مؤتمر الشيشان كشف التمويل الاماراتي للإسلام الصوفي الامريكي

مؤتمر الشيشان كشف التمويل الاماراتي للإسلام الصوفي الامريكي

مؤتمر الشيشان كشف دور مؤسسة أبو ظبي "طابة" في دعم المشروع الغربي الروسي لتشويه الاسلام
كان كافيا أن يُكشف الغطاء عن ان مؤسسة "طابة" الصوفية التي مقرها في أبو ظبي ويرأسها الحبيب الجفري، هي التي تقف وراء تنظيم وتمويل المؤتمر الذي سمي "من هم أهل السنة والجماعة؟" في العاصمة الشيشانية (جروزني) الواقعة تحت الاحتلال الروسي، كي نعرف أهداف المؤتمر والغرض منه.
ولكن أن تكشف "شئون إماراتية" عن العلاقة المشبوهة بين مؤسسة "طابة" الاماراتية، ومؤسسة راند البحثية التابعة للقوات الجوية الامريكية، وتعاونها في نشر دراسات هذه المؤسسة المتعلقة بكيفية تغيير المسلمين وإنشاء ما يسمونه "المسلم المعتدل"، فهذا هو الجديد الذي يكشف هدف مؤتمر الشيشان.
لنبدأ من النهاية، فقد سعت الامارات، في سياق عداءها للتيارات الاسلامية المعتدلة، سواء الاخوان أو السلفيين، لدعم الاسلام الامريكاني تارة الذي يسعي لخلق مسلم علماني يمارس طقوس دينيه ولكنه لا يؤمن بالشريعة ويصاحب الفتيات، ويعيش على الطريقة الغربية، أو الاسلام الروسي تارة أخري القائم دعم الصوفية والاشاعرة.
وضم هذا الهدف وسعت أبو ظبي من نطلق تعاونها وتمويلها لمراكز أبحاث غربية أو رشوتها لإنتاج دراسات حول هذا المعني، الذي يدعم فكرة الفصل بين الدين والدولة، وقصر حياة المسلم علي العبادات دون المعاملات، كما أنشأت مؤسسات مولتها لهذا الغرض منها "طابة" ومنها ما سمي "مجلس حكماء المسلمين".
ومنها ايضا الشبكة العالمية للحقوق والتنمية GNRD، التي يوجد مقرها في مدينة "ستافنغر" النرويجية ولها مكاتب إقليمية في الأردن، وبلجيكا، والإمارات العربية المتحدة، وإسبانيا، وسويسرا ودول أخرى، وهي منظمة حقوقية مدعومة من الإمارات، تزعم في تقاريرها أن أبو ظبي "نموذجا لاحترام حقوق الإنسان"، كما وصفت انقلاب وانتخاب السيسي المدعوم من الإمارات بأنه "عملية فريدة للتحول الديمقراطي".
وسبق أن فضح الكاتب البريطاني "جيمس دورسي" أبو ظبي مؤكدا أن "الإمارات تنافس بجهودها الخاصة لإظهار الإسلام السياسي كتيار عنيف"، وقال إنها تركز على اعتبار "الإسلام السياسي" عنيفا ويجب حظره، بحسب تقرير نشره بموقع Your Middle East بعنوان: "الإمارات تشرع حملة عالمية جديدة لتسويق علامتها التجارية من الاستبداد..الشبكة العالمية للحقوق والتنمية تشيد بسجلات حقوق الإنسان بدولة الإمارات المثيرة للجدل".
"طابه" الذراع الديني لأنظمة القمع
ومتابعة تاريخ مؤسسة "طابة" الصوفية التي أسستها الامارات، ويرأسها الحبيب الجفري، يكشف دورها كذراع ديني لأنظمة القمع العربية مثل ابو ظبي في تشويه الاسلام وتصويره على انها إرهابي ويجب تغيير المسلمين الي النموذج الاماراتي الذي يتوافق مع الاهداف الامريكية والروسية.
فقد روجت المؤسسة الاماراتية من قبل للتقرير المقدم للإدارة الأمريكية، بشأن التعامل مع "الإسلاميين" أو العالم الإسلامي، من قبل مركز دراسات "راند RAND" البحثي التابعة للقوات الجوية الأمريكية في مارس 2007 فكرة بناء ما أسماه "شبكات مسلمة معتدلة" Building Moderate Muslim Networks.
ودعت الدراسة لتصنيف "المعتدل" أو مقياس هذا "الاعتدال" بأنه الشخص أو الجهة التي لا تؤمن بالشريعة الإسلامية، وتتبنى الدعوة العلمانية، أو تتبنى الأفكار الدينية التقليدي بمعني أن يصلي المسلم مثلا ولكنه لا يؤمن بالشريعة ويعيش على الطريقة الغربية ويصاحب الفتيات.
ولم يخف تقرير (راند) دعوة صريحة إلى تشجيع التصوف‏، ‏ وهو ما يعد نوعا من الدعوة إلى التعلق بما يمكن أن نسميه بـ الإسلام الانسحابي الذي يقلص التدين في دائرة روحية لا يتجاوز حدودها‏، فهو يتحدث صراحة عن أهمية تعزيز الصوفية وتشجيع البلدان ذات التقاليد الصوفية القوية على التركيز على ذلك الجانب من تاريخها‏، وعلى إدخاله ضمن مناهجها الدراسية‏، بل ويلح على ذلك في عبارة أقرب إلى الأمر تقول‏: ‏ "لابد من توجيه قدر أكبر من الانتباه إلى الإسلام الصوفي".
أما هدف هذا المشروع الصوفي الغربي الروسي الذي تدعمه الامارات ومؤسسة "طابة" التابعة لها فهو (أولا): نشر ثقافة صوفية مائعة في شئون الدين وتصالحية مع أعداء الأمة، وممارسة هذه الثقافة من خلال التطبيع الثقافي والسياسي والديني، و(الثاني): مباركة قمع الانظمة لشعبها بدعاوي رفض الخروج علي الحاكم، ومحاربة الفصائل الاسلامية المعتدلة ووضعها في سلة واحدة مع داعش والقاعدة لتشويه صورتها عالميا.
مؤتمر الشيشان يدعم الصوفية الحكومية
والان جاء تنظيمها لمؤتمر الشيشان برعاية مؤسسة روسيا ليدعم نفس الفكرة وهي الصوفية والاشاعرة ويحاول اخراج أهل السنة الحقيقيين من تسمية (أهل السنة) بدعاوي أنهم يختطفون الاسلام!.
وفي تغطية مؤسسة "طابة" لمؤتمر الشيشان كتبت تقول: "في ظل محاولات اختطاف لقب "أهل السنة والجماعة" من قبل طوائف من خوارج العصر والمارقين والعابثين بالشريعة المطهّرة الذين تُسْتَغل ممارساتهم الخاطئة لتشويه صورة الدين الإسلامي، تشرّفت مؤسسة طابة بتعاونها مع صندوق الحاج أحمد قديروف الخيري ومؤسسة دعم الثقافة الإسلامية والعلم والتعليم في تنظيم انعقاد المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان: "من هم أهل السنة والجماعة؟".
وهو ما دعا السياسي الاماراتي المعارض "سالم المنهالي" لوصف مؤتمر الشيشان بأنه "برعاية جماعة أبو ظبي (بن زايد ودحلان)، وتسهيل روسي، ورتب له صوفية (السيسي)، والجفري مسؤول أوقاف الإمارات".
أيضا تساءل الكاتب السعودي جمال خاشقجي عمن تحمل تكاليفه وأرسل الدعوات وتذاكر السفر؟!
وقال الكاتب المصري عمرو عبد الهادي إن مؤتمر الشيشان الذي مولته الامارات استهدف السعودية رأساً، متسائلاً: "هل نرى اعتذار من الامارات للمملكة ام سيتم تجاهل الامر".
كان كُتابٌ سعوديون هاجموا مشاركة شيخ الازهر في المؤتمر، الذي هدف الى تعريف هوية “أهل السنة والجماعة”، واستثنى "أهل الحديث" منهم، ما اعتبره علماء السعودية عملا مشبوها.
أيضا طرح الكاتب المصري "فهمي هويدي" في مقاله الاخير "فتنة جديدة في الطريق"، سؤالا ذا مغزى قال فيه: "من الجهة التي تحملت فاتورة سفر وخدمات مئات المشاركين في مؤتمر الشيشان وهم من عواصم ودول مختلفة؟، منتقدا إخراج المؤتمر "أهل السلف من أهل السنة"، وإبقاؤه على "بعض أشهر الفرق الكلامية والمتصوفة تحت مظلتهم".
وقال هويدي أن "سفر شيخ الأزهر تم دون علم هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية، وإنما بصفته رئيسا لمجلس حكماء المسلمين الذي شكلته وترعاه دولة الإمارات العربية"، وختم بالتساؤل: "هل هي حماقة سياسية فقط أم أنها لعبة خبيثة لها ما وراءها كما ذكر بعض الكتاب السعوديين؟".
دور مشبوه
وطابة هي مؤسسة صوفية مقرها في أبو ظبي بدولة الإمارات، أسسها ويديرها الداعية الصوفي اليمني على الجفري، وتزعم أنها تتعامل مع قادة الرأي وصناع القرار، والمجلس الاستشاري الأعلى لها يجمع أقطاب الصوفية في المنطقة، وهم: محمد البوطي، وعبد الله بن بيّه، وعلي جمعة، والحبيب عمر بن حفيظ، وهم أعمدة الصوفية في سوريا ومصر والأردن واليمن والسعودية وموريتانيا.
ومن الشخصيات غير العربية في مؤسسة طابة: الأمريكي الشيخ جهاد هاشم براون وهو دارس لعلم النفس ودراسات الشرق الأدنى من جامعة روتجرز بولاية نيو جيرسي عام 1994.
والمركز له علاقات مباشرة وغير مباشرة مع الغرب والدوائر السياسية فيه تحديداً، ويسعي للتعاون معها في ترسيخ وجهات نظر ومفاهيم تصب في صالح المصالح الغربية، ويدعم الأنظمة القمعية ضد شعوبها والتيارات الإسلامية، كما يدعم شرعنة التطبيع السياسي والديني مع إسرائيل.
وله نشاطات مشبوهة منها المشاركة في العديد من المؤتمرات الصوفية بمشاركة أمريكان على غرار مؤتمر (سيدي شقير) بالمغرب عام 2004، كما زار "الجفري" و"علي جمعة" للقدس عام 2012 في أول تطبيع ديني من نوعه مع الاحتلال الصهيوني، ودعم جمعه انقلاب السيسي ودعم البوطي مجازر الاسد في سوريا.
وسبق أن رصد كتاب وعلماء عرب الدعم الغربي والروسي للتيار الصوفي منهم د. عبد الوهاب المسيري الذي يقول: "ومما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية، ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي".
كما أن السفير الامريكي السابق في مصر "ريتشاردوني" كان من أبرز داعمي الطرق الصوفية ويحاول تصنع دعمها عبر حضور اغلب الموالد الصوفية وتناول الحمص والحلاوة فيها!؟.

الكاتب