لوب لوج الأمريكية .. ما هو هدف محاربة الإمارات للثورات العربية

لوب لوج الأمريكية .. ما هو هدف محاربة الإمارات للثورات العربية

ناقشت مجلة "لوب لوج" الأمريكية الحرب التي تشنها الإمارات العربية المتحدة على ثورات الربيع العربي وخاصة حركات "الإسلام السياسي" ودعمها للثورات المضادة في كل من مصر وليبيا وتونس، وتدخلاتها في الشأن الداخلي لمعظم الدول العربية، خاصة في كل من السودان والجزائر بعد الاحتجاجات الأخيرة فيها.

وأشار التقرير إلى حراك المجتمعات المدنية والجهات الفاعلة السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل مستمر من أجل التغيير الديمقراطي والإصلاحات الإيجابية منذ ثورات الربيع العربي عام 2011. ومع ذلك، فقد واجهوا انتكاسات وحتى هزائم منذ ذلك الحين، جزئيا بسبب جهود الإمارات لتقويض مثل هذه التحولات.

يمكن ملاحظة هذا التدخل في المحاولات الحالية لتثبيت الديمقراطية في المنطقة، وخاصة ليبيا والسودان. وقد لوحظ التدخل الإماراتي في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الماضي أيضا. وبعد كل شيء، فإن النظام الإقليمي الذي لا يتألف من الحكام الاستبداديين والعسكريين لن يعرقل فقط طموحات القوة الناعمة الإقليمية لأبوظبي بل إن النجاح الديمقراطي في أماكن أخرى في المنطقة ربما يلهم التغيير داخل دولة الإمارات العربية المتحدة ويتحدى الوضع السياسي الراهن.

في حين احتفل المراقبون الدوليون والذين يدفعون من أجل التغيير بالربيع العربي في ذلك الوقت، راقبت دولة الإمارات المشهد بخوف وشك، خاصة بسبب تأثير الدومينو الذي نقل الثورات في جميع أنحاء المنطقة.

ومع دعوة بعض الأكاديميين والناشطين الإماراتيين في عام 2011 إلى إجراء إصلاحات، لا سيما "ناصر بن غيث" و"أحمد منصور"، أطلقت السلطات الإماراتية حملة قمع ضد هؤلاء الناشطين، وحكمت عليهم بالسجن لمدد طويلة إضافة إلى غرامات ضخمة.

التحركات في ليبيا 

تمتد هذه الأجندة المضادة للثورة إلى ما وراء حدود الإمارات. فمنذ أن أعلن الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، قائد ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" مهمته للسيطرة على البلاد ومعارضة الديمقراطية في مواجهة حكومة الوفاق الوطني المنافسة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، استعدت دولة الإمارات لدعمه.

قدمت أبوظبي مجموعة من الطائرات والمركبات العسكرية وغيرها من المعدات الحيوية لـ"حفتر" ونفذت الطائرات الحربية الإماراتية غارات جوية ضد خصومه في شرق ليبيا، مما ساعد جيشه على السيطرة على ذلك الجزء من البلاد. وبحسب ما ورد تم نشر أسلحة إماراتية في هجوم "حفتر" على طرابلس، وهي حملة حطمت آمال الليبيين في عملية سلام ناجحة. وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا ببناء قواعد للقوات الجوية في شرق ليبيا، كما قامت الشركات الإماراتية بتهريب النفط الليبي عبر طرق غير معتمدة من الأمم المتحدة بالتعاون مع "حفتر".

 

مع وجود حظر دولي على توريد الأسلحة إلى ليبيا، فإن كل هذا الدعم ينتهك القانون الدولي بشكل مباشر. كما أنه يعيق جهود ليبيا لتصبح ديمقراطية إقليمية مستقرة. وترى أبوظبي أن ليبيا المستقرة الغنية بالنفط يمكن أن تجذب استثمارات دولية أكبر وتتنافس مع الإمارات.

السودان 

وفي الوقت نفسه، بعد أن أدت الانتفاضة في السودان إلى الإطاحة بحكم الرئيس "عمر البشير" الذي دام 30 عاما وتولى مجلس عسكري انتقالي السيطرة على الحكومة، أصدرت أبوظبي بيانا لدعم استمرار الحكم العسكري في السودان. والتقى المندوبون الإماراتيون والسعوديون مع شخصيات بارزة في المجلس الانتقالي العسكري في 13 أبريل/نيسان للتعهد بدعم رئيس المجلس "عبدالفتاح البرهان". وبعد أن استقال "صلاح قوش"، وزير الاستخبارات السوداني السابق الذي أشرف على حملة القمع ضد المتظاهرين في عهد "البشير"، ستبحث الإمارات عن شخصيات محتملة أخرى لدعمها في حكومة ما بعد الثورة.

من خلال دعم الحكم العسكري المفروض، تسعى الإمارات إلى تكرار نموذج الانقلاب المصري عام 2013 حين قاد الجنرال "عبدالفتاح السيسي" بلاده بالتقارب من أبوظبي بينما يسحق الإسلاميين ويقمع حرية التعبير. وقد وافق البرلمان المصري مؤخرا على التعديلات الدستورية التي تمنح الجيش المزيد من السلطة في البلاد وقد تسمح لـ"السيسي" بالبقاء في السلطة حتى عام 2030، وتم طرحها مباشرة للاستفتاء الشعبي. وبعني ذلك أن مليارات الدولارات التي تمنحها الإمارات لمصر تدعم النظام الاستبدادي وتعرقل أي انتقال ديمقراطي.

تونس 

وتبقى الدولة الأبرز التي نجت في انتقالها الديمقراطي حتى الآن من التدخل الإماراتي هي تونس حيث تتمتع بسمعة طيبة لكونها نموذجا إقليميا لنجاحها النسبي في الديمقراطية، لذلك تشعر أبوظبي بالقلق من إمكانية أن تلهم دعوات أخرى للديمقراطية.

لذا فإن أبوظبي حاولت تقويض حزب النهضة الإسلامي المؤيد للديمقراطية، ودعمت بهدوء حزب نداء تونس العلماني. وبحسب ما ورد عرض المسؤولون الإماراتيون الكثير من المساعدة لنداء تونس إذا استطاعوا تكرار النموذج المصري بالاستيلاء على السلطة من النهضة.

واتهم الرئيس التونسي السابق "المنصف المرزوقي" الإمارات بمحاولة زعزعة استقرار البلاد ودعم القوى الرجعية. لكن عدم وجود جيش قوي في تونس، كما هو الحال في مصر، جعل من الصعب على دولة الإمارات العربية المتحدة تعطيل الديمقراطية في البلاد.

وعلى الرغم من أن الحكومة الإماراتية تستثمر في صناعة صورة إيجابية عن سياستها الخارجية باعتبارها إنسانية وغير تدخلية، إلا أن سياساتها الفعلية تظهر بوضوح أن هذا ليس هو الحال. وفي الوقت نفسه، تواجه جهود العلاقات العامة الإماراتية الآن وعيا أكبر بالطبيعة المدمرة للبلاد وحكامها بين الشخصيات السياسية والمحللين والناشطين خاصة في السودان حيث يتحدى المتظاهرون النفوذ الإماراتي واستمرار الحكم العسكري. وقد ساعد هذا الوعي المتزايد أيضا في تعطيل جهود الإمارات للتأثير على تونس.

لكن هذا الوعي المتزايد بالنفاق الإماراتي لم يمنع الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من الحفاظ على علاقات قوية مع الإمارات وتزويدها بالأسلحة. لكن هذه العلاقات تمنح بعض الدول الغربية نفوذا، والتي يجب عليها استخدامها للضغط على الإمارات لوقف التدخلات في شؤون الدول الأخرى.

وفي الجزائر انطلق نقاش حول تدخُّل إماراتي في الاحتجاجات الجزائرية، بعد لقاءٍ بين الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي، والفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع وقائد أركان الجيش الجزائري في فبراير/شباط 2019، وتزامن اللقاء مع تصاعد الاحتجاجات، وهو ما أثار جدلاً على مواقع التواصل حول دور الإمارات في تأجيج الفوضى بالشارع الجزائري، وتسربت معلومات في وسائل الإعلام حول تشكيل غرفة عمليات على مستوى رفيع من الإمارات، والسعودية، وفرنسا، لمتابعة الشأن الجزائري.

وبدأ النقاش يظهر في لافتات بالشارع الجزائري، كُتبت عليها عبارات تهاجم الإمارات، منها «تسقط الإمارات»، و»لا للإمارات في بلد الشهداء».

الكاتب