بعد استقبالها 15 سجينا من جوانتانامو .. الامارات خيار أمريكا الجديد لتعذيب المعتقلين؟

بعد استقبالها 15 سجينا من جوانتانامو .. الامارات خيار أمريكا الجديد لتعذيب المعتقلين؟

خاص - شؤون إماراتية


أثار إعلان الولايات المتحدة الامريكية تنسيقها مع دولة الإمارات لنقل 15 سجيناً من معتقل جوانتانامو سيء الصيت إلى سجون أبو ظبي، تساؤلات حول تحول الامارات إلى "جوانتانامو" رسمي لأمريكا، لتعذيب المعتقلين العرب والمسلمين لانتزاع الاعترافات منهم، على غرار ما كان يفعل مدير مخابرات مصر الراحل.
وأثار كشف مستشار بن زايد الدكتور عبد الخالق عبد الله عن إن "هناك مقايضة سخية وراء استقبال المعتقلين"، تساؤلات حول عثور أمريكا على بديل لمصر لتعذيب المعتقلين في الامارات التي تشتهر بأن بها "جوانتانامو" أخر لمعتقليها من الاصلاحيين.
وكانت صحف ومؤرخ أمريكي كشفوا عن تفاصيل الدور الذي قامت به مصر في عهد الرئيس المخلوع مبارك لاستلام معتقلين من سجون امريكا لتعذيبهم في سجون مصر وانتزاع الاعترافات منهم، باعتبار أن هذا يثير جماعات حقوق الانسان في امريكا بينما في مصر يتبع النظام أساليب التعذيب كمنهج مع المصريين ومن السهولة القيام به مع اجانب.
ودفع هذا محامون ونشطاء مصريون في مايو 2012، منهم الناشط طارق زيدان رئيس ائتلاف ثورة مصر بلاغين للنائب العام عبد المجيد محمود، في ذلك الوقت ضد عمر سليمان مدير جهاز المخابرات السابق ونائب الرئيس السابق يتهمه فيهما بتعذيب مواطنين عرب لصالح المخابرات الأمريكية وقتله متظاهرين في ثورة 25 يناير.
حيث طالب البلاغ الأول برقم 7914 طالب التحقيق مع عمر سليمان بتهمة المشاركة، في تعذيب نحو مائتي من جنسيات عربية واسلامية مختلفة، لصالح جهاز المخابرات الأمريكية "CIA".
وتضمن البلاغ الثاني برقم 7915 المطالبة بالتحقيق معه في شأن صمته علي قتل المتظاهرين من أبناء الثورة، وفقا لشهادته أمام النيابة العامة واعترافه بأنه كان يبلغ الرئيس المخلوع أولا بأول بتقارير حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، حول الوضع بالبلد وتعامله مع الثورة وإطلاقه للرصاص على المتظاهرين.
وفي كتابه «مبدأ الواحد بالمائة one percent doctrine للصحفي الأمريكي رون سوسكيند Ron Suskind كشف فيه نص حوار جرى بين عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة بين عامي 1993و2001، وبين رئيس عمليات السى أى إيه في مصر في نهايات عام 2002 في الصفحتين رقم 132 و133 يؤكد استلام مصر المعتقلين لتعذيبهم في مصر.
وشرح سوسكيند، وهو حاصل على جائزة بوليتزر للصحافة، في كتابه تفاصيل كثيرة ومهمة للخدمات التي قدمها النظام المصري السابق خاصة فيما يتعلق بالتعذيب بالوكالة.
أيضا سبق لمجلة فورين بوليسي الأمريكية أن منحت "سليمان" لقب أقوى أشباح التجسس في منطقة الشرق الأوسط، كما وصفه الصحفي البريطاني ستيفن غراي الحائز على جوائز دولية في الصحافة الاستقصائية في كتابه (الطائرة الشبح) بأنه "جلاد تعذيب دولي".
التعذيب بالوكالة
وبدأت فكرة التعذيب بالوكالة، التي اتبعتها امريكا مع مصر وباكستان وتتجه حاليا لاتباعها مع الامارات، الي خطة اعتمدها في يونيو 1995 الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تقوم على اختطاف وتعذيب كل مشتبه به بممارسة الإرهاب حول العالم، كان يشرف عليها "ساندي بيرغر" مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي.
وبحسب كتاب (الطائرة الشبح)، طلب "بيرغر" من عمر سليمان المساعدة في خطف مصري من كرواتيا في 13 سبتمبر 1995 هو طلعت فؤاد قاسم الذي نقل إلى سجن أبو زعبل شرقي القاهرة وتمت تصفيته هناك.
وكشف الكتاب أيضا عن تعذيب سليمان شخصيا للمعتقل الاسترالي السابق ممدوح حبيب في القاهرة حيث نقلته إحدى طائرات الشبح من باكستان إلى مبنى المخابرات وهناك مارس معه سليمان أبشع أنواع التعذيب وفشل في إرغامه على الاعتراف بارتكاب جرائم إرهاب بعينها ولم يكن أمام مدير المخابرات سوى أن يقتله، بحسب الكتاب.
ورصد الكتاب 48 رحلة طيران بين مطارات مصرية وأمريكية لنقل السجناء في الفترة من 18 يناير 2001 إلي 2 أغسطس 2005 ، وكشف نقلاً عن تقرير لهيومان رايتس ووتش صدر في 2005 عن استقبال مصر 70 سجيناً على أراضيها لتعذيبهم.
الامارات مقر جديد لجوانتانامو
ولأن الرئيس باراك أوباما وعد قبل 8 سنوات بإغلاق المعتقل الشهير الذي أحرج واشنطن بعد أن أصبح وصمة سوداء في تاريخ حقوق الإنسان بالولايات المتحدة، فقد بدأ في التواصل مع دول عربية معروفة بالتعذيب لاستضافة بعض السجناء بدعاوي "إعادة تأهيلهم".
وهو ما دفع البنتاغون للقول في بيان إن واشنطن "تعرب عن امتنانها لحكومة الإمارات العربية المتحدة لهذه اللفتة الإنسانية ولإرادتها دعم الجهود المتواصلة للولايات المتحدة لإغلاق معتقل غوانتانامو".
وكانت أبو ظبي استقبلت 5 يمنيين قيل أيضا أنهم مرّوا بعملية "إعادة تأهيل" تشرف عليها الدولة، وقالت إنه لم تصدر شكاوى من سوء المعاملة عن أي منهم.

ولم يُعلق المسؤولون الإماراتيون على أسباب استقبالهم هؤلاء المعتقلون الجدد، وهو 12 يمنياً و3 أفغان، تتراوح أعمارهم بين 36 عاماً و50، معظمهم دخل غوانتنامو مطلع العشرينات من العمر، ولكن مستشار بن زايد كشف تفاصيل غريبة.
ففي سلسلة تغريدات كتبها د. عبد الله قال إن "الدافع الثاني لاستقبال سجناء غوانتانامو سياسي حيث يأتي بطلب من امريكا الدولة الصديقة التي شكرت الامارات واعتقد هناك مقايضة سياسية سخية".
 وذكر أن هذه ليست اول مرة تستقبل الامارات سجناء غوانتانامو فقد سبق ان استقبلت 5 سجناء قبل سنة دول اخرى استقبلتهم بريطانيا وسويسرا وجورجيا واروغواي.
وزعم أن "اهم دافع لاستقبال سجناء غوانتانامو دافع انساني فقد عانى بعضهم من الاعتقال دون وجه حق ولا يمكنهم العودة لدوله بسبب اوضاعها المضطربة"، ولكنه قال إن "من ضوابط استقبال الامارات الموافقة على وضعهم تحت مراقبة 24 ساعة وتحديد نطاق تحركهم الجغرافي ومراقبة اتصالاتهم وخضوعهم لدورة تأهيل متواصلة".
وكانت منظمة العفو الدولية أعلنت قبل ساعات أن الولايات المتحدة ستفرج عن 15 معتقلاً في غوانتانامو وترسلهم إلى الإمارات، وهو أكبر عدد من المعتقلين يتم الإفراج عنهم في وقت واحد في عهد إدارة أوباما، حيث سيبقى داخل هذا السجن الأميركي في كوبا 61 معتقلاً، مقابل 242 معتقلاً عندما وصل اوباما إلى السلطة.

جوانتانامو الإمارات
 وأثار قرار الامارات استقبال هؤلاء المعتقلين في سجون الدولة تعليقات ساخرة من ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي واصفين نقلهم من سجن جوانتانامو في كوبا إلى سجون أبو ظبي بأنه "جوانتانامو الامارات"، وهي التسمية التي تطلق على سجن الرزين المعروف بأنه يشهد تعذيب وحشي وسيء السمعة بالنسبة لمعتقلي الرأي الإماراتيين والمقيمين على حد سواء.
 وعلق ناشطون بالقول: "لو تركوهم في جوانتانامو أفضل من الإمارات"، حيث يتعرض معتقلي الرأي في الامارات لصنوف واسعة من سوء المعاملة والتعذيب ما دفع المقرر الأممي الخاص بالتعذيب "خوان موديز" لطلب زيارة سجن الرزين والسجون الأخرى للتحقيق في بلاغات التعذيب التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها بلاغات خطيرة جدا.
وقال أخرون أن قبول الإمارات باستقبال معتقلي جوانتانامو يدخل في سياق امتصاص التوتر بين واشنطن وأبو ظبي في أعقاب الكشف عن انتهاك أبو ظبي لحظر السلاح المفروض على ليبيا عبر نقلا شحنات للمتمرد خليفه حفتر، كما أنه قد يكون مقابل لتغاضي واشنطن عن كشف تدخلات إماراتية في انقلاب تركيا، مشيرين لقول مستشار بن زايد أنها "مقايضة سخية".
واحتل سجن "الرزين" بإمارة أبو ظبي عاصمة الإمارات، المركز الأول بقائمة السجون العشرة الأسوأ سمعة في الوطن العربي، بحسب تصنيف المركز الدولي لدراسات السجون.
 وقال المركز في تقريره السنوي إن المحبوسين في سجن "الرزين" الإماراتي، يواجهون أعتى ممارسات الانتهاكات من قبل السلطات، حيث يواجه المئات من المعتقلين السياسيين الإماراتيين أحكاما مشددة عقابا على مطالبتهم بالإصلاح، إذ يعتاد هؤلاء على اقتحام الحراس للزنازين وضربهم ومصادرة مقتنياتهم، وإغلاق نوافذ كافة الزنازين بالطوب لمنع دخول أشعة الشمس".
ويتعرض المعتقلون داخل سجون الإمارات عامة، وسجن الرزين خاصة لسلسلة من الانتهاكات، من بينها نزع كافة ملابسهم الداخلية والتعرية التامة أمام الشرطيين من أجل الخضوع للتفتيش، فضلا عن حفلات التعذيب التي تشمل الضرب بالكرابيج، ووضع العصا في الدبر، ونزع الأظافر، والكي بالكهرباء، والضرب المبرح.
كما يعاني المعتقلون السياسيون في سجن الرزين، من انتهاكات منها التعذيب الجسدي والنفسي، والتبريد الشديد، والحرمان من النوم، ومنع الأضواء، وسياسة التجويع، والمنع من الزيارة. ومعظم المعتقلين في سجن الرزين، صدرت بحقهم أحكام مشددة إثر مطالبتهم بالإصلاح السياسي في الدولة وانتخاب مجلس وطني كامل الصلاحيات.
وأضاف التقرير: "إنه نظرا لوحشية التعذيب الممارس فيه، غدا يطلق على السجن، جوانتانامو الإمارات، تشبيها للفظائع الحقوقية التي تمارس في ذلك السجن وتكرارها في سجن الرزين".
وفي اكتوبر 2015، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، ومنظمات حقوقية بصرخات الغضب في أعقاب بث فيديو فيلم وثائقي لما يجري من عمليات تعذيب لأبناء الامارات في سجون بلادهم خاصة سجن "الرزين"، وطالبوا بوقف هذه الانتهاكات ومحاكمة من أمر بها وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وقد أكد "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق" في بيان على رفضه ومطالبته بالإيقاف الفوري للانتهاكات التي تمارسها قوى الأمن وإدارات السجون والتي ترقى إلى جريمة التعذيب.
فيديو جوانتانامو الامارات؟

وحقق فيديو "جوانتانامو الإمارات" الذي أنتجته "شؤون إماراتية" رواجاً كبيراً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء حقوقيون إماراتيون، إذ يحاكي حقيقة ما يحدث في سجن الرزين سيء السمعة في الإمارات وما يتعرض له المعتقلين هناك من سوء معاملة وانتهاك لحقوق الإنسان، حيث صورت المشاهد على حسب روايات المعتقلين على النحو التالي:

 

وشبه الفيديو السجن بأنه "جوانتانامو الأمريكي"، وأطلقوا على المقطع اسم "جوانتانامو الإمارات"، حيث سلط الضوء على معاناة سجناء الرأي الإماراتيين، من خلال محاكاة لحقيقة ما يحدث في سجن الرزين، وما يتعرض له المعتقلين هناك من سوء معاملة، وانتهاك لحقوق الإنسان، حيث صورت المشاهد بالفيديو وفقًا لروايات معتقلين مفرج عنهم.
وقال ناشطون أن سجن جوانتامو هو ما يجب أن يحاكي تسمية سجن الرزين كون هذا السجن الذي يقع في صحراء أبو ظبي فاقت فيه ظروف السجن والتعذيب السجون العالمية ذات السمعة السيئة.
حيث يقضي عشرات من معتقلي الرأي في الإمارات من القضية المعروفة إعلاميا ال ”94″ عقوبة بالسجن تتراوح بين (5-7-10) سنوات نتيجة حكم دائرة أمن الدولة التي وصفتها منظمات حقوق الإنسان بالمحاكمة المسيسة بمزاعم تشكيل “تنظيم سري يهدف إلى قلب نظام الحكم في الدولة”، انتقاما من المعتقلين الذين وقعوا على عريضة موجهة لرئيس الدولة في مارس 2011 تطالب بتطوير تجربة المجلس الوطني الاتحادي.
وفي المقطع الذي حاز على ما يقارب 26 ألف مشاهدة على موقع تداول الفيديوهات يوتيوب ظهرت الظروف القاسية للمعتقلين، بالإضافة لمعاناة عائلاتهم وأطفالهم الذين حرموا من زيارة والديهم منذ بدأ الإمارات حملة اعتقالات واسعة في صفوف المرتبطين بجمعية "الإصلاح".

الكاتب