اعتقال وتعذيب بنات الشهيد العبدولي: وَصْمَةُ عار لأمن الدولة!!

اعتقال وتعذيب بنات الشهيد العبدولي: وَصْمَةُ عار لأمن الدولة!!

أربعة مظلومين هم أبناء الشهيد العقيد ركن "محمد العبدولي"، أخوان وأختان: وليد ومصعب وأمينة وموزة، اعتقلتهم السلطات الإماراتية بتهمٍ مختلفة، لكن الجميع يؤكد أنّ جريمتهم كانت فقط أنّ والدهم بطل شهيد في أرض الشام!

والدهم الشهيد:
هو العقيد ركن "محمد العبدولي" أحد أبرز الأسماء العسكرية بالإمارات، تم تكريمه بعدة أوسمة شرف من الحكومة الإماراتية ومن الشيخ "زايد آل نهيان" شخصياً رحمه الله، منها وسام الشرف لمشاركته في تحرير الكويت عام 1991م.

ولكنّ السلطات الإماراتية اعتقلته عام 2005م لمدة أربعة أشهر؛ بسبب توجهاته الفكرية الإصلاحية، ثم أُفرجَ عنه بعدها، فالتحقَ بالثورة السورية ليدافع عن أهل الشام ضد نظام الطاغية "بشار الأسد"، حيث وقف "العبدولي" سدًّا منيعًا في وجه التمدد الصفوي الإيراني في بلاد الشام، وهو من أبرز القادة العسكريين الذين كان لهم الفضل في تحرير أكثر من ربع مساحة سوريا من النظام النصيري، وقد أشرفَ على تدريب لواء الأمة بسوريا وشارك مشرفًا مع حركة أحرار الشام في تحرير محافظة الرقة السورية، كما أشرفَ على تحرير مطاري تفتناز الحربي في إدلب والجراح الحلبي في حلب ووضع عدة خطط للثوار منها عملية سجن إدلب المركزي.

واستشهدَ البطل "العبدولي" في الرقة عام 2013م، ثمّ قام أبناؤه في الإمارات بنشر صور والدهم على مواقع التواصل الاجتماعي والاحتفاء بذكراه بفخر واعتزاز.

القضية:

وهنا كانت الكارثة، فكيف لهؤلاء الأبناء أن ينشروا صور والدهم الشهيد ويفخرون به عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ فالحرية في الإمارات مسموح بها في كل شيء إلا ما يكون في جانب الحق الطبيعي والإنساني، والسلطات الإماراتية تعاقب الأحرار بالخطف والاعتقال والتعذيب.

وبدأت الحكاية باعتقال "مصعب العبدولي" 25عاماً (تمّ تسريحه من الجيش الإماراتي بقرارٍ أمني بعد استشهاد والده)، والشقيقتيْن "أمينة" 33 عاماً (تعمل معلمة وهي أم لخمسة أبناء أكبرهم 7سنوات)، ثم "موزة" 18عاماً (اتهمت بالإساءة للدولة بالتغريدات التي كتبتها في عمر 15عاماً)، اعتُقلوا ثلاثتهم فجر السبت بتاريخ 19 نوفمبر 2015م، بعد اقتحام قوات الأمن بزيّ مدني لبيت الشهيد العبدولي في الفجيرة، واختُطِف ثلاثتهم قسرياً في مكان سري لأكثر من عام!

وكان من الطبيعي أن يهبَّ شقيقهم الأكبر "وليد" للدفاع عن خطف إخوته والاستنجاد بأحرار العالم لإنقاذ الفتاتيْن على الأقل من براثن الأمن الإماراتي، حيث أبلغته "موزة" في اتصال خاطف أنّ جهاز الأمن يعتقلهم وسط الرجال ضاربًا عرض الحائط كل الأعراف والأخلاق والقيم الدينية والنخوة العربية الإسلامية، إلا أنّ قوات الأمن اعتقلته أيضًا ليكتمل عقد الأبناء الأربعة في سجون الدولة السرية!
وبعد أكثر من عامٍ في الإخفاء القسري، ظهر الإخوة أبناء الشهيد العبدولي في محاكمة غير عادلة، في المحكمة الاتحادية العليا التي لا تقبل طعنًا ولا استئنافًا، وتمّ الحكم على "مصعب" بالسجن سبع سنوات بتهمة الانضمام لتنظيم إرهابي.
فيما حُكم على أمينة بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية قيمتها 500 ألف درهم، ومصادرة الأجهزة الإلكترونية وغلق بريدها الإلكتروني، عن تهمة إنشاء وإدارة حسابين إلكترونيين بغرض الترويج لتنظيم إرهابي.
في حين تم الإفراج عن وليد أكبر الأبناء، بينما تبقى موزة محتجزة لستة شهور بدون تهمة محددة، قبل الإفراج عنها لاحقًا، وتُعتبر "موزة" أصغر معتقلة إماراتية بل وخليجية في تاريخ السجون.

ردود الفعل:

واعتبر معارضون إماراتيون أن "هذه الجريمة ليست بغريبة على حكام الإمارات الذين سبق لهم اختطاف ثلاثة شقيقات لعدة شهور قبل إطلاقهن دون محاكمة أو أي تهمة".
وأصدر حزب الأمة بيانًا جاء فيه: "لماذا يغضب محمد بن زايد من أسرة العقيد الركن محمد العبدولي الذي كان أول من ضحى بروحه أمام التمدد الصفوي الإيراني، في حين يدَّعي بن زايد أنه يواجه نفس المشروع في اليمن؟؟ فهل القتال في اليمن حلال بينما هو حرام في سوريا وفق مذهبه؟؟ ولماذا تُعاقَب أسرة الشهيد محمد العبدولي على قيام بناته بمجرد نشر صوره على الانترنت والاحتفاء بتاريخه المشرِّف؟!.
وأنشأ مغردون هاشتاغ حمل اسم )#جريمة_اختطاف_بنات_العبدولي)، عبروا خلاله عن غضبهم العارم مما أقدمت عليه السلطات الإماراتية بحق الفتاتين أمينة وموزة، وشقيقهن مصعب.
*الأمين العام لحزب الأمة الكويتي، الدكتور حاكم المطيري تساءل قائلا: "هل تدفع أسرة الشهيد محمد العبدولي، الذي وقف مع الشعب السوري المضطهد، ثمن جهاد والدها دفاعا عن أمته؟!".
*الناشط الحقوقي الإماراتي "إبراهيم آل حرم" في تغريداته يقول: "هل تعرفون ماهو العار؟ العار أن تعتقل الفتيات، وهل تعرفون قمة العار؟ أن يكنّ بنات لشهيد وهب روحه دفاعا عن شرف الأمة".
وأردف آل حرم قائلا: "بالأمس يتغنون بتعيين امرأة رئيسة للمجلس الوطني الشكلي، واليوم يختطفون فتيات جريمتهن أن والدهن شهيد!".
*حمد الشامسي، ناشط آخر يغرّد: "نعم، الرجال والنساء محاسبون أمام القانون، لكن الاعتقال في مكان مجهول مع حرمانهم حق الدفاع ليس من القانون في شيء!".
وأضاف: "جريمة اختطاف بنات العبدولي في مكان مجهول، وخارج إطار القانون، لا من أخلاق أهل الإسلام ولا من مروءة أهل الجاهلية".
*والناشط "حميد النعيمي" يقول: "هناك إصرار دائم بأفلام الهوليوود، كان بوسعهم استدعاء النساء!!، لكن المخرج يريد إشاعة الرعب وسط الناس لإرهابهم!!.
وأكمل قائلا: "قالوا لأبي جهل، اقتحم بيت محمد!!، فقال: أخاف أن تعيرني العرب أني روعت بنات محمد!، ألا تخجلون مما خجل منه أبو جهل!".
*الناشط "عبد الرحمن الجابري" نجل المعتقل السياسي في الإمارات "حسن الجابري" يقول: "إنه من المؤسف أن تتفرعن السلطات الأمنية على المجتمع، والمؤسف أكثر هو صمت المجتمع، بل تقبله وتبريره".
*"محمد بن صقر الزعابي" الذي اعتقل سابقاً، واعتقلت زوجته في الإمارات صرّح بأن: "اعتقال النساء وإخفاءهن في الإمارات، لا نص شرعيا يجيز ذلك ولا قانونيا، ولا شيء من الأخلاق".
*الكاتب العراقي "إياد العطية" قال: إن "اختطاف ابنتي العبدولي تأتي انتقاما من الشهيد العبدولي الذي ضحى بنفسه دفاعا عن دينه وعن المسلمين في سوريا".
*الكاتب القطري "فهد بوهندي" علّق على الحادثة، قائلا: "قد نختلف مع زايد آل نهيان، ولكنه كان رجلا، لم يسجن خصومه أو يختطف النساء، لا يوجد مسلم عاقل يحب محمد بن زايد".
وعلى الصعيد الدولي والإقليمي، فقد تسابقت منظمات حقوق الإنسان ولجان المرأة والمؤسسات ذوي الصلة بالدفاع عن المرأة والطفل، من أجل الدفاع عن بنات الشهيد العبدولي، والتنديد بقرارات السلطات والقضاء الإماراتي، وقد اعتُبرت قضية وجريمة اختطاف بنات العبدولي من أشهر قضايا الرأي العام في الإمارات لما لاقتْ من جدلٍ كبير، وتعاطفٍ ملحوظ من كل الخليج والمنطقة العربية بأسرها.

 

الكاتب