تفاصيل اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الإمارات مع "إسرائيل" ولماذا اعتبرتها تل أبيب الأهم؟

تفاصيل اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الإمارات مع "إسرائيل" ولماذا اعتبرتها تل أبيب الأهم؟

 

في خطوة تعتبر "الأهم اقتصادياً" منذ تطبيع العلاقات بين الطرفين قبل نحو عامين، وقعت إسرائيل يوم الثلاثاء اتفاقية "تجارة حرة" مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في اتفاق تجاري هو الأول من نوعه بين دولة الاحتلال ودولة عربية؛ حيث يخفض الاتفاق التعريفات الجمركية أو حتى يلغيها، ويهدف بمرور الوقت إلى رفع التجارة الثنائية السنوية إلى أكثر من 10 مليارات دولار. فما تفاصيل هذه الاتفاقية، ولماذا تعتبرها تل أبيب "تاريخية"، والتي  جاءت تزامناً مغ التصعيد الإسرائيلي في القدس والاعتداءات غير المسبوقة ضد المسجد الأقصى.

 

بعد أشهر من المفاوضات خاضها الجانبان حولها، وقعت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا باربيفاي ونظيرها الإماراتي عبد الله بن طوق المري، اتفاقية التجارة الحرة في دبي، والتي حملت اسم "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة".

 

بدأت محادثات اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، واختتمت بعد أربع جولات من المفاوضات والحوار، لا سيما يومي 21 و 22 آذار/مارس 2022 في مصر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، كان يتولى حينها منصب ولي عهد أبوظبي.

 

وكتب السفير الإسرائيلي لدى الإمارات أمير حايك في تغريدة على تويتر "مبروك"، وأرفقها بصورتين لنسختين من اتفاقية التجارة الحرة، وصورة لمجموعة من المسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين بعيد التوقيع.

 

من جهته، قال السفير الإماراتي لدى إسرائيل محمد آل خاجة على تويتر إن توقيع "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" هو "إنجاز كبير، فهي تجعل الشركات تصل مباشرة إلى الأسواق وتستفيد من إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية". وتابع: "سنعمل معاً وفقها لزيادة الاستثمارات وخلق الوظائف وتعزيز الجهود من أجل المناخ والأمن الغذائي"، حسب تعبيره.

 

من جهته، قال وزير التجارة الإماراتي ثاني الزيودي إن الاتفاق التجاري كتب "فصلاً جديداً في تاريخ الشرق الأوسط". وكتب على تويتر: "ستؤدي اتفاقيتنا إلى تسريع النمو، وخلق فرص عمل، وتقود حقبة جديدة من السلام والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء المنطقة".

 

تفاصيل اتفاقية التجارة الحرة

 

تنص الاتفاقية إلى أنه سيتم إلغاء الرسوم الجمركية على 96٪ من البضائع فوراً أو تدريجياً، ويقول الطرفان إن اتفاقية الشراكة الشاملة ستعزز التجارة الثنائية إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً في غضون خمس سنوات.

 

ويقول رئيس مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي دوريان باراك إن الاتفاقية الجديدة مفيدة بشكل كبير لإسرائيل بسبب تحديد معدلات الضرائب وإلغاء الرسوم الجمركية؛ مما سيشجع المزيد من الشركات الإسرائيلية على إنشاء مكاتب ومقار لها في الإمارات، خاصة في دبي.

 

ويتوقع باراك في حديثه لرويترز، أنه سيكون هناك ما يقرب من 1000 شركة إسرائيلية تعمل في الإمارات العربية المتحدة أو من خلالها بحلول نهاية العام الجاري، يمكنها أن تتعامل مع جنوب آسيا والشرق الأقصى والشرق الأوسط.

 

وقال باراك: "السوق المحلية الإسرائيلية لا تمثل الفرصة برمتها. الفرصة الحقيقية موجودة بالفعل في دبي والعديد من الشركات الإسرائيلية تسعى لاستهداف أوسع لدول المنطقة وأسواقها عبر هذه الاتفاقية".

 

مشيراً إلى أن "التجارة بين الإمارات وإسرائيل ستبلغ 2 مليار دولار في عام 2022، وترتفع إلى حوالي 5 مليارات دولار في 5 سنوات، مدعومة بالتعاون في قطاعات الطاقة المتجددة والسلع الاستهلاكية والسياحة والعلوم"، بحسب وصفه.

 

وبلغ حجم التجارة الإماراتية الإسرائيلية 1.2 مليار دولار عام 2021، بحسب بيانات إسرائيلية رسمية.

 

قبيل التوقيع، قالت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية إن الاتفاقية ستزيل الرسوم الجمركية على الأغذية والزراعة ومستحضرات التجميل والمعدات الطبية والأدوية.

 

وقالت الوزيرة باربيفاي الإسرائيلية يوم الإثنين: "سنعمل معاً على إزالة الحواجز وتعزيز التجارة الشاملة والتكنولوجيات الجديدة، والتي ستشكل أساساً متيناً لمسارنا المشترك، وستسهم في رفاهية المواطنين وتجعل من السهل القيام بأعمال تجارية".

 

وتقيم إسرائيل علاقات تجارية مع مصر والأردن منذ عقود، ولديها اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي وتركيا ودول في أمريكا اللاتينية.

 

بالنسبة لدولة الإمارات الغنية بالنفط، فإن هذه الصفقة مع إسرائيل تعتبر ثاني اتفاقية تجارة حرة ثنائية لها بعد توقيع اتفاقية مماثلة مع الهند في فبراير/شباط الماضي. وهي تجري محادثات تجارية ثنائية مع عدة دول أخرى، بما في ذلك إندونيسيا وكوريا الجنوبية، بحسب رويترز.

 

تسعى الإمارات بقوة وراء هذه الصفقات في محاولة لتعزيز اقتصادها ومكانتها كمركز تجاري رئيسي في الشرق الأوسط ينافس جميع الجيران الغنيين بالنفط، خصيصاً بعد الضربة التي تلقتها من جائحة فيروس كورونا.

 

أقامت إسرائيل والإمارات علاقات رسمية في سبتمبر/أيلول 2020 في صفقة هي الأولى من نوعها بين دولة خليجية وإسرائيل، وذلك عبر وساطة أمريكية قادها الرئيس السابق دونالد ترامب؛ حيث انتهكت عقوداً من السياسة العربية التي دعت إلى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، قبل إنشاء علاقات مع إسرائيل، فيما سارت البحرين والمغرب على خطى أبوظبي، وتسعى السودان للحاق بهم.

 

بضائع المستوطنات

 

وبعد أشهر قليلة من تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، قررت أبوظبي استيراد منتجات من مستوطنات إسرائيلية غير شرعية مقامة على أراضي الفلسطينيين، مثل النبيذ من مستوطنة "ايتمار"، وزيت الزيتون من "براخا"، والعسل من "حرميش"، والطحينة فمن جبل "جرزيم"، وغيرها من المنتجات الاستيطانية التي تضمها قائمة أممية سوداء.

 

وترى إسرائيل فائدة كبيرة في وصول بضائع إسرائيلية منتجة في المستوطنات الإسرائيلية لعرضها بأسواق دبي وأبوظبي، خصيصاً أنه يتم مقاطعها من دول عديدة حول العالم حتى تلك الغربية. الأمر الذي يساهم في تسويق صورة إسرائيل بالمنطقة، ليس فقط على مستوى الخليج، بل على مستوى دول العالم؛ نظراً إلى كون الإمارات تعد مركزاً إدارياً وتنفيذياً للشركات متعددة الجنسيات على مستوى الشرق الأوسط.

 

وفي عام 2020 نشرت الأمم المتحدة، "قائمة سوداء" لـ 112 شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان المحتلة، حيث تقول قناة "كان" العبرية الرسمية، إن القائمة التي أصدرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان تشمل 94 شركة إسرائيلية و18 شركة من ست دول أخرى.

 

ومن بين الشركات المدرجة بـ"القائمة السوداء" جميع الشركات المصرفية، وشركات الهواتف المحمولة، وشركة البناء الإسرائيلية "أشتروم"، وشركة الاتصالات "بيزك"، وشركة التكنولوجيا "ماتريكس".

 

كما تضم القائمة شركة "بوكينج كوم" الهولندية، الخاصة بحجز الغرف والفنادق عبر الإنترنت، والشركات الأمريكية الناشطة في مجال السياحة: "تريب أدفايزر"، و"إير بي إن بي"، و"إكسبيديا".

 

وفي نوفمبر/تشرين ثان الماضي، أقرت المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، قانونية وسم البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة أو الجولان السوري المحتل، والتي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

 

ويعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة المستوطنات غير شرعية، ويستند إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع سلطة الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.

 

ويرفض الإماراتيون التطبيع مع الكيان الصهيوني ويعتبرونه عاراً، لكن السلطات تقوم بعكس ما يريده أبناء الشعب خدمة لمشاريع سيئة وتنفيذاً لأفكار وتوصيات سيئة من المستشارين الأجانب الذين يخدمون الكيان الصهيوني

 

لذا إن الشعب الإماراتي يعتبر "فلسطين " قضيته الأولى والخالدة، وتحرير أراضيه مبدأ من مبادئ الحياة ومبادئ الدولة، والتفريط بها لأي سبب هو استهداف لدولته وبلاده وأرضه، ومشاركة إماراتيين في صفقة البيع "عيب" كبير، ينقض الحكمة الإماراتية التي تم تغييبها قسراً عبر مجموعة المخبرين والأمنيين الأجانب الداعمين للاحتلال والمتعاونين معه.

 

إن التنكيل والتطبيع، سياسة أمنية دائمة دفعت الدولة إلى جحيم سوء السمعة، كما دفعتها الى الاستنكار المتزايد من قِبل الإماراتيين ومن خلفهم جموع العرب والمسلمين.

الكاتب