تقرير: التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني.. ما خفي كان أعظم

تقرير: التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني.. ما خفي كان أعظم

يعيش الكيان الصهيوني أزهى عصوره بعد أن نجح في فرض وجوده، ليس على شعوب المنطقة الذين ما زالوا يعتبرونه العدو الأكبر والأول المسؤول عن تدهور وانهيار الدول والمجتمعات العربية والإسلامية، وإنما على الأنظمة والحكومات العربية، التي هرولت نحو استرضاء الكيان للحيلولة دون وصول المخططات الصهيوـ أمريكية الخاصة بتقسيم وتفتيت الدول العربية لأنظمتهم الاستبدادية، حتى ولو كان ذلك على حساب القضايا العادلة للأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الذي يئن تحت وطأة الاحتلال وضغوط الأنظمة العربية، التي لم تعد تخجل من العلاقة مع الكيان الصهيوني، وتعمل على تحويلها من علاقات سرية إلى علاقات مباشرة، بل والدفع نحو إقامة قنصليات لدولة الكيان داخل الأوطان العربية، تحت ذرائع ومسميات مختلفة، مثلما حدث مؤخرًا في الإمارات، التي باتت تقود مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي تعادي فيه كل من يعادي الكيان، وعلى رأسهم جماعات الاسلام السياسي التي تنظر للكيان على أنه كيان مغتصب للأراضي والمقدسات الإسلامية، وهذا ما يتناغم مع المخططات الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط الكبير، والتي تسعى من خلالها لإدماج الكيان في المنطقة، والضغط على الأنظمة والحكومات العربية للتعامل معه على أنه كيان شرعي، وإلا سيتكرر معها ما حدث مع صدام حسين ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح، وذلك دون أدنى اعتبار لمشاعر وأحاسيس الشعوب العربية، التي تنزف دماً على مقدساتها التي تنتهك كل يوم على مرأى ومسمع العالم أجمع، دون أن يحرك أحد ساكناً، في الوقت الذي تقام فيه الدنيا في حال حدوث أي عمليات تفجيرية ضد رعايا الدول الغربية.



أسباب تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني

هناك العديد من الاسباب التي تدفع الأنظمة العربية، وعلى رأسها النظام الإماراتي، لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، أهمها:

أولاً: الدور الصهيوني المتعاظم في الصراعات الدائرة في المنطقة، ورعايته لمخططات التقسيم التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، والتي سبق وأن تم تنفيذها في السودان، التي انقسمت إلى شمال وجنوب، والتي يستهدف من ورائها ليس فقط إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة، وإنما جعله القوة صاحبة النفوذ الأكبر فيها.

ثانياً: الاعتقاد بأن تحسين العلاقات مع الكيان الصهيوني من شأنه أن يستتبعه تحسين للعلاقات مع الولايات المتحدة، وبالتالي ضمان توفير الحماية الكافية في مواجهة التحديات المحدقة بتلك الأنظمة، وفي القلب منها التحدي الإيراني.

ثالثاً: الحصول على الدعم الدولي الكافي للعب دور إقليمي كبير في المنطقة، وهو ما نجحت فيه الإمارات خلال الفترة الماضية بشكل كبير، قبل أن تنهض المملكة العربية السعودية وتحاول استعادة دورها من جديد.

رابعاً: الحفاظ على مصالحها الاقتصادية مع شركائها الغربيين، وخاصة مع الولايات المتحدة التي تحكمها مصالح اقتصادية وعسكرية كبيرة مع الإمارات، وتلعب دورًا كبيرًا في دفع الأنظمة العربية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

ويعني ذلك أن الإمارات وغيرها من الدول العربية لم تعد تكتفي بإقامة علاقات سرية مع الكيان الصهيوني فحسب، بل وتتعمد تطبيع العلاقات معه، دون مراعاة لمشاعر الرأي العام العربي، وأن السبب الحقيقي وراء ذلك إنما يتمثل في رغبة تلك الأنظمة في الحفاظ على مصالحها مع الكيان الصهيوني وشركائه في الخارج، وخاصة الولايات المتحدة التي تتحكم بمصائر تلك الأنظمة من جهة، ومن جهة أخرى تلعب دوراً الحفاظ على بقاء تلك النظم في مواجهة التحديات الأمنية المحدقة بها.



ويكيليكس يفضح الجميع

علي الرغم من حرص الأنظمة العربية، وخاصة النظام الإماراتي المعروف بعلاقاته المتعددة مع الكيان الصهيوني، على إخفاء تلك العلاقات، وتطويرها بعيدًا عن أعين وسائل الإعلام العربية، بحيث لا يثيروا الرأي العام ضدهم، إلا أنه يظهر بين الحين والآخر تقارير أغلبها غربية تشير لعمق تلك العلاقات وتطورها بشكل كبير، وقد كان آخر تلك التقارير، ذلك الذي نشرته صحيفة هآرتس، الإسرائيلية وأشارت فيه إلى قرب أنشاء قنصلية صهيونية في الإمارات.

وقد جاء التقرير في أعقاب "الوثائق السرية" التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني، وتضمنت معلومات عن طبيعة العلاقات الخاصة التي جمعت بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية بشكل عام، خاصة تلك التي جمعت تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، ونظيرها الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.

وكشفت الوثائق عن رغبة النظام الإماراتي في أن تبقى العلاقة سرية، وذلك لأن دولة الإمارات غير مستعدة لأن تكون هذه العلاقة على الملأ. وأشارت الوثائق إلى الحوار السرى والمتواصل الذي كان بين الدولتين خلال ولاية رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت.

وقد قامت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بفتح ملف العلاقات بين إسرائيل وإمارة دبي الإماراتية؛ مؤكدة أن التعاون التجاري والاقتصادي بين الطرفين يشهد ازدهاراً كبيراً، وتصل المبادلات التجارية بين الطرفين لأكثر من 300 مليون دولار أمريكي في المجالات الأمنية فقط، وذلك على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية معلنة، وعلى الرغم من أن دبي تمنع دخول الشخصيات العامة والمسؤولين الإسرائيليين، مثل رفضها في السابق دخول لاعبة التنس الإسرائيلية (شحر بار) للمشاركة في بطولة دبي للتنس، ورفضها أيضًا منح تأشيرة دخول لمديرة إدارة التجارة الدولية ببنك (لؤمي) الإسرائيلي (سارة يونجر)، لحضور مؤتمر تجاري دولي كان منعقداً هناك.

وأكدت الصحيفة أن دبي نتيجة لحركة التنمية العقارية التي تشهدها ونتيجة لثرائها، أصبحت بمثابة واحة الاستثمار المفضلة لدى رجال الأعمال الإسرائيليين، الذين يستثمرون فيها عبر شركات إسرائيلية مُسجلة في دول أخرى في العالم.

وتزعم الصحيفة الإسرائيلية أن أحد المسؤولين الرسميين بإمارة دبي كان قد قال منذ عام لشخصيات إسرائيلية: يمكنكم الاستثمار لدينا، ولكن بشكل غير علني.

وتستعرض الصحيفة أشهر الشركات الإسرائيلية التي تدير مشاريع استثمارية في دبي مثل: شركة (تسحام) التابعة لمستوطنة (أبكيم) الإسرائيلية، والتي فازت مؤخراً بمناقصة لإقامة مزرعة "جمال" ومركز لحلب النوق في دبي، وبالطبع حصلت الشركة الإسرائيلية على هذه المناقصة بشكل غير مُعلن وباسم فرع الشركة في بريطانيا، وكذلك شركة (سونار) التي قامت بتجهيز منزل أحد أمراء دبي بوسائل حماية وأمان.

وفي هذا الصدد يشير المحامي الإسرائيلي (عادي براونشتين)- المستشار القانوني لجمعية الصداقة الإسرائيلية العربية- أن هناك ما يقرب من عشر شركات إسرائيلية تمتلك استثمارات في دبي، وتتركز أغلب أنشطتها في مجال الزراعة، معظمها شركات إسرائيلية مُسجّلة في قبرص أو لندن أو الهند.

وبالإضافة إلى تلك الشركات هناك العديد من المحال والمتاجر الإسرائيلية، التي قامت مؤخراً بافتتاح أفرع لها في دبي تحت مسميات أخرى، مثل رجل الأعمال الإسرائيلي (ليف لفيف)، الذي افتتح متاجر هناك لبيع منتجات إسرائيلية من إنتاج شركة (لفيف).

وحسب وثائق ويكيليس، فإن التعاون الاقتصادي بين رجال الأعمال الإسرائيليين وإمارة دبي لم ينحصر فقط داخل الإمارة؛ بل توسع وامتد ليشمل إقامة مشاريع مشتركة في بلدان أخرى من العالم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك فوز شركة (دبي وورلد)، التي تمتلكها حكومة دبي، وشركة (إلعاد جروب) الإسرائيلية المُسجلة في لندن، بمناقصة مشتركة لإقامة مشروع ضخم في سنغافورة يسمى (South Beach)، باستثمارات تصل إلى 2.1 مليار دولار.

أما التعاون الأهم فكان بين شركة (تسيم) الإسرائيلية للنقل البحري، وبين شركة (موانئ دبي)، من خلال مشروع مشترك لتشغيل إحدى محطات تداول الحاويات في ميناء يقع شمالي إسبانيا، وقيام رئيس شركة تسيم (عيدن عوفر) مؤخراً، بالتوسط لدى مجلس الشيوخ الأمريكي للموافقة على تولي شركة (موانئ دبي) إدارة وتشغيل ستة موانئ أمريكية رئيسية.

وتعكس وثائق ويكيليكس وتقارير الإعلام الصهيوني عمق العلاقات المتبادلة ما بين تل أبيب والإمارات العربية المتحدة، والتي تشمل مختلف أنواع العلاقات السياسية والاقتصادية، والتي وصلت للدرجة التي لم يعد يمكن لحكومة الإمارات إخفاؤها أكثر من ذلك.



تحولات العلاقة بين الإمارات والكيان الصهيوني

أدت التطورات التي شهدتها المنطقة، خاصة بعد الربيع العربي والدور الإماراتي الكبير الذي ساهم في إفشال ثورات الربيع العربي بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، الذي ساهم بدوره في الإسراع في إفشال تلك الثورات، إلى حدوث تحول استراتيجي في علاقة الطرفين الإماراتي والصهيوني، صار معه من الصعب استمرار العلاقات السرية بين الطرفين، بعد أن دعت الحاجة لأن تطفو تلك العلاقات على السطح، وتتحول من السرية إلى العلن.

الأمر الذي دفع صحيفة هآرتس الإسرائيلية، لأن تعلن عن قرب وصول بعثة دبلوماسية إسرائيلية لافتتاح مفوضية معتمدة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" في أبوظبي.

وعلى الرغم من المحاولات الإماراتية لإظهار أن ذلك ليس من قبيل التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإنما يأتي في إطار ما تفرضه طبيعة وجود المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في الإمارات، وذلك على اعتبار أن الحكومة الصهيونية عضو في تلك الوكالة، مما يفرض عليها استضافتها كغيرها من الدول الأعضاء في الوكالة، إلا أن ذلك يتناقض مع ما سبق وتمت الإشارة إليه من رفض الإمارات دخول لاعبات ومسؤولين صهاينة مشاركين في بطولات ومؤتمرات مقامة على أرض الإمارات، ما يعني أن هناك تحولًا استراتيجيًا في علاقة الطرفين الإماراتي والصهيوني.

فحسب الخبر الذي نشرته هآرتس، اتفقت الإمارات مع الكيان الصهيوني لدعم ترشيح أبوظبي في 2010، لكي تستضيف المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، مقابل عدم اعتراض الإمارات أو منعها لأي نشاط أو زيارة للوفود الصهيونية في الدولة.

وقد سبق ذلك قيام حكومة أبوظبي وبشكل رسمي بعد انتهاء الحرب على غزة مطلع 2009، والتي راح ضحيتها قرابة الألف فلسطيني، برفع علم الكيان الصهيوني خلال اجتماع لتلك الوكالة، وذلك بمشاركة مسؤولين إسرائيليين، حسب ما أعلنت بي بي سي في حينه.

ولم تكتف الإمارات بذلك، بل وقد قام وزير البنية التحتية الإسرائيلي، عوزي لنداو، بزيارة الإمارات رسمياً وعلنياً. ويعد لنداو من أبرز قيادات الحزب الإسرائيلي المتشدد "إسرائيل بيتنا"، وبعد الزيارة بثلاثة أيام تم اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي.

وفي عام 2014 قامت الإمارات ـ أيضاًـ باستضافة وزير الطاقة الاسرائيلي سلفان شالوم، في مؤتمر حول الطاقة، وذلك على الرغم من قيام هذا الوزير بإطلاق تهديدات كثيرة ضد غزة، خلال تلك الفترة والفترة التي تلتها، وصولاً إلى حرب غزة الأخيرة.

وفي أواخر العام 2014، كشفت صحيفة هآرتس العبرية خبراً عن افتتاح خط جوي سري وخاص بين دولة خليجية وإسرائيل، ووفق المصدر نفسه الذي أوردته هآرتس، فإن تلك الدولة هي الإمارات.

وفي الإطار نفسه نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً لتوماس فريدمان، كشف فيه أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، قد وجه خطاباً عبر الأقمار الصناعية لعدة ممثلين من حكومات عربية وإسلامية، أثناء تواجده في الإمارات في نوفمبر من العام 2013.

وقد أكدت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية ما ذكره فريدمان في مقاله، وأضافت أن بيريز خاطب ممثلي 29 دولة عربية وإسلامية، من بينهم وزراء خارجية دول مجلس التعاون وأكدت الصحيفة أيضاً أن بيريز تواجد في الإمارات أثناء اجتماع لدول مجلس التعاون، وأن الإمارات هي من رتبت لهذا الاجتماع. ورغم حجم هذا الادعاء وخطورته لم يصدر أي نفي من أي جهة رسمية، في إشارة إلى صدق ما جاء في التقريرين المذكورين.

ويبين هذا التتبع لمسار علاقات الدولة وتواصلها التطبيعي مع الكيان الصهيوني، أن ما خفي من التواصل كان أعظم مما كشفته وثائق ويكيليكس ووسائل الإعلام الغربية والصهيونية المختلفة.



علاقات متنوعة تدفع باتجاه التقارب

تشير وسائل الإعلام الصهيونية إلى أن الحكومة الصهيونية قد استثمرت في السنوات الأخيرة، جهوداً كثيرة من أجل التقرب إلى دول الخليج العربي، وأن علاقات نشأت في الغالب في المجالين الاستخباري والأمني، بعيداً عن الأنظار.

واعتبر موقع "والا" الصهيوني، أن غلب الجهود التي بذلك كانت مع دولة الإمارات في عهد وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، الذي اعتبر الإمارات عاملاً مركزياً في المنطقة العربية. وأشار إلى أن خطر «داعش» شكَّل أيضاً قاسماً مشتركاً ودافعاً للتقارب بين الدولتين، ولفت إلى أن السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، يقيم علاقات وثيقة مع السفير الإسرائيلي في العاصمة الأميركية رون دريمر.

وحسب العديد من الخبراء، فإن دولة الإمارات أصبحت واحدة من أهم مناطق العمليات الأمنية والاستخبارية والتجارية لإسرائيل في المنطقة العربية.

إذ عقدت الإمارات مع شركة "إيه جي تي" الأمنية المملوكة لإسرائيل، اتفاقًا لحماية منشآتها النفطية، هو ما يجعل أمن الإمارات رهينة بأيد إسرائيلية، حيث يشمل العقد إقامة شبكة مراقبة مدنية فريدة من نوعها على مستوى العالم في أبو ظبي، وبالتالي أصبح كل شخص خاضع للرقابة من لحظة مغادرته باب منزله حتى عودته إليه.

وفي سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها، صوتت الإمارات وبجانبها مصر لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، حتى تنضم إسرائيل لواحدة من أهم اللجان في المنظمة.

وفي هذا الصدد نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تقريرًا عن العلاقات السرية بين الإمارات وإسرائيل عبر "مكتب مصالح" غير معلن يديره أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، عبر أحمد الطيبي، عضو الكنيست المقيم في دبي، والذي يُعد حلقة الوصل بين المسؤولين الإماراتيين ومسؤولين إسرائيليين، لافتة الى أن مهام "الطيبي" تشمل ترتيب زيارات أسبوعية لرجال أعمال إسرائيليين إلى دبي.

وعلى مستوى السياسة الخارجية، تتطابق مواقف كلٍّ من أبو ظبي وتل أبيب في العديد من القضايا، فبالإضافة إلى تطابق مواقف البلدين في مخاصمتهما لإيران، فإن كلاً منهما تدخلان في خصومة مع أنقرة أيضاً، الأولى وصلت أزمتها مع تركيا إلى حد نشر وثائق تثبت تورط الإمارات في رشوة مسؤولين تركيين، بهدف إحداث بلبلة للنظام الحاكم في تركيا، أما إسرائيل فهي لا تُخفي عداءها لحكومة أردوغان، رغم اعتذارها لأول مرة في تاريخها عن اعتدائها على "أسطول الحرية" وقتلها لتسعة أتراك.

وعلى مستوى العلاقة مع حكومة حركة حماس في غزة، يصف مراقبون علاقة الإمارات بحماس بوصف "النار تحت الرماد"، ورغم محاولات الطرفين تهدئة التصريحات عبر وسائل الإعلام، إلا أن ذلك لم يمنع عشرات من وسائل الإعلام العربية من ترويج خبر مفاده، أن الإمارات وعدت وزير الطاقة الإسرائيلي في زيارته للإمارات بتمويل أي عملية عسكرية ضد قطاع غزة، شريطة قضائها على حركة حماس، ونسبته للقناة العبرية الثانية، ولاحقاً تداولته وسائل إعلام فلسطينية محلية أبرزها شبكة فلسطين للحوار.

وعلى مستوى التنسيق الأمني، فقد نشرت مصادر صحفية، أن طياريْن اثنين من سلاح الجو الإماراتي شاركا مع طياريْن إسرائيلييْن في تدريبات عسكريّة في مناورات العلم الأحمر، التي أُقيمت في الولايات المتحدة الأمريكيّة في نهاية شهر سبتمبر الماضي، وكانت حكومة أبو ظبي قد حاولت التكتم على هذه المشاركة العسكرية، إلا أن الصحافة الإسرائيلية والأمريكيّة كشفت عن هذا الخبر أيضاً.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تُنشر فيها أخبار تتناول التعاون الأمني بين الإمارات وإسرائيل، فهناك تسريبات عديدة تشير إلى أن التعاون بين البلدين في هذا المجال قد بلغ مرحلة متقدمة، منها ما نشرته صحيفة لوفيجارو الفرنسية بتاريخ 26 يونيو 2010، وزعمت فيه أن الإمارات تستخدم تكنولوجيا إسرائيلية لتأمين حدودها، وأوضحت الصحيفة أن الإمارات تعاقدت مع شركة أي جي تي AGT الإسرائيلية، من أجل شراء تكنولوجيا ومعدات أمنية وعسكرية، من أجل تأمين حدودها وحماية آبارها النفطية.

يبدو إذًا أن العلاقات– غير المعلنة– بين إسرائيل والإمارات تذهب إلى مدى أبعد بكثير مما يظن الكثيرون، على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني؛ وأن القضية ليست إلا قضية وقت قبل أن يدخل الطرفان في علاقة دبلوماسية رسمية، ربما تكون مقدمة لسلسلة خطوات أخرى من التطبيع الخليجي "المعلن" مع إسرائيل.

(شؤون خليجية)

الكاتب