تقرير: ماذا يجمع (بوتين ومحمد بن زايد) بشأن الملفات الإقليمية الساخنة؟

تقرير: ماذا يجمع (بوتين ومحمد بن زايد) بشأن الملفات الإقليمية الساخنة؟

في إطار تكثيف الزيارات المتبادلة بين روسيا والإمارات، تثار التساؤلات بشأن ماذا يجمع "بوتين وبن زايد" فيما يخص الملفات الإقليمية الحرجة بالمنطقة، والتي يتصدرها بحسب مراقبين "معاداة المشروع التركي والسعي لتطويق وتهميش تركيا"، "معاداة الإسلام السياسي المعتدل وحركاته وتياراته"، "محاولة تثبيت نظام حكم الأسد في سوريا"، "تثبيت نظام السيسي"، باعتبار بقاء هذه الأنظمة المستبدة هو بذاته جزء رئيسي من استراتيجية الانقلاب على ثورات الربيع العربي، التي جاءت بالإسلاميين إلى الحكم وصدارة المشهد السياسي؟، فيما تعد أبرز أدوات التقارب (الروسي - الإماراتي) "التعاون في مجال صفقات السلاح والصفقات الاقتصادية".

 

زيارات متبادلة مكثفة.. لماذا الآن؟       

استقبل محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلسه أمس الثلاثاء، فالينتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية، والوفد المرافق لها، الذي يقوم بزيارة للدولة، ترافقهم أمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، واستعرض الجانبان التطورات والمستجدات الدولية والإقليمية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر حولها.

ويجمع العلاقات الإماراتية الروسية تعاونا مشتركًا على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري، وقد وصفت الإمارات القصف الروسي لتنظيم الدولة في سوريا، بأنه قصف لعدو مشترك (رغم أن موسكو كانت تقصف حركة أحرار الشام وفصائل معارضة تدعمها السعودية وواشنطن)، ما يعني قبولاً ضمنياً بالعدوان الروسي هناك، على خلاف موقف دول مجلس التعاون الخليجي، الذي ندد وطالب بتوقفه منذ اللحظات الأولى في سبتمبر الماضي.

وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي عبد الله بن زايد، قد وصف إسقاط تركيا مقاتلة روسية انتهكت الأجواء التركية في نوفمبر الماضي، بأنه "عمل إرهابي"، قبل أن تتراجع أبوظبي رسميًا وإعلاميًا.

أما ما تشهده العلاقات (الإماراتية - الروسية) من تطورات شملت العديد من المجالات الاقتصادية، يمثل أداة ضغط على قرار الدولة فيما يتعلق بالملف السياسي، خصوصاً وأن التعاون بين البلدين لم يعد يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تعداه إلى الجوانب العسكرية أيضاً، بحسب مراقبين.

وهناك زيارات مكثفة بأوقات تحولات كبرى هيكلية، حيث قام محمد بن زايد، بزيارة إلى موسكو في أكتوبر 2015، بعد أيام قليلة من بدء روسيا عملياتها في سوريا، وما تمخض عن هذه الزيارة من استثمارات إماراتية بلغت سبعة مليارات دولار في روسيا، الأمر الذي فسره البعض على أنه مكافأة لروسيا على تدخلها العسكري في سوريا، كما قام ولي عهد أبوظبي بزيارة لموسكو أيضًا، بعد قرار روسيا وقف عدوانها المفاجئ في سوريا الشهر الماضي.

فقد التقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الخميس 24 مارس، محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وشملت المباحثات العلاقات (الروسية - الإماراتية) وسبل التسوية في سوريا، على ضوء الاتفاق (الروسي - الأميركي) لوقف إطلاق النار هناك، وقرار موسكو الأخير بسحب جزء من قواتها العاملة في سوريا.

 

تطويق تركيا والمشروع الإسلامي

حذر خبراء من وجود عداء تاريخي بين روسيا وتركيا، تكشف بقوة عقب سيناريو إسقاط تركيا للطائرة الروسية، استهدف تهميش وعزل تركيا عن التأثير بالملف السوري، واستهداف مشروعها الإسلامي، وهو عامل مشترك تستهدفه الإمارات، حقائق حول هذا الملف كشفها ما نشرته مجلة "الحياة الحقيقة" في 18-1-2016، التابعة لمجموعة "البيراك" التي تمتلك صحيفة "يني شفق" في مقال لها، أن هناك إعدادًا لانقلاب على رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان"، حيث جاء في الخبر الذي أعدّته الصحفية "سنم كوسه أوغلو"، أن هناك محاولة انقلاب على رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، جرى الإعداد لها من قبل الإمارات وروسيا وإيران.

جاءت هذه المحاولة بعد أن قامت الإمارات العربية المتحدة بدعم الانقلاب العسكري في مصر على الرئيس مرسي، حيث انتقلت بعدها بالتعاون مع إيران وروسيا إلى إعداد خطة للانقلاب على أردوغان، والهدف هو دعم الإرهاب العربي والغربي في الإعلام التركي، وكان الاسم المقترح لإدارة هذا الأمر هو "أكثر رجال الشرق الأوسط قذارة، وهو محمد دحلان"، حسب وصف المجلة.

وكشفت المجلة أن الإمارات العربية قرّرت أن تزيد من حملاتها ضد تركيا، مستفيدة من أزمة المقاتلة الروسية، حيث أحالت هذا الموضوع إلى محمد دحلان المتهم باغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، كما بينت أنه تم تخصيص ميزانية 70 مليار دولار من أجل هذه الحملة، كما تحدثت الصحيفة على أن الإمارات العربية المتحدة قامت بدعم المتظاهرين عام 2013، في حديقة غزي عن طريق محمد دحلان أيضًا.

المجلة التي نقلت كلامها عن تسريبات من رجالات السياسة في الإمارات العربية المتحدة، وأن الخطة كانت تهدف إلى جعل مصير أردوغان مثل مصير محمد مرسي، حيث كانت الحملة ستبدأ بحملة إعلامية ضد ثورات الربيع العربي والدول الداعمة لها مثل تركيا أردوغان.

 

تثبيت الأسد

مبكرًا كان هناك صمت إماراتي تجاه التدخل الروسي في سوريا، فسره المفكر الكويتي عبد الله النفيسي، أنه تأييد واضح للتدخل الروسي العسكري في سوريا "لحماية نظام الأسد ومحاربة الجماعات الإسلامية" في تغريدة له على "تويتر".

 الحقيقة نفسها أكدها ديفيد هيرست الكاتب الصحفي البريطاني المتخصص بمنطقة الشرق الأوسط، في تدوينته في النسخة الأمريكية لـ"هافينغتون بوست" في 1 إبريل 2016، مشيرًا إلى وقائع وتحليلات ومواقف لقادة المنطقة، يخلص فيها إلى أن الأردن والإمارات ومصر سعداء ببقاء الأسد، طالما كان مستمراً في قمع الربيع العربي في سوريا. في الوقت الذي يجمع فيه قادة ومسؤولو تلك الدول على مهاجمة "تركيا"، وتوجيه أصابع الاتهام إليها بأنها وراء حركة التطرف والإرهاب فيها.

ديفيد هيرست نفسه أكد في 8 أكتوبر 2015، في مقال له نشره في صحيفة "ميدل إيست آي"، بعنوان "حرب بوتين المقدسة في سوريا"، أن حلفاء روسيا الجدد هم العراق، والإمارات، والأردن، ومصر، وإسرائيل، حيث ما لبث بوتين أن وجد هؤلاء الحلفاء سريعًا، وقال: "مزجًا للعمل بمزيد من العمل، تمكن بوتين من جلب العاهل الأردني الملك عبد الله، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان من الإمارات العربية المتحدة، ورئيس مصر عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في عرض جوي عسكري في موسكو في شهر أغسطس الماضي".

 

تثبيت السيسي

يعد تثبيت نظام السيسي إحدى دعائم تثبيت نظام الأسد، ووأد ثورات الربيع العربي والحركات الإسلامية المعتدلة، التي مثلت عمودها الفقري، وتعد موسكو وأبو ظبي أهم دولتين داعمتين للانقلاب العسكري في مصر، والذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب هو الدكتور محمد مرسي.

 

أدوات استمالة الدب الروسي.. لغة الصفقات

تعد إحدى أدوات استمالة الدب الروسي من قبل الإمارات عبر حزمة من صفقات السلاح والصفقات الاقتصادية، فقد استقبل الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة، الأربعاء 9 مارس 2016، في مكتبه في القيادة العامة للقوات المسلحة، الفريق أول أوليغ ساليكوف القائد العام للقوات البرية الروسية، وجرى خلال اللقاء استعراض مجالات التنسيق والتعاون في عدد من المجالات العسكرية والدفاعية، بين دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا.

كان ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قد زار روسيا 3 مرات العام الماضي، منها مرتان قبيل العدوان الروسي على سوريا. وجاءت هذه الزيارة لتكتمل مع زيارة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لروسيا أيضًا، وعقد عدة صفقات من السلاح مولت أبوظبي بعضها لصالح الجيش المصري، إضافة إلى تأييد العدوان الروسي كونه يحقق مصلحة سياسية واستراتيجية لأبوظبي في القضاء على ثورة الشعب السوري، بذريعة وجود منظمات إرهابية، وإعادة تأهيل نظام الأسد.

على المستوى الاقتصادي، أنشأ رجال الأعمال الروس والاماراتيون أكثر من 350 مشروعًا مشتركًا في الإمارات، حيث افتتحت أكثر من 40 شركة روسية مكاتب لممثليها في الإمارات، مع توقعات أن تستمر كل هذه الأرقام بتسجيل نمو مطرد في المستقبل القريب.

 

(شؤون خليجية)

الكاتب