بـ 15 مليون دولار .. دعمت الإمارات الشركة الاسرائلية لإنتاج فايروس "بيغاسوس" لمراقبة الناشطين .. واختراق هاتف الناشط أحمد منصور

بـ 15 مليون دولار .. دعمت الإمارات الشركة الاسرائلية لإنتاج فايروس "بيغاسوس" لمراقبة الناشطين .. واختراق هاتف الناشط أحمد منصور

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا معلوماتيا يكشف شراء أبوظبي برامج مراقبة إسرائيلية للتجسس على الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان الإماراتيين .

ويشير تقرير المجلة المستند إلى تحقيق علمي موثق صادر عن "سيتزين لاب" المتخصص في أمن المعلومات، إلى سعي الحكومة لكبح جماح الناشطين والحقوقيين من خلال التنصت على هواتفهم ومكالماتهم، وقراءة الرسائل النصية الخاصة بهم، والتجسس على لقاءاتهم. ويستغرب التقرير، مدى "جسارة" الأمن في الذهاب إلى هذا الحد ضد الناشطين عموما، ضاربا مثالا بالناشط الحقوقي أحمد منصور.

"أسرار جديدة عن تعذيب المواطنين في سجون الدولة،" هي مضمون نحو 10 رسائل نصية قصيرة وصلت منصور، وتضمنت وصلة ضغط عليها، فحولت هاتفه إلى أداة مراقبة قوية لصالح الحكومة الإماراتية وفق ما يعتقد مراقبون .

أحمد منصور هو واحد من بين عشرات ناشطين إماراتيين ومقيمين يتم استهدافهم بمثل برامج التجسس والاختراق هذه، من قبيل الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، خاصة أن الحكومات أصبحت أكثر وعيا بأدوات مراقبة الهواتف الذكية بمثل برنامج  "بيغاسوس" .

وإضافة إلى التجسس على الناشطين، فقد وجد باحثون صلة بين استخدام "بيغاسوس" وحملة قرصنة في وقت سابق في الإمارات، أطلق عليها اسم "ستيلث فالكون". وأشارت "فورين بوليسي" أن سفارة دولة الإمارات في واشنطن رفضت التعليق على هذه التقارير .

برنامج "بيغاسوس"

"بيغاسوس" كان البرامج الذي تم استهداف منصور به. وهو برنامج  يسمح لمشغله القيام بتسجيل المكالمات الهاتفية واعتراض الرسائل النصية، بما فيها الرسائل على البرامج المشفرة   اسميا مثل فايبر والواتس أب. ويمكن لهذا البرنامج قراءة  الكتب ورسائل البريد الإلكتروني. يمكن للبرنامج تحركات الناشطين، من خلال استخدام كاميرا الهاتف والميكروفون من جانب البرنامج.

برنامج "بيغاسوس" يستخدم نظام تشغيل الهواتف المحمولة ويحول "آي فون" إلى أدوات مراقبة متعددة الوظائف ذات قدرة عالية. ويصبح أداة للتجسس بشكل فعال على مدار ال24 ساعة. في الماضي، كان التجسس يتطلب فريق كبير من العناصر وموارد ضخمة، وأجهزة مخابرات تكافح لتثبيت مكبرات الصوت في الجدران. أما الآن، فالنشطاء في دولة مثل الإمارات  عرضة لكل ما سبق من خلال اختراق الهاتف فقط.

والآن، تكلفة مراقبة الناس أقل بكثير من تكلفة مراقبتهم في الثمانينيات مثلا، حيث كان يفعل جهاز أمن الدولة.

وتصف المجلة برنامج "بيغاسوس" بأنه يعكس لعبة القط والفأر، وكذلك الحكومات التي تشتري برامج  مصممة لسرقة البيانات الشخصية، فتقوم  الشركات بتصميم برامج للحفاظ على هذه المعلومات .

هذه التفاصيل الواردة في تحقيق "سيتزين لاب" تؤكد أن هاتف منصور الـ"آي فون" تعرض  أيضا لهجوم من برنامج يسمى (zero-day)، وقد نبهت "سيتزين لاب" شركة آبل عن هذه الثغرة والعيب، فقامت بتصحيحه. وتقول "فورين بوليسيط نقاط ضعف (Zero-day) نادرة للغاية، وتؤكد أن البرمجيات الخبيثة التي استهدفت منصور مصممة في إسرائيل، وهي مملوكة  لـ"مكتب الإحصاء الوطني" الذي قام بتغيير اسمه أكثر من مرة .

المكتب الوطني للإحصاء وإسرائيل

وقالت "مجموعة المكتب الوطني للإحصاء"، وهي بائع لبرامج المراقبة والتجسس الإسرائيلية، في بيان إن مهمتها "جعل العالم مكانا أكثر أمنا من خلال توفير التكنولوجيا للحكومات لتساعدها  "في مكافحة الإرهاب والجريمة". وقالت إن: الشركة ليس لديها معرفة بحالات محددة استخدمت فيها تقنيتها، زاعمة أن منتجاتها "يمكن استخدامها فقط لمنع الجرائم والتحقيق فيها."

هذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها استهداف منصور بالبرمجيات الخبيثة المطورة من قبل شركة استخبارات خاصةفي عام 2011، قال إنه تعرض للهجوم من برامج "FinFisher"، وهي شركة مقرها في ألمانيا والمملكة المتحدة. وفي عام 2012، قال إنه كان مستهدفا من برامج (Hacking Team) وهي شركة إيطالية، اخترقت العام الماضي بهجوم تخريبي رسائل البريد الإلكتروني الداخلية على شبكة الانترنت لناشطينواتهم باحثون الحكومة الإماراتية باستخدام البرمجيات الخبيثة المتطورة لمراقبة منصور .

استثمار أبوظبي بالبرامج الإسرائيلية

تقول "فورين بوليسي": من غير الواضح كم الأموال التي دفعتها أبوظبي للشركة الإسرائيلية التي أنتجت "بيغاسوس"، ومجموعة المكتب الوطني للإحصاء. لكن مصادر رجحت أن العقد يتراوح  من 10 مليون دولار إلى 15 مليون دولار وأكدت المصادر، أن أبوظي استأجرت "مكتب الإحصاء الوطني" الإسرائيلي من أجل مراقبة .

وذكر "مكتب الإحصاء الوطني" أنه يبيع أدوات المراقبة للحكومات في جميع أنحاء العالم، وأن أبوظبي  واحدة من أكبر عملائه.

وعرفت "فورين بوليس" أحمد منصور بأنه ناشط بارز ومعترف بها دوليا في مجال حقوق الإنسان. وقد حصل على جائزة مارتن إينالز الحقوقية الدولية المرموقة. وكان واحدا من  خمسة اعتقلوا وسجنوا عام 2011 في ذروة الربيع العربي لآرائه الوطنية والمتعلقة بحقوق الإنسان المدنية .

ويعرف مدى الهوس الأمني لدى أمن الدولة تجاه المدونين والكتاب والنشطاء والإصلاحيين ، والذين تعتقل منهم العشرات في سجونها السرية ، تحت ظروف غاية في الصعوبة  .

الكاتب