عاملات المنازل في الإمارات،، دليل على تجارة البشر الدنيئة!!

عاملات المنازل في الإمارات،، دليل على تجارة البشر الدنيئة!!

دولة السعادة والحريات، ليس فيها سعادة ولا حرية، وإنما ظلمٌ وانتهاكات، تطال الجميع من المواطنين والمقيمين وحتى الفتيات.

(في دبي، شاهدتُ وسطاء يضربون عاملات منزليات لأنهن عدن إليهم بسبب التعب، عبّرن عن رغبتهن في عدم العودة إلى العمل، لكنَّهم –وسطاء المكتب- أجبروهن على العمل).
هكذا صرّحت العاملة المنزلية أنيسة -29 عامًا- من "زنجبار" –مجموعة جزر على حدود تنزانيا- خلال مقابلتها مع "هيومن رايتس ووتش".

وبذلك تكشّفت حقيقة مرة في الإمارات، تضاف إلى سلسلة الجرائم الحقوقية التي حدثت للمواطنين والمقيمين فيها، حيث تقبع عاملات المنازل في الإمارات تحت ظروف قاهرة بسبب عدم وجدو ضمانات لحماية حقوق العمال المنزليين في البلاد، ويستثني القانون الإماراتي بشكل واضح –وغريب- عاملات المنازل من أي شكل من أشكال الحماية، فهنَّ لا يحظين بالحماية من الحد الأقصى لوقت العمل ولا يستفدن من التعويض عن إجازة مرضية، ولذلك هنَّ معرضاتٍ بسهولة للاستغلال والانتهاكات الحقوقية، ليصل الأمر إلى حدّ تصنيف مؤشرات حقوق العمال والعبودية الحديثة بشكلٍ سلبي، والتي أصبحت معروفة عالمياً في دولة السعادة والحريات!!

ويؤكد تقرير "هيومن رايتس ووتش" أنَّ عاملات المنازل في الإمارات يخضعن للعمل ساعات مفرطة، وكذلك حرمانهنَّ من الأجور، وانتهاكات بدنية وجنسية بالجُملة، وتوثّق المنظمة مأساة العاملات في الخليج والإمارات خاصة من خلال تقريرٍ ب78 صفحة معنوناً باسم (كنت أعمل كالروبوت: الانتهاكات بحقّ عاملات المنازل التنزانيات في عُمان والإمارات).
فبحسب التقرير فإن: (أصحاب العمل والوسطاء صادروا جوازات سفرهن، الكثير منهن عملن فترات مطوّلة، بلغت 21 ساعة في اليوم دون راحة أو يوم عطلة أسبوعي، كما قُلن إنهن كنّ يحصلن على أجور دون ما وُعدن به أو لم يكنّ يحصلن على أجور، وإنهن أُجبرن على أكل طعام فاسد أو بقايا طعام، وتعرّضن للصراخ والإهانات اليومية والانتهاكات البدنية والجنسية).

ويشير تقرير المنظمة "المحظورة داخل الإمارات استكمالاً للانتهاكات الحقوقية التي قامت بها السلطات" إلى أنَّ بعض هذه الحالات ترتقي إلى العمل القسري أو الاتّجار بالبشر لغرض العمل القسري، وتوضح الباحثة "روثنا ييغم" في حقوق المرأة في الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" أنه: (تعاني العديد من عاملات المنازل التنزانيات في عمان والإمارات من العمل المُفرط، والأجور المتدنيّة، والانتهاكات التي تحصل وراء أبواب مغلقة، كما أخبرتنا نساء كثيرات ممّن هربْنَ من أصحاب عمل أو وسطاء مسيئين أنَّ الشرطة وموظفي سفارات بلادهن أجبروهن على العودة أو التخلّي عن أجورهن، فأمضين أشهرًا يجمعن المال لشراء تذاكر العودة إلى بلادهن!).

وفي أكتوبر الماضي صدر تقرير "المرصد الأورومتوسّطي لحقوق الإنسان"، لينفي تماماً حقيقة بيان وفد الإمارات أمام مجلس حقوق الإنسان بوجود تقدّمٍ كبير أحرزتْه الإمارات في مجال حماية العمالة المتعاقدة، ويؤكد المرصد على أن ذلك يخالف حقيقة الأوضاع السيئة والمهينة التي تشهدها العمالة هناك، فحسب المركز تواجه العمالة المنزلية والتي أغلبها من النساء في الإمارات انتهاكات حقوقية لا مثيل لها، حيث يتعرَّضْن للأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب عملهنّ.

ويذكر تقرير "المرصد الأورومتوسطي" أنه في حال: (تقدم العامل أو عاملات المنازل الذين يتم استغلالهم وإساءة معاملتهم بشكوى إلى السلطات أو وكالات التوظيف، فإنهم يتعرضون غالبًا لمزيد من الإيذاء أو حتى للسجن؛ لأن أصحاب العمل يقدمون ادعاءات كاذبة بالسرقة أو جرائم أخرى ضدهم، وفي حالات أخرى يتمُّ ترحيل العاملات المهاجرات لمجرد تمكنهن من زيارة وزارة العمل أو مركز الشرطة).

وقالت "أميرة بشارة" الباحثة القانونية في "المرصد الأورومتوسطي" إنَّ: (أجواء الخوف والتهديد بالترحيل والمعاملة القاسية التي يتبعها النظام الحاكم في الإمارات مع العمالة الأجنبية، إضافة إلى نظام الكفالة الذي يمثل شكلًا من أشكال العبودية، دفعت العمال للتكتم على الانتهاكات التي يتعرضون لها وتجنب تقديم الشكاوى، خوفًا من العقوبات التي قد تطولهم في حال رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم).

وليس هذا وحده ما كشف "الوجه الحقيقي" للإمارات في تعاملها مع المرأة، فالجميع يعلم كيف أنَّ أجهزة الأمن لم تتورّع عن اختطاف النساء واعتقالهنَّ حتى مريضة السرطان وبنات الشهيد وشقيقات المعتقلين للضغط عليهم ومساومتهم في أعراضهم وتكميم أفواههم.

إلى أن جاءت أزمة قطر لترفع اللثام تماماً، حيث يرجع جانب من الخلاف الإماراتي مع قطر إلى عام 2015م، كما كشف وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبد الرحمن آل ثان"، وتحديدًا حين رفضت قطر تسليم زوجة ناشط إماراتي تتواجد في الدوحة للسلطات الإماراتية، وهذه السيدة هي "آلاء الصديق" زوجة المعارض الإماراتي "عبد الرحمن باجبير"، وابنة الدكتور "محمد الصديق" أحد رموز الإصلاح المعتقل في سجن الرزين رفقة العشرات في قضية (الإمارات94).

فقد طالب ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد قطر بتسليم تلك السيدة، لكنَّ قطر رفضت أخلاقيًا تسليم "الصديق" لكوْنِها لمْ ترتكبْ أي جريمة، ودستور قطر يمنع تسليمها، فحسب المادة 58 من الدستور القطري يمنع تسليم أي لاجئ لأسباب سياسية!.
وكان زوج "آلاء" قد غادر الإمارات في 2013م، خوفًا من أنْ تطوله حملة الاعتقالات السياسية التي نالت من الناشطين الإماراتيين، وحينها توجَّه إلى الدوحة مع زوجته بشكل رسمي، ثم غادر قطر نحو بريطانيا، فيما بقيت زوجته لأنها دخلت قطر بالبطاقة الشخصية، حيث رفضت السلطات الإماراتية تجديد جواز سفرها من السفارة.

وبشكل عام، تزايدت الانتهاكات ضد المرأة بعد الأزمة الخليجية مع قطر الواقعة في الخامس من يونيو (حزيران) 2017م، أحد تلك الانتهاكات كان خاصًا بمنع أمٍّ قطرية متزوجة من مواطن إماراتي من اصطحاب طفلها الرضيع إلى قطر، بحُجّة أنه يحمل الجنسية الإماراتية، وتُعتَبر هذه الجريمة انتهاكاً للحق في لمّ الشمل.

وكذلك حرمت الإمارات الطالبات القطريات من استكمال دراستهن في الجامعات الإماراتية، وقالت إحداهنَّ: (أنا من مواليد الإمارات، في السنة الثانية تخصص القانون بجامعة إماراتية، وقد سجلت مقررات الفصل الثاني للدراسة للفصل الحالي، وسددت الرسوم المقررة عليّ، وعندما فرض الحصار على قطر كنت وقتها أتعالج في الخارج، ولم أتمكن من متابعة دراستي، فقد طلب مني موظف الجامعة تقديم طلب رسمي بالاعتذار عن استكمال الدراسة، وقد وافقتُ على ذلك كي لا أُحرَم من كشوف درجاتي وأوراقي الرسمية التي تثبت التحاقي الفعلي بالتخصص!).

وبما سبق يكون الإعلام الإماراتي المطبّل للسعادة والحرية والتسامح، من أكذب ما سمع الناس ورأوا، خاصةً وأنَّ أخلاق العرب والمسلمين لا تسمح لهم بانتهاك حقوق المرأة مهما كانت، ما يعني أنَّ قسوة السلطات الإماراتية تجاه المرأة فاقت حتى غير المسلمين.

الكاتب