"المونيتور": أموال الإمارات تقلب موازين صراع النفوذ بين دحلان وعباس في القدس

"المونيتور": أموال الإمارات تقلب موازين صراع النفوذ بين دحلان وعباس في القدس

ناقش تقرير لصحيفة " المونيتور" تحركات القيادي في حركة فتح محمد دحلان الذي تصفه وسائل إعلام غربية على أنه المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ، ناقشت تحركاته على الساحة الفلسطينية ضمن صراعه على السلطة مع رئيس السلطة محمود عباس بدعم من الإمارات.

و بحسب الصحيفة يعرف «محمد دحلان» بخبرته في جمع الأموال من قادة دول للفلسطينيين في قطاع غزة ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، ويطلق الموالون له على أنفسهم جماعة «أبو فادي»، مستخدمين كنيته.

 

ووفقا لصحيفة «المونيتور»، يروي الموالون له بفخر، كيف أن السياسي -المولود في غزة والعضو البارز السابق في حركة فتح- يسحر الأمراء وأباطرة النفط في إمارات الخليج ويحشد مساعداتهم لشعبه، ولا سيما سكان غزة البالغ عددهم مليوني شخص، والذين يعانون الآن في ظل حصار إسرائيلي ومصري لأكثر من عقد من الزمان.

 

أما خصوم «دحلان»، الموالون للرئيس الفلسطيني «محمود عباس»، فيدعون أن جمع التبرعات لمخيمات اللاجئين يهدف إلى تعزيز مكانة «دحلان» وحشد الدعم الكافي له ليحل محل «عباس» عندما يحين الوقت.

 

ومع ذلك، وفق «المونيتور»، فإن «عباس» لم يجرؤ على تجميد الأموال التي جمعها منافسه لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ، خشية اتهامه بإلحاق الأذى بسكان الضفة الغربية لمجرد أن يضع إصبعه في عين «دحلان». وفي الوقت نفسه، فإن قيادات حماس في غزة يرجعون الفضل إلى «دحلان» في المصالحة الناجحة بين الحركة الإسلامية ومصر، واستعادة شحن الديزل وغيره من الوقود من مصر إلى غزة، ومنح التحسينات في البنية التحتية، فضلا عن تقديم المساعدات للمحتاجين، ومساعدة الأزواج الشباب، وترتيبات حفلات الزفاف الجماعية ومساعدات الإسكان.

 

وتشجع (إسرائيل) الدول المانحة رسميا على التحرك من أجل إعادة إعمار غزة، خوفا من أن تؤدي الأزمة الإنسانية الأكثر عمقا في القطاع إلى تصاعد العنف في المنطقة، وقد شارك وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي «تساحي هنغبي» واللواء «يوآف مردخاي»، رئيس قسم تنسيق الأنشطة الحكومية، في اجتماع طارئ للدول المانحة الغربية والعربية في يناير/كانون الثاني في بروكسل واجتماع سابق، في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي، وحثوهم على مساعدة غزة بحسب ما أورده موقع " الخليج الجديد" .

 

وبينما وصلت «أموال دحلان» إلى غزة، والضفة الغربية حتى، فإن الجميع كانوا راضين، حتى إن (إسرائيل) غضت الطرف عندما قدمت قطر التمويل لمشاريع في صالح المواطنين العرب الإسرائيليين، بما في ذلك بناء ملعب لكرة القدم في مدينة سخنين بالجليل، والذي يحمل اسم العاصمة القطرية الدوحة.

 

غير أن «دحلان» أشار في تغريدة له في 23 أبريل/نيسان إلى أنه لم يعد مقتنعا بتوجيه الأموال إلى غزة والضفة الغربية، وأنه وجد هدفا جديدا: القدس.

وأشاد «دحلان» بحكام الإمارات السبع في الإمارات العربية المتحدة، على تبرعاتهم السخية التي بلغت 70 مليون دولار لمساعدة السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية ولتعزيز ما سماه «الهوية العربية الإسلامية للمدينة»، ويتوجه جزء من هذه الأموال إلى الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم مساعدات محورية لقطاع غزة وتعاني من نقص في التمويل.

وترى «المونيتور» أنه رغم قبول (إسرائيل) بمشاركة «دحلان» في جمع الأموال لقطاع غزة والضفة الغربية، فإن محاولته للحصول على موطئ قدم في القدس هي لعبة مختلفة تماما.

 

وبالرغم من أن «دحلان» لم يذكر المكان الذي تذهب إليه تبرعات الإمارات الكبيرة، فمن المرجح أن تستخدم لمساعدة السكان الفلسطينيين في الأحياء الشرقية بالقدس، في سد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية الهائلة مع جيرانهم اليهود الذين تمولهم سلطات المدينة بسخاء أكثر بكثير.

 

وقال أحد موالي «دحلان» في الضفة الغربية -الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه مطارد هو وأصدقاؤه من قبل السلطة الفلسطينية- لـ«المونيتور» إن الفكرة هي في تأسيس أساس مركزي لتوجيه المساعدات إلى مجالس الأحياء المحلية في القدس الشرقية، وهذه، بدورها، ستوزع الأموال على الرعاية الاجتماعية والتعليم والمؤسسات الرياضية ومرافق المسنين، مضيفا: «هذا هو بالضبط ما يجب أن تفعله بلدية القدس ولكنها لا تفعل».

 

يقوم «دحلان» بتحركه في الوقت الذي يصل فيه الصراع المستمر من أجل هوية القدس إلى ذروته إثر اعتراف الرئيس «دونالد ترامب» بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) في ديسمبر/كانون الأول، كما ستنتقل السفارة الأمريكية إلى هناك في منتصف مايو/أيار كما هو مخطط، وفي الوقت نفسه، تسعى (إسرائيل) إلى قمع كل أثر فلسطيني في المدينة.

 

فكل مكتب أو مؤسسة فلسطينية يعتقد أنها تروج لمصالح السلطة الفلسطينية في المدينة يتم تسليمها إخطار بالإغلاق، وتتصرف الشرطة بمساعدة عملاء «الشاباك» أحيانا، بعزم لإغلاق هذه المؤسسات وتوجيه الاتهامات لمالكيها.

وجرت آخر جولة من الاعتقالات في القدس الشرقية في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث اعتقلت الشرطة ما يصل إلى 17 فلسطينيا من سكان المدينة والضفة الغربية للاشتباه في مساعدة السلطة الفلسطينية في إجراء إحصاء للسكان في الأحياء الفلسطينية.

وجاء في بيان للشرطة أن الاعتقالات كانت تتويجا للتحقيق السري في الشبهات بأن السلطة الفلسطينية تعمل داخل حدود بلدية القدس فيما يعد انتهاكا للقانون.

 

كما تلقى مسرح الحكواتي الفلسطيني في حي الشيخ جراح عدة إشعارات إغلاق على مر السنين، وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، داهمت الشرطة المسرح، بسبب تجمع لإحياء ذكرى شاب يبلغ من العمر 17 عاما قتل في مظاهرات في حي سلوان، تم تنظيمه من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي منظمة محظورة من قبل (إسرائيل) .

هذه مجرد عينة محدودة من الأحداث والمؤسسات التي تستهدفها الشرطة الإسرائيلية والشاباك خشية أن تحاول السلطة الفلسطينية خلق وجود لها في القدس الشرقية، مما سيوفر لها موطئ قدم مستقبلي في المدينة المتنازع عليها.

 

وفي حين أن «دحلان» غير مرتبط بالسلطة الفلسطينية، فإن (إسرائيل) تعتبر تورطه بأحياء القدس الفلسطينية سابقة مزعجة لكنها محتملة، ولم تواجه (إسرائيل) حتى الآن مشكلة تحويل الأموال العربية إلى المدينة.

ويتمتع وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان» بعلاقات طيبة مع «محمد حلان»، وسوف يكون سعيدا برؤيته يخلف «عباس» وفقا لـ«المونيتور».

ولكن إمكانية سماح (إسرائيل) لدحلان بتوزيع الأموال في القدس يبقى موضع شك كبير على الرغم من أن ذلك يمكنه أن يمنحه الكثير من النفوذ في مواجهة خصمه «محمود عباس».

 

وكانت الإمارات أعلنت  تقديم حزمتي مساعدات لدعم الشعب الفلسطيني بقيمة 70 مليون دولار، تخصص 20 مليون دولار منها لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

 

وكان محمود عباس، أكد عزمه على وقف الدعم المالي الإماراتي المباشر إلى غزة، والذي كان يصل عبر ما يعرف بلجنة التكافل، الناشطة في قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى تجنب تعزيز دور القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، المدعوم إماراتياً، مع تقدم مسار إنهاء الانقسام الفلسطيني.

الكاتب