوم متطور أسفر عن اكتشاف نقاط الضعف التي تستهدفهم من قِبل العاملين في أمن المعلوماتية.

أما الإعلامي القطري عبد الله العذبة، فحذره شخص سرَّب له معلومات عن وجود برنامج التجسس على هاتفه، فحطم شريحة هاتفه بمطرقة بمجرد اكتشافه الأمر، وقال لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية: (كنت بحاجة لحماية مصادري).

وفي وقتٍ سابق، نشر معمل (Citizen Lab) تقريراً يكشف العثور على آثار لبرنامج «بيغاسوس» في أكثر من 45 دولة حول العالم، من بينها عددٌ من الدول التي تشتهر حكوماتها بملاحقة الصحافيين بشراسة، فلا يمكن بأية حالٍ، الاستهانة بحجم الخطر الذي يشكله ذلك على الصحافيين؛ إذ بإمكان مُشغِّل «بيغاسوس» تحويل أي هاتف خلوي سراً إلى مركز مراقبة، من خلال تعقُّب تحركات الصحافي المُستهدَف والتعرف على مصادره، مع احتمالية انتحال شخصية ذلك الصحافي في العالم الرقمي.

 وبحسب المجلة، عكفCitizen Lab) ) سنوات عديدة على تعقُّب برنامج «بيغاسوس»، الذي تقول مجموعة (NSO Group) إنَّه موجه بالأساس لأنشطة مكافحة الإرهاب وإنفاذ القوانين المشروعة، ورُصِد البرنامج لأول مرة عام 2016م على هاتف أحمد منصور، الناشط الحقوقي في الإمارات المتحدة.

وكان الباحثون يعلمون بوجود برنامج تجسس يمكنه تدريجياً سحب بعض البيانات الخاصة من الهواتف الخلوية، لكنَّ «بيغاسوس» كان بإمكانه فعل ما هو أكثر من ذلك؛ إذ لديه القدرة على السيطرة التامة على الهاتف من على بُعد دون معرفة صاحب الهاتف أو ترك آثارِ تعقُّب بخلاف رسالة نصية!.

ويدير مشغلو «بيغاسوس» هجماتهم من على مواقع إلكترونية متاحة للجميع، حيث يُرسَل إلى الشخص المستهدف رسالة نصية مرفق بها نطاقات تلك المواقع، وإذا ضغط الهدف على الرابط يبدأ هاتفه سراً في تشغيل برنامج يحيل التحكم في الهاتف إلى مشغل «بيغاسوس».

ويتعقب التقرير الحديث لــ"Citizen Lab"  الموقع المحتمل لهذه الهجمات، من خلال إجراء مسحٍ للإنترنت بحثاً عن أدلةٍ تُوصِّل إلى أي بنيةٍ تحتية تخص شركة ""NSO، إلا أنَّه لا يحدد هوية الأشخاص المُستهدَفين بهذه الهجمات؛ إذ يتطلب ذلك تحليل رسالة نصية معينة أو هاتف مُستهدَف بعينه، ويكتفي التقرير بالإشارة إلى أماكن محتملة وقعت فيها هذه الهجمات، ولا يعرف أي أحد إلى الآن عدد الصحافيين الذين قد تكون هذه الهجمات التجسسية قد طالتهم ونالت من هواتفهم!.

وبحسب المجلة، فإنه على الرغم من استخدامه المشبوه، يبدو أنَّ عملية "بيع" برنامج التجسس «بيغاسوس» للحكومات مربحة إلى حدٍ بعيد، فقد اشترت شركة الأسهم الخاصة الأميركية "Francisco Partners" شركة ""NSO Group، التي تنتج برنامج «بيغاسوس»، مقابل 110 ملايين دولار في عام 2014م، والتي قُدِّرت قيمتها العام الماضي (2017م) بمليار دولاً تقريباً.

 تنفيذ وتشغيل برنامج «بيغاسوس» باهظ الثمن:

 وتُظهر نسخ رسمية من قائمة أسعاره، حصلت عليها صحيفة "New York Times"  عام 2016م، تقاضي شركةNSO" " مبلغ 560 ألف دولار مقابل 10 أهداف، بالإضافة إلى 500 ألف دولار دفعة مبدئية.

وبحسب المجلة الأميركية، فإن الطريقة التي يعمل بها برنامج «بيغاسوس» تجعل من الصعب للغاية على الصحافيين الأفراد أن يعرفوا ما إذا كانوا مُصابين بالبرنامج.

ويبدو أنَّ الروابط التي تحمل العدوى تعيد توجيه المستخدمين إلى مواقع إلكترونية غير مألوفة، في حين يُحمَّل البرنامج سراً، وليست هناك طريقة سهلة معروفة لمسح الجهاز بعد إصابته بالبرنامج، بحسب ما صرح به  السيد "مازن المصري" المحامي المقيم بلندن الذي يعمل على القضية المرفوعة على "NSO Group" في إسرائيل: (لا يعرف 99% من الضحايا بوجود البرنامج، وليست لديهم طريقة لمعرفة ذلك).

قلق وخوف
السيء في الأمر، أنه يمكن أن ينتاب الصحافيين حول العالم، الذين رأوا أسماء دولهم في تقرير Citizen Lab شعورٌ بالخوف، والعجز وقلة الحيلة، كما يقول "غيوم غباتو"، وهو صحافي من ساحل العاج حيثُ كشف Citizen Lab عن استخدامٍ محتمل لبرنامج «بيغاسوس»: (أشعر بالقلق الشديد)، ويُغطي غباتو غالباً قضايا أمن قومي حساسة لصحيفة Notre Voie، وهو الأمين العام لنقابة الصحافيين في بلاده، ويضيف: )أخشى على سلامة أولئك الذين أتحدث إليهم، خاصةً مصادري، فإذا أدرك الصحافيون ومصادرهم أنَّه يمكن التنصّت عليهم دون معرفتهم، فستُفرَّغ حرية الصحافة من محتواها).

وبشكل عام، فإنها ليست السابقة الأولى لتورّط النظام الإماراتي الحاكم في عملية التجسس على المواطنين، خاصة بعدما تسيّد محمد بن زايد صنع القرار في السنوات الأخيرة، بعد تنحيته لأخيه الشيخ خليفة عن الواجهة بشكلٍ أو بآخر.

واللافت في الأمر أنّ التجسس على الشعب الإماراتي والمقيمين معه، يتمّ بمساعدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أو الموساد الإسرائيلي، وذلك من خلال حلقة الربط بين الإمارات وإسرائيل، وهي محمد دحلان القيادي الفلسطيني المنشق والهارب من بلاده، والذي احتضنه محمد بن زايد وجعله مستشاراً خاصاً للأمن القومي، وهو المعروف لفساده وإجرامه وعدائه للتيار الإسلامي وتواطئه المباشر مع إسرائيل!.

الكاتب