فوز مهاتير برئاسة وزراء ماليزيا ضربة تجاه تحركات أبوظبي والرياض

فوز مهاتير برئاسة وزراء ماليزيا ضربة تجاه تحركات أبوظبي والرياض

شكل فوز مهاتير محمد بالانتخابات وتسلمه رئاسة الوزراء في ماليزيا، ضربة للتحركات الإمارات والسعودية في ماليزيا بعد سنوات من رهان أبوظبي والرياض على رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق ودعمه بمساعدات سخية لمواجهة المعارضة الماليزية، ومنع تكرار تجربة مهاتير محمد التي اعتبرت تجربة رائدة ملهمة للإسلاميين في العالم العربي والإسلامي.

وتعود قصة التحركات الإماراتية والسعودية في  ماليزيا إلى سنوات حكم رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق، وعنوانها الأبرز شبهات فساد أدت إلى خسارة صندوق التنمية الحكومي الماليزي (MDB1) نحو 4.5 مليارات دولار، وتدخلات أغرقت ماليزيا بالفساد، الذي دفع مهاتير لمغادرة الحزب الحاكم الذي قاده لأكثر من عقدين عام 2006، عندما أعلن أنه لا يشرفه أن يكون في حزب يحمي الفساد.

ودور الإمارات في انتكاسة الصندوق السيادي الماليزي كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال في يناير/كانون الثاني 2017، عندما نشرت وثائق محاكمات وتحقيقات أظهرت وجود دور لسفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة في هذه الفضيحة، من خلال شركات مرتبطة به تلقت ملايين الدولارات من شركات خارجية قال المحققون في الولايات المتحدة وسنغافورة إن أموالها اختلست من صندوق تنمية ماليزيا.

كما كانت كشفت رسائل بريد إلكتروني خاصة بالعتيبة نشرتها وسائل إعلام أميركية العام الماضي عن لقاءات بين شاهر عورتاني -وهو شريك تجاري للعتيبة في أبو ظبي- و"جو لو" الممول الماليزي الذي تقول وزارة العدل الأميركية إنه المتآمر الرئيسي في عملية الاحتيال المزعومة التي تبلغ قيمتها 4.5 مليارات دولار، ويصفها محققون بأنها أكبر عملية احتيال في التاريخ.

و وردت أسماء شركات إماراتية في التحقيقات التي طالت أصول الصندوق الماليزي، وهو ما يعتبره مراقبون بمثابة "كابوس" ينتظر الإمارات إزاء التحقيقات المستمرة في خمس دول حول العالم.

الدولة الثانية التي سعت للتدخل بشكل لافت في ماليزيا كانت السعودية، التي أقر وزير خارجيتها عادل الجبير بأن العائلة المالكة في الرياض أودعت في حساب عبد الرزاق 681 مليون دولار قبيل انتخابات 2013.

فيما اعتبر الكاتب عزام التميمي في مقال له على موقع «ميدل إيست آي»: إن نتائج الانتخابات في ماليزيا –التي أطاحت حليف السعودية نجيب رزاق– قد أثارت الرعب في الرياض وأبوظبي؛ خشية أن يفتضح أمر مئات الملايين من الدولارات التي حصل عليها الرجل من كلتا الدولتين، وإليكم ترجمة المقال بالكامل:

فيما التزمت الإمارات الصمت تجاه ما جرى في ماليزيا كشفت تصريحات للأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، التي تهدف عادة إلى التعبير عن رأي يتبناه محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، عن مشاعر الاستياء الإماراتي تجاه نتائج الانتخابات الماليزية، التي خسر فيها تحالف باريسان القومي الحاكم من تحالف الأمل؛ مما أفقد نجيب رزاق منصبه رئيسًا للوزراء، لتشهد البلاد وصول مهاتير محمد البالغ من العمر 92 عامًا إلى السلطة مجددًا، الذي كان قد غيّر انتماءاته الحزبية في وقت سابق من هذا العام.

 

قال عبد الله في تغريدته: «هل خلت ماليزيا من حكماء وزعماء ورجال دولة وشباب كي تنتخب من بلغ 92 سنة من العمر، الذي انقلب فجأة على حزبه وحلفائه وعقد صفقة مشبوهة مع خصمه السياسي الذي سبق أن أودعه السجن بعد أن لفق ضده أشنع الاتهامات. السياسة عندما تكون لعنة والديمقراطية عندما تكون نقمة».

وعلى الرغم من صعود العلاقة بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم وهبطوها –وهو زعيم معارض حُكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات في عام 2015 لاعتداء جنسي على أحد معاوناته السابقات؛ فيما قال إنها اتهامات ذات دوافع سياسية– فلا الأكاديمي الإماراتي، ولا رئيسه محمد بن زايد في أبوظبي يهتمان بالديمقراطية.

 أسباب قلق الإمارات والسعودية

وحول أسباب الاستياء والقلق الإماراتي من فوز مهاتير محمد في الانتخابات الماليزية اعتبر تقرير لموقع " ساسة بوست" أن مصدر القلق هو فقدان الحليف الوثيق رزاق، الذي اتهم بالفساد بسبب اختلاس الأموال بتواطؤ من كبار المسؤولين الإماراتيين والسعوديين.

وأشار التقرير إلى أنه وفي سلسلة وثائقية حديثة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) من ثلاثة أجزاء بعنوان «بيت آل سعود: عائلة في حرب»، كشفت القناة أن رزاق تآمر مع الأمير السعودي، تركي بن عبد الله، ابن الملك السابق عبد الله، على اختلاس ما لا يقل عن 1.2 مليار دولار من الصندوق السيادي الوطني الماليزي.

وهذا المبلغ من المال، وفقًا للقصة التي سردها تحقيق «بي بي سي» الاستقصائي، أقرضته الحكومة الماليزية لشركة سعودية لم يُسمع بها من قبل اسمها «بترو سعودي». وفي غضون أيام، اختفت 700 مليون دولار من هذا المبلغ من الشركة، التي شارك في تأسيسها تركي.

وقد ظهرت الشكوك في شهر مارس (آذار) من عام 2013، بعد أن تم تحويل مبلغ 681 مليون دولار إلى الحساب الشخصي لرزاق. وفي أبريل (نيسان) من عام 2016، ذكرت صحيفة «الجارديان» أن رزاق تلقى مبلغ 681 مليون دولار من المملكة العربية السعودية تبرعًا. وكان رزاق يواجه بالفعل مزاعم بالفساد، بعد أن تم اكتشاف التحويل قبل عام.

ووفقًا للصحيفة البريطانية، سُئل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول إذا كان على علم بتفاصيل التبرع؛ فقال: «إنه تبرع حقيقي ولا يوجد شيء متوقع في المقابل». إن هذه سابقة لم يسمع بها أحد من قبل. فمن غير المتصور أن يُمنح رئيس وزراء منتخب لبلد ما مثل هذه الهدية المالية الكبيرة من دولة أخرى، وليس هناك شيء متوقع في المقابل.

بالعودة إلى الفيلم الوثائقي لـ«بي بي سي»، فعلى ما يبدو انتهى المطاف بكمية كبيرة من هذا المبلغ وغيره من الأموال المختلسة المزعومة في الولايات المتحدة؛ مما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى فتح تحقيق فيما وصفها بأنها أكبر عملية احتيال وسرقة حكومية في التاريخ.

 

وقد أفادت صحيفة وول ستريت جورنال في عددها الصادر 30 يونيو (حزيران) من عام 2017، بأن السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، كان متورطًا في الفضيحة التي تدور حول صندوق الاستثمار الماليزي الحكومي، فقد سُرق –وفقًا للتقرير– مبلغ يُقدر بـ4.5 مليار دولار.

مخاوف من التحقيقات

والآن بعد أن غادر رزاق السلطة، ومن المرجح أن تتم محاكمته، فإن أبوظبي والرياض لا بد وأنهما تخشيان، بالتأكيد، من احتمال أن تؤدي الهزيمة المذلّة لحليفهما في كوالالمبور إلى إجراء تحقيق أكثر شفافية في ما حدث بالضبط لكل تلك الملايين من الدولارات التي اختفت في ظروف غامضة بمساعدة الأمراء السعوديين والإماراتيين. وليس من الصعب تخمين ما كان سيناله رزاق من كل هذا، بالتأكيد المزيد من الأموال.

لكن ما الذي حصل عليه السعوديون والإماراتيون في المقابل؟ على الرغم من أن أناسًا مثل تركي والعتيبة كانوا يتوقون إلى زيادة ثرواتهم على حساب الشعب الماليزي، فلا بد أن قادة السعودية والإمارات قد وضعوا أعينهم على شيء آخر غير الأموال نفسها. لا بد أن يكون شيئًا أكبر بكثير يبرر صرف هذه المليارات. ونأمل ألا يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى يعرف الشعب الماليزي وبقية العالم ما هو.

واضطر رئيس الوزراء الماليزي السابق محمد نجيب عبد الرزاق إلى إلغاء إجازة كان يعتزم قضاءها خارج البلاد بعد صدور قرار من إدارة الهجرة الماليزية بمنعه من مغادرة البلاد.

وقالت الإدارة في بيان لها "إن رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق وزوجته وضعا في قوائم الممنوعين من مغادرة البلاد"، موضحة أن عبد الرزاق وزوجته "أدرجا على قائمة الممنوعين من مغادرة البلاد في أعقاب تكهنات بأنه كان يخطط للهرب من ماليزيا لتجنب اتهامات بفساد بعد خسارته في الانتخابات أمام مهاتير محمد".

وفي تغريدة قال عبد الرزاق إنه سيأخذ "استراحة قصيرة"، فيما أظهر مسار رحلة تم تسريبه عبر الإنترنت خططًا واضحة للسفر إلى جاكرتا على متن طائرة خاصة، لكنه عاد وقال في تغريدة أخرى في أعقاب قرار منع سفره إنه "سيحترم التعليمات وسيكون مع العائلة في البلاد".

الكاتب