علياء عبد النور: مَرضُها بالسرطان ،، لم يشفعْ لها من ظُـلم السَّجان !!

علياء عبد النور: مَرضُها بالسرطان ،، لم يشفعْ لها من ظُـلم السَّجان !!

("قالوا لأبي جهل، اقتحمْ بيت محمد، فقال: أخاف أن تُـعيِّـرَني العرب أني روَّعْتُ بنات محمد!!)،
ألا يخجلُ قومنا اليوم مما خجل منه أبو جهل!

طبعاً كانت هذه لمحة عن نخوة العرب، حتى وإن كانوا (غير مسلمين) يشركون بالله الجبّار ويؤذون نبيَّه المختار، إلا أنهم لم يجرؤوا على ترويع بنات العرب والعربدة عليهنّ، كما فعل أمن الإمارات وكلّ الأنظمة العربية المستبدة.

بطلتنا هي مواطنة إماراتية مسكينة، اسمها "علياء عبد النور محمد عبد النور" وعمرها 40 عاماً من مواليد 20/11/1977م، أصيبت منذ فترة بداء السرطان عام 2008م، ولكن تمّت السيطرة عليه بعد رحلة علاجٍ موفقة في ألمانيا، ولكنّ وضعها الصحي بعد الاعتقال القسري تدمّر بشكلٍ مخيف بسبب الإهمال الطبي المتعمد لها، فقد باتت مصابةً بتليّف في الكبد وبأورام سرطانية مستفحلة وتضخم بالغدد الليمفاوية وهشاشة عظام، وقد تدهورت حالتها كثيراً في الزنازين الظالمة.

حيث تعرّضت "علياء" للاعتقال بتاريخ 29 يوليو 2015م من محل إقامتها بالإمارات، ثم الاختفاء القسري في مكان مجهول لمدة 4 أشهر، دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخصُّ مصيرها لأي جهة، ثم عُرضَتْ فيما بعد على الجهات القضائية، وتمّت محاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، (حيث كانت تقدم المساعدات للاجئي سوريا المشردين من وطنهم المدمر)،وأُدينت بتهمة عجيبة وهي أنها: "تتصفح مواقع إلكترونية وكانت تدعم الثورة السورية وترسل بعض التبرعات لأهل سوريا"، عن طريق جمع تبرعات ومساعدات مالية وإرسالها للنساء والأطفال من الفقراء والمتضررين من الحرب في سوريا وبعض الأسر المحتاجة المقيمة في الإمارات، فكان جزاؤها أنْ حُكِم عليها بالسجن 10 سنوات!!.

وفي 30 أكتوبر 2017م، أبلغ ديوان ولي العهد الإماراتي أسرة "عبد النور" رفضَه "طلب الاسترحام" المقدم منهم للإفراج الصحي عن "علياء"، والذي كانت الأسرة قد قدمته في 17 من الشهر نفسه، بعدما تدهورت حالتها الصحية بشكلٍ مخيف ومحزن لتصل إلى مراحل خطيرة تهدّد حياتها.

وتقبع "علياء" في غرفة مغلقة للعلاج توجد عليها حراسة بالخارج والداخل، مع التقييد المستمر ليديْها وقدميْها دون مراعاة حالتها الصحية واحتياجاتها، بلا أي إنسانية أو رحمة، بل وتُجْبَر على الذهاب إلى دورة المياه وهي مكبلة اليدين والقدمين، ومن شدة التعب تسقط مغشياً عليها في الحمام، ولا يتم اكتشاف ذلك إلا بعد فترة طويلة، عندما تشعر الحارسة المكلفة بحراستها بتأخيرها، فتذهب لتتفقدها لتفاجأ بها ملقاة على أرضية الحمام مغشياً عليها.

وتعرّضت للعديد من الانتهاكات منها خلع حجابها وملابسها بالقوة، وتسليط الضوء عليها مباشرة وحرمانها من النوم، والتحقيق معها بعنف وتعذيب متواصل، وضعُف بصرها كثيراً مع عدم القدرة على الوقوف على القدميْن، وتؤكد والدتها أن جسم ابنتها أصبح كقطعة بلاستيك سُكبَتْ عليه مادة كاوية!!.

مطالبات إقليمية ودولية للإفراج الصحي عنها:

وعلى الفور من انتشار الخبر، تصاعدتْ مطالبات كل منظمات حقوق الإنسان والمرأة بالإفراج عن المعتقلة المريضة، وطلبات عائلتها بتدخل المجتمع الدولي لدى السلطات الإماراتية للإفراج عن ابنتهم، لإتاحة الفرصة لها لتلقي العلاج من مرض السرطان الذي انتشر في جسدها بسبب الإهمال الطبي الذي تلقاه في معتقلها.

وفي أكبر مخالفة للقوانين الدولية والقانون الإماراتي الاتحادي، يستمرّ الأمن في عملية الاعتقال والتنكيل بالمواطنة المسكينة "علياء" وكل معتقلي الرأي، ضاربًا عرض الحائط ما نصه الدستور، حيث ينصُّ القانون الإماراتي الاتحادي رقم 43 لسنة 1992م، بشأن تنظيم المنشآت العقابية في المادة (32) على أنه: "إذا تبين لطبيب المنشأة أن المسجون مصاب بمرض يهدد حياته أو حياة الآخرين أو يعجزه كليا، فعلى إدارة المنشأة أن تعرضه على اللجنة الطبية المشار إليها في المادة السابقة وذلك لفحصه والنظر في الإفراج الصحي عنه، ويصدر بالإفراج الصحي قرار من النائب العام وتخطر به وزارة الداخلية"، كما تنصُّ المادة (33) من ذات القانون على أنه: "إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة بناء على تقرير طبيب المنشأة، وجب على إدارة المنشأة أن تبادر إلى إخطار أهله وأن ترخص لهم في زيارته دون التقيد بالمواعيد الرسمية للزيارة".

سعادة كاذبة

وعلى الرغم من الشائع عن المعاملة المحافظة في دول الخليج مع المرأة، إلا أن الوضع يبدو مختلفًا في دولة السعادة الكاذبة، فهذه "علياء" ليست المرأة الوحيدة التي تعرضت لقمعِ السلطات الإماراتية، وإنما هي نموذجٌ لغيرها ممَّن تعرضْنَ لمصيرٍ مُشابهٍ، من أبرزهن بنات السويدي والعبدولي، واختطاف عائشة الزعابي ورضيعها، وأخريات اختطفن أو سحبت منهن الجنسيات ومُنِعْـنَ من السفر.

ويقول الكاتب القطري (فهد بو هندي) معلّقًا على الحادثة: "قد نختلف مع زايد آل نهيان، ولكنه كان رجلًا، لم يسجنْ خصومه أو يختطفْ النساء، لا يوجد مسلم عاقل يحب محمد بن زايد".

وعلى الصعيد الدولي والإقليمي، فقد تسابقت منظمات حقوق الإنسان ولجان المرأة والمؤسسات ذوي الصلة بالدفاع عن المرأة والطفل، من أجل الدفاع عن بنات الشهيد العبدولي، والتنديد بقرارات السلطات والقضاء الإماراتي،

وقد اعتُبرت قضايا وجريمة اعتقال النساء الإماراتيات مثل علياء واختطاف بنات العبدولي وشقيقات السويدي من أشهر قضايا الرأي العام في الإمارات لما لاقتْ من جدلٍ كبير، وتعاطفٍ ملحوظ من كل الخليج والمنطقة العربية بأسرها، واستنكارٍ واسع على تجاوزات الأمن الإماراتي للقيم الدينية والأعراف المجتمعية.

 

الكاتب