ميدل ايست .. تنتقد ارتفاع حالات انتهاك حقوق الانسان في الامارات

ميدل ايست .. تنتقد ارتفاع حالات انتهاك حقوق الانسان في الامارات

رأى موقع "ميدل ايست آي" أن من أبرز تجليات مدى عدم احترام دولة الإمارات العربية المتحدة لحقوق مواطنيها ما قام به ممثلها لدى الأمم المتحدة، أحمد عواد، بعدما غادر جلسة تمهيدية تسبق تقديم الاستعراض الدوري الشامل، إثر تجاهله الانتقادات، ورفضه الردّ على ما وجهته منظمات المجتمع المدني لبلاده بشأن تدهور وضع حقوق الإنسان.

وبحسب الأمم المتحدة فإن الاستعراض الدوري الشامل عملية فريدة تنطوي على إجراء استعراض لسجلات حقوق الإنسان لدى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتحركها الدول، برعاية مجلس حقوق الإنسان، وتوفر لجميع الدول الفرصة لكي تعلن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلدانها وللوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

وتعد الجلسة التمهيدية التي تسبق أي استعراض فرصة لمنظمات المجتمع المدني لتقديم انشغالاتها مباشرة أمام وفود الدول المعنية بالاستعراض، وفي حالة الإمارات سيتم إجراء الاستعراض في يناير/ كانون الثاني المقبل، وفق "ميدل ايست آي".

وبحسب المصدر ذاته فقد نبهت المنظمات التي شاركت في الجلسة التمهيدية من تزايد انتهاك حقوق الإنسان في الإمارات، وتم خلال الجلسة طرح ملفات مثل حالات انعدام الجنسية، وقمع المدافعين عن حقوق الإنسان والزج بهم في السجون، والتعذيب، والقيود المفروضة على حرية التعبير، وحقوق العمال الأجانب وعائلاتهم.

وأوضح تقرير "ميدل ايست آي" أن الأعوام الخمسة الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات انتهاك حقوق الإنسان في الإمارات، ما دفع عدداً أكبر من المنظمات غير الحكومية، التي تتخذ الدول الغربية مقرات لها، إلى تخصيص جزء كبير من جهودها لتسليط الضوء على ما يجري داخل البلاد.

ولفت التقرير إلى أنه جرت العادة خلال الجلسة التمهيدية أن تقوم منظمات المجتمع المدني من البلد المعني بالاستعراض، بطرح مخاوفها وانشغالاتها حول وضعية حقوق الإنسان ببلدها، لكن لوحظ غياب واضح لأي منظمة إماراتية خلال الجلسة التي جرت قبل أيام.

ونقل تقرير "ميدل ايست آي" عن المتحدث باسم "الحملة الدولية للحرية بالإمارات"، إشارته خلال الجلسة إلى الوضع الحقوقي في الإمارات بالقول إنه "يبدو أنه لا يوجد أي مجتمع مدني مستقل نشيط داخل الإمارات العربية المتحدة، ولذا يضطر الضحايا إلى نقل ما يتعرضون إليه إلى منظمات دولية مثل منظمتنا".

وفي ما يخص الحالة الحقوقية في الإمارات، قال تقرير "ميدل ايست آي" إنه منذ الاحتجاز التعسفي للناشط في مجال حقوق الإنسان، أحمد منصور، لم يعد أحد يتجرأ داخل البلاد على رفع صوته والدفاع عن مثل هذه الملفات

وأضاف التقرير أن منصور تعرض للاعتقال بداية العام الحالي، بينما كان يتفاعل مع هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية حول مواضيع تهم الوضع الحقوقي داخل بلاده. واعتبرت الأمم المتحدة تواصل اعتقاله "هجمة مباشرة" على المدافعين عن حقوق الإنسان أينما كانوا.

لكن منصور، يضيف تقرير "ميدل ايست آي"، ليس الوحيد الذي يتعرض لمعاملة سيئة داخل الإمارات، بل يوجد آخرون غيره يقضون عقوبات سجنية طويلة لتطرقهم إلى الوضع الحقوقي، ومشاركتهم في دعوات نسبياً متواضعة لتحقيق إصلاحات داخل البلاد، بمن فيهم الأكاديمي الإماراتي، ناصر بن غيث، والمحامي الإماراتي في مجال حقوق الإنسان، محمد الركن.

 

وذكر التقرير في هذا السياق أن حملة القمع التي تشنها السلطات الإماراتية بحق الأصوات المعارضة بعد الربيع العربي وصلت مستويات قياسية جعلت البلاد تحتضن أكبر عدد من السجناء السياسيين في العالم أجمع قياساً بعدد السكان.

وأضاف التقرير أنه منذ 2012 أعلن الفريق الأممي العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي عن وجود أكثر من 85 حالة اعتقال تعسفي للأفراد، وكنتيجة مباشرة لممارستهم حرياتهم الأساسية في التعبير عن الرأي، مشيراً إلى أنه على الرغم من دعوة الفريق الأممي إلى إطلاق سراحهم بشكل فوري، فإن العدد الأكبر ما زال حتى اليوم رهن الاعتقال.

ولفت تقرير "ميدل ايست آي" إلى أن السلطات الإماراتية تجاهلت طلب زيارات عديدة قدمها المقررون الخاصون للأمم المتحدة لمعاينة حالات الاحتجاز التعسفي والتعذيب.

وبالعودة إلى ما جرى خلال الجلسة التمهيدية للاستعراض الشامل، قال تقرير "ميدل ايست آي" إن المندوب الإماراتي، أحمد عواض، فضّل خلال كلمته في الجلسة عدم الرد على الاتهامات التي وجهت إلى بلاده أو حتى التطرق إلى "الإنجازات الإيجابية"، بل حاول تقديم مبررات للقرارات التي اتخذتها دولة الإمارات، بالتلميح إلى "حالة الطوارئ" التي أقرها بلد أوروبي كرد على التهديدات الإرهابية.

وبعدما اعترض رئيس الجلسة على تدخله، مذكراً إياه بأن المجال لا يسمح للخوض في مثل هذا النقاش، رد بالقول إن الجلسة مجرد "مضيعة للوقت" ليغادر مقر الجلسة على الفور.

من جانب آخر، ذكر تقرير "ميدل ايست آي" أن ذريعة مواجهة الإرهاب لتبرير الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان ليس بالأمر الجديد، فالأنظمة المتسلطة تلجأ إلى ذلك على امتداد المنطقة، من بشار الأسد بسورية، وصولاً إلى عبد الفتاح السيسي، إذ يتم اللجوء إلى هذا النوع من الخطاب بلا هوادة كأداة لقمع أي أصوات معارضة.

وفي حالة الإمارات، يضيف التقرير، يتم اللجوء إلى قوانين بمضامين فضفاضة لقمع المعارضين، مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون مواجهة الجريمة الإلكترونية.

واعتبر تقرير "ميدل ايست آي" أن ما جرى خلال الجلسة التمهيدية يجسّد التحديات الكبيرة التي تواجه من يهتمون داخل الإمارات بتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، مضيفاً أن ردة الفعل التي قام بها المندوب الإماراتي لن تفاجئ العدد الكبير للمدوّنين وللمدافعين عن حقوق الإنسان ولنشطاء حقوق الإنسان، الذين وجدوا أنفسهم خلف الجدران لمجرد قيامهم بممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمهر.

الكاتب