الإمارات وصلت الذروة وبذور الإنهيار باتت موجودة !

الإمارات وصلت الذروة وبذور الإنهيار باتت موجودة !

نشرت صحيفة إنترناشيونال بيزنس تايمز في نسختها البريطانية مقالاً للباحث والناشط إياد البغدادي، يتحدث فيه عن حاجة الإماراتيين للتجرؤ ومعارضة النظام، بسبب ما وصفها بممارسات تحمل بذور انهيار الدولة.

وقال البغدادي في مقاله الذي قام مركز الإمارات للدراسات والإعلام "إيماسك" بترجمته: " الإمارات العربية المتحدة بلغت ذروتها، فالنموذج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي كان ناجحا بكل المقاييس في البداية بالنسبة للإمارات، يحمل في طياته بذور انهيار الدولة، ونموذج الدولة الريعية التي يشكل فيها المواطنون أقلية صغيرة متميزة يبدو متماسكا داخليا، ولكنه يستبطن حالة مؤقتة وغير مستدامة مقلقة وخطيرة، ويتجه نحو لحظة تصفية حساب لا مفر منها، والسنوات القادمة، كما أتوقع، ستشهد بزوغ هذا الواقع المؤلم بسرعة ليغدو أشد وضوحا وتأثيرا."

وابتدأ الكاتب بالقول: "احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا بذكرى تأسيسها الـ44 بالاحتفالات والعروض والمهرجانات المعتادة، وفي الواقع، يحق للبلاد الفخر بإنجازاتها التي حققتها منذ تأسيسها في عام 1971، حيث حققت ارتفاعات شبه إعجازية في جميع مؤشرات التنمية البشرية تقريبا."

باشرت الإمارات مسيرتها كبلد متخلف يضم عددا يسيرا من السكان الأصليين معظمهم من غير المتعلمين القابعين في زاوية منسية من العالم، واليوم غدت دولة الإمارات العربية مركزا عالميا، وقوة اقتصادية إقليمية، ومقصدا سياحيا شهيرا، ويصنف البلد في أعلى مراتب الدول من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، ونضج البنية التحتية، والقدرة على المنافسة العالمية، وتقود الإمارات المنطقة العربية في مجال تيسير ممارسة الأعمال التجارية، كما أنها تقود العالم في مجال العلاقات.

تحولت البرية المقفرة إلى مراكز حضرية متقدمة وتعج بالسكان، كما تحولت الصحراء الشاسعة إلى أكثر العقارات فخامة وقيمة في المنطقة، إن لم يكن في العالم، وانبثقت الجزر الاصطناعية من البحر، ولكن الأهم من ذلك، هو التحول الذي شهده مجتمع الصيادين والتجار والبدو والفلاحين الصغير إلى أحد أكثر المجتمعات ازدهارا وتطورا وتفاؤلا في العالم.

وتحدث الكاتب الذي كان يعيش في الإمارات منذ ولادته حتى جرى طرده من البلاد عام 2014 بعد اختطافه لأشهر، ثم لحقته زوجته إلى ماليزيا التي انتقل إليها.

ويشير الكاتب إلى أن الخلل في التركيبة السكانية مذكراً بوقت تأسيس الدولة "كان عدد سكانها يقل عن 300 ألف نسمة، أما اليوم، فهي موطن لأكثر من 10 مليون نسمة، 88% منهم من غير المواطنين؛ رسميا، ينعت غير المواطنين بـ«العمال المهاجرين المؤقتين»، ولكن في الحقيقة، الكثير من هؤلاء يقضون كامل حياتهم في الإمارات."

ويتابع إياد البغدادي بالقول: "منذ سبعينيات القرن المنصرم، انتقلت مئات الآلاف من العائلات العربية والآسيوية لهذا البلد، وساهمت بفاعلية كبرى بقصة نجاحه، كما أسست معظم قطاعات التنمية الرئيسية ضمنه، ولكن مع ذلك، لم تفسح الإمارات سبيلًا أمامهم للحصول على جنسيتها.

ويقول البغدادي: "بعد عقود من الزمن، تضخمت ديموغرافية المهاجرين بشكل مطرد ضمن البلاد، وسكنها الجيل الثاني والثالث من المهاجرين الذين لم يعرفوا موطنا آخر لهم سوى الإمارات، وبقي هؤلاء يسمون بالسكان المؤقتين، رغم أن هؤلاء السكان من غير المواطنين، وبغض النظر عن تدني وضعهم القانوني بالمقارنة مع المواطنين، هم بلا شك جزء لا يتجزأ من تاريخ دولة الإمارات ومن مجتعمها الحديث ومتعدد الثقافات."

 ويوضح البغدادي أن الأمر تجاوز وصف الحكومة مشكلة التركيبة السكانية بـ"الخلل": "إنه اتجاه قوي ومتصاعد، حيث تسبب التقدم السريع في مجال التنمية البشرية في دولة الإمارات بشكل متوقع بانخفاض حجم الأسرة؛ فأسفرت توافر فرص التعليم والعمل المناسبة للنساء عن تأخر سن الزواج وتأخر ميعاد الإنجاب، وتبدو انعكاسات ذلك جلية من خلال انخفاض معدل المواليد في الإمارات العربية من حوالي سبع ولادات لكل امرأة قبل الاتحاد إلى حوالي 1.82 ولادة اليوم، علمًا بأن معدل الاستبدال الديمغرافي للولادات في الإمارات يبلغ 2.1 ولادة في اليوم، بالمختصر، المواطنون الإماراتيون غير قادرون على جسر الفجوة الديموغرافية من خلال الولادة الطبيعية."

 إن هذا الخلل هو في الواقع حجر الزاوية في بعض أهم النماذج السياسية والاقتصادية التي تنتهجها دولة الإمارات؛ فعدد السكان المحليين منخفض بما فيه الكفاية للحفاظ على ديمومة نظام الرعاية السخي والمعتدل الذي يرعى المواطنين من المهد إلى اللحد، وهو أمر لم يكن من الممكن أن ينجح لو كان عدد السكان يزيد عن ذلك بشكل كبير. يقول "البغدادي".

 99% من القوى العاملة في القطاع الخاص هي من غير المواطنين، وبالنسبة للغالبية العظمى من المواطنين، الحكومة الإماراتية هي بمثابة رئيسهم بالعمل بكل ما للكلمة من معنى، والأهمية الكامنة في هذا التوصيف لا يمكن نكرانها، لأنها تحدد ديناميكية العلاقة التي تحكم صلة المواطنين بحكومتهم.

 ويستشرف اياد البغدادي المستقبل بالقول: "حتى الآن، مازال هذا النموذج مستقرا، ولكن هل يمكن له أن يستمر؟ تشير بعض الدراسات أنه بحلول عام 2050، سوف تتألف التشكيلة الديموغرافية في الإمارات من 4% من المواطنين و96% من غير المواطنين، وحينها ستضم هذه الشريحة الأخيرة الجيل الثالث والرابع من المهاجرين، وفي الواقع، النظام الحالي لا يمكنه استيعاب هذا العدد الهائل من التنوع السكاني، خاصة أن مواطني الدولة لا يستطيعون تعويض هذا الفارق بدون تحول اجتماعي وثقافي وسياسي حقيقي؛ فالدولة لا تستطيع «ترحيل» تسعة أعشار سكانها، كما أنها لا تستطيع الاستمرار باتباع نهج «اختلال التوازن الديموغرافي» دون أي تغيير، فكيف يمكن لأي بلد أن يتمتع بديمومة في الوقت الذي لا يتجاوز فيه معدل مواطنيه نسبة 4% من السكان؟"

 الأمر الأكثر إثارة للقلق في هذا السياق يتمثل بعدم مناقشته على الإطلاق داخليًا، فأخطر مشكلة هي أن أحدا لا يتحدث عن هذه المشكلة، ومنذ بداية الربيع العربي، الذي شهدنا مؤخرا ذكراه السنوية الخامسة، تم سلب عملية صنع القرار في الداخل الحكومي الإماراتي نحو نهج استبدادي ومضاد للثورة أقرب لحالة الذعر تقريبا.- حسب قول الكاتب

 ويؤكد الكاتب أن الحكومة الإماراتية  تصب جل اهتمامها الخارجي نحو التدخل الأجنبي، أما في الداخل فتركز جهودها على إغلاق مساحة النقاش وحرية التعبير، وبدون معارضة، لن تحوز الدولة أية مقاومة داخلية تجاه القرارات السيئة، كما اختارت القيادة السياسية المنغلقة على ذاتها انتهاج سياسة مألوفة تتمثل بعدم التسامح مع المعارضين، إلى جانب الترويج للشوفينية القومية المغلقة، المدعومة بالمغامرات العسكرية الأجنبية التي انخرطت بها البلاد مؤخرا.

 اليوم، يعاقب المعارضون في الإمارات بتهمة الخيانة، والمعارضون المحتملون تساء معاملتهم أو يطردون بصورة استباقية، وذاك البلد الذي ترعرعت ضمنه والذي كان موئلا للمجتمع الفخور والمتفائل والديناميكي، أضحى مجتمعا أبكما، تم إخراس أصوات الكثير من سكانه وإحالتها للإذعان التام، وأضحى الكثيرون يتساءلون سرا عن الوجهة التي تخطو إليها البلاد قدما، وكثيرون آخرون لا يزالون غافلين عن التهديدات التي تحيق بهم، جراء انخراطهم دون انفلات في غمرة اندفاع حياتهم اليومية، وفي الواقع، يبدو من غير الطبيعي حقا كيف تبدو الحياة طبيعية في ظل هذه الظروف.

 بعض الأسر من غير المواطنين حزمت حقائبها سلفا استعدادا لصدور قرار ترحيلهم المفاجئ، والبعض الآخر يدرس مليا خيار الهجرة، ولكن العديد منهم محاصرون في سباق الفئران، في محاولة للنجاة والمضي قدما ضمن أحد أكثر الاقتصادات والمجتمعات ديناميكية في المنطقة، بينما يجد آخرون العزاء في ميلوهم الاستهلاكية، أو يجدون ملاذهم في الترفيه أو الفن والأدب.

 ويشير الكاتب اياد البغدادي: "أنا نتاج لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكل ما أنا عليه الآن صنع داخل هذه الدولة، لا أستطيع أن أجد الكلمات للتعبير عن مدى حبي لها، وكم أشتاق إليها، ومدى امتناني لمجتمعها وملحمتها البشرية التي ساهمت دون هوادة في صياغة هويتي وشخصيتي التي أبدو عليها اليوم."

 ويختم بالقول: "الإمارات لم تكن بالنسبة لي «محطة» ليتم «ترحيلي» منها، إنها بلدي، بيتي، المنزل الوحيد الذي عرفته على الإطلاق، أنا قلق على دولتي، على القصة العربية الحديثة الأكثر نجاحا وإلهاما، الإمارات تستحق الإنقاذ، ولكن الأمر يتطلب شجاعة المعارضة لإحداث التغيير قبل فوات الأوان، إذا كنتم تحبون بلادكم حقا، فتجرؤا على المعارضة لأجلها، بارك الله في دولة الإمارات العربية المتحدة."

لقراءة المقال كاملاً .. اضغط هنا

الكاتب