واشنطن بوست .. الإخفاء القسري أداة رئيسية لدى الأنظمة القمعية

واشنطن بوست .. الإخفاء القسري أداة رئيسية لدى الأنظمة القمعية

تناول جيسون شيدمان في مقال له في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية حوادث الاختفاء القسري التي ازدادت  وتيرتها بشدة مؤخرًا في عدد من دول المنطقة

وأوضح جيسون أنّ منظمات حقوق الإنسان في مصر أكدت اختفاء العديد من النشطاء، بعد توقيفهم على نقاط التفتيش. والأمر نفسه يحدث في سوريا، إذ اختطف النظام عشرات الآلاف في ظل الحرب الأهلية المستعرة. ويؤكد جيسون أن الإخفاء القسري أصبح أداة رئيسة لدى الأنظمة القمعية.

يقول جيسون: إنّ إخفاء المعارضين قد يبدو وسيلة فعالة لسحق أي تهديد يحيط بنظام الحكم، الذي قد يلجأ إلى هذه الحيلة لإخفاء قمعه. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ إنّ أنظمة الحكم التي عُرف عنها استخدام هذا الأسلوب استخدمت العنف علنيًا في نفس الوقت.

يتباين استخدام الدول لهذا الأسلوب – يشير جيسون – فعلى الرغم من مواجهة الأنظمة العسكرية في كل من الأرجنتين والأوروجواي معارضة قوية في السبعينات، إلا أنّ عدد المختفين قسريًا في الأخيرة كان قليلًا جدًا بالمقارنة بالأولى، فلماذا هذا التباين الشديد في استخدام هذا الأسلوب؟ يتساءل جيسون.

يجيب جيسون: إنّه قد أجرى بحثًا حول الدول التي تستخدم الإخفاء القسري – وقارن بينها وبين الدول التي تستخدم أشكالًا أخرى من القمع – فوجد أنها تستخدم هذا الأسلوب عندما تفشل في فهم طبيعة المعارضة التي تواجهها. وقد استنتج أنّ أنظمة الحكم تلجأ إلى هذا التكتيك عندما تتأكد من ضعف القاعدة الشعبية للمعارضة، فيصبح من الصعب معرفة من يدعم أو قد ينضم إلى المعارضة. والهدف من ذلك هو تفتيت المعارضة.

كما أنّ الهدف من ذلك أيضًا هو سحب الدعم من المعارضة وترهيب المجتمع. وفي سبيل ذلك، تعمل الدول على تطبيق مبدأ الإخفاء القسري لقمع المعارضين. وتسعى الدول من إخفاء المواطنين إلى إجبار عائلاتهم ومعارفهم على الانصياع لمطالب الدولة. وتقوم الدولة بضمان وجود نفوذ لها عبر اعتقال الضحية، وقطع كافة السبل لتحريره باستثناء الانصياع.

يقول جيسون: إنّ الخوف يظل مسيطرًا على عائلة الضحية مما يجعلها تتحاشى الانخراط في السياسة. كما أنّ هذا الأسلوب سيرهب العديد من المعارضين. ويظل الوضع مستمرًا؛ لأنّ العائلة تبقى خائفة طالما أنّ قدر الضحية يظل مجهولًا.

ويؤكد أن الدول تلجأ إلى الإخفاء القسري عندما تعجز عن قمع المعارضة. وإذا ما أسقطنا ذلك على الوضع في الشرق الأوسط حاليًا، يمكننا أن نرى أنّ تزايد تلك الحوادث يشير إلى استمرار أزمة الانتفاضات العربية وضعف الدول في مواجهة المعارضة.

لكن هذا الأسلوب قد يأتي بنتائج عكسية – يختتم جيسون بالقول – فقد يزيد من حدة المقاومة ويجذب الانتباه نحو عنف الدولة. وعبر استهداف عائلات النشطاء بغية الترهيب، يمكن للدولة تقوية المعارضة بسبب الآثار الصادمة للعنف على العائلات؛ مما سيغير حسابات السلطة التي تمارس القمع.

وتزعم منظمات حقوقية أن الاختفاء القسري يتم على نطاق واسع في دولة الإمارات، ضاربة المثل بعشرات الناشطين الإماراتيين الذين ظلوا شهورا في الاختفاء القسري في القضية المعروفة الـ"94"، وقضية اعتقال ليبيين لنحو 500 يوم بالاختفاء القسري، وغيرهم كثير.

ولكن من جهة ثانية، يزعم آخرون أن حادثة اعتقال الناشط الحقوقي الكبير أحمد منصور كسرت هذا السلوك، إذ بادرت "نيابة جرائم تقنية المعلومات" بالإعلان عن مكان اعتقال منصور وكشفت تهمته، وقالت إنها سمحت لعائلته ومحاميه بمقابلته.

ولكن، رد ناشطون على ذلك، بأن الأمم المتحدة لم تأخذ إعلان السلطات على محمل الجد، ورأت في هذا الإعلان طريقة جديدة "لذر الرماد في العيون" على حد تعبيرهم، في حين أن مضمون الاختفاء القسري مستمر ولكن تم ممارسته بشكل آخر، على حد قولهم.

وزعم هؤلاء، أن تعديلا قانونيا مؤخرا سمح لمحاكمة قضايا "أمن الدولة" والتي هي قضايا حقوقية، أمام محكمة استئناف أبوظبي وليس أمام محمكة أمن الدولة بعد تزايد الانتقادات الدولية، ولكن في النهاية، فإن ما تغير هو الشكل وليس جوهر الأحكام القاسية، معتبرين أن هذا الإجراء جاء لتجنب الإدانات الدولية. فأحكام محكمة امن الدولة لا تقبل الطعن وأحكامها نهائية، في حين أن أحكام محكمة الاستئناف تقبل الطعن شكلا وترفضه موضوعا حتى الآن. وهو الأمر الذي رأى فيه ناشطون "التفاف" على القانون وعلى الانتقادات الحقوقية

الكاتب