قواعد الإمارات «الإسرائيلية» و«أمر العمليات» الأميركي للسيطرة على باب المندب
لما كانت الحرب الكونية على اليمن تتجه نحو الحسم، بعد معادلات الردع الاستراتيجي التي صنعها ثوار 21 أيلول/ سبتمبر، لا بدّ لنا من تركيز الأضواء على ما يفعله صبية الإمارات في هذه الحرب بأمر عمليات أميركي إسرائيلي، وإليكم بعض خفايا أمر العمليات المذكور، منذ أن انطلقت ثورة أنصار الله لتحرير اليمن من الوهابية والوهابيّين…!
لم يكن بقاء الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، الذي يضمّ محافظة عدن وميناءها حتى نهاية عام 1967 إلا تعبيراً عن الأهمية القصوى التي كانت توليها بريطانيا، زعيمة الدول الاستعمارية حتى بداية خمسينيات القرن العشرين، لميناء عدن وموقعه المتحكّم بالمدخل الجنوبي لمضيق باب المندب والذي هو بمثابة الشريان الأهمّ في حركة الملاحة الدولية، سواء التجارية أو العسكرية، حيث كان الحفاظ على السيطرة الاستعمارية الكاملة على هذا الشريان الحيوي يمثل مصلحة بريطانية عليا اقتصادياً وعسكرياً واستراتيجياً.
وفِي هذا الإطار وبعد استيلاء العصابات الصهيونية على ميناء أم الرشراش إيلات الفلسطيني عام 1949 اكتسب باب المندب أهمية مضاعفة واتسعت رقعة الصراع الدولي للسيطرة عليه. حيث كان الزعيم العربي جمال عبد الناصر أوّل المهتمّين بالعمل على إنهاء السيطرة الاستعمارية عليه وذلك ضمن الصراع مع الكيان الصهيوني والعمل على حرمانه من المنفذ البحري من إيلات إلى مختلف الطرق البحرية المتصلة بالبحر الأحمر.
فكان ان قام الرئيس جمال عبد الناصر بتقديم الدعم العسكري والسياسي والمعنوي لثورة الجنوب اليمني ضدّ الاحتلال البريطاني والتي انتهت بانتصار الثورة اليمنية وإعلان استقلال الجنوب بتاريخ 30/11/1967
هذا الانتصار الذي كانت إحدى أهمّ أسبابه الثورة اليمنية في العام 1962 وتدخل الجيش المصري في اليمن لمساندة الثوره التي قادها عبد الله السلال والتي حاربتها كلّ القوى الاستعمارية في العالم، عبر عملائها من حكام الرجعية العربيه في المنطقة وعلى رأسهم مملكة آل سعود التي كانت ترى في عبد الناصر «الشيطان الأكبر» الذي لا يهدّد السعودية فحسب وإنما يشكل تهديداً استراتيجياً لمصالح الدول الغربية الاستعمارية بشكل عام والذي يجب القضاء عليه حتى يتمّ تأمين تلك المصالح على المستوى البعيد.
أيّ انّ المعادلة وبكلّ بساطة، كانت تقضي بضرورة استمرار السيطرة على باب المندب، خدمة لمصالح الدول الاستعمارية تحت كلّ الظروف. وقد أوكلت هذه المهمة بعد انسحاب قوات الاحتلال البريطانية من جنوب اليمن إلى مملكة آل سعود التي عملت كلّ ما بوسعها لضمان استمرار سيطرة سياساتها التدميرية على الشعب اليمني ومقدّراته، عبر الكثير من الوسائل، والتي لم يكن آخرها شراء ذمم بعض شيوخ العشائر في مختلف محافظات اليمن وآخرين من القيادات العسكرية حتى وصلت الى «وهبنة» المجتمع والدولة اليمنيين.
ولكن كلّ هذه السياسات باءت بالفشل الذريع والذي أصبح جلياً عند خروج الشعب اليمني عن بكرة أبيه للتظاهر مطالبين بإزاحة الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، وذلك في أواخر عام 2011، تلك الثورة التي اضطرت صالح إلى التنازل عن الحكم في نهاية المطاف والتي استكملت في 21/9/2014 عندما دخل مقاتلو ومناصرو حركة أنصار الله إلى صنعاء وسيطروا على مفاصل الدولة الأساسية الى جانب سيطرتهم الضرورية والحيوية على مقارّ الوحدات العسكرية اليمنية التي كانت تأتمر بأمر آل سعود، أو تلك التي كانت على ارتباط وثيق مع تنظيم «القاعدة» في اليمن والتي كان لها وجود كثيف وغاية في الأهمية في العديد من القواعد العسكرية اليمنية في صنعاء ومحيطها إلى جانب وجودها في عدة محافظات يمنية أخرى تحت عين المتوهّبين من رموز السلطة.
وقد شعرت الدول الاستعمارية، وعلى رأسها قائدة الاستعمار الحديث، الولايات المتحدة الأميركية، بأنّ وجودها أو بالأحرى سيطرتها على هذا المنفذ البحري المهمّ باتت في خطر شديد وانّ ذلك قد يحرمها من مواصلة استخدامه وما حوله من موانئ في اريتريا والصومال واليمن نفسه، حيث كان علي عبد الله صالح قد أعطى الأساطيل الأميركية تسهيلات واسعة لاستخدام ميناء عدن وغيره من الموانئ التجارية والعسكرية اليمنية بحجة محاربة القاعدة، من مواصلة استخدامه باب المندب في تعزيز قبضتها على كلّ الدول المحيطة به وببحر العرب وغرب المحيط الهندي وذلك لضمان استمرار حشدها العدواني العسكري الاستراتيجي ضدّ الصين وروسيا وإيران.
وانطلاقاً من رؤيتها هذه وفي ظلّ عجزها وعدم رغبتها في الدخول في حروب مباشرة في الشرق الأوسط، نتيجة لهزيمة أميركا في العراق، فقد قامت الولايات المتحدة بإصدار أوامرها لآل سعود بشنّ حملة اعلامية دولية ضدّ إيران و»سياساتها التوسعية» في العالم العربي، وتصوير حركة أنصار الله على أنها الذراع العسكري لإيران في الجزيرة العربية كما هو حزب الله ذراعها العسكري في بلاد الشام، وذلك تمهيداً لبدء حملة عسكرية سعودية مجنونة ضدّ اليمن، حجراً وبشراً واثراً، عقاباً له على شقّ عصا الطاعة السعودية.
تلك الحرب التدميرية التي اخترع لها آل سعود إطاراً شكلياً أسموه «التحالف العربي» والذي أصبحت «دولة» الإمارات العربية المتحدة عضواً اساسياً فيه.
تلك المشيخة التي قام المستعمر البريطاني بتنصيب آل نهيان حكاماً لأبي ظبي والإمارات الأخرى المجاورة عليها سنة 1971 عندما انسحبت بريطانيا من منطقة الخليج لأسباب عدة لا مجال لمعالجتها في هذا المقام.
وقد عمدت الولايات المتحدة كزعيمة للدول الاستعمارية في هذا العصر، ليس إلى توزيع الأدوار بين أتباعها من آل سعود وآل نهيان فحسب، وإنما إلى بدء مرحلة دمج قدراتهما العسكرية مع القدرات العسكرية لقاعدتها المتقدمة في ما يسمّى «الشرق الأوسط» والمسمّاة بـ»إسرائيل»…!
وبناء على هذه المخططات الأميركية الجديدة لتعزيز سيطرة جيوشها وأساطيلها على منطقة الجزيرة العربية بشكل عام وفِي مواجهة إيران على المدى المتوسط ومواجهة كلا من روسيا والصين على المدى البعيد، نصّ أمر العمليات الأميركي الصادر في بداية شهر شباط 2015 على ما يلي:
أولاً: تكليف محمد بن زايد بالسيطرة على محافظات اليمن الجنوبية بما فيها محافظة عدن وصولاً الى ميناء المخا بهدف منع قوى الثورة اليمنية المتمثلة بحركة أنصار الله من إحكام سيطرتها على سواحل اليمن الجنوبية والجنوبية الغربية، وذلك تمهيداً لتوسيع مناطق عمليات القواعد الإسرائيلية المقامة على شواطئ اريتريا والصومال وذلك لإعادة السيطرة على منفذ مضيق باب المندب للاسباب التي ورد ذكرها أعلاه.
ثانياً: تكليف محمد بن سلمان بشنّ حملة جوية وبرية وبحرية، بالتعاون مع الإمارات، على كلّ مناطق اليمن تهدف إلى منع تثبيت بمعنى تعطيل فعلها وتأثيراتها وحركة تغيير الواقع المحلي المحدود والإقليمي الأوسع قوى الثورة اليمنية، وعلى رأسها حركة أنصار الله، في مناطق معينة من الوسط والشمال، وذلك بهدف منعها أي قوى الثورة من السيطرة على السواحل اليمنية والهادفة إلى وضع حدّ لعربدة الأساطيل الأميركية وأساطيل الناتو المستمرة سواء في منطقة القرن الأفريقي وباب المندب وبحر العرب أو في امتداده الشرقي باتجاه مضيق هرمز وغرب المحيط الهندي.
كما انّ أحد أهداف الحرب الدائرة ضدّ اليمن، منذ ثلاث سنوات واستمرار دول العدوان في محاولاتها للسيطرة على مداخل باب المندب الجنوبية والشمالية هو دمج النشاط العملياتي للقواعد الإسرائيلية في المنطقة وبتمويل إماراتي سعودي مع نشاط القواعد الإماراتية هناك.
القاعدة الأولى: قاعدة سقطرى الجوية/ البحرية
وقد كانت أولى الأماكن التي تمّ توجيه الإمارات العربية لإقامة قاعدة جوية وبحرية فيها هي جزيرة سقطرى اليمنية وذلك لسبب رئيسي يتعلق بالعقيدة العسكرية الأميركية للقرن الواحد والعشرين والتي تنص على «انّ من يسيطر على جزيرة سقطرى فإنه يفرض سيطرته على البحار السبع الكبرى في العالم وهي التالية:
– بحر العرب.
– بحر الخليج.
– البحر الأحمر.
– البحر الأسود وبحر إيجه كونهما متصلان عبر مضائق البوسفور والدردنيل
– البحر الأدرياتيكي.
وانطلاقاً من هذا المفهوم الاستراتيجي لأهمية جزيرة سقطرى اجتمع الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القيادة الوسطى الأميركية آنذاك، مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بتاريخ 2/1/2010 في صنعاء وناقش معه السماح للولايات المتحدة الاميركية إقامة قاعدة عسكرية في الجزيرة مقابل رفع المعونة المالية الأميركية لليمن من 70 إلى 150 مليون دولار سنوياً. ولكن اندلاع انتفاضة الشعب اليمني أدّت إلى تأجيل التنفيذ على الرغم من استخدام الولايات المتحدة لمطار الجزيره لتشغيل طائرات أميركية بدون طيار.
وقد وجدت القيادة العسكرية الأميركية ضالّتها في ذلك عند بدء الحرب العدوانية على اليمن حيث بدأت بتحويل الجزيرة إلى قاعدة بحرية وجوية يتمّ تمويل منشآتها بأموال خليجية وليست أميركية.
حيث قامت الإمارات بتجديد وإعادة تأهيل مدرج مطار سقطرى البالغ طوله 3300 متر وبدأ سلاح الجو الأميركي استخدامه في تنفيذ عمليات جوية مختلفة في منطقة بحر العرب وغرب المحيط الهندي.
كما أقامت الإمارات، بالتعاون مع الأميركيين والإسرائيليين، غرفة عمليات خلفية لإدارة الميدان في منطقة مضيق باب المندب اليمنية. وتضمّ هذه الغرفة اثني عشر ضابطاً إماراتياً وسبعة ضباط أميركيين وستة ضباط إسرائيليين.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ جهاز المخابرات الإماراتي ومن خلال الهلال الأحمر الإماراتي قد كلّف اثنين من المسؤولين الإماراتيين هما:
– خلفان بن مبارك المزروعي.
– محمود علي الخاجة
بشراء أراض في الجزيرة، خاصة على الساحل الواقع في الجهة الشرقية منها، لصالح شركات إسرائيلية مسجلة في دول أوروبية نتحفظ على تسميتها لأسباب المهنة ، وهي في الحقيقة شركات تملكها الكيرين كاييمت أو «دائرة أراضي إسرائيل
علما انّ اتفاقاً قد تمّ إبرامه في شهر حزيران الماضي يقضي بنقل سرب جوي إسرائيلي وآخر أميركي الى الجزيرة بعد الانتهاء من عمليات البنى التحتية اللازمة لذلك وإذا ما اقتضت الضرورات العسكرية تنفيذ هذا الخيار.
علماً انّ سلطات الإمارات، التي تسيطر على الجزيرة، تمنع هبوط أية طائرة غير إماراتية في المطار.
القاعده الرديفة: قاعدة الريان الجوية
هي القاعدة التي سيطرت عليها العصابات الصهيوأميركية أواخر ربيع عام 2016 أو ما يطلق عليها «قوات الشرعية» المدعومة من تحالف العدوان الأميركي السعودي والتي أغلقت أمام المواطنين منذ ذلك الوقت وتمّ تحويلها، أيّ القاعدة أو مطار الريان، الى سجن كبير للوطنيين من أهل اليمن وكذلك الى قاعدة لاستقبال اعداد كبيرة من عناصر داعش، الذين قام الجيش الأميركي بإخلائهم من ميادين القتال في سورية والعراق بعد هزيمتهم على أيدي الجيشين العراقي والسوري.
وقد تمّ نقل المئات منهم إلى هذا المطار لإلحاقهم بدورات تدريب وإعادة تأهيل في معسكرات أقيمت خصيصاً في حضرموت، حيث يقوم ضباط أميركيون وبريطانيون بالإشراف على دورات التدريب تلك.
علماً انّ محمد بن زايد، وبناء على تعليمات السيد الأميركي وبعد اجتماعه مع قادة حزب الإصلاح الإخواني اليمني، محمد اليدومي وعبد الوهاب الأنسي يوم 20/12/2017 في ابو ظبي قد اتفق معهما على استيعاب عناصر الحزب الراغبين في مواجهة «التمرد الحوثي» من أجل التدريب في تلك القاعدة أو قواعد أخرى…!
أيّ أنّ هذه القاعدة قد تحوّلت إلى مخزن خلفي لعناصر العدوان التي يتمّ تدريبهم فيها وإلحاقهم بالعصابات الصهيوأميركية في جبهات القتال المختلفة في اليمن وهي بالتالي عنصراً مهماً من عناصر ترسيخ السيطرة الصهيوأميركية على سواحل اليمن وبالتالي تعزيز محاولات السعودية إعادة سيطرتها على اليمن ومنعه من الاندماج في محور المقاومة المعادي للمخططات الصهيوأميركية في المنطقة والعالم.
القاعده الثانية: قاعدة ميون الجوية
بتوجيه من القيادة المركزية الأميركية في السيلية/ قطر قامت عصابات المرتزقة الصهيوأميركية التي تموّلها مشيخة محمد بن زايد، ويطلق عليها تحالف العدوان على اليمن اسم قوات الشرعية، قامت هذه العصابات باحتلال جزيرة ميون الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، وذلك منتصف شهر أيلول 2015، وهي البالغة مساحتها 13 كيلو متر مربع وكانت تسكنها 86 عائلة عدد أفرادها 350 نسمة.
وقد كانت الخطوة الأولى التي قامت بها عصابات الغزو المسماة «قوات الشرعية» هو إعلان الجزيره منطقة عسكرية وطرد سكانها منها تمهيداً لوضعها في خدمة المشاريع الاستعمارية الأميركية والغربية.
اذ بدأت مشيخة محمد بن زايد بإجراء الاتصالات اللازمة للبدء في تنفيذ مشروع إقامة قاعدة جوية في هذه الجزيرة التي تتحكم تماماً بمضيق باب المندب…! حيث أنشأت إدارة أميركية/ إسرائيلية/ إماراتية لهذا المشروع ولكن تحت واجهة إماراتية على أن توضع القاعدة بتصرف الدول التي «تحارب الإرهاب» عند الحاجة اليها. أيّ انها ليست إلا قاعدة جوية أميركية/ إسرائيلية يجري تجهيزها تحت غطاء إماراتي لتكون إحدى نقاط الارتكاز في عمليات الحشد الاستراتيجي الأميركي لمواجهة إيران على المدى المتوسط وفي مواجهة كلا من الصين وروسيا على المدى البعيد.
علماً انّ أعمال الإنشاءات قد بدأت في الجزيرة منتصف شهر 6/2016 حيث تمّ إنجاز المرحلة الأولى من المشروع والتي هي عبارة عن عمليات تمهيد الأرض وبناء مدرج الطائرات الذي أنجز أوائل شهر 10/2017 بطول 3200 متر، أي أنه يصلح لهبوط وإقلاع كافة انواع المقاتلات وطائرات النقل العسكري الأميركية والإسرائيلية.
ويجري الآن وضع الترتيبات الضرورية بين الجهات الثلاث لتحديد حجم العمليات الجوية وحجم الأسراب الجوية التي ستكلف بتنفيذها انطلاقاً من قاعدة ميون. ومن نافل القول طبعاً انّ أربعة ضباط كبار من سلاح الجو الإسرائيلي يشاركون بشكل دائم في غرفة العمليات الجوية التي تدير المشروع.
القاعدة الثالثة: قاعدة بربرة الجوية/ البحرية
وقّعت حكومة مشيخة محمد بن زايد في أبو ظبي، في أوائل شهر 2/2017 اتفاقية مع حكومة أرض الصومال حكومة منشقة عن موقاديشو منذ عام 1991 ، اتفاقية يسمح بموجبها لمحمد بن زايد بإقامة قاعدة جوية على مساحة أربعين كلم مربع في مطار بربرة ومحيطه وذلك مقابل 440 مليون دولار يدفعها بن زايد لحكومة أرض الصومال.
علماً انّ هذه القاعدة تحتوي على أطول مدرج طائرات في القارة الأفريقية بطول أربعة آلاف ومائة واربعين متراً، أيّ انّ بإمكان كافة الطائرات الأميركية والإسرائيلية الهبوط في هذه القاعدة والإقلاع منها بما في ذلك القاذفات الاستراتيجية الأميركية من طرازB52
أيّ أنها قاعدة أخرى من القواعد التي يقوم البنتاغون بتجهيزها ضمن عمليات الحشد الاستراتيجي المشار اليه أعلاه…
ومن الجدير بالذكر انّ هذه القاعدة ليست بحاجة لأكثر من اعادة تأهيل بعض المرافق، إذ انها كانت مستأجرة من قبل وكالة الفضاء الاميركية ناسا مقابل 40 مليون دولار سنوياً حتى سنة 1991.
وعليه فإنّ هذه القاعدة ستكون جاهزة للعمل تماماً لاستقبال الطائرات مع منتصف شهر 1/2018 حيث سيتمّ إنشاء تشكيل جوي مشترك، أميركي/ إسرائيلي/ إماراتي يتكوّن من 32 طائرة من طراز F16 وذلك بهدف «إجراء مناورات جوية مشتركة» حسب ما نقل عن ضابط أميركي في القاعدة المذكورة.
يُضاف إلى ذلك أنّ جزءاً من الاتفاقية يخص استخدام سلاح بحرية محمد بن زايد لجزءٍ من ميناء بربرة وتحويله إلى قاعدة بحرية تكون مهمتها المعلنة التدريب والمراقبة بينما هي في الحقيقة قاعدة بحرية سيتمّ استخدامها من قبل البحرية الأميركية والإسرائيلية والإماراتية بقيادة غرفة عمليات مشتركه يجري تجهيزها حالياً بمشاركة الأطراف الثلاثة وستشرف هذه الغرفة على إدارة العمليات في منطقتي غرب خليج عدن وباب المندب.
القاعده الرابعة: قاعدة جيبوتي
يعود تاريخ نشأة هذه القاعدة إلى سنة 2005 حين وقّعت الإمارات اتفاقية مع حكومة جيبوتي تتولى بموجبها مشيخة الإمارات إدارة ميناء جيبوتي، ولكن ظروفاً مختلفة حالت دون تنفيذ ذلك الاتفاق حتى بداية شهر 6/2017، حيث توصلت مشيخة أبو ظبي إلى تفاهم جديد مع حكومة جيبوتي ينص على إعطاء البحرية الإماراتية حق استخدام الميناء في عمليات الدعم اللازمة لتنفيذ مهمات قتالية في اليمن… وقد بدأت البحرية الإماراتية بممارسة العمل الفعلي هناك انطلاقاً من معسكر ليمونييه الذي يضمّ القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا وفي قوة المهام المشتركة الأميركية في القرن الأفريقي. علماً انّ الضباط الإماراتيين يتواجدون في منطقة هراموس القريبة من المعسكر المذكور أعلاه، أيّ أنها ليست أكثر من ذيل للقيادة الأميركية الموجودة في جيبوتي يعمل على خدمة أهدافها في تعزيز سيطرتها على منطقة القرن الأفريقي وخليج عدن وصولاً إلى باب المندب، وهي التي تشكل مراكز قيادة وسيطرة للجيوش الأميركية المنخرطة في عمليات الحشد الاستراتيجي الذي أشرنا اليه سابقاً.
القاعده الخامسة: قاعدة عَصّب اريتريا الجوية/ البحرية
وقّعت مشيخة محمد بن زايد عقداً مع حكومة اريتريا في بداية عام 2016 مدته ثلاثون عاماً لغرض إقامة قاعدة جوية في مطار عَصّب والذي يحتوي على مدرج طائرات طوله ثلاثة آلاف وخمسمائة متر قادراً على استقبال كافة أنواع المقاتلات إضافة إلى طائرات النقل العملاقة من طراز «سي 17»… بالإضافة إلى قاعدة بحرية في ميناء عَصّب ذي المياه العميقة والقادر على استيعاب السفن الحربية الكبيرة من مدمّرات وبوارج حربية
أيّ أنّ هاتين القاعدتين مؤهّلتان للقيام بكلّ المهمات الضرورية في إطار عمليات الحشد الاستراتيجي الأميركي ضدّ كلّ من الصين وروسيا وإيران، وانّ الدليل على ذلك، عكس الأكاذيب التي تروّجها مشيخة محمد بن زايد حول حاجتها لهاتين القاعدتين لتقديم الإسناد اللوجستي لعملياتها في اليمن، هو قيام بن زايد بنشر كتيبتي دبابات ثقيلة في منطقة القاعدة الجوية والتي هي في الحقيقة عبارة عن نواة قوة مدرعة أميركية في القرن الأفريقي كجزء من عمليات التحشيد المذكوره أعلاه، إذ انّ مشيخة بن زايد ليست بحاجة الى أية قوات مدرعة في أفريقيا على الإطلاق.
وإذا ما أضفنا الى الانتشار الإماراتي المكثف على سواحل اليمن الجنوبية والغربية، الوجود التركي، أيّ وجود تركيا كعضو في الناتو وليس كجمعية خيرية، في قاعدة العيديد بقطر واتفاقها قبل أيّام مع الرئيس السوداني عمر البشير على إقامة قاعدة بحرية ضخمة في جزيرة سواكن السودانية الى جانب القاعدة التركية الموجودة في جيبوتي فإننا نلاحظ انّ كلّ هذا النشاط العسكري المتزايد للولايات المتحدة وأذنابها في «الشرق الأوسط» لا يمكن إلا أن يكون خطوات على طريق استكمال الحشد الاستراتيجي الأميركي المعادي للصين وروسيا وإيران، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأهمية الاستراتيجية لمناطق الانتشار في ما يتعلق بالملاحة الدولية وطرق التجارة العالمية واشتداد المنافسة التجارية الأميركية/ الصينية والتي ستزداد شراسة في السنوات المقبلة.
القاعده السادسة: قاعدة المخا البحرية
وهي القاعده التي أنشأتها مشيخة محمد بن زايد بعد ان احتلت العصابات الصهيوأميركية ميناء المخا اليمني في بداية شهر 2/2017 حيث بادرت إلى إعلان الميناء والمدينة منطقة عسكرية وبدأت بعمليات ترحيل جماعي لمواطني المنطقة اليمنيين حيث بلغ عدد من تمّ طردهم عشرة آلاف مواطن.
وقد باشرت البحرية الإماراتية بإقامة عنابر لإسكان الجنود واُخرى كمستودعات للذخائر الحربية والتموين والتجهيزات الأخرى والتي يؤكد حجم طاقتها الاستيعابية حاجة بحرية محمد بن زايد وتشير بكلّ وضوح إلى أنها ليست سوى مستودعات للجيش الأميركي البحرية ومعه البحرية الإسرائيلية ولا علاقة لها بأيّ من الأكاذيب التي تنشرها مشيخة بن زايد حول دورها في حماية ممرّ باب المندب الهامّ على مستوى الملاحة الدولية فضلاً عن «أمن العرب والمسلمين في حربهم العادلة ضدّ الكيان الصهيوني»