تناقضات قرقاش .. وفشل السياسة الخارجية للإمارات "ليبيا نموذجاً"

تناقضات قرقاش .. وفشل السياسة الخارجية للإمارات "ليبيا نموذجاً"

خاص - شؤون إماراتية

مع توالي التسريبات والفضائح الموثقة حول الدور الإماراتي في الصراع الليبي، خرج وزير الدولة للشؤون الخارجة أنور قرقاش ليصدر بياناً في محاولة لتدارك الأمور وتحسين صورة السلطات الإماراتية، لكن يبدو أن ذلك بلا جدوى أمام قوة أدلة التورط الإماراتي.

التسريبات بدأت بفضيحة العلاقة المشبوهة بين السلطات الإماراتية والمبعوث الأممي بيرناردينو ليون، والتي أظهرت انحياز الأخير لحلفاء الإمارات في الصراع الليبي، وصولاً إلى اكتشاف أمر جاسوسين إماراتيين في الأراضي الليبية، وأخيراً تقارير تحدثت عن شحنات من الأسلحة الإماراتية دخلت إلى الأراضي الليبية لدعم قوات حفتر.

كل ذلك دفع قرقاش إلى إصدار بيان رسمي، وصفه محللون ونشطاء سياسيون بأنه "عاماً ومعوماً"، وما غاب عن البيان كان أكثر مما ورد فيه، قرقاش قال في بيانه:"الإمارات تؤكد التزامها باستقرار وازدهار ليبيا والشعب الليبي، إدراكاً منها بأن ليبيا المستقرة والمعتدلة ستساهم بشكل إيجابي في المنطقة والمجتمع الدولي"، وأضاف قرقاش: "أن دولة الإمارات العربية المتحدة تدعم بشكل مستمر عملية السلام في محاولة للتوصل الى فترة انتقالية ناجحة لمصلحة الشعب الليبي والمنطقة".

وحاول الوزير الإماراتي حرف بوصلة أصابع الاتهام بتوجيهها إلى جهات أخرى دون أن يسميها بقوله: "لاحظنا وجود معايير مختلفة حول التعاون مع القوى الإقليمية والوصول إلى جميع العناصر المعتدلة من جميع الوان الطيف السياسي الليبي".

وختم قرقاش بيانه، قائلا،  "إن دولة الإمارات تثني على العمل و الصبر لمبعوث الامم المتحدة المنتهية ولايته برناردينو ليون وكذلك سعيه الدؤوب للتوصل إلى تسوية سياسية في ليبيا في جميع مراحل العملية الصعبة، إن ثباته و احترافيته يجب الاعتراف بهما".

ومن الواضح أن هذه المحاولة من قرقاش تبدو فاشلة بامتياز أمام الحقائق والوثائق والمعلومات التي تؤكد دور الإمارات في إشعال فتيل الحرب الأهلية بما يخدم مصالحها، وانحيازها الواضح لحليفها خليفة حفتر، والحقيقة أن المتابع لتصريحات وبيانات وتغريدات الوزير قرقاش، يمكنه بسهولة أن يلاحظ كم التناقض الكبير الذي تحمله كلمات هذا الرجل.

في البدايات نجد قرقاش يتحدث عن نجاحات الزيارات الرسمية للوفود الإماراتية في ليبيا، ويتابع محاولاته برسم صورة وردية للحكومة الإماراتية بأنها تسعى دائماً إلى نجاح وازدهار الدولة والمجتمع الليبي، من ثم يسقط من حيث لا يدري بإظهار الانحياز الواضح بدعم أحد أطراف الصراع الليبي على حساب الآخرين.

 

سقطة أخرى لقرقاش تظهر في تحيته للقوات المسلحة الإماراتية ونجاحاتها في مهامها الخارجية، معدداً الدول التي تدخلت فيها الإمارات ومن ضمنها ليبيا، وهو ما يعطي دليلاً على أن الإمارات متورطة بالفعل في قصف طرابلس إلى جانب مصر، وهو ما أكده المؤتمر الوطني العام في ليبيا وأنكرته تماماً السلطات الإماراتية ونظيرتها الإنقلابية في مصر، وحاول وقتها قرقاش الدفاع عن حكومته بوصفه الاتهامات الموجهة ضد الإمارات تأتي كمحاولة للهروب من نتائج الإنتخابات الليبية وقتها.

 

يواصل قرقاش محاولاته للتغطية عن سقطاته بتحويل البوصلة نحو جهات أخرى والهجوم على من يصفها بتيارات متطرفة و تكفيرية، وأنها تحاول أن تمتطي الديمقراطية، متهماً بشكل مبطن التيارات الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة الزج باسم الإمارات في الشأن الليبي.
الحقائق الواضحة والمكشوفة عن شحنات الأسلحة الإماراتية التي تصل حلفاءها في ليبيا، تعطينا صورة واضحة عن افتقاد قرقاش للمصداقية بعد أن عبر في إحدى تغريداته بأن الميليشيات والسلاح لا تبني دولاً، في الوقت الذي تقوم الحكومة التي يمثلها بدعم حليفها بالسلاح !


 

لاحقاً يغرد قرقاش متحدثاً عن تحذير أصدره المبعوث الأممي بيرناردينو ليون حول خطر الفوضى ووجود القاعدة وداعش في ليبيا، وهو ما انكشف لاحقاً من خلال فضح التنسيق الكامل والعلاقة الوطيدة بين ليون و السلطات الإماراتية، وتنفيذه أجندة الإمارات في ليبيا وانحيازه التام لحلفائها.

 

والآن، وبعد كل هذه الفضائح المتتالية وانكشاف المستور، يخرج قرقاش مجدداً محاولاً إظهار حرص الإمارات على استقرار وازدهار ليبيا، متجاهلاً كل الحقائق التي باتت معروفة ومفضوحة عن دور الإمارات التوتيري والباعث على الحرب الأهلية الليبية.

 

الكاتب