المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان يصدر تقريرا بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري في الإمارات

المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان يصدر تقريرا بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري في الإمارات

أصدر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان تقريرا بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري ، وجاء في التقرير إدانة لأجهزة الأمن الإماراتية لانتهاكها حقوق الإنسان وخرق المبادئ والقواعد الإنسانية في معاملتها للمعتقلين .

وجاء في التقرير .. تفاخر سلطات الإمارات العربية المتحدة من خلال تقريرها الثاني للاستعراض الدوري الشامل المؤرخ في 2 نوفمبر 2012 بنشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها وبناء قدرات المنتسبين لوزارة الداخلية في مجال حقوق الإنسان ودراسة انضمامها لاتفاقيات أممية وتركيز هيئات حقوقية رقابية وتقدمها في سلم المؤشرات الدولية ومساهمتها السخيّة في تمويل الصندوق الأممي الخاص بالتبرعات لضحايا التعذيب .

غير أنّ ما يقع في سجون دولة الإمارات العربية المتحدة كانت علنية أو سريّة من تعذيب ومن معاملة أو عقوبة لاإنسانية أو مهينة أو حاطّة من الكرامة وباقي الانتهاكات الجسيمة يقطع بالتباعد بين ما تصرّح به سلطات الإمارات وما يقع على أرض الواقع .

فلقد تخلّت السجون الإمارتية عن وظيفتها في إصلاح المساجين وتأهيلهم ومرافقتهم من أجل إعادة إدماجهم كلّما تعلّق الأمر بالسجناء من المعارضين والناشطين حقوقيا.

وكثيرا ما تقوم سلطات الإمارات العربية المتحدة بخرق كافة المبادئ والقواعد ذات الصلة بالاحتجاز أو السجن من مثل المهمة التأهيلية والإصلاحية للسجون والتي أكّدت عليها المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي لم تنضم له الإمارات ولم تصادق عليه حتى هذا التاريخ.

كما نجد خرقا للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي صادق عليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بموجب قراره عدد 663 المؤرخ في 31 يوليو 1957 ونجد من ضمنها القاعدة عدد 24 والتي أكّدت على أن " يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني ".

كما خالفت سلطات الإمارات العربية المتحدة أحكام المادة 2 من مدوّنة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/169 المؤرخ في 17 ديسمبر 1979 والتي أوجبت على مأموري الضبط القضائي " احترام وحماية الكرامة الإنسانية والحفاظ على حقوق الإنسان واحترامها لدى جميع الأشخاص ".

ورغم اتجاه المجتمع المتحضر والمتمدن إلى تركيز تدابير غير احتجازية وتعرف بقواعد طوكيو كبدائل فعالة للسجن وتمكين السلطات من تكييف العقوبات الجنائيـة بحسب احتياجات الفرد على النحو الذي يتناسب والجريمة المرتكبة من أجل إبقائه حرا وتمكينه من ثم من مواصلة العمل والدراسة والحياة الأسرية نجد دولة الإمارات تتجه في الاتجاه المعاكس بالتشديد على السجناء من المعارضين والناشطين الحقوقيين والمدونين وفيهم خبراء ومحامون وأكاديميون وقضاة سابقون وغيرهم من نخبة دولة الإمارات وخيرتها والذين يقبعون في السجون بعد مخاطبتهم لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بالمبادرة بإصلاحات سياسية والتمكين للحقوق والحريات بالإمارات .

ولقد تعرّضوا قبل إيداعهم سجون الإمارات ومنها سجن الوثبة والرزين والصدر للاختفاء القسري والاعتقال التعسّفي بمراكز احتجاز سريّة كما تعرّضوا للتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة التي نالت من أمانهم وحريتهم وآدميتهم كما طالت البعض منهم أحكاما جائرة نهائية صدرت عن قضاء أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في محاكمة تفتقر لأبسط ضمانات المحاكمة العادلة.

وتواصل التنكيل بمعتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين بعد إيداعهم بسجون الرزين والوثبة وحرمانهم من جميع الحقوق المخولة للمساجين.

وخصّت سلطات الإمارات المعتقلين ضمن القضية المعروفة "إمارات 94 " بالتشديد والتنكيل وغير ذلك من ضروب التضييق والمعاملة المهينة وتواصل السلطات ممارسة هذه الانتهاكات والنيل من حقوق كل من يعتقل بسبب آرائه في هذه القضية وغيرها. 

كما تعمد سلطات السجون إلى انتهاك حقوق معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان وأهاليهم فحوّلت سلطات الإمارات سجونها إلى سجون سيئة السيرة والسمعة وسجون كريهة دفع بالبعض إلى تسمية سجن الرزين على سبيل الذكر «بغوانتنامو الإمارات".

1 – أهداف التقرير ومنهجيته

يحرص هذا التقرير على أن ينقل ما يقع داخل سجون الإمارات من انتهاكات لحقوق الإنسان ولحقوق المساجين وخاصة المعارضين منهم والناشطين الحقوقيين في خرق للدستور الإماراتي والقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة.

ويستند هذا التقرير لجملة الشكاوى والمظالم التي وصلت للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان من سجناء إمارتيين وغير إمارتيين ومن أهاليهم ومن ناشطين حقوقيين داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما يستند إلى تقارير منظمات حقوقية دولية رصدت انتهاكات لحقوق الإنسان بدولة الإمارات العربية المتحدة وتقرير المقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحاماة بعد زيارتها سنة 2014 لدولة الإمارات وتقارير صدرت عن الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والبرلمان الأوروبي.

ويتناول التقرير الإطار التشريعي المنظم للسجون بدولة الإمارات ومدى تطابقه مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي صادق عليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بموجب قراره عدد 663 جيم المؤرخ في 31 يوليو 1957 ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والتي اعتمدت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد 43/173 بتاريخ 9 ديسمبر 1988 والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء  والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد 45/111 بتاريخ 14 ديسمبر 1990.

كما يعدّد التقرير جملة الانتهاكات التي نالت من حقوق سجناء الرأي والناشطين الحقوقيين القابعين في السجون بدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويختتم التقرير بعرض مجموعة التوصيات التي من شأن الالتزام بها أن يرفع الانتهاكات التي طالت المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين ويضمن عدم تكرارها ويحسّن من أوضاع السجون والسجناء ويجعلها حافظة لكرامة المساجين ولآدميتهم.

  2 – الإطار التشريعي الخاص بالسجون وبمعاملة السجناء بدولة الإمارات العربية المتحدة 

دستور الإمارات العربية المتحدة 

لقد تطرّق الدستور الإماراتي إلى مجموعة حقوق وحريات لها علاقة بشكل غير مباشر بحقوق المساجين ومنها " ألا يعرّض أي إنسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة من الكرامة " (المادة26) ومنع " إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا " (المادة28) ودسترة حقّ " كلّ إنسان بأن يتقدم بالشكوى إلى جهات مختصة بما في ذلك الجهات القضائية من امتهان الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الباب " (المادة41).

قانون اتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية

والذي قرّر تبعية المنشآت العقابية لوزارة الداخلية ( المادة 4 ) كما قررّ رقابة النيابة العامة على المنشآت العقابية ( المادة 10) وعدّد مجموعة من الحقوق للمساجين أهمّها الحقّ في التقدم بشكاوى وتبليغها للنيابة العامة ( المادة 9 – 11 ) وفي مقابلة عضو النيابة العامة وغير ذلك من الجهات التفتيشية ( المادة 10 ) والحقّ في الملابس والغذاء وفي مقابلة زائريهم والحق في مقابلة المحامي على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة المختصة ( المادة 23 ) والحق في الرعاية الصحيّة والتفقد الصحي للمنشأة العقابية وعيادة خاصة بالسجن وسجل خاص بالوضع الصحّي للمسجون والإفراج الصحي ( المادة 29 – 30 – 32 ) والحق في الحصول على أدوات النظافة والرياضة وساعتان في الهواء الطلق ( المادة 30 ) والحق في مكان تقام فيه الصلوات وفي تعليم وتدريب مهني وفي الكتب والصحف والمجلات .

كما تناول القانون في فصله الخامس تأديب المساجين وسلّم العقوبات وأكّد على " واجب إجراء تحقيق يتضمّن مواجهة المسجون بالفعل المنسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ( المادة 39).

وجاءت اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 43 وبتاريخ 12 سبتمبر 1995 لتتناول جميع الحقوق بكثير من التفصيل. 

مآخذ المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان على الإطار التشريعي الخاص بالسجون 

عدم دسترة حقوق المساجين والوظيفة التأهيلية للسجون:

على خلاف عديد الدساتير لم تبادر السلطات الإمارتية بإدراج حقوق السجين بشكل مباشر والضمانات المخوّلة له ضمن دستور الإمارات العربية المتحدة فالدستور المصري على سبيل الذكر نجده قد خصّ حقوق السجين بمادة دستورية هي المادة عدد 56 من دستور سنة 2014 والتي أكّدت على أنّ " السجن دار إصلاح وتأهيل وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي ويحظر فيها كلّ ما ينافي كرامة الإنسان أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليهم وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم ".

كما خصّ الدستور التونسي حقوق السجين بالمادة 30 من الدستور التونسي:" لكلّ سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته. تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة الأسرة وتعمل على إعادة تأهيل السجين وإدماجه في المجتمع ".

غياب الإشراف القضائي المستقل والنزيه على المنشآت العقابية:

اختارت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة جعل المنشآت العقابية تحت سلطة وزارة الداخلية وذلك عملا بالمادة الرابعة من قانون المنشآت العقابية وهو الأمر الذي يضاعف في مخاطر انتهاك حقوق المساجين خاصة وأنّ وزارة الإشراف هي وزارة أمنية تميل وتجنح نحو التعامل الأمني مع المساجين بعيدا عن التعامل الإنساني وعدم النيل من كرامة المسجون.

وتجنبا لمثل هذه التهديدات التي قد تنال من حقوق المساجين اختارت عديد الدول ومن أجل الفصل بين الشرطة والسجون جعل المنشآت العقابية والسجون تحت إشراف وزارة العدل والتي يفترض فيها الحرص على أنسنة السجون وتأمين كرامة المساجين وعدم النيل من حقوقهم.

أمّا بخصوص رقابة النيابة العامة على المنشآت العقابية فلقد سبق للمقررة الأممية الخاصة المعنية باستقلال القضاء والمحاماة أن أكدت عقب زيارتها دولة الإمارات العربية المتحدة من أنّ تركيز مثل هذه المهام بهذا الشكل في يد النيابة العامة يثير قلقها لأنّه قد يحول دون استقلال التحقيقات والإجراءات الجنائية ونزاهتها.

فالنيابة العامة بدولة الإمارات العربية المتحدة هي ليست بالقضاء المستقل ولا النزيه بل هي من قبيل القضاء المتحكم فيه من قبل السلطة التنفيذية والتابع لها تبعية مطلقة سواء كان ذلك بالتسمية أو الترقية أو النقلة أو التأديب في مخالفة صريحة للمبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا من 27 آب/أغسطس إلى 7أيلول/سبتمبر 1990.

ولقد بلغ للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان تخلي النيابة العامة بدولة الإمارات العربية المتحدة عن جميع صلاحياتها كلّما تعلّق الأمر بسجناء معارضين وناشطين حقوقيين فلا تتحرى في إدعاءات التعذيب وسوء المعاملة كما لا تتنقل لمراكز الاحتجاز والسجون لمعاينة أوضاع المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتخشى النيابة العامة من سطوة جهاز أمن الدولة وآذاه فالترقية في الجهاز القضائي يحتاج لموافقة أمنية وهو ما جعل القاضي ووكيل النيابة العامة أقل درجة من محقق جهاز أمن الدولة الذي يتحكّم بقرار ترقيتهم وقد يتسبب بتقاريره في إبعادهم وعقابهم وتجميد تدرجهم المهني في حال أصر أيّا منهم على وجود انتهاك من نوع ما أو طلب التحقيق حوله .

  3 –انتهاك السلطات المسؤولة عن السجون بالإمارات لحقوق السجناء 

السجون السريّة 

من أهم الانتهاكات التي تطال المعتقلين والسجناء وخاصة منهم المعارضين الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان هي نقلهم واحتجازهم بمراكز احتجاز سريّة ودون قرار قضائي يقضي بذلك كما دون إشعار لذوي المعتقل بمكان اعتقاله 

وهو ما يمثل جريمة طبق الفصل 240 من قانون العقوبات الإماراتي والذي أكّد على أنّه " يعاقب بالحبس كلّ موظف عام أو مكلف بخدمة عامة قبض على شخص أو حبسه أو حجزه في غير الأحوال التي ينص عليها القانون ".

كما يمثّل الاحتجاز لمعتقلين في مراكز احتفاظ وسجون سريّة بعيدا عن الرقابة القضائية المستقلة والنزيهة وعن عائلات المعتقلين ومنظمات المجتمع المدني جريمة الاختفاء القسري طبقا لأحكام الاتفاقية الأممية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي لم تنضمّ لها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى هذا التاريخ وذلك حتى لا تسأل بأحكامها.

ومن المعلوم أن اعتقال أي شخص بشكل تعسفي وإيداعه سجنا مجهول العنوان وفي معزل عن العالم هو خرق للاتفاقيات الدولية ذات الشأن وانتهاك لحق المعتقل وهي تعرض سلامته وحياته للخطر. وهم أشخاص تم اختطافهم أو اختفائهم دون إبلاغ ذويهم أو منظمات حقوق الإنسان الدولية بمكان احتجازهم أو التهم الموجهة إليهم وتكون عملية احتجازهم نوع من العقوبة أحيانا وغالبا ما تكون مقدمة لمشوار طويل ومنهك داخل السجون يبدأ بالتعذيب الشديد لافتكاك الاعترافات دون رقيب ولا حسيب خصوصا مع نفي السلطات احتجازها له في أغلب الأحيان سوى ما يقع تحت الضغط الدولي. 

والسجون السرية بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي يخفي فيها جهاز الأمن المعتقلين غير معلومة لكن من خلال إفادات الكثير ممن خرجوا من هذه السجون فإن أشهرها يقع في المبنى الرئيسي لجهاز أمن الدولة حيث لا يستطيع أحد الدخول له أو الوصول إليه سوى العاملين في هذا المبنى ويقع في إمارة أبو ظبي على شارع الخليج العربي ويبعد عن مطار أبو ظبي الدولي حوالي ربع ساعة بالسيارة، وتتم فيه أغلب الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون قبل المحاكمات، والغرف فيه انفرادية والحراس فيه من الجنسية النيبالية. وهم يقومون بنقل السجين من زنزانته الانفرادية لغرف التحقيق أو التعذيب أو لدورات المياه، وحركة المعتقل بين هذه الأماكن تكون وهو معصوب العينين ومقيد اليدين والرجلين.

وهناك من يقبع في هذا المعتقل لمدة سنوات دون محاكمة أو عرض على النيابة العامة، ومنهم من يخرج دون محاكمات ولكن بسبب التعذيب تكون حالته النفسية والعقلية غير مستقرة بسبب ما تعرض له من تعذيب.

وهناك بعض الحالات التي تم قتل المعتقل تحت التعذيب ولكن غالباً ما تتستر هذه الأجهزة على هذه الجريمة من خلال وصف الوفاة بأنها طبيعية وافتعال تقارير طبية تزّور السبب الحقيقي للوفاة وتردّها إلى أسباب طبيعية وتتكتم على آثار التعذيب وهو ما يقطع بوجود تواطأ طبي مع الجلادين.

ويشرف على التحقيق والتعذيب في هذه السجون أفراد من الجنسية الإماراتية وفي بعض الأحيان من جنسيات أخرى.

انتهاك الحق في السلامة البدنية والمعنوية للسجين 

بمطالعة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة نجد حظرا صريحا للتعذيب فلقد حجرت المادة 26 من الدستور تعريض " أي إنسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة " كما منعت المادة 28 من الدستور:" إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا." 

كما تأخّرت سلطات دولة الإمارات في الانضمام إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 19 يوليو 2012 والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1984وذلك بتاريخ 19جويلية/يوليو2012.

وأكدت المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب بأن لا استثناء للتعذيب فالتعذيب محرّم كليّة وليس ثمّة أي ظرف يبرر التعذيب ولا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

كما أقرّ المبدأ 11 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن " يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم في كافة الأوقـات معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصيلة ".

غير أنّ معاملة سلطات الإمارات العربية المتحدة للسجناء وخاصة منهم المعارضين والناشطين الحقوقيين رمت بكل المبادئ والقواعد المشار إليها سلفا ولم تلتزم بها بل حرصت على أن تسلط على المساجين السياسيين والناشطين الحقوقيين شتى صنوف التعذيب والإهانة وسوء المعاملة.

التقييد والضرب:

سبق للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن كشف عن بعض أسماء الموظفين الذين يمارسون التعذيب ويسيئون معاملة المعتقلين بسجن الرزين ومنهم من تعمّد بمعية غيره من أفراد السجن بتقييد المعتقلين من الأرجل والأيدي من الخلف بقيود حديدية وهو ما آلمهم وأوجعهم وترك ضررا وأثرا على أيديهم وأرجلهم.

وخالفت السلطات السجنية بدولة الإمارات بذلك مقتضيات المادة 33 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي أكدت على انّه:" لا يجوز أبدا استخدام أدوات تقييد الحرية كالأغلال والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب ".

ومن الموظفين بسجون دولة الإمارات العربية المتحدة من قام بإجلاس المساجين وهم مقيدون بساحة العنبر في وقت الظهيرة وعلى رؤوسهم أشعة الشمس الحارقة وهم فوق ذلك صائمون.

ومن الموظفين كذلك من تعمّد تفتيش أمتعة المعتقلين بقصد الإساءة والتشفي وخاصة إذا تعلّق الأمر بمساجين الرأي والنشطاء الحقوقيين فتجده يحرص على بعثرة أمتعة المعتقلين وعصر الشامبو والمعجون على أرضيات الغرف والرمي بالكراسي الموجودة على مرأى ومسمع منهم.

الحبس الانفرادي:

تتعمّد سلطات السجون بدولة الإمارات العربية المتحدة، كتدبير عقابي، وضع معتقلي الرأي بزنزانات انفرادية شبّهها البعض بالتوابيت من شدّة الضيق وشدة الحرارة، رائحتها كريهة وتنقصها التهوئة وهو ما جعل البعض يصف الحبس الانفرادي بسجون الإمارات العربية المتحدة " بالتعذيب الأبيض " وهو ضرب من ضروب التنكيل والتشفي من معتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين من أجل دفعهم للانهيار العصبي وللاكتئاب.

ويمنع عن المسجونين بالسجن الانفرادي الزيارة والاتصال بالعالم الخارجي ويحرمون من المصحف والجرائد والأوراق والأقلام كما يحرمون من حق التفسّح في الهواء الطلق.

ويستمر حبس الناشطين الحقوقيين والمعارضين السياسيين انفراديا لمدد طويلة تتجاوز أجل 7 أيام المقرر كسقف أقصى للحبس الانفرادي طبقا لقانون المنشآت العقابية بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد وضعت سلطات الإمارات العربية المتحدة عديد المساجين وخاصة منهم المشمولين بالقضية المعروفة ب" إمارات 94" بالزنزانات الانفرادية دون موجب غير التشفي والثأر من المعارضين الإصلاحيين والناشطين الحقوقيين.

ومن الذين سجنوا بالحبس الانفرادي نجد على سبيل الذكر لا الحصر الجامعي والحقوقي والمحامي د.محمد الركن وأحمد الحاج الكبيسي وسالم موسى الحليان ، منصور الاحمدي ، خليفة النعيمي ، علي الخاجه ، أحمد السويدي ، محمد الصديق ، فهد الهاجري، عبدالله الهاجري، د.هادف العويس، عبدالرحمن الحديدي، د.سيف العجلة ورجال الأعمال الليبيين وغيرهم. 

ولم تسمح السلطات السجنيّة بدولة الإمارات العربية المتحدة لهم بالدفاع عن أنفسهم قبل أن تسلّط عليهم عقوبة الحبس الانفرادي كما منعت عنهم الحقّ في التظلم أمام سلطة أعلى بقصد طلب مراجعة العقوبة وذلك طبقا للمبدأ 30 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن:" يكون للشخص المحتجز أو المسجون الحق في أن تسمع أقواله قبل اتخاذ الإجراء التأديبي ويحق له رفع هذا الإجراء إلى سلطات أعلى لمراجعته ". 

ومن المعلوم للكافة أثار الحبس الانفرادي وأضراره على السلامة النفسية للمساجين وتتراوح تلك الأعراض التي تمّ توثيقها بين الأرق والاضطراب إلى الهلوسة والذهان وترتفع المخاطر الصحيّة مع كل يوم إضافي بالحبس الانفرادي (بيان إسطنبول حول استعمال وآثار الحبس الانفرادي 2007)

التعذيب باستعمال مكبرات الصوت 

 تعمّدت سلطات السجون وخاصة بسجن الرزين تركيز مكبرات صوت في السجون وذلك لتشغيل موسيقى دعائية صاخبة جداً الهدف منها مدح حاكم أبو ظبي.

ويتمّ تشغيلها نهارا وليلا وأثناء نوم السجناء بقصد تحيير سجناء الرأي والناشطين الحقوقيين والذين يفيقون من نومهم هلعين ومضطربين.

ولقد سبق أن أصيب د. محمد الركن بحالة هلع بعد تشغيل مكبرات الصوت ليلا وبشكل فجئي ثم أغمي عليه بعدها ولمّا نقل إلى عيادة السجن تبيّن أنّه يعاني نتيجة مضخمات الصوت بارتفاع ضغط الدم والتهاب في الأذن.

وفي صباح الغد تمّ تشغيل مكبرات الصوت مرة أخرى بغض النظر عن حالة السجناء المرضى أو المتقدمين في السن

التفتيش المهين 

تضمنت وثائق مجلس حقوق الإنسان عن الحق في احترام الخصوصية والعائلة والبيت والمراسلات وحماية الشرف والسمعة (المادة17  ملاحظة عامة – 2001) ضوابط التفتيش للمساجين ولزوارهم وقررت التالي:"

فيما يتعلّق بالتفتيش الشخصي والجسدي يجب ضمان إجراءات فعلية كالقيام بالتفتيش بأسلوب يتماشى وكرامة الشخص الذي يتم تفتيشه ...".

غير أنّ سلطات الإمارات العربية المتحدة تتعمد تعريض المعتقلين داخل سجون الإمارات عامة، وسجن الرزين خاصة لسلسلة من الانتهاكات، من بينها نزع كافة ملابسهم الداخلية والتعرية التامة أمام الشرطيين من أجل الخضوع للتفتيش وهو ما يمثل عملا مهينا وحاطا من الكرامة.

انتهاك حق السجين في الصحّة 

الأمراض تنتشر داخل السجون

ينبغي أن تُتاح للسجناء إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية المتوفرة في البلد بالمجان ولا تُتخذ القرارات المتعلقة بصحة السجين إلا من طرف مؤهلين في المجال الطبي وذلك بالاستناد إلى أُسس طبية وذلك طبقا للمبدأ 9 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.

ولقد حرصت سلطات الإمارات العربية المتحدة على تخصيص كامل الفصل الثالث من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 المنظم للمنشآت العقابية للرعاية الطبية.

فيجب أن تقدم إدارة السجن ما يلي كحد أدنى في كلّ سجن:

الفحص الطبي الأولي عند الدخول إلى السجن 

فحوصات طبية خارج السجن 

العلاج في حالة الطوارئ 

أمكنة مجهزة بالمعدات المناسبة للفحوصات ومعالجة السجناء 

إمدادات كافية من الأدوية المناسبة 

وجبات غذائية خاصة والتي قد تكون ضرورية من الناحية الطبية.

غير أنّ الأمراض ما انفكت تنتشر بسجون دولة الإمارات وصحّة عديد المساجين القابعين على خلفية آرائهم ونشاطهم الحقوقي كسجن الرزين والوثبة والصدر في تدهور مستمر مع غياب العناية الصحية والتأخير في تقديم العلاج اللازم وهو ما يعدّ شكلا من أشكال الموت البطيء.

ولتراجع صحة السجناء وتدهورها عدة أسباب منها على سبيل الذكر لا الحصر:

ضيق السجون واكتظاظها وتجاوز طاقتها الاستيعابية.

شدّة الحرارة داخل السجون والزنزانات.

انتشار الأوساخ خاصة في سجون الرزين والوثبة والصدر وهي من السجون الأكثر وساخة.

نقص التهوئة داخل غرف السجن.

نقص الإضاءة أو الإضاءة القوية داخل غرف السجون

التجويع المتعمّد فالطعام الذي توفره سلطات السجون بالإمارات للمساجين قليل ولا يقيم أود المساجين.

ماء الشرب المتوفر ذو ملوحة مرتفعة وهو ما يجعله غير مناسب للشرب.

تقديم سلطات السجون لأكل منته الصلاحية وهو ما تسبب للمساجين في تسمم وأصيب عدد منهم بالغثيان والإسهال.

ويمثّل ذلك إخلالا من جهة سلطات دولة الإمارات والقائمين على السجون بواجب ضمان حصول السجناء على قدر كاف من الطعام والماء النظيف وسرير للنوم والحصول على فرصة لتنشق الهواء النقي.

كما لم تتحرّك سلطات السجون لتوفر الإحاطة الطبية للمرضى من المساجين فموقفها يتردد بين الإهمال وعدم الاكتراث بأوجاع المرضى وطلباتهم وبين التأخر في عرضهم على طبيب السجن.

كما لم يتنقل أطباء السجون من أجل معاينة نظافة الغرف والمساجين وسلامة الطعام وغير ذلك من الحقوق التي لها علاقة بصحّة المساجين وهو ما مثّل تواطئا وانتهاكا طبيا لحقوق السجناء.

ولقد أكدت القاعدة 26 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء " على الطبيب أن يقوم بصورة منظمة بالتفتيش وتبليغ ما يلي للمدير:-كميّة ونوعية وإعداد وتقديم الطعام – النظافة العامة ونظافة المؤسسة والسجناء – الصرف الصحي والتدفئة والإضاءة والتهوئة للمؤسسة – ملائمة ونظافة ملابس السجناء والأفرشة – التقيّد بالقواعد المتعلقة بالتربية البدنية والرياضية "

ولقد دفعت جملة هذه الانتهاكات بسجناء الرأي والناشطين الحقوقيين داخل سجون الإمارات إلى خوض إضرابات عن الطعام أو كما يسمونها " معركة الأمعاء الخاوية " ومنها على سبيل الذكر إضراب عن الطعام بتاريخ 31 يوليو 2013  وذلك احتجاجا على ظروفهم الصعبة والقاسية داخل السجون ومن أجل الضغط على سلطات الإمارات العربية المتحدة من أجل تحسين ظروفهم بما يجعلها متوافقة مع المعايير الدولية ذات الصلة وخاصة مجموعة المبادئ المتعلّقة بحماية جميع الأشخاص الذين تعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.

انتهاك الحق في الاتصال بالعالم الخارجي وبالزيارات العائلية

يعتبر حق الزيارة العائلية أحد الحقوق التي كفلتها القوانين الإمارتية والدولية للمساجين فلقد أكّدت المادة 23 من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية على الحق في مراسلة العائلة والأصدقاء واستقبالهم وزيارة المحامي على انفراد ودون مسمع من موظفي السجون.

وتعترف قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء للسجين بحقّه في أن يبقى على اتصال مع عائلته أو أصدقائه من خلال المراسلات أو من خلال استقباله للزيارات، كما شددت مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن على حق السجين في الحصول على زيارات عائلية، وأكّدت بأنه يحق للسجين أو المعتقل الحصول على زيارات عائلية تحت "ظروف وقيود معقولة".

إلاّ أنّ سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة لا تألو جهدا في انتهاك حقّ معتقلي الرأي في زيارة ذويهم والتواصل معهم وذلك بأساليب شتى.

فلقد بلغ إلى علم المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان تعمّد سلطات الإمارات العربية المتحدة منع عائلات مساجين الرأي بسجن الرزين من زيارة أبنائهم أوّل أيام عيد الفطر المنقضي كما جرت العادة وكما تقرّر بالتراتيب السجنية خاصة وقد قدمت العائلات من أكثر من مكان وتجشّمت عناء التنقل لسجن الرزين وانتظرت طويلا أمام بوابة السجن. ولم تسمح سلطات السجن للعائلات بالزيارة إلاّ في خامس أيام العيد وهو ما مثّل معاملة لاإنسانية للمساجين ولعائلاتهم بحرمانهم من المعايدة واللقاء في مناسبة دينية مهمة.   

كما تتعمّد سلطات الإمارات العربية المتحدة ترك عائلات المعتقلين عند بوابات السجون لساعات طويلة تحت الشمس الحارقة وتفتيشهم تفتيشا جسديا مهيناكما تفتيش الأمتعة لأكثر من مرّة في مخالفة صريحة لمجموعة مبادئ الاحتجاز والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

وتمنع سلطات الإمارات العربية المتحدة العائلات من لقاء مباشر بمعتقلي الرأي مثلهم مثل غيرهم من المساجين.

وتكتفي العائلات من زوجات وأمهات وأطفال برؤية معتقلي الرأي عبر زجاج فاصل ولا تمكنهم سلطات السجن فضلا عن ذلك من الوقت الكافي للتواصل مع المعتقلين بل تستعجلهم بإنهاء الزيارة سريعا.

ففي سجن الوثبة على سبيل المثال قلصت سلطات السجن من عدد الزيارات لتصبح مرة في الأسبوع بعد أن كانت مرتين إضافة إلى مدة الزيارة التي صارت 15 دقيقة عوضاً عن30 دقيقة كما تم تقليل عدد المكالمات الهاتفية لتصبح 3 مكالمات فقط. وقال بعض السجناء أنه تم منعهم من هذه المكالمات لمدة تزيد عن 10أيام.

ولم تهتم السلطات السجنيّة بحقوق الطفل مثلما حدث مع السجينة أمينة العبدولي والتي فصلت عن أبنائها الثلاثة بعد قرار صدر عن قضاء أمن الدولة بإيداعها سجن الوثبة مع شقيقها مصعب العبدولي.

وقد كانت أمينة العبدولي مخفيّة قسرا بسجن سري منذ شهر نوفمبر 2015 دون علم أهلها وحرمت نتيجة ذلك من لقاء أبنائها ورؤيتهم كامل مدة الاختفاء القسري وهو ما مثّل خرقا صريحا لمصلحة الطفل الفضلى التي أكّدت عليها اتفاقية حقوق الطفل التي أعلنت عنها الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عدد 25/44 بتاريخ 20 نوفمبر 1989 والتي انضمت لها دولة الإمارات العربية المتحدة وصادقت عليها في 11 نوفمبر 1997.

ولم تحرص سلطات الإمارات من ثمّة على توفير رعاية خاصة ووضع تدابير ملائمة تضمن المحافظة على الروابط بين الأم وأولادها وتحقق المصلحة الفضلى للأطفال.

غياب آلية مستقلة لزيارة السجون ورصد الانتهاكات والرقابة على السلطات السجنيّة

عدم انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب يحميها من ولاية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب ولا تشملها تحقيقات وتحريات اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب حول شكاوى التعذيب وإساءة المعاملة داخل السجون وغير ذلك من مراكز الاحتجاز.

ولم تف دولة الإمارات العربية المتحدة بما تعهدت به حين الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان سنة 2013 بتركيز الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان طبقا لمقتضيات مبادئ باريس.

وإلى حدّ هذا التاريخ لا نجد بدولة الإمارات العربية المتحدة مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان ذات استقلالية تتولى زيارة مراكز الاحتجاز ومنها السجون بشكل فجئ ودون سابق إخطار وتعاين الانتهاكات وتباشر التحقيق حول ما يصلها من تظلمات وشكاوى وهو ما يمثّل رخصة للقائمين على السجون بالتنكيل بالمساجين دون حسيب أو رقيب من الآليات الدولية المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

كما لم تستجب الدولة لطلب المقررة الخاصة باستقلال القضاء بزيارة السجون خلال تواجدها بالإمارات سنة 2014 ولازالت تماطل في الرد على طلب المقرر الخاص بالتعذيب ولجنة الاختفاء القسري. 

وحيث من المعلوم أن من مشمولات الهيئات الحقوقية المستقلة والعاملة طبقا لمبادئ باريس رصد ومتابعة معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم في أماكن الاحتجاز ومعاينة التجاوزات والانتهاكات وذلك من أجل حمايتهم من التعذيب ومن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

كما جاء بالمبدأ 29 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز والسجن "لمراقبة مدى دقة التقيد بالقوانين والأنظمة ذات الصلة، يقوم بتفقد أماكن الاحتجاز بصفة منتظمة أشخاص مؤهلون ومتمرسون تعينهم وتسألهم سلطة مختصة مستقلة تماما عن السلطة التي تتولى مباشرة إدارة مكان الاحتجاز أو السجن".

ويحقّ للشخص المحتجز أو المسجون الاتصال بحرية وفى سرية تامة بالأشخاص الذين يتفقدون أماكن الاحتجاز أو السجن وفقا للفقرة 1، مع مراعاة الشروط المعقولة المتعلقة بكفالة الأمن وحسن النظام في تلك الأماكن."

الحرمان من الحقّ في التشكي والتظّلم 

التشكي والتظلم من قبل السجين حق أقرّته المادة 9 وما بعدها من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 والمنظم للمنشآت العقابية وقد أكدت عديد المواد على حق السجين في التظلم لمدير المنشأة وللنائب العام ولوزير الداخلية وطلب مقابلتهم أو مقابلة من ينوبهم دون اعتراض من أحد.

وأكّد المبدأ 33 من مجموعة المبادئ المتعلّقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرّضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن على أنّه:

"يحقّ للشخص المحتجز أو المسجون أو لمحاميه تقديم طلب أو شكوى بشأن معاملته ولاسيما في حالة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة إلى السلطات المسؤولة.

يبت على وجه السرعة في كل طلب أو شكوى ويردّ عليه أو عليها دون تأخير لا مبرر له ...."

ولقد رفع معتقلو الرأي والإصلاحيون والناشطون الحقوقيون عديد الشكاوى والتظلمات عن إساءة معاملتهم داخل السجون وحرمانهم من أبسط حقوق السجين مما نال من صحتهم وكرامتهم وآدميتهم في انتهاك متعمد وممنهج لحقوق الإنسان التي يكفلها دستور الإمارات والمواثيق الدولية ذات الصلة.

ولم تعر سلطات الإمارات العربية المتحدة شكاوى المعتقلين اهتماما بل قابلتها بالتجاهل واللامبالاة كما لم تتحرّك النيابة العامة والتي يدخل ضمن مشمولاتها رصد ومراقبة مراكز الاحتجاز ومنها السجون وهو ما يقيم الدليل على تواطؤ النيابة العامة مع المنتهكين لحقوق المساجين وتعمّد التغطية عليهم وإفلاتهم من كلّ مساءلة.

ولقد أكدت المقررة الأممية الخاصة المعنية باستقلال القضاء والمحاماة أنّ عدم التحقيق جديّا في ذلك النوع من الادعاءات يشجّع على إفلات الجناة من العقاب كما يشكّل انتهاكا لالتزامات الإمارات العربية المتحدة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

4 – عدم وفاء دولة الإمارات العربية المتحدة بتعهداتها الواردة بالتقرير الوطني الثاني للاستعراض الدوري الشامل 2 نوفمبر 2012 .

يؤكد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بجينيف على عدم وفاء دولة الإمارات العربية المتحدة بما تعهدت به ضمن تقريرها الثاني للاستعراض الدوري الشامل بتاريخ 2 نوفمبر 2012 ولم تلتزم بما قبلته من توصيات وأهمها :

التوصية رقم 29 بشأن إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان تعني بإسداء المشورة للحكومة وتلقي شكاوى الجمهور والتحقيق فيها.

ولم تتقدم سلطات الإمارات في تنفيذ هذه التوصية والتي لها تبعات مهمة خاصة في ما يتعلق بحقوق المساجين رغم تأكيد الإمارات على تعهّد أمانة اللجنة الدائمة لمتابعة التقرير الدوري الشامل بذلك والقيام بزيارات ميدانية لعدد من الدول للإطلاع على التجارب المقارنة والانتهاء من إعداد دراسة تفصيلية في هذا الصدد . 

التوصية رقم 6 و36 بشأن تعزيز تعاون الإمارات مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان والقبول بآليات المسائلة الدولية الحقوقية.

ونجد دولة الإمارات ترفض إلى حدّ هذا التاريخ قبول عدد من المقررين الأمميين الخاصين.

التوصية رقم 10 بشأن مواصلة الحوار مع مؤسسات المجتمع المدني في ملفات حقوقية وإنشاء محفل دائم لتيسير هذا الحوار وإتاحة قدر أكبر من التفاهم المشترك.

غير أنّ دولة الإمارات تريد مجتمعا مدنيا مواليا وتحرص على حلّ جمعيات المجتمع المدني التي تفضح الانتهاكات ومنها الانتهاكات داخل السجون وتجمد ممتلكاتها وتحبس المسؤولين عنها . 

بناء قدرات المنتسبين لوزارة الداخلية في مجال حقوق الإنسان وحقوق المساجين وتنظيم دورات تدريبية خاصة بكل هذه الحقوق .

غير أنّ سلطات الإمارات تحمل القائمين على السجون على تعذيب مساجين الرأي والناشطين الحقوقيين والإساءة إليهم وتؤمن لهم الحصانة والإفلات من المساءلة بل نجدها تكافؤ البعض منهم .    

5 – التوصيات

حيال انتهاكات سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة لحقوق مساجين الرأي والناشطين الحقوقيين القابعين في سجون دولة الإمارات العربية المتحدة ومنها سجن الرزين والوثبة والصدر وإخضاعهم للتعذيب وسوء المعاملة وحرمانهم تعسفيا من أبسط الحقوق في خرق صارخ للحرمة الجسدية والنفسية وفي خروج عن أحكام الدستور الإماراتي وعن المعايير الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وبحقوق السجناء على وجه الخصوص 

يهم المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بجينيف أن يدعو سلطات الإمارات العربية المتحدة إلى:

الإفراج دون تأخير عن كلّ الذين تحتجزهم دولة الإمارات في سجونها والذين طالبوا سلميا بالإصلاح وبتوطين حقوق الإنسان والحريات الأساسية داخل دولة الإمارات واحترام المعايير الدولية والإعلانات الحقوقية ذات الصلة.

فتح تحقيق سريع وجاد ومن قبل جهة مستقلة بخصوص ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة داخل سجون الإمارات العربية المتحدة والتي نالت من كرامتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية ومحاسبة كلّ من يثبت تورطه في ذلك للحيلولة دون إفلاتهم من المساءلة والعقاب ومنعا لتكرارها وتمكين ضحايا التعذيب وسوء المعاملة من حقّهم في الانتصاف وجبر ضررهم والعمل على تأهيلهم وردّ الاعتبار لهم.

مباشرة عملية فرز وغربلة للموظفين القائمين على السجون واستبعاد كلّ من ثبتت إساءته معاملة المساجين وعائلاتهم وانتهاك حقوقهم التزاما بمدونة السلوك لمأموري الضبط القضائي (المادة 18) وبالقاعدة 46 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء:" على إدارة السجون أن تخطط للاختيار بعناية لكل رتبة من رتب المستخدمين بما أنّ الإدارة الصحيحة للمؤسسات تعتمد على نزاهتهم وإنسانيتهم وقدرتهم المهنية وملاءمتهم الشخصية للعمل ".

تركيز مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية (مبادئ باريس) يناط بعهدتها زيارة السجون وغير ذلك من مراكز الاحتجاز بشكل مستقل وفجئي ودون سابق إخطار ورصد الانتهاكات التي تطال المساجين والتحقيق حولها وإحالة المسؤولين عن الانتهاكات أمام قضاء مستقل ونزيه ومحايد.

التعجيل بالمصادقة على البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من أجل تخويل اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب من زيارة مراكز الاحتجاز والسجون بدولة الإمارات العربية المتحدة.

السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الأممي المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التعذيب والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة سجون دولة الإمارات العربية المتحدة وغير ذلك من مراكز الاحتجاز والإيقاف لمعاينة مدى احترام سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة للمعايير الدولية ذات الصلة وعدم نيلها من كرامة المحتجزين.

التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين به، والبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. 

الكاتب