الإعلام الأردني .. هدف محمد بن زايد الجديد بواسطة دحلان

الإعلام الأردني .. هدف محمد بن زايد الجديد بواسطة دحلان

بات الهدف الجديد لمحمد دحلان الذراع الأيمن لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، يتمثل في تمديد امبراطوريته الإعلامية من خلال التغول في الساحة الأردنية والسيطرة على عدد من أبرز الوكالات الإعلامية فيها.

دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، كان قد شرع في تنفيذ مخطط إماراتي للسيطرة على وسائل الإعلام العربية، وتشير العديد من التقارير إلى أن نفوذه وصل إلى حد السيطرة على قناة العربية التابعة في الأصل لمجموعة MBC السعودية، كما أطلق قناة الغد العربي الإخبارية، وقناة الكوفية في فلسطين مؤخراً، إضافة إلى سيطرته على عدد من القنوات والأقلام الصحفية المصرية، وعدد كبير من المواقع الإلكترونية في الوطن العربي.

ويهدف محمد بن زايد من خلال هذا المخطط الذي ينفذه دحلان إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو يسعى إلى تمرير الأجندة الإماراتية وترسيخ مفاهيمها في العقول العربية من خلال محاصرتها في أكثر من اتجاه، ومن جهة أخرى محاربة الذراع الإعلامي لقطر والمتمثل بقناة الجزيرة، وتشويه صورة المملكة العربية السعودية في المنطقة بعد اختلاف التوجهات الإقليمية مع العهد السعودي الجديد.

موقع "وطن" الإلكتروني نشر تقريراً خاصاُ بمحاولات دحلان الأخيرة في الأردن، وذكر الموقع أن مصادر صحفية مطلعة قالتأ إن الإمارات باتت تسعى بشكل حثيث للسيطرة على وسائل الإعلام الأردنية وخصوصا المواقع الإلكترونية التي لها متابعات من داخل الأردن وخارجها.

وحسب هذه المعلومات، فقد زار مؤخراً وفد يمثل محمد دحلان مستشار ولي عهد أبوظبي العاصمة الأردنية عمان للتباحث في شراء موقع "عمون" الأردني الـذي يحظى بدعم جهات أمنية نافذة ويملكه "سمير الحياري".

وكان "وطن" قد نشر في تقرير سابق أنباء عن تلقي "عمون" مليون دولار كدعم من دحلان القيادي الفتحاوي السابق والهارب من جرائم اغتيال شخصيات فلسطينية، بعد أن افرد له مقابلة كانت اشبه بالدعاية السياسية.

ويضيف التقرير أن دحلان قرر شراء الموقع الأردني بأموال الإمارات، في خطة على ما يبدو تستهدف  خلق نفوذ على الساحة الأردنية من خلال الإعلام الذي يعاني من شح الموارد المالية ويواجه تهديدات حكومية بالحجب والاغلاق في حال تجاوز الخطوط الحمراء التي تحددها السلطات الأردنية.

ويهدف الوفد في زيارته أيضاً إلى انشاء موقع إخباري يعني بأمور المملكة ويصبح له حضوراً عربياً، وأكد عدد من الصحفيين أنهم قد تلقوا عروض عمل لدى الموقع، منوهين إلى أنن الميزانية التي رصدت له ضخمة والرواتب التي ستدفع أكبر بكثير مما يتلقاه الصحفي في وسائل إعلام أردنية.

ولا يعرف سبب حاجة دحلان لموقع "عمون" وخصوصاً أنه يسعى لتأسيس موقع آخر بميزانية كبيرة لكن مشاورات حملها الوفد الدحلاني لشراء موقع "خبرني" تظهر رغبته ببسط نفوذ واسع كفيل بالحاق المشهد الإعلامي الأردني في ركب الإعلام المصري، وكان "خبرني" هو الآخر قد آبرز دعاية سياسية لدحلان على شكل لقاء.

ويظهر عدد من المراقبين استغرابهم الشديد من تحركات محمد دحلان داخل الأردن على الصعيد الإعلامي وفي المخيمات تحت غطاء إنساني وتحت علم السلطات، فيما كانت المخابرات الأردنية ولفترة طويلة في السابق تفرض حظراً على تحركاته داخل الأردن، ويفسر البعض ذلك بأن دحلان استطاع كسر هذا الحظر عبر الإمارات التي تعد حليفاأ رئيسياً للأردن.

وسبق تحرك دحلان في الأردن تحركا آخر في مصر ضخ فيه تمويلا ضخما لـ “اليوم السابع” وعقد مع ادارته صفقة لم يفصح عنها الطرفان. وتمول الإمارات الكثير من المواقع الإخبارية والفضائية المصرية التي تعمل لحساب دعم السيسي ومحاربة الإسلاميين وتشويه ثورة ٢٥ يناير.

وأخبار تحركات دحلان لن تكون جيدة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حليف الأردن ومصر والسعودية والإمارات "افتراضا"، لكن عمان ترجح بدون تفكير كفة أبوظبي، وقد لا يجد عباس أمامه إلا الذهاب إلى السعودية شاكياً.

وتحمل تحركات دحلان دلائل كثيرة أهمها أن الأردن قد رفع الحظر عنه واصبح يتقبل فكرة ما تسعى إليه الإمارات ومصر ليتولى السلطة الفلسطينية ويكون بديلاً لعباس ويتعامل مع ملف حماس “الإخوانية”.

ولا يتمتع دحلان بشعبية حقيقية ملموسة على الأرض في حين يتلقى هجوماً مستمراً عبر المواقع الاجتماعية، وأكثر مناصريه يستفيدون من مخصصات مالية يدفعها لهم تحت بنود مختلفة، وقد أدى دوره كرأس حربة لحرب الفوضى الإماراتية في عواصم الثورات كليبيا واليمن ومصر إلى امتعاض الفلسطينيين المؤيدين للثورات العربية، الذين اعتبروها بارقة أمل تنهي خيانة الأنظمة  -وليست الشعوب- لقضيتهم.

ومن غير المنتظر ان يقتنع الفلسطينيون بدحلان ما دامت الشكوك قائمة حوله فيما يتعلق باغتيال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وشخصيات مناضلة اخرى، بالإضافة إلى اختلاسه مئة وعشرين مليون دولار من أموال أرامل وأطفال الشهداء.

وهذا ما يفسر تقرب دحلان مؤخراً بمن يعتقد انه يحمل ملف براءته، وهو اللواء توفيق الطيراوي الذي لا يزال يحقق منذ سنين في اغتيال عرفات، وقد استضافه موخراً على فضائيته “الغد العربي” وأفرد صوره وتعليقاته في صفحات المواقع التابعة لإمبراطوريته.

ويأتي حرص دحلان على إيجاد قاعدة اعلامية وشعبية موثرة في الأردن لتتوافق مع طموحاته بالزعامة لأن المملكة تضم ملايين الفلسطينيين وبين البلدين نسيج خاص مشترك، وهو ما يتوافق مع الرؤية الإماراتية الخاصة بمحمد بن زايد.

الكاتب