الإمارات اشترت برامج تجسس لمراقبة النشطاء من بريطانيا

الإمارات اشترت برامج تجسس لمراقبة النشطاء من بريطانيا

تم الكشف عن أن شركة بريطانية رائدة في تجارة الأسلحة تبيع برامج تجسُّس لدولٍ في الشرق الأوسط، ما يُعرِّض أمن النشطاء والمجموعات المُعارِضة إلى الخطر.

وجاء الكشف بعد تحقيقٍ استمر عاماً كاملاً، أجرته الخدمة العربية لـ"بي بي سي" إلى جانب صحيفةٍ دنماركية، وتوصل إلى أن شركة BAE Systems كانت تبيع نظام مراقبة جماعية يُدعى Evident لحكومات شرق أوسطية متورّطة في قمع النشطاء الداعين إلى الديمقراطية، وقد حصلت الشركة على حق بيع النظام بعد استحواذها على شركة دنماركية تُدعى ETI في عام 2011.

وقال موظف سابق لدى ETI متحدثاً إلى "بي بي سي"، بشرط عدم كشف هويته: "يسمح النظام باعتراض أي نشاطٍ على الإنترنت".

وتابع: "إذا أردت مراقبة بلدٍ كاملٍ، تستطيع ذلك. يمكنك تحديد موقع أي شخص اعتماداً على بيانات هاتفه المحمول. يمكنك تتبُّع أي شخص. كانت لدى الشركة أنظمة مُتقدِّمة للغاية للتعرُّف على الأصوات. وكان يمكنهم فك الشيفرات أيضاً"، بحسب ما ذكر تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

وكان من بين عملاء الشركة الحكومة التونسية في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، التي استخدمتها ضد المعارضين قبل سقوط نظام بن علي في انتفاضة الربيع العربي في عام 2011.

وقال مسؤول استخباراتي تونسي سابق: "ثبَّتت شركة ETI النظام، وجاء مهندسوها لتدريبنا". وأضاف: "يعمل النظام عبر مفردات البحث. تُدخل إلى النظام اسم الهدف، فيعرض لك المدونات وحسابات التواصل المرتبطة بهذا المستخدم".

وأظهر الطلب الذي قدَّمته "بي بي سي" وصحيفة Dagbladet Information الدنماركية لكشف عملاء الشركة بموجب قانون حرية المعلومات البريطاني، أنَّ حكومات السعودية والإمارات وعُمان والمغرب والجزائر كانت من بين عملاء الشركة.

وقد ألحق صعودُ تقنياتِ المراقبة في الشرق الأوسط ضرراً بالغاً بفعاليات الداعين إلى الديمقراطية في المنطقة منذ بداية التظاهرات المناهضة للحكومات في عام 2011.

وقال يحيى العسيري، ضابط القوات الجوية السعودي الذي فرَّ من البلاد بعد نشره تعليقات داعية إلى الديمقراطية، لـ"بي بي سي": "لن أكون مبالغاً إن قلت إنَّ أكثر من 90% من أنشط القائمين على الحملات الداعية إلى الديمقراطية في 2011 قد اختفوا".

ووصفت مارييتي شاكه، عضوة دنماركية بالاتحاد الأوروبي، بيع هذا النظام بأنَّه "غير مقبول". وأضافت لـ"بي بي سي": "أرى أن من غير المقبول أن يُخرَس شخصٌ أو يُسجن بمساعدة تقنيات قادمة من الاتحاد الأوروبي".

وتابعت: "حقيقة أن هذه الشركات كيانات تجارية، تصنع هذه التقنيات المتطورة للغاية.. تستلزم منا النظر في ما يجب إضافته من قيود، وما نحتاج إليه من شفافية ومحاسبية في هذه السوق، قبل أن تعود هذه التقنيات فتضرب مصالحنا وقيمنا".

ومع ذلك، فقد حرصت الحكومة البريطانية على دعم شركة BAE Systems في مساعيها بالشرق الأوسط.

وبالتحديد، فإنَّ السعودية سوق أساسية بالنسبة إلى الشركة، التي يبلغ عدد موظفيها في جميع أنحاء العالم أكثر من 80 ألف شخص، وتمثل قيمة صادراتها نسبة 1% من إجمالي الصادرات البريطانية، وفقاً لبيانات الشركة.

وقد أقرَّت الحكومة البريطانية صفقات أسلحة تُقدَّر بأكثر من 4.2 مليار دولار أميركي إلى السعودية منذ بدء الحرب في اليمن في عام 2015، وقالت صحيفة "التايمز"، الشهر الماضي، إنَّ الحكومة البريطانية ألقت بثقلها خلف الشركة لضمان صفقة طال انتظارها ببيع 48 طائرة "تايفون" إلى السعودية.

وقال أولي شبراجه، مدير برنامج الجيوش والأمن والشرطة بمنظمة العفو الدولية لـ"ميدل إيست آي" إنَّ شركة BAE Systems تعتمد على "القوانين البريطانية المُشوَّهة لتنظيم تصدير الأسلحة".

وتابع: "تُقِر BAE Systems بأنَّ لديها 6000 موظف في السعودية لمساعدة المملكة على تقوية قدرات التسليح الخاصة بها، لذا فإن اختباء الشركة خلف القوانين البريطانية المُشوَّهة لتنظيم تصدير الأسلحة لتبرير عملها هو أمر شائن".

وأصدرت وزارة التجارة الدولية البريطانية هذا التصريح: "تتعامل الحكومة مع مسؤولياتها بشأن صادراتها الدفاعية بجدية بالغة، ولديها أحد أكثر أنظمة التحكم في الصادرات صرامةً في العالم. تخضع جميع طلبات إصدار رخصة التصدير حالةً بحالةٍ وفقاً لمعايير صارمة، تدخل فيها كافة العوامل في وقت تقديم الطلب، من بينها اعتبارات حقوق الإنسان".

الكاتب