عقدة دولة الإمارات "المرتعدة"

عقدة دولة الإمارات "المرتعدة"

محمود سلطان - المصريون

لابد أن نفرق بين الشعب الإماراتي ومشايخ الإمارات.. الأول من أطيب الشعوب الخليجية.. أما الشيوخ فحدث ولا حرج!  

الإمارات "الرسمية" عندها العشرات من "العُقد".. أبرزها عقدتها من جارتها "قطر"، بسبب قناة الجزيرة، والتي يعتبرها البعض، قاطرة التغيير في العالم العربي.. و"العقدة" ـ هنا ـ تتسع وتمسي مثل وخز الإبر على أسرة مشايخ الإمارات "المرتعدة" من الثورات العربية، حيث تعتبر "الجزيرة" جزءًا من حراك القوى العربية الشابة الجديدة، التي هزت عروش أباطرة، لا يمكن مقارنتها بعروش مشايخ عائمين فوق حضارة "خرسانية ـ أسمنتية" هشة.

مشكلة الكروش والجيوب المنتفخة بأموال "كسولة" وقوة اقتصادية طفيلية "النفط".. مشكلتها الأساسية مع زلزال الربيع العربي.. وهو زلزال صنعته ـ باستثناء سوريا وليبيا ـ قوى ناعمة في الدولتين الأكثر تحضرًا في العالم العربي: مصر وتونس. مشايخ الإمارات لا يملكون قوى ناعمة قادرة على التأثير وتغيير وجهة التطورات صوب إجهاض طاقة الشباب المتدفقة، لتحقيق انتصار ساحق على التيار الظلامي الذي التصق على العروش المترعة بزيت النفط المسروق من الشعوب، وإنفاقه على ملذات أصحاب السمو والفخامة، في حماية أجهزة أمنية فاسدة وغير وطنية: لاحظ هنا أن أعلى مسؤول أمني في الإمارات ليس إماراتيًا، إنما محمد دحلان الجنرال الفلسطيني الهارب من قضايا فساد ارتكبها أثناء وجوده في سلطة "رام الله".

تفاقمت عقدة الإمارات الرسمية، وتطورت لتمسي مواجهة بين إبداع قطري خالص "الجزيرة" وبين عقل إماراتي رسمي اتكالي وكسول، مؤسس على عقيدة أن كل شيء يمكن شراؤه بالمال، حتى المرتزقة الأمنيين، سيما التي تخلو سيرتهم الذاتية من أي شرف أمني وطني.. على أساس أن "قليل الشرف" لن يكون متعبًا، في إقناعه بالعمل في خدمة قصور السلطة الطفيلية.  

الإمارات باتت تشعر بالخجل من منتجها الوطني "الثرثار" ضاحي خلفان.. ما عمق عقدتها بشأن إحساسها بالدونية أمام قوى خليجية ناهضة من حولها.. فما عساها أن تفعل؟!

المال السياسي الإماراتي فشل في إجهاض التجربة التونسية، وتقدم الأخيرة الآن نموذجًا يغسل عار العرب الذي ما انفك يلاحقهم منذ أكثر من ستة عقود مضت، والمال السياسي الإماراتي فشل في ليبيا، وكانت نتيجته جلب "داعش" لتتمدد وتتسع على الحدود المصرية ـ الليبية.. ودفع بليبيا نحو احتمال تقسيمها.. وحال حدوثه فلن يتوقف التقسيم عند حدودها، وسيضع مصر في بؤرة الخطوة التالية.

المال السياسي الإماراتي.. فشل في اليمن، ولم ينجح إلا في إحكام قبضة إيران على باب المندب، ووضع القاهرة ـ لأول مرة ـ تحت التهديد الإيراني المباشر لمجرى قناة السويس.

تفتش الآن الإمارات في دفاترها المتهرئة.. فلم تجد بعد هذا الفشل.. وبعد "المحروق" ضاحي خلفان.. إلا أن تعيد النفخ مجددًا فيما تسميه المخابرات الإماراتية مرة بـ"الملكة أحلام".. ومرة بـ"وسيم الإمارات" قاهر قلوب عذارى العرب.. وهي نكتة سخيفة، لأن من يتطلع في وجوه "الصفوة" في قصور السلطة، يتأكد بأنها بلد وهبه الله شعبًا طيبًا.. ولكن نخبته ونجوم السياسة والمجتمع محرومون من نعمة "الوسامة".

الكاتب