الإمارات تخطط لما بعد " حفتر "

الإمارات تخطط لما بعد " حفتر "

أثارت الأنباء المتعلقة بتدهور الوضع الصحي للجنرال الإنقلابي الليبي خليفة حفتر، وتزامن ذلك مع انتخاب خالد المشري من حزب العدالة والتنمية الليبي والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين  برئاسة المجلس الأعلى للدولة، التساؤلات حول أثر هذه التطورات على التحركات الإماراتية والمصرية في الساحة الليبية  لا سيما وأن حفتر يعد  الورقة المصرية الإماراتية الأبرز في الصراع الدائر في ليبيا.

وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية إن الزيارة المفاجئة التي قام بها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، إلى العاصمة المصرية القاهرة ولقاءه مع عبد الفتاح السيسي، تأتي في المقام الأول لتبادل الآراء والرؤى بشأن الوضع في ليبيا في ضوء التطورات الأخيرة على الساحة،  حيث يضع مرض  خليفة حفتر ( 75 عاماً) كلا من  مصر والإمارات في مأزق للتحضير لمرحلة ما بعد حفتر في ليبيا.

وتدعم القاهرة وأبوظبي «حفتر» منذ سنوات، عسكريا وماليا، وتحظى قواته بدعم لوجيستي من الجانب المصري، للسيطرة على مناطق النفط شرقي ليبيا.

وتصاعدت التكهنات بشأن مصير حفتر، وسط تأكيدات من مصادر محلية في بنغازي عن نقله إلى الأردن عبر مطار بنينا، الذي تم فتحه بشكل استثنائي، ومنها إلى العاصمة الفرنسية باريس. وتضاربت الأنباء بشأن طبيعة المشاكل الصحية التي يعاني منها حفتر، ففي الوقت الذي قالت فيه مصادر إنه أصيب بغيبوبة ناجمة عن إصابته بسرطان الغدة الدرقية، قالت مصادر أخرى إنه أصيب بجلطة في المخ ناجمة عن ارتفاع في ضغط الدم.

لكن المتحدث الرسمي باسم قوات حفتر، العميد أحمد المسماري، نفى الأخبار المتداولة حول الوضع الصحي لحفتر، مؤكداً في تصريحات له أن حفتر يتمتع بحالة صحية ممتازة، موضحاً أنه يتابع عمل القيادة العامة وغرف العمليات والمناطق العسكرية، خصوصاً المستجدات في "غرفة عمليات عمر المختار" المكلفة باقتحام درنة. لكن مصادر خاصة لقناة "الجزيرة" كشفت أن حفتر أدخل للعلاج في مستشفى بالعاصمة الفرنسية باريس جراء إصابته بنزف في الدماغ أدخله في حالة غيبوبة".

في غضون ذلك، كانتمصادر دبلوماسية كشفت لصحيفة "العربي الجديد"، عن وجود مساعٍ مصرية إماراتية لترتيب المشهد الليبي، إذ استقبلت القاهرة عسكريين ليبيين تابعين لحكومة الوفاق، وآخرين تابعين لحفتر، على مدار أكثر من أسبوع، في إطار المحاولات لتوحيد المؤسسة العسكرية. ولم تنتهِ تلك الاجتماعات إلى نتيجة واضحة في ظل تهديد كتائب عسكرية في مصراتة، لرئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، باقتحام العاصمة طرابلس في حال تم السماح بدور لحفتر في الجيش الليبي.

" وأشارت المصادر إلى أن السيسي طرح على بن زايد نتائج الاتصالات الأخيرة بين القاهرة والخرطوم، سواء على صعيد ما يتعلق بمنطقة البحر الأحمر، والتوضيحات السودانية بشأن الوجود التركي في تلك المنطقة، أو التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية السودانية، وتأثير ذلك على ملفات المنطقة وفي مقدمتها الوضع في ليبيا.

 

ولفتت المصادر إلى أن الإمارات أجرت اتصالات موسعة مع روسيا أخيراً للقيام بدور في تقريب وجهات النظر بين حفتر والسراج، وهو ما رحبت به موسكو، مؤكدة استعدادها لتنظيم لقاء يجمع الرجلين على أراضيها وبرعاية شخصية من الرئيس فلاديمير بوتين للتوصل إلى حل، وذلك قبل الأنباء عن الحالة الصحية لحفتر.

وأعلنت القوات التي يقودها حفتر الثلاثاء الماضي عن تحرك نحو مدينة درنة، وذلك بعد الفشل في التوصل إلى حل. ونقل المكتب الإعلامي لقوات حفتر تصريحات له، قال فيها "إن المواطنين يطالبون بتحرير درنة ونحن سنتحرك لتحريرها"، مضيفاً أن "كلامه موجّه لأولئك الذين يصدقون ما تروّج له الجماعات المسلحة في درنة".

وأعرب حفتر في التصريح الذي نشره المكتب الإعلامي على صفحته الرسمية في "فيسبوك" عن "أسفه لطول مدة تحرير مدينة درنة". وكان آخر ظهور مؤكد لحفتر في السادس والعشرين من الشهر الماضي، أي منذ نحو خمسة عشر يوماً، عندما أجرى لقاء مع سفير بريطانيا فرانك بيكر في منطقة الرجمة.

وكانت مصادر مصرية في اللجنة الرئاسية المعنية بمتابعة الشأن الليبي،قالت أن هناك مقترحا مصريا إماراتيا بتوحيد القيادة السياسية والعسكرية في ليبيا يتضمن اختيار «فائز السراج» رئيس حكومة الوفاق، رئيسا للدولة، وقائدا أعلى للقوات المسلحة، بوجود نائبين هما «محمد البرغثي»، و«ناجي مختار».

وبحسب المصادر، فقد تضمن التصور المصري أيضا اختيار «عارف النايض» سفير ليبيا لدى الإمارات رئيسا للحكومة، على أن يكون «حفتر»، قائدا عاما للجيش ووزيرا للدفاع، و«سالم جحا» رئيسا للأركان.

ويرى محللون أن أبوظبي تلعب دورا له تبعات كارثية  داخل الساحة الليبية، فمنذ إطاحة ثورة 17 فبراير بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهي تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وإقصاء الإسلاميين، من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة بالسلاح.

وتسبب التدخل الإماراتي -وفق مراقبين ومحللين- بفوضى عارمة داخل البلاد وانقسام سياسي داخل مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور الاقتصاد.

وبرزت الإمارات كداعم لـ«حفتر» في ليبيا منذ أوائل 2015 سياسياً وعسكرياً، على الرغم من ترحيبها بوصول الأطراف الليبية إلى اتفاق سلام أفضى إلى تشكيل حكومة وفاق وطني.

الكاتب