خلافات اماراتية مصرية حول اختيار بديلٍ لحفتر

خلافات اماراتية مصرية حول اختيار بديلٍ لحفتر

جاءت حادثة تعرض موكب الناظوري وهو الحاكم العسكري للمنطقة الشرقية الليبية لاستهداف بواسطة سيارة مفخخة بضاحية سيدي خليفة في مدينة بنغازي  الأربعاء، وتوجيه سياسيون ومحللون ليبيون أصابع الاتهام إلى قوى خارجية في عملية محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها الناظوري، ليؤكد ما يثار  عن خلافات بين الإمارات ومصر وقوى ليبية حول الخليفة المحتمل للجنرال حفتر

سياسيون ليبيون أشاروا إلى  أن ضغوطا كبيرة من كلا من مصر والإمارات على رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح للتخلي عن الناظوري والقبول بأحد أبناء حفتر أو المقربين منه لخلافته،  في ظل التقارير الصحفية التي تؤكد أن حفتر انتهى سياسيا، وأنه يعاني من سرطان مزمن في الرئة انتقل أخيرا إلى دماغه وسبب به تلفا كبيرا لدرجة أنه لم يعد قادرا على الحديث أو الفهم.

وأكد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن المبعوث الأممي تعرّض لضغوط كبيرة من الإمارات وفرنسا وإيطاليا دفعت للحديث عن مكالمة هاتفية “غير منطقية” مع حفتر الذي لا يستطيع الكلام.

ونقل الموقع البريطاني عن دبلوماسي أوروبي (لم يكشف عن هويته) تأكيده بأن حفتر يعاني من سرطان الرئة الذي انتشر في دماغه أخيرا، مشيرا إلى أنه بات “غير قادر على التحدث أو حتى الفهم الكامل كما أنه لا يستطيع الجلوس أو الوقوف”.

كما أشار الموقع إلى أن مساعدي حفتر حاولوا قبل أيام تنظيم “ظهور إعلامي” له لتفنيد الأخبار التي تحدثت عن تدهور وضعه الصحي، إلا أنه ألغوا الفكرة لاحقا لأن حفتر في حالة صحية “سيئة للغاية”.

صراع حول تحديد خليفته

ويحتدم الصراع داخل قوات المشير «خليفة حفتر» والقوى السياسية بالشرق الليبي حول من يخلف الأخير، وهو صراع تتداخل فيه قوى إقليمية ودولية أبرزها مصر وفرنسا والإمارات، التي تبحث هي الأخرى عن تنصيب شخصية تلبي مصالحها.

وحسب مراقبين، بات «حفتر» -الذي تتضارب الأنباء بشأن حالته الصحية- عنوانا لأزمة جديدة تتمثل في البحث عن بديل سريع له، بعد أن بنت الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة له مشروعها في ليبيا على إعادة إنتاج «دكتاتور» لا على بناء دولة دفع الليبيون ثمنا كبيرا لها.

وتنحصر خيارات خلافة الرجل حاليا في 4 شخصيات هي: قائد غرفة العمليات العسكرية لـ«عملية الكرامة» «عبد السلام الحاسي»، ورئيس أركان قوات «حفتر» اللواء «عبدالرازق الناظوري»، واللواء «عون الفرجاني»، وهو من أبناء عمومة «حفتر» وأحد أهم مساعديه، والرائد «خالد» نجل «حفتر» الذي يقود إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده.

لكن حظوظ «الحاسي» و«الناظوري» تتصاعد في مقابل تراجع فرص «الفرجاني» و«خالد».

 

لجنة إماراتية مصرية 

ويبقى السؤال الأبرز في ظل الحديث عن استحالة عودة «حفتر»، عمن سيخلفه، وسط تداخل كبير لأطراف داخلية وخارجية في الاختيار، على رأسهم المخابرات الفرنسية، وخلية الأزمة الإماراتية المصرية، بقيادة مستشار الأمن الوطني الإماراتي «طحنون بن زايد آل نهيان»، ورئيس اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا اللواء «محمد الكشكي».

وحسب مصادر مطلعة، فإن أبرز المرشحين لخلافة «حفتر»، أربعة، هم اللواء «عبد السلام الحاسي» الذي يشغل منصب قائد غرفة العمليات العسكرية لـ«عملية الكرامة»، ورئيس أركان قوات «حفتر» «عبدالرازق الناظوري»، وهما المرشحان المفضلان للأطراف الثلاثة.

كما كان هناك مرشحان آخران، تراجع حظوظهما بشكل كبير، هما اللواء «عون الفرجاني»، وهو من أبناء عمومة «حفتر» وأحد أهم مساعديه، إلا أنه يواجه أزمة كونه من قبيلة في الغرب الليبي، وبالتالي ليس له شعبية في الشرق الذي يسيطر عليها جيش «حفتر»، وقد يواجه أزمة مع القبائل.

أما الرائد «خالد»، نجل «حفتر»، الذي يقود الكتيبة (106) إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده، فتراجعت حظوظه أيضا.

فرغم أنه يتمتع بقبول داخل القوات المسلحة، وبعلاقات قبلية جيدة، إلا أن عنصري السن والأقدمية، ليسا في صالحه، في ظل وجود قادة قد يرفضون اختياره، حسب المصادر المطلعة.

وبالعودة إلى المرشحين الأبرز «الناظوري» و«الحاسي»، يبدو أن صراعا بدا بينهما للظفر بالمنصب، وقد تكون محاولة اغتيال الأول، الأربعاء، جزءا من ذلك الصراع.

إذ تعرض موكب «الناظوري» لاستهداف بواسطة سيارة مفخخة بضاحية سيدي خليفة في مدينة بنغازي (شمال شرق)، لكن الرجل لم يصب بأذى.

وتعليقا على محاولة الاغتيال تلك، قال المستشار السياسي السابق لـ«حفتر»، السياسي الليبي «محمد بويصير»: «أولاد حفتر لا يريدون الناظوري، ويدعمون ترشيح الحاسي»، حسب صحيفة «العربي الجديد».

وحسب مصادر مطلعة، فإن الرجل لا يحظى بدعم كبير داخل المعسكر المصري الإماراتي؛ لكونه يفتقد للكاريزما والعلاقات مع القبائل والعشائر الليبية.

وأمام ذلك، باتت لجنة الأزمة الإماراتية المصرية (التي تشكلت لاختيار خليفة لحفتر)، مجبرة على اختيار سريع لـ«الحاسي».

إلا أن هذا الرأي، يواجه صداما مع «عقيلة صالح»، الذي يعد القائد الأعلى للقوات بصفته رئيس مجلس نواب طبرق؛ كونه يرى «الناظوري» الأفضل لخلافة «حفتر».

 

وحسب المصادر المطلعة، فإن اجتماع مرتقب للجنة الأزمة الإماراتية المصرية مع «صالح»، لإقرار الرأي النهائي.

ويؤكد حديث المصادر، ما تم تداوله في وسائل إعلام ليبية وعربية، عن وصول «صالح» إلى الإمارات، قبل أن يتم نفي هذا الأمر.

وأشارت المصادر إلى أنه لا يوجد أي تفاؤل مصري بالأجواء الحاصلة أو الأشخاص المرشحة.

وبينت أن القيادة المصرية مجبرة على الاختيار من بين الوجوه المطروحة على الساحة، ومرض «حفتر» لم يكن في حسبان صانع القرار المصري والإماراتي.

ووفق مراقبين، فإن الأطراف الداعمة لـ«حفتر» تخشى أن تقود وفاة الرجل إلى انشقاقات في جبهة الشرق الليبي؛ نظرا لكون الأخير كان يملك كل الخيوط في يده، حيث خلق نفوذه بشكل شخصي عبر توافقات مع قبائل الشرق.

ومن ثم، فإن تلك الانشقاقات قد تضعف جبهة الشرق، وتعزز بالمقابل جبهة الغرب الليبي، بقيادة حكومة الوفاق، المدعومة أمميا، حسب المراقبين.

كانت الإمارات ومصر تدعمان «حفتر» ماليا وعسكريا، في إطار سعيها للقضاء على أي نفوذ لإخوان ليبيا، في موقف يصب ضمن توجهها العام المعادي لكل جماعات الإسلام السياسي، وللقوى التي قادت ثورات الربيع العربي في 2011.

ويتهم «حفتر» بأن له علاقات قوية ببعض الدوائر السياسية والاستخباراتية الغربية، خاصة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية إن الزيارة المفاجئة التي قام بها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، إلى العاصمة المصرية القاهرة الأسبوع الماضي ولقاءه مع عبد الفتاح السيسي، تأتي في المقام الأول لتبادل الآراء والرؤى بشأن الوضع في ليبيا في ضوء التطورات الأخيرة على الساحة

وتدعم القاهرة وأبوظبي «حفتر» منذ سنوات، عسكريا وماليا، وتحظى قواته بدعم لوجيستي من الجانب المصري، للسيطرة على مناطق النفط شرقي ليبيا.

الكاتب