عام ساخن من التطبيع يتجسد بزيارة رئيس إسرائيل للإمارات

عام ساخن من التطبيع يتجسد بزيارة رئيس إسرائيل للإمارات

بعد أقل من شهرين من زيارة رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" لأبوظبي، ديسمبر/كانون الأول الماضي، تستقبل الإمارات، الأحد، الرئيس الإسرائيلي "يتسحاق هرتسوغ"، في زيارة تستمر لمدة يومين.

وتعد زيارة "هرتسوغ" أول زيارة رسمية لرئيس دولة إسرائيل الى دولة الإمارات، تلبية تلبية لدعوة ولي عهد أبوظبي  الشيخ "محمد بن زايد".

وتأتي الزيارة بعد قرابة العام ونصف العام من توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، برعاية أمريكية سبتمبر/أيلول 2020.

وقال "هرتسوغ"، قبيل مغادرته، إن "معنى هذه الزيارة أكبر من كل الأمور العملية التي سنناقشها خلاله".

ونقل عن الرئيس الإسرائيلي قوله، "أنا ممتن لشجاعته (بن زايد) وقيادته الجريئة وتوصله إلى اتفاق سلام مع إسرائيل وإرسال رسالة إلى المنطقة بأسرها مفادها أن السلام هو البديل الوحيد لشعوب المنطقة".

   توتر إقليمي

تأتي الزيارة في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي مع محاولة القوى العالمية إحياء الاتفاق النووي مع إيران التي تتبادل التهديدات مع إسرائيل.

وتحمل الزيارة أهمية خاصة، كونها تأتي بعد أيام من تعرض أبوظبي لهجمات حوثية بطائرات مسيرة، وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ألحقت أضرارا بمنشآت إماراتية، ووأقعت قتلى وجرحى.

ووفقا لرسالة نشرها الرئيس الإسرائيلي، فإن تل أبيب عرضت دعما أمنيا ومخابراتيا للإمارات في مواجهة هجمات الطائرات المسيرة، يناير/كانون الثاني الجاري، دون تفاصيل عن طبيعة هذا الدعم.

ولا شك أن أجندة الجانبين سيتصدرها الخطر الحوثي على الأمن الإماراتي، وما قد يشكله من خطر كبير على اقتصاد البلد الخليجي، حال تكررت الهجمات ثانيا واستهدفت منشآت نفطية، أو مطارات مدنية.

وتطالب الإمارات، حليفتها، بيعها منظومات دفاعات جوية، أبرزها "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، في صفقة تقدر قيمتها بـ3.5 مليارات دولار.

لكن تل أبيب تماطل في إجراء الصفقة؛ خشية تسريب معلومات تكنولوجية وعسكرية بشأن صناعة وتطوير المنظومات الدفاعية الجوية الإسرائيلية، إلى أطراف أخرى، في إشارة إلى إيران وجماعة الحوثي، بحسب صحيفة "معاريف".

ويرى المحلل العسكري الإسرائيلي "ألون بن دافيد"، أن إسرائيل أمامها فرصة لتركيب رادارات إسرائيلية متطورة في الخليج يمكن أن يكون حجر الزاوية لبناء نظام دفاع إقليمي قرب إيران، ما يتيح لها تحذيرا مبكرا من أي عمليات أو هجمات قد تنطلق من طهران.

أهداف اقتصادية

إلى جانب صفقة الدفاع الجوية المقرر بحثها بين أبوظبي وتل أبيب، هناك صفقة أكثر أهمية للإمارات، ترغب أبوظبي في قوة دفع إسرائيلية لإتمامها، تتعلق بموافقة الولايات المتحدة العام الماضي على بيع ما قيمته أكثر من 23 مليار دولار من الطائرات المقاتلة من طراز "اف-35"والطائرات من دون طيار إلى الإمارات.

وسيزور الرئيس الإسرائيلي، مدينة دبي، وسيعقد خلال الزيارة اجتماعات رسمية مع ولي عهدها " محمد بن راشد آل مكتوم"،  كما سيلتقي وزير الخارجية الإماراتي، "عبد الله بن زايد"، وعدد من مسؤولي البلاد.

وخلال زيارته، سيفتتح "هرتسوغ" ما يطلق عليه ـ"يوم إسرائيل" في معرض إكسبو 2020 في دبي، كما سيجتمع بممثلي الجالية اليهودية بالإمارات.

وتعتبر الزيارة "تاريخية" وتكتسب أهميتها كونها استمرارا مباشرا للعلاقات الاستراتيجية طويلة المدى، بين البلدين، بحسب سفير إسرائيل لدى الإمارات "أمير حايك".

ويسعى البلدان اللتان تضرر اقتصاداهما بفعل فيروس كورونا، تحقيق مكاسب كبرى من اتفاق التطبيع، وتعزيز الروابط الاقتصادية بينهما، مع مطلع العام الجديد، سعيا وراء إبرام صفقات جديدة.

وزار نحو 200 ألف إسرائيلي الإمارات منذ إقامة علاقات التطبيع بين البلدين، بحسب القنصل العام لإسرائيل في دبي.

وسمح تطبيع العلاقات بين الجانبين بالعديد من الصفقات التجارية، منها العقد الخاص بتفريغ النفط في منتجع إيلات المطل على البحر الأحمر، والذي يلقى معارضة كبيرة داخل إسرائيل لأضراره البيئية، وهي قضية محل مباحثات بين البلدين.

ووفق الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية "إلهام فخرو"، فإن "المنافع الرئيسية للإمارات كانت اقتصادية"، مشيرة الى أن الدولة العبرية والإمارات استفادتا من السياحة والتبادلات الثقافية والاتفاقات في مجال الأمن السيبراني والتبادل الدبلوماسي.

   مزيد من التطبيع

يبدو جليا، إصرار أبوظبي على المضي قدما في تعزيز مسيرة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وكسر الحواجز سريعا، من خلال تبادل الزيارات على كافة المستويات.

ولا شك أن الإمارات التي أعلنت سابقا عن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليار دولار لدعم الاستثمارات في إسرائيل، تريد جني المكاسب سريعا، من خلال جذب استثمارات إسرائيلية في قطاعات الطاقة والفضاء والصحة والتقنية الزراعية.

ويسعى البلدان لتسريع وتيرة تنمية العلاقات الاقتصادية والتدفق الحر للسلع والخدمات، والتعاون في مجالات إقامة المعارض وتبادل الخبرات وزيارات الوفود والتعاون بين الغرف التجارية.

ومن خلال التوقيع على أكثر من 60 اتفاقية للتعاون الإستراتيجي بين الجانبين، على مدار عام ونصف العام، تأتي الزيارة كمحطة لتقييم مستوى هذه العلاقات، وحجم التقدم في تنفيذ تلك الاتفاقيات.

وتجري محادثات بين أبوظبي وتل أبيب للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لتعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، وقد تجاوزت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين 2.9 مليار درهم (نحو 790 مليون دولار)، خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري.

وإضافة إلى ذلك، تبلغ قيمة التجارة البينية بين الإمارات وإسرائيل أكثر من 3.5 مليارات درهم (نحو 953 مليون دولار) حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2021، أي بعد عام من توقيع اتفاق التطبيع بين البلدين.

ربما يكون منصب الرئيس الإسرائيلي شرفيا، لكن الزيارة خطوة مهمة في طريق تعزيز التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وسط رغبة محمومة من أبوظبي لجني الثمار سريعا، وتحقيق نقلة نوعية خلال العام الجديد، تؤمن لها مكاسب اقتصادية، وتعزز أمنها الداخلي بعد استهدافها من الحوثي، وتزايد حاجتها لدعم الحليفين الإسرائيلي والأمريكي.

الكاتب