معهد واشنطن ينشر مقالا يتضمن معلومات خطيرة حول السياسة العسكرية والأمنية للإمارات تحت عنوان "الإمارات تضع أنظارها على غرب السويس"

معهد واشنطن ينشر مقالا يتضمن معلومات خطيرة حول السياسة العسكرية والأمنية للإمارات تحت عنوان "الإمارات تضع أنظارها على غرب السويس"

نشر معهد واشنطن مؤخرا مقالا معلوماتيا مهما للغاية ومشتملا على معلومات إستراتيجية وأمنية نادرة، حول السياسة العسكرية والأمنية لدولة الإمارات بعنوان "الإمارات العربية المتحدة تضع أنظارها على "غرب السويس" تحدث فيه عن حرص أبوظبي على مد نفوذها واستعراض قوتها بعد الربيع العربي.

وقال الموقع، أبدت الإمارات اهتمامها بشكل متزايد على استعراض قوّتها العسكرية في منطقة غرب قناة السويس. وقد أدّت الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة العربية، كـ "الربيع العربي" إلى ترسيخ قناعةٍ لدى القادة الإماراتيين بضرورة تفعيل دورهم من أجل إدارة المخاطر التي يواجهها اتّحادهم. وقد أدى ذلك إلى تحفيز هذه الدولة الخليجية الصغيرة في الآونة الأخيرة إلى إنشاء أوّل قاعدةٍ عسكرية لها خارج حدود الخليج وتحديداً في ميناء عصب الإريتري.

جدير بالذكر أن الرئيس الأريتيري أسياس أفورقي يزور أبوظبي هذه الليلة(11|10) في زيارة عمل رسمية تستغرق عدة أيام، ويلتقي بمحمد بن زايد، وذلك بعد أيام من نشر قوات إماراتية في باب المندب.

ويقول المقال الذي أعده ألكسندر ميلو ومايكل نايتس، في البداية، سعت دولة «الإمارات» إلى استخدام جيبوتي، التي تقع مباشرة عبر خليج عدن، ولكن أواخر أبريل 2015، أدّت مشادةٌ كلامية بين رئيس "سلاح الجو الجيبوتي" ودبلوماسيين إماراتيين إلى إفساد العلاقات بين البلدين، بعد أن حطّت طائرة إماراتية كانت تُشارك في الضربات الجوية لتحالف "عاصفة الحزم" في اليمن، في "مطار جيبوتي الدولي" من دون ترخيص.

وقد تطوّرت تلك المشادة بالفعل إلى تضارب بالأيدي تلقّى خلالها نائب القنصل الإماراتي علي الشحي لكمةً أدّت إلى نشوب نزاع دبلوماسي بين البلدين.

و في مايو 2015، قطعت الإمارات وجيبوتي رسمياً العلاقات الدبلوماسية بينهما وأقدمت جيبوتي على طرد القوات السعودية والإماراتية.

ولكن، وجدت دولة «الإمارات» بديلاً لجيبوتي في متناول اليد، هي إريتريا المجاورة والمنافسة الإقليمية لجيبوتي التي تضمَ موانئ بدائية على البحر الأحمر تبعد 150 كيلومتراً شمالاً.

ووقّعت دولة الإمارات عقد ايجار لمدة ثلاثين عاماً كجزءٍ من اتفاقية الشراكة المبرمة، لغرض إقامة قاعدةٍ عسكرية للإمارات في ميناء عصب العميق  ومطار عصب المجاور الذي يتميّز بسطحه الصلب ويضمّ مدرجاً يمتد على طول 3500 متر قادراً على استقبال طائرات نقلٍ ضخمة، من بينها طائرات "بوينغ سي-17 غلوب ماستر 3" التي يقودها السلاح الجوي الإماراتي. كما وافقت دول الخليج على تقديم حزمةٍ من المساعدات المالية وتعهّدت بتحديث "مطار أسمرة الدولي"، وإنشاء بنيةٍ تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود إلى إريتريا.

وكانت العمليات الأولى في عصب متسرعة ولكنها فعالة. ففي أبريل، نقلت طائرة "بوينغ سي إتش-47 تشينوك" فريقاً مؤلّفاً من ثمانية عناصر من مشغّلين خاصين في "الحرس الرئاسي" الإماراتي و"مراقبي الهجوم النهائي المشترك" (JTACs) إلى وسط شبه "جزيرة عدن الصغرى"، التي تحوي مصفاةً وصهاريج لتخزين النفط.

كما قامت سفن إماراتية بإنزال قوات أمن سعودية وإماراتية، بالإضافة إلى ميليشيات محلية درّبتها دولة «الإمارات» في الجيبين الدفاعيين في شهر مايو.

و تنقّلت سفن الإنزال والسفن التجارية المستأجرة الإماراتية بين القاعدة الإماراتية البحرية الجديدة في الفجيرة على خليج عمان، وميناء عصب البدائي،  كما شوهدت طائرات من طراز "سي-17" و"سي-130" تابعة لـ "سلاح الجو الإماراتي" في "مطار أسمرة الدولي" في العاصمة الإريترية.

وبحلول أواخر وليو 2015، انتهى العمل من بناء مطار عصب، وبدأت القاعدة تُستخدم كمنطقة دعمٍ لوجستي ومنصةٍ للمدرّعات الإماراتية بحجم لواء التي سوف تتقدّم كرأس الحربة في عملية تحرير عدن.  كما عمدت الإمارات إلى نقل قوةٍ ضاربة مؤلّفة من 1500عنصرٍ من القوات اليمنية على متن مدرّعاتٍ قامت الإمارات بتزويدها، بعد أن انتهت من تدريبهم وتجهيزهم في عصب.

وفي منتصف  يوليو 2015، بدأت مجموعات القتال الإماراتية تهبط في محطة النفط الكائنة في "عدن الصغرى"، وقامت سفن الإنزال الإماراتية من "فئة الفطيسي" وغيرها، بما في ذلك سفينة البحرية الأمريكية السابقة "سويفت"، بالتنقّل بين ميناء عصب وعدن.

وفي السياق أدى التوسّع الكبير الذي شهده مطار عصب إلى تحويله من موقع تشغيلٍ أمامي متقشّف إلى قاعدةٍ عسكرية قوية هي الأولى للإمارات خارج حدود الاتحاد. وقد ضاعفت القوات الإماراتية مساحة المدرج وأقامت برجاً لمراقبة الحركة الجوية وحظائر جديدة.

وفي أوائل 2016، استضاف المطار عدّة مروحياتٍ هجومية من طراز "أباتشي" تابعة لـ "قيادة الطيران المشتركة الإماراتية"، بالإضافة إلى مروحياتٍ "تشينوك" و"بلاك هوك" و"بيل 407MRH" التابعة لـ "قيادة العمليات الخاصة" في "الحرس الرئاسي" والتي تقوم بعمليات جوية فوق جنوب غرب اليمن. وفي نوفمبر 2015، بدأت أيضاً المقاتلات الحربية التابعة لـ "قيادة العمليات الخاصة الإماراتية"، بتنفيذ طلعاتٍ هجومية فوق "مضيق باب المندب" انطلاقاً من عصب. وقد جرى تدريب الطيارين الجدد في سلاح الجو اليمني على مروحياتٍ تبرّعت بها الإمارات العربية المتحدة، وجرى التدريب في عصب، قبل نقلهم في أكتوبر 2015 إلى "قاعدة العند الجوية" شمال عدن.

ويتابع المقال، وبقي الأسطول الإماراتي المختلط بحجم كتيبة متمركزاً في قاعدة عصب طوال فصلي الربيع والصيف من عام 2016، الأمر الذي سمح للجنود الإماراتيين من الأسطول المماثل في الحجم والذي يُشارك في تنفيذ ضربات ضدّ تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في اليمن بالتناوب إلى موقع قريب للاستراحة والتعافي.

وفي أواخر 2015، بدأت الإمارات ببناء مرافق جديدة لميناء المياه العميقة على الساحل المجاور مباشرة لمطار عصب، وبذلك انتفت حاجة القوافل العسكرية الإماراتية إلى عبور مدينة عصب خلال تنقلاتها بين القاعدة الجوية والميناء البحري الذي يقع على بعد عشرة كيلومترات جنوباً. وفي أواخر العام نفسه، باشرت السفن الخاصة بـ"شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية" عملها. وبحلول مايو 2016، تم حفر شريطٍ ساحلي وجَرفه على مساحة 60,000 متر مربع، وأقيم رصيفٌ بحري امتدّ على طول 700 متر. فضلاً عن ذلك، قامتْ القوات الإماراتية بتوسيع المحيط الأمني الذي يحتضن مرافق المطار والميناء، وأعادتْ تحديد مسار الطريق السريع الساحلي "P-6" بين عصب ومصوع حول المحيط الخارجي للقاعدة العسكرية.

ويستطرد "معهد واشنطن"، على الرغم من أنّ دولة الإمارات  قد تعاونت مع السعودية في مشاريع أمنية كبرى مثل التدخّل العسكري في المنامة في عام 2011 وحرب اليمن منذ عام 2015، إلّا أنّ هاتين القوتين العسكريتين الخليجيتين البارزتين تتنافسان في مجالات أخرى.  فالسعودية تتفوّق بأشواط على دولة «الإمارات» من حيث عدد السكان وإنتاج النفط والإنفاق على الدفاع، بينما الإمارات عاقدة العزم على الانخراط في مشاريع تفوق قدراتها

وفي اليمن، تتباين أهداف هاتين الدولتين الخليجيتين بعض الشيء، ففي حين يدعم السعوديون ميليشيات إسلامية ضد الحوثيين في الشمال، تُركز الإمارات على التصدّي لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في جنوب البلاد.

ويبدو أن الإمارات تتبنى نهجاً يقوم على قاعدةٍ أوسع في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي. فلطالما كانت أبو ظبي متبرّعاً سخيّاً وخير مستثمرٍ في الدول الجزرية في المحيط الهندي مثل جزر سيشل وجزر المالديف وموريشيوس ومدغشقر وجزر القمر،  كما أنّ منطقة شرق أفريقيا هي أيضاً محطّ اهتمام دولة «الإمارات»، لا سيما في مجالات الغاز الطبيعي والموانئ والأمن الغذائي. ومن أجل دعم هذه السياسة، كان لا بدّ لها من الانخراط في علاقات تعاونٍ أمني مع مجموعة من دول القرن الأفريقي تهدف إلى الحدّ من عدم الاستقرار ونمو الميليشيات الإسلامية في المنطقة.

والصومال هي خير مثال على ذلك. ففي أوائل مايو 2015، وسّعت دولة «الإمارات» شراكة التدريب والتجهيز المستمرة منذ منذ أمد طويل مع وحدة مكافحة الإرهاب و"جهاز الأمن والمخابرات الوطني" في الصومال، حيث تمّ افتتاح مركز تدريبٍ جديد بتمويل إماراتي في مقديشو وقامت مجموعة من عناصر القوات الخاصة الإماراتية بتدريب عدّة وحدات من قوات المغاوير الصومالية.

وفي أواخر مايو 2015، زوّدت الإمارات "إدارة جوبا المؤقتة" في مدينة كيسمايو الصومالية بمجموعةٍ من "مركبات مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن" من طراز "RG-31 Mk. V" ومركبات أخرى من طراز "تويوتا لاند كروزر"، أعقبتها في شهر حزيران/يونيو شحنة من ناقلات الجند المدرعة من طراز "Reva Mk. III" وشاحنات ناقلة للمياه ودراجات نارية للشرطة لصالح "وزارة الأمن الداخلي والشرطة" التابعة للحكومة الاتحادية الصومالية. وفي أكتوبر 2015، تعهّدت دولة «الإمارات» بدفع رواتب قوات الأمن الحكومية الاتحادية الصومالية على مدى أربع سنوات.

وقد تودّدت دولة «الإمارات» أيضاً إلى منافس الصومال الإقليمي، منطقة "أرض الصومال" (أو صوماليلاند) المستقلة. ففيمايو 2016، فازت "شركة موانئ دبي العالمية" بعقدٍ مدته ثلاثين عاماً لإدارة ميناء بربرة وتوسيعه ليصبح مركزاً إقليمياً للخدمات اللوجستية، الأمر الذي أدّى إلى كسر احتكار جيبوتي الظاهري القائم على الشحن الأثيوبي عبر "محطة حاويات دوراليه"، وذلك من خلال التطوير المشترك لـ "ممرّ بربرة" كطريقٍ لوجستي بديل قامت به "أرض الصومال" وإثيوبيا.

ويُقال أيضاً إن دولة «الإمارات» تسعى إلى الوصول إلى ميناء بربرة ومهبط الطائرات فيه من أجل دعم عملياتها في اليمن، وقد تُقدم حزمة من المساعدات المالية إلى "أرض الصومال" وتقوم ببناء مركز للتدريب العسكري فيها.

وفي "أرض البنط" (أو بونتلاند) أيضاً، وهي منطقة حكم ذاتي في شمال شرق الصومال، موّلت دولة «الإمارات» "قوات الشرطة البحرية في أرض البنط "[أو "قوات الشرطة البحرية"] التي شُكّلت في عام 2010 لمواجهة ظاهرة القرصنة البحرية من خلال برنامج تدريبي لمكافحة القرصنة قدّمته سلسلة من شركات الأمن الخاصة، الأمر الذي أثار بعض الجدل.

كما تقوم الإمارات بتمويل "وكالة الاستخبارات في أرض البنط" وتدريب عناصرها. ويبدو أن الاستثمار الإماراتي في "أرض البنط" و"أرض الصومال" قد أتى بثماره، إذ قطع الطريق على إعادة الشحن الإيرانية في مواقع معروفة مثل بوساسو وبربرة، عندما سعى الحصار البحري الذي فرضه تحالف دول الخليج إلى اعتراض عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين ، إلى جانب تطوير علاقة عسكرية أوثق بين مصر والسودان، فإنّ بناء قاعدة عسكرية إماراتية رئيسية في إريتريا تمتدّ على مدى عدة عقود كفيلٌ بمنح الإمارات دوراً رائداً في حماية الممرات البحرية في السويس وباب المندب.

وقد تبدأ دولة «الإمارات» في البروز كلاعبٍ قوي في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا وغرب المحيط الهندي. وعلى غرار الإمبراطوريات التجارية السابقة بدءً من البرتغالية ووصولاً إلى العمانية، تبذل الإمارات جهوداً حثيثةً لكي تصبح لاعباً مهماً على طول الساحل الشرقي لأفريقيا، من خلال انتهاجها سياسة تقوم على مزيجٍ من القوة العسكرية الحاسمة ومقاربات القوة الناعمة.

ثمّة مؤشّر آخر يدلّ على إمكانية أن تصبح دولة «الإمارات» محرّكاً أساسياً له تأثيره القويّ على توازن القوى في المنطقة، يكمن في رفع قدرات القوات اليمنية الكبيرة وتسليحها جيداً في قاعدة عصب. ففي غضون بضعة أشهر فقط قامت الإمارات بتدريب بضعة آلاف من عناصر المشاة المتنقلة وتجهيزها، وجرى نقلها على متن "مركبات مدرّعة مضادة للكمائن والألغام" ["أو مركبات مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن"] وتزويدها بأسلحة متقدمة مضادة للدبابات. ولطالما كان النصر حليف مثل هذه القوات المدمجة والمتماسكة والمدعومة من قبل قوة جوية خارجية وقوات خاصة في كثيرٍ من الصراعات الإقليمية

وقد يكون للتعاون الأمني الإماراتي انعكاسات على صراعات إقليمية وحروب أهلية أخرى، لا سيما فيما يتعلق بقدرة الإمارات على تقديم أعداد كبيرة من المركبات الحديثة والأسلحة إلى القوات العسكرية التي تشارك في حروب بالوكالة. وبالتالي، قد تبدأ دولة «الإمارات» بالاضطلاع بدور صانع الملوك في جميع أنحاء المنطقة.

هذا وقد كانت مشاركة دولة «الإمارات» في العمليات السريعة في الماضي غير مدروسة أو محدّدة المعالم إلى حدّ ما، إذ حرصت الإمارات على مجرّد "المشاركة" في أنواع مختلفة من العمليات في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي من دون أن يخدم ذلك بالضرورة أيّ خارطة طريق إستراتيجية أوسع نطاقاً. ولكن، على الرغم من أنّ قاعدة عصب العسكرية قد نشأت عن ضرورة عسكرية لدعم حرب اليمن، إلا أن تطويرها قد يكون بداية مرحلة جديدة لتوسّع عسكري إماراتي سوف تكون له أهدافه ومقاصده.

الكاتب