جواسيس الإمارات من إسطنبول حتى طرابلس
بقلم: جاسم راشد الشامسي
جاسوس النظام الإماراتي يوسف الولاياتي لم يكن الأول، ولن يكون الأخير في عهد السياسة التائهة التي تمارسها سلطات الإمارات.
ففي عام ٢٠١١ تم اكتشاف خلية تجسس في مسقط، تبين لاحقًا أن مصدرها عاصمة الإمارات أبوظبي، وصرحت بذلك الحكومة العمانية، الا أن سلطات الإمارات أنكرت ذلك!
وفي عام ٢٠١٣ تم اكتشاف خلية تجسس بحجة تقديم مساعدات لقطاع غزة عبر الهلال الأحمر الإماراتي، وبعد التحقيق معها تبين أن دورها يقوم على جمع معلومات تدعم التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني لضرب قطاع غزة، إلا أن السلطات الإمارتية أنكرت ذلك، وخرج أحد أعضاء البعثة يفند هذا ويعتبره حرب شائعات تتعرض لها الدولة!
بعد الثورة التونسية تدخل نظام الإمارات عبر جواسيسه وعملائه في إفساد الثورة، عبر دعم حزب نداء تونس المنبثق من نظام بن علي، ومحاولة التأثير على نتائج الانتخابات لإقصاء حزب النهضة الإسلامي من المشهد الانتخابي.
وفي العام نفسه، تدخلت المخابرات الإماراتية عبر الجواسيس والعملاء وبالتنسيق مع الجيش المصري لدعم بلطجية "تمرد"، لسحل وقتل الإخوان المسلمين وحرق مقراتهم استعدادًا للانقلاب على الرئيس مرسي، وأكدت هذا تسريبات الجيش المصري، وصور وزير خارجية الإمارات مع عضوين من خلية تمرد.
في عام ٢٠١٣ هددت السلطات التركية بفضح سلوك سلطات الإمارات وكشف أفعال وصور مسؤوليها، بعد القبض على خلية تمول من قبل الإمارات، وتدعم جماعة فتح الله جولن "الكيان الموازي" لزعزعة نظام أردوغان والانقلاب عليه، ولم يصدر بيان رسمي من سلطات الإمارات، ولكنها خاطبت السلطات التركية تعتذر وتتوسل بغلق الملف.
مؤخرًا وقبل عدة أيام، تم القبض على جاسوس إماراتي يتردد على الأراضي الليبية للتجسس على الثوار، وللتحضير لقائمة من الاغتيالات وإثارة الفتنة لإفشال اتفاقيات السلام الليبية بين الأطراف المتنازعة، إلا أن سلطات دبي أنكرت صلتها بالرقيب يوسف صقر، وأوضحت أنها أنهت خدماته منذ عام ٢٠١٠، بسبب قضايا أخلاقية.
من الغريب في واقعة الجاسوس الإماراتي أن قائد عام شرطة دبي يؤكد إنهاء خدماته بسبب سلوكه غير الأخلاقي، في حين بعد هذا التاريخ نائب رئيس الشرطة ضاحي خلفان، يمنحه شهادة تقدير لحسن سلوكه، كما أن الجاسوس احتفظ بصور ودية مع كل من حاكم دبي وولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للإمارات!
من مساوئ السياسة الإماراتية أنها عقب الربيع العربي فقدت دبلوماسيتها، ودخلت في عالم التيه، ذلك لأن كل مشروعات الإمارات الأمنية بعد هذا الربيع لم تجن منها سوى تبديد ثروات الشعب، وكره الشعوب، وصداع وقلق لا ينتهي.
هل يستطيع مسؤول اماراتي أن يكشف للمرة الواحدة ما هي علاقة الإمارات بما يجري من حرية في مصر أو تونس أو ليبيا أو حتى تركيا؟، وما المخاطر التي ستتعرض لها الدولة من جراء إقامة علاقات طبيعية أو حتى الوقوف على الحياد.
لا أستغرب سلوك السلطات الإمارتية إزاء بلدان الربيع العربي، فمخلفات الربيع العربي الهاربة أسست منصتها العدائية هناك في أبوظبي، فأحمد شفيق مستشار لدعم انقلاب مصر، وبشرى الأسد وعائلتها لدعم نظام بشار، ومحمود جبريل منسق عمليات حفتر، ودحلان مهتم بمحاصرة قطاع غزة، وعبر الأقمار الصناعية يتم التنسيق مع فتح الله أوجلان في أمريكا لضرب استقرار تركيا، والتنسيق مع نظام السبسي للسيطرة على تحركات حزب النهضة التونسي.
التجسس أحد الأنواع والسبل الملتوية في الحروب الحديثة والقديمة، وكان من الأجدى للسلطات الإمارتية أن تستبدل تلك الأدوات الملتوية بروح الدبلوماسية والحوار مع بلدان الربيع العربي.
كرة الثلج تكبر ولا تصغر، وقضايا الإمارات تزداد خطورة وتعقيدًا، وخصوم الدولة يتقاطرون من كل الأقطاب، وأشد ما أخشاه أن تغرق الإمارات في بحر سياستها التائهة.