السياسة الإماراتية الخاطئة في اليمن .. لمصلحة من ؟!

السياسة الإماراتية الخاطئة في اليمن .. لمصلحة من ؟!

محمد مصطفى العمراني

لم أعد أحصي عدد المرات التي هاجم وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش في تغريداته الإخوان بشكل عام و حتى تغريداته المنتقدة والاتهامية لحزب الإصلاح صارت هي الأخرى كثيرة جدا حيث يقول في إحداها قبل أيام " في المكلا وجدنا أدلة حقيقية وملموسة عديدة للتعاون والتنسيق بين الإخوان المسلمين والقاعدة قناعتنا واضحة بشأن تحالف الإنتهازية والإرهاب".

ولم ير الناس أي أدلة من تلك التي قالها الوزير مع ان الإمارات لو وجدت أدلة بالفعل لنشرتها واحتفت بها وهللت وكبرت لكن هذه التصريحات هي محض مكايدات ليس إلا .

ومن قبل نشر الوزير الإماراتي المعروف بعداءه الأسطوري للإخوان في كل مكان تغريدات كثيرة منها قوله : «من خلال المتابعة يتضح أن الدور والتضحية الإماراتية في اليمن لا تروق لفئتين: من يحمل مشروعاً إيرانياً طائفياً، ومن يحمل مشروع (الإخوان المسلمين)» وأكد في الخلاصة : أن الطائفيون و(الإخوان) واهمون لتصيدهم في مياه الخبث العكرة.. نعم الإمارات تولد من جديد».

وهذه التصريحات سبقتها تصريحات مماثلة من قرقاش بل وأشد منها وأعنف إضافة إلى تناولات إعلامية كلها تؤكد على الشك والريبة والتوجس والقلق الإماراتي أو لبعض القيادات الإماراتية من حزب الإصلاح رغم أن الإصلاح أشاد ويشيد وسيشيد بدور الإمارات في إطار التحالف العربي في اليمن وثمن هذا الدور في بيانات رسمية صادرة عن الحزب وفي تصريحات لقيادات وتناولات إعلامية في وسائله الإعلامية كمحاولة لاتقاء شر الإمارات ولتلطيف الأجواء بينه وبين هذه الدولة الفاعلة في التحالف العربي وسنحاول هنا أن نستعرض بعضها :

• إشادة الإصلاح بجهود الإمارات في اليمن

1ــ في تأريخ 12 / 8 / 2015 م كتب المحرر السياسي للصحوة ما يلي :"لن ينسى شعبنا اليمني الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لإعادة الاستقرار لبلدنا الواقع تحت براثن سلطة انقلابية رجعية كهنوتية، وسيخلد التاريخ أسماء شهداء الإمارات الذين اختلطت دماؤهم بدماء المقاومة اليمنية الباسلة في بلادنا والبطولات التي سطروها. العلاقات اليمنية الإماراتية ليست وليدة اللحظة بل عريقة بعمر البلدين والشعبين، وفي عصرنا هذا كان للقائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مواقف حكيمة تسطر بماء الذهب، وكما رمم الشيخ زايد سد مارب وأعاد بناءه كرمز للتاريخ اليمني العريق والحضارات العظيمة التي نشأت على هذه الأرض، وإيماناً منه بان اليمن محط أنظار العرب ومهوى أفئدتهم فها هي اليوم تلك الروح الإماراتية الجسورة تسهم في ترميم حاضر اليمن وتضع لمساتها على مستقبله يمناً موحداً ومزدهراً. ولا يمكن لأي متابع أن يخطئ الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والجهود التي تبذلها بكل جدية لإعادة الدولة التي حاولت العصابات المتطرفة ابتلاعها، وهذا له دلالة على تطور قدرة المنظومة العربية على فرض الاستقرار في منطقة يجب أن تظل مستقرة وآمنة، خدمة للشعوب التي تتطلع للمزيد من التنمية والرفاهية.

• إشادة الإصلاح بتضحيات الإمارات في مأرب

2ــ وعندما سقط العشرات من الجنود الإماراتيين في مأرب بين قتيل وجريح في قصف صاروخي للحوثيين على مخازن الأسلحة في صافر عزى حزب الإصلاح دولة الإمارات المتحدة ودولة البحرين في استشهاد كوكبة من الجنود الإماراتيين والبحرينيين في مأرب، حيث عبر الإصلاح عن تقديره للتضحيات الجسيمة التي تقدمها دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات ، وأكد على مضيه جنبا إلى جنب مع التحالف في سبيل إنهاء مشروع الانقلاب واستعادة الشرعية. معتبراُ أنّ هذه الدماء الطاهرة التي سكبها جنود الإمارات والبحرين ومثلهم جنود المملكة العربية السعودية واختلطت بدم إخوانهم من الجيش والمقاومة الشعبية اليمنية، وارتوت بها أرض اليمن ستنبت حرية ونماء لليمن وشعبه .

• إدانة الإصلاح لاقتحام الحوثيين لسفارة الإمارات

3ــ وعندما أقتحم مسلحو الحوثي سفارة الإمارات في صنعاء أدان مكتب العلاقات الخارجية بالأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح بأشد العبارات الاعتداء الذي تعرضت له سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في صنعاء. واعتبر مكتب العلاقات الخارجية لحزب الإصلاح ذلك انتهاكاً صارخاً للأعراف الدبلوماسية وإساءة لعلاقات اليمن مع أشقائه. وطالب الإصلاح المسلحين الحوثيين بسرعة إخلاء المبنى وإعادة المنهوبات التي تم مصادرتها والتوقف عن ممارسة الهمجية تجاه مباني السفارات العربية والأجنبية وكل المنظمات الدولية. وأكد بيان الإصلاح هذا التصرف سابقة في تاريخ الصراعات التي ظلت فيها البعثات الدبلوماسية محترمة حتى من أشد الجماعات الانقلابية والعنيفة قبحاً، باستثناء جماعة الحوثي المسلحة التي طال أذاها منذ اليوم الأول للانقلاب كل البعثات الدبلوماسية وجعلتهم هدفاً لها، ما دفع الجميع إلى مغادرة البلد في وقت مبكر.

• وفد من الإصلاح يزور الإمارات 

4ــ كما قام في وقت سابق وفدا من حزب الإصلاح برئاسة رئيس المكتب التنفيذي لفرع الحزب في محافظة عدن، إنصاف مايو، بزيارة الإمارات لتقديم التعزية للمسؤولين الإماراتيين وأهالي الجنود الـ45 الذين قضوا قبل أيام بحادثة صافر في محافظة مأرب شرق اليمن.

• زيارات من قيادة الإصلاح لسفارات الإمارات

5ــ وبالتزامن أيضاً قامت قيادات من حزب الإصلاح بزيارة سفارات الإمارات في بعض العواصم عربية حيث قام رئيس الدائرة السياسية في حزب الإصلاح في عدن، عبدالناصر باحبيب بزيارة السفير الإماراتي في عمان، بلال ربيع البدور لتقديم العزاء ومناقشة الأوضاع في اليمن. وفي الزيارة أعرب باحبيب عن اصدق التعازي لرئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد، ونائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، وحكومة وشعب الامارات واسر الشهداء بهذا المصاب الجلل داعيا الله ان يسكن الشهداء الفردوس الاعلى مع الانبياء والصديقين وان يلهم الجميع الصبر والسلوان. كما جاء في موقع الحزب الرسمي. وقال أنه تم في اللقاء استعراض العلاقات الاماراتية اليمنية المتينة والتي اسس مداميكها خالد الذكر فقيد الامه الكبير الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله. واشاد باحبيب بالدور المتميز التي ادته القوات الاماراتية في تحرير عدن، والدعم السخي الذي تقدمه دولة الامارات لليمن منذ عقود، متمنيا لها التقدم والازدهار من جانبه أعرب سعادة السفير الاماراتي عن تقديره وامتنانه لهذه الزيارة.

• زيارات من قيادات الإصلاح للقوات الإماراتية بعدن

6 ــ ويضاف إلى كل ذلك الزيارات التي تقوم بها قيادات من الإصلاح لقيادة التحالف العربي الإماراتية المتواجدة في المدينة وغيرها ومنها إشادات المجلس التنسيقي للمقاومة بتعز والمحسوب على حزب الإصلاح بدور الإمارات حيث يوجه دوما الشكر والتقدير الى قيادة التحالف العربي وخاصة الاشقاء في المملكة السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية الذين قدموا ولازالوا الدعم لليمن وسلطتها الشرعية وشعبها الحر سياسيا وعسكريا واغاثيا واقتصاديا لمنع اختطاف اليمن من قبل قوى اجنبية تتربص بالعرب وأمنهم القومي.

• وقوف الإصلاح مع الجهود الإنسانية الإماراتية بعدن

7 ــ أدان حزب الإصلاح القصف الذي تعرضت له القوات الإماراتية في عدن وترحم على القتلى وتمنى الشفاء للجرحى وقبل أيام أدان الحزب مقتل موظف الهلال الأحمر الاماراتي في عدن وأعتبر هذه الجرائم ومحاولة بائسه لخلط الاوراق ونشر الفوضى في عدن كما عزى الإمارات وأقارب الفقيد .

• دعوة من الإصلاح للحوار والنقاش

8ــ مؤخرا وجه القيادي في الحزب الأستاذ علي الجرادي هذه الرسالة للدكتور أنور قرقاش: " ما يجمعنا من الأهداف والأولويات والمصالح في المنطقة العربية والجزيرة والخليج ما يجعلنا في منطقة تطابق وتعاون وتكامل في مواجهة عديد من التحديات الماثلة التي لا تخفى على شخصكم الكريم والقيادة السياسية في الإمارات الشقيقة وقلوبنا وعقولنا مفتوحه للنقاش والاستماع لوجهات نظركم ، ونجزم ان الأخطار المحدقة بالجزيرة والخليج والتي تجلت بتحويل اليمن إلى منصة إطلاق ضد جيرانه واشقاءه تدفعنا للمزيد من تقوية وتمتين العوامل والمصير المشترك في الدفاع عن المشروع العربي والقومي والاسلامي " .

9 ــ زيارة مشايخ محسوبون على الإصلاح للإمارات في تأريخ 22 / 11 / 2015م قام وفد من مأرب برئاسة المحافظ سلطان بن علي العرادة بزيارة رسمية إلى الإمارات وأستقبلهم ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد وأشاد بتضحيات أبناء مأرب في مواجهة مليشيا الحوثي وصالح وتحرير اليمن وأشاد الوفد بجهود الإمارات في التحالف العربي ودورها في اليمن وأثنوا عليها وألقوا الكلمات المطولة في هذا الأمر وألقى بعضهم قصائد شعرية تشيد بالإمارات وحكامها ورأى البعض في هذه الزيارة تقدم ملموس على صعيد تلطيف الأجواء بين الإمارات وحزب الإصلاح كون المحافظ العرادة محسوب على الإصلاح لكن البعض ذهب إلى التقليل من أهمية الزيارة من جهة كونها ستقدم تطور إيجابي لعلاقة الإمارات بحزب الإصلاح ذلك أن لمأرب بالذات خصوصية في الإمارات فقد كان الشيخ زايد رحمه الله يقدم كثير من المزايا والخدمات لأبناء مأرب كون أصوله من مأرب كما قام ببناء سد مأرب الشهير وتبنت الإمارات كثيرا من المشاريع والخدمات في مأرب إذن هي زيارة خارج هذت السياق السياسي تماما كما أن سياسة الإمارات نحو حزب الإصلاح أستمرت بعد تلك الزيارة ولم تتغير أو تتحسن ولو بشكل طفيف .

• ليس المطلوب الرضا عن حزب الإصلاح

يذهب كثيرون إلى انه ليس المطلوب من الإمارات الرضا عن حزب الإصلاح ولكن المطلوب عدم عرقلة دعم المقاومة في تعز من اجل حزب الإصلاح والتوقف عن تغذية النعرات الانفصالية والمناطقية في الجنوب والعبث التي تقوم بها القوات الإماراتية في حضرموت من اعتقال للعلماء والمشايخ مثل الشيخ عبد الله اليزيدي العلامة والداعية البارز وكذلك اعتقال الداعية احمد بارعود وغيره عشرات من العلماء والخطباء في حضرموت والجنوب عموماً بذريعة التعاون مع تنظيم القاعدة حيث تنقلهم بطائرات إلى داخل الإمارات أو سجون أخرى لا يعلم أحد أين هي.

وهذه السياسة الإماراتية الخاطئة ستأتي بنتائج عكسية وها هو رئيس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت الشيخ أحمد المعلم، يستنكر ويحذر من اعتقال عدد من العلماء بحضرموت من قبل القوات الاماراتية بالمحافظة.

وقال المعلم في لقاء مع قناة رشد الفضائية إنه يستنكر اعتقال ناس وصفهم بـ"رمز في البلاد ومشهود لهم ومعروف عنهم طلب العلم ودعوة الناس للخير والمساهمة في المشاريع الخيرية".

• متى سترضى الإمارات عن حزب الإصلاح وكيف ؟!

وأقول هنا : ما تم استعراضه هنا هو جزء من محاولات حزب الإصلاح إذابة الجليد بينه وبين الإمارات وهي محاولات يرى البعض أنها لن تؤتي أكلها ثمارها أبدا فمشروع الإمارات في اليمن يتعارض مع توجهات وسياسات حزب الإصلاح بينما يرى البعض أنها ناجحة ولو كبداية وهناك تقارب واضح لكن يبدو أن هناك قيادات إماراتية محددة أمثال الدكتور أنور قرقاش والفريق ضاحي خلفان وهؤلاء لهم موقف مسبق من الحزب لأنهم يرونه امتدادا للإخوان في مصر والإخوان عند هذه القيادات الإماراتية هم الرجس المطلق والشيطان الرجيم .

لقد أصدر حزب الإصلاح بيان رسمي في العام الماضي يؤكد أن لا صلة له بإخوان مصر وأنه حزب يمني كأي حزب يمني ولكن الحزب في كل الظروف والأحوال سيظل محسوبا على الإخوان مهما فعلت قياداته لترضي جهة ما أو طرف ما هنا أو هناك والسؤال هنا إذا كان هؤلاء يمثلون الموقف الرسمي للإمارات فمتى سترضى هذه الإمارات عن حزب الإصلاح وكيف ؟!! من وجهة نظري فأن الإمارات لن ترضى عن حزب الإصلاح مهما فعل ذلك أن حكامها قد اقتنعوا بأن الإخوان هم الشيطان بذاته وهم التطرف والإرهاب والغلو ومصدر كل شر وجندت الإمارات امكانياتها لمحاربة كل هذه الشرور التي تراها مجسدة في الإخوان ولذا باعتقادي كل ما يصدر عن الحزب من محاولة إرضاء وخطب ود هو محاولة لإغلاق جبهة الإمارات أو تخفيف الضرر على الأقل وقدر المستطاع ليس إلا .

لكن السؤال الأهم : لمصلحة من تلك السياسة الإماراتية في اليمن خاصة وأن كثيرا من المحللين السياسيين المنصفين وليس آخرهم المحلل السعودي جمال خاشقجي يذهبون إلى أن حزب الإصلاح مكون يمني لا يمكن تجاوزه ولن يتم أي استقرار وسلام في اليمن دون جهود حزب الإصلاح ؟!

الكاتب