فضيحة ذراع الإمارات "المشبوه" بتونس، فرّ إلى أبو ظبي ملاذ الفاسدين ليواصل العبث!

فضيحة ذراع الإمارات "المشبوه" بتونس، فرّ إلى أبو ظبي ملاذ الفاسدين ليواصل العبث!

قبل نحو 3 سنوات من الآن، نُشرت فضيحة الذراع الإماراتي الحقوقي "المشبوه" في تونس، والمسمّى (لؤي محمد ديب)، بعد اعتقاله في يونيو 2015م، بتهمة "غسيل أموال" قادمة من الإمارات.

وقد كان "ديب" المحامي الفلسطيني الذي دخل عالم السياسة بقذارتها، يُدير مؤسسة حقوقية، تورّطت في قضايا غسيل أموال مع الإمارات، التي دعمته ليكون رجلها الفاسد في الأراضي التونسية وقتها.

وبعد انتهاء اعتقاله في تونس توجّه "ديب" إلى النرويج، واستمرّ في إدارة المؤسسة الحقوقية المشبوهة، وتورَّط من جديد في قضايا غسيل أموال، كما تورّط في لعب القمار بأموال المؤسسة الحقوقية التي يديرها عبر الإنترنت بما يبلغ قيمته عشرة ملايين "كرونة" وهي العملة النرويجية!.

وحسب مصادر إعلامية، فإنَّ هيئة مكافحة جرائم الأموال في النرويج وجّهت رسميًا اتهامات إلى "لؤى ديب"، في قضايا غسيل أموال، وأوضح ذات المصدر أنَّ هيئة مكافحة الجرائم المالية، امتنعت عن الحديث بالتفاصيل دون ذكر السبب، ليصدر قرارٌ رسمي بحقه من سلطات النرويج، التي هرب منها بعد توقيفه 48 ساعة إلى أبو ظبي (التي صارت ملاذ الفاسدين).

ليست المرة الأولى

وهذه ليست المرة الأولى التي سيُواجِه فيها "ديب" الاعتقال؛ حيث سبق أن اقتحمت الشرطة النرويجية، ومكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية، بسريّة تامة، في مايو 2015م، مكتب (الشبكة العالمية للحقوق والتنمية) بالتزامن مع اقتحام منزله، تلك المؤسسة التي تروِّج لنفسها على أنها حقوقية، وحصل الاقتحام على شاطئ بحر الشمال في مدينة (ستافنغر) إحدى أشهر مدن البلاد، وأوقف "ديب" حينها لمدة 48 ساعة على ذمة التحقيق.

وفور إخلاء سبيله طبقًا للقوانين التي تمنع التوقيف لأكثر من هذه المدة، تمكن من الهرب خارج البلاد، تحديدًا إلى مصر ثم إلى دولة الإمارات -قبلته المفضّلة كفاسد هارب من العدالة- التي لا يزال مقيمًا فيها، وبات الرجل مطلوبًا للعدالة في دولة النرويج، بعدما وجّهت له السلطات القضائية تهمة تبييض الأموال وأعمالًا إجرامية، وفق القانون 317 الصارم في مسائل الجرائم الاقتصادية والاحتيال.

وبحسب دائرة الضريبة النرويجية فإنَّ (الشبكة العالمية للحقوق والتنمية) لم تقدّم حساباتها ولم تدفع الأجور الشهرية سوى لراتب سنوي واحد مقدَّر بـ140 ألف "كرونة" (أي ما يعادل 30 ألف دولار).

الأمر الذي وصفته السلطات النرويجية أنه مثير للانتباه؛ إذ لم يكن لتلك المنظمة -ومقرها ستافنغر- أيّ تسجيل رسمي ولا علاقة بالمنظمات الحقوقية المحلية ولا الدولية ولا حتى اتصال بوزارة الخارجية النرويجية.

وتناقلت الصحف النرويجية أنّ شبكة "ديب" الدولية أسست بمساعدة "رمضان أبو جزر" عضو مجلس إدارة، وهو فلسطيني من سكان رفح سابقًا ومقيم في بروكسل ومقرب من "محمد دحلان" ذراع الفساد الأول لدى محمد بن زايد، وذكرت لاحقًا تقارير صحفية أنَّ "ديب" غيَّر ولاءه من المخابرات العامة التابعة للرئيس "محمود عباس" إلى غريمه "دحلان" المستشار الخاص للإمارات.

واتّهمت جهات عديدة في تونس (الشبكة الدولية للحقوق والتنمية) بالعمل ضد "حزب النهضة" خلال الانتخابات التونسية لصالح نداء تونس ورئيسها "الباجي قائد السّبْسي"، بعد أن عملت نفس الدور ضد الإخوان المسلمين في مصر.

واتُّهم "ديب" بغسيل الأموال بعد تلقِّي شبكته 100 مليون "كرونة" (حوالي 25 مليون دولار) مُحوّلة من دولة الإمارات على مدى 3 سنوات، ما بين 2013 وحتى 2016م.
وبقيتْ قضية (الشبكة العالمية) تحت التحقيق والمراقبة منذ شهر يناير 2015م، بعد جدلٍ أُثيرَ في أروقة "مجلس حقوق الإنسان" والأمم المتحدة عمومًا، لإصرار "لؤي ديب" على نيل اعترافٍ بمنظمته كمنظمة ضغط "لوبي".

كشف ذراع الإمارات "المشبوه"

وظهر اسم "ديب" مؤخرًا بوضوح زائد، بعد أن استعانت به الإمارات في تمويل أنشطتها "لتشويه صورة قطر" في المحافل الدولية، تحت اسم منظمة أهلية "غير حكومية" تعمل في مجال حقوق الإنسان تسمىGNRD"".

فالإمارات شرعت في حملة عالمية خلال الفترة الماضية لتحقيق القبول العالمي لتعريفها الاستبدادي للإرهاب الذي يشمل كلَّ شيء، ويرتكز على اعتبار "الإسلام السياسي" -في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين- مصدرًا للعنف ويجب حظره، وكان "ديب" أبرز تلك الأذرع، وذلك وبحسب موقع (يوروميدل آيست).

وتسعى "أبو ظبي" عبر هذه الشبكة الحقوقية لتوسيع وبسط نفوذها الإقليمي عبر "القوة الناعمة"، لمحاربة الإسلام السياسي، المتمثل بجماعة الإخوان المسلمين.

ويعتبر سجل هذه الشبكة المشبوهة بشأن قضايا حقوق الإنسان التي يُدِيرها "ديب" مشوّهًا وفاسداً وغير مهني؛ إذ أنه يمتدح دولة الإمارات في المجال الحقوقي، رغم تعرّض أبو ظبي لانتقادات متكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية ووزارة الخارجية الأمريكية وكل من له شأن بحقوق الإنسان في العالم بعد فضيحة قضية (الإمارات 94).

وسبق وأن نشرت الشبكة التي يديرها "ديب" تقريرًا صنَّفت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في 2013م، (الأولى عربيًا) في مجال احترام حقوق الإنسان الأساسية و(الثانية عشر عالميًا)، متقدمة على فرنسا وأمريكا وبريطانيا ودول أوروبية كثيرة، كما وضع التقرير "دولة قطر" في ذيل القائمة لتحتل المرتبة فوق المائة!.

"ديب" بين الماضي السيء والحاضر المخزي

وبعد التحقيقات والتفتيش في خبايا الماضي له، اكتشفت السلطات أنّ "لؤي ديب" نازح فلسطيني الأصل، حاصل على الجنسية النرويجية بعد تقديم طلب لجوء سياسي للعمل كسائق تاكسي وموزّع صحف، وقد حصل على شهادته جامعية من "جامعة وهمية" في غزة بقيمة 1000 دولار، ويقدم نفسه على أنه صاحب شهادة دكتوراه في القانون الدولي.
وكان حضر إلى النرويج قبل 18 سنة من مدينة رفح في قطاع غزة؛ حيث ولد عام 1975م، لكنَّ سلطات النرويج لم تجدْ أيَّ "خلفية أكاديمية" للرجل في بلادهم.

وبحسب صحيفة (داك نارينغ ليف)، فإنَّ "ديب" كان مُجمل دخله حتى مطلع عام 2013م، بلغ "200 ألف كرونة"، في حين ارتفع فجأة مع نهاية العام 2013م، إلى "4.7 مليون كرونة".
فضلًا عن أنه يمتلك حاليًا ثلاث شركات في الإمارات العربية المتحدة التي ترسل الأموال إلى ستافنغر حيث مقر (GNRD) التي يترأَّسُها.

والشركات الثلاث هي: (Deep Consulting)، والتي تعود ملكيتها إلى "ديب" نفسه.
مع الشركتيْن (Advance Security Technology) و (Lana Interior) اللتين لهما العنوان نفسه ولا يوجد أيّ معلومات عن ماهيّتهما أو طبيعة الأعمال التجارية التي تقومان بها.

وبحسب "الجارديان"، فإنَّ "ديب" تلقّى حواليْ (2 مليون دولار) عن طريق دولة الإمارات عام 2013م، والتحويلات ارتفعت إلى (5 ملايين دولار) في عام 2014م، وقرابة (7 ملايين دولار) عام 2015م، كما أنه أشترى منازل فى مدينة استفانجر بقيمة 15 مليون كرون نرويجي، ومجوهرات وذهب بقيمة مليون و800 ألف كرونة، مع التوضيح أنَّ بين (2013 وحتى 2015م)، كانت أكبر جهة مانحة لجمعية "ديب" هي شركة مقرها الإمارات متخصصة في أمن المعلومات!.
المثير في الأمر، والذي تتشابك فيه خيوط عدة، أن التحويلات المالية التي تمت إلى الشبكة لم يقدم مؤسسها ومديرها أي تبرير عنها، ولم يُعْلِم بها المؤسسات الضريبة في النرويج، بل إنَّ "الشبكة بذات نفسها لا يعرف عنها موظفو الخارجية ووزارة التنمية في أوسلو أي شيء، وهي غير مرخصة كمنظمة حقوقية"، وكان مديرها قد أثار في السابق حفيظة السلطات الأكاديمية في 2010م، حين افتتح ما سمّاه "الجامعة الإسكندنافية"، وهو يدَّعي أنها تضمّ 300 مدرس و175 بروفسوراً و275 موظفاً بدرجة دكتوراه، وبعدما تمَّ تهديد شركته قانونياً حين تبيَّن أن الأمر ليس سوى ادعاءات، حوّل "ديب" الاسم إلى "المجموعة الإسكندنافية" بفروع في دول عدة، منها سوريا وتونس والسودان ودبي ولبنان!.

ورغم كل ما تكشّف من حقائق عن فساد هذا الرجل وتورّطه بفضائح متعددة في أكثر من دولة، مازالت حكومة أبو ظبي بقيادة محمد بن زايد تحتضنه وتحميه، لأنه مقرب من دحلان المستشار الخاص لأبو ظبي، وكأنّ دولة الإمارات أصبحت هي القِبلة المفضّلة لكل فاسدٍ هاربٍ من بلاده، يجدُ فيها مرتعاً خصباً لنواياه السيئة ومعاملاته القذرة

الكاتب