في الإمارات: مكرُمات للإفراج عن المجرمين.. بينما الشرفاء داخل الزنازين!

في الإمارات: مكرُمات للإفراج عن المجرمين.. بينما الشرفاء داخل الزنازين!

كلاكيت للمرة الخامسة في السنوات الأخيرة، يتكرر المشهد الهزلي والمحزن، حيث يأمر رئيس دولة الشيخ "خليفة بن زايد آل نهيان" هذه المرة بالإفراج عن 935 سجيناً ممَّن صدرت بحقهم أحكام في جنايات وجُنَح لقضايا مختلفة، كما تكفَّل بتسديد الغرامات المالية التي ترتبت عليهم تنفيذاً لتلك الأحكام، في حين يتغاضى بكل برود عن إطلاق سراح معتقلي الرأي في الإمارات.

وبحسب وكالة (وام) الرسمية، فإنَّ المكرمة الرئاسية بأمْرِ الإفراج تأتي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، لإدخال الفرحة على قلوب المساجين و(إعطائهم فرصةً لبدء حياةٍ جديدةٍ، والتخفيف من معاناة أسرهم).
وليست هذه المرة الأولى، فقد سبق ذلك القرار عدة "مكرمات" رئاسية كما يحبّ مناصرو الحكومة أن يسموها، وأُفرجَ في السابق عن العشرات بل المئات والآلاف من نزلاء السجون، الذين يقضون فترات محكوميّاتهم داخل سجون الدولة على ذمة قضايا مختلفة.
وليست المرة الأولى في الخليج بشكلٍ عام، فقد حصل في المملكة السعودية والبحرين والكويت وحتى سلطنة عمان مثل هذه المكرمات الملكية والرئاسية، والإفراج عن المجرمين مع "الإصرار" على ترك الشرفاء داخل الزنازين.
كما لم يتأخر عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور "سلطان بن محمد القاسمي"، عن ترك بصمته في رمضان، ليأمرَ بالإفراج عن 304 نزيلاً من مختلف الجنسيات بإدارة المنشآت العقابية والإصلاحية بشرطة الشارقة.
وقد أكّدَ تقرير صادر عن وزارة الداخلية الإماراتية، أنّ الحكومة سمحت بالإفراج عن حواليْ 5538 شخصاً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، نتيجة شمولهم بقرارات عفو عام أو خاص!.

والمعلومات المؤكدة أنَّ هذه المكرمة والقرارات لمْ تشمل أيَّ شخصٍ من معتقلي الرأي الذين يقبعون في سجون الدولة منذ سنوات طويلة تحديداً يوليو 2013م، وبتُهمٍ ملفقة كاذبة، ويخضعون لأحكامٍ قاسية بالسجن 10 سنوات مع 3 أخرى إضافية للمراقبة، بجانب سحب الجنسيات ومصادرة الأموال والممتلكات، وفرض غرامات مالية تخطّت المليون درهم، فيما عُرف باسم قضية (الإمارات 94).
كل ذلك لأنهم عبّروا عن رأيهم بطريقة سلمية في عدد من القضايا الداخلية أو السياسة الخارجية للدولة، وأغلبهم وقّع أو أيّدَ توقيع عريضة الإصلاح المسمّاة عريضة (3 مارس)، بأرقى طريقة ممكنة لتوصيل رسالة الشعب إلى الحكومة، ولم يرتكبوا أيّة جنحة أو مخالفات تستوجب اعتقالهم، لكنّ الحكومة انتفضت عليهم وكشّر الأمن الإماراتي عن أنيابه ضدهم بكل أساليب القمع الممكنة، فاعتقل وعذّب وانتهك كل حقوقهم الإنسانية وتطاول إلى أهلهم وذويهم بالأذى والتنكيل، رغم المناشدات الدولية للإفراج عنهم باستمرار.

ويتكرر هذا الرفض للعفو الرئاسي للمرة الخامسة أيضاً، حيث لم يشمل العفو الرئاسي في أربع حالات سابقة أياً من معتقلي الرأي في الدولة، الذين اعتقلوا بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين أطلق عليهم الناشطون اسم "أحرار الإمارات" من الذين صدرت بحقهم أحكام جائرة، وبحقّ ذويهم أيضاً، وتخطّى ذلك إلى اعتقال النساء الإماراتيات بكل دمٍ بارد، في ضربة قاصمة للشرف والقيم الأخلاقية لدى السلطات الإماراتية، مثل بنات الشهيد "محمد العبدولي"، ومريضة السرطان "علياء عبد النور" التي شارف المرض على إنهاء حياتها بعدما تفاقمت حالتها الصحية وسط الإهمال الطبي "المتعمّد" من السلطات لحالتها، وكأنهم يتلذذون برؤيتها تموت ببطء!.

وتستمر مناشدات ومطالبات كل منظمات وهيئات ومؤسسات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، بالإفراج عن "علياء" لاستكمال علاجها، خاصة وأنها لم ترتكبْ جريمة في حق بلادها، مثلما فعلت خلية التجسس التي أطلق الأمن الإماراتي سراح أعضائها بكل بساطة في الآونة الأخيرة، كما ناشد العالم كله سلطات الإمارات لإطلاق سراح باقي معتقلي الرأي في البلاد، وهتف الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنّ بناتنا ونساءنا ورجالنا الأحرار أولى بالإفراج من غيرهم، خاصة وأنهم لم يسيئوا للمجتمع كما فعل الآلاف من الذين أفرجت عنهم الحكومة بمكرمة الرئيس!

فهؤلاء معتقلو الرأي ليس بينهم سارقون أو محتالون أو زناة أو شاذون جنسياً وأخلاقياً، بل هم صفوة المجتمع الإماراتي من علماء وخبراء وأكاديميون ومحامون وقضاة ومفكرون وإعلاميون وحتى مسئولون حكوميون، ذنبهم أنهم صدقوا وجودهم في دولة "السعادة والحريات"، فتكلموا بحرية كان نتيجتها سجنهم لسنوات طويلة دون تهمة أو مبرر!.

لكن يبدو أنّ حكومة الإمارات بقيادة محمد بن زايد تهدف إلى ملء السجون بهؤلاء الشرفاء والمفكرين من نخبة المجتمع، وملء الشارع الإماراتي بالمجرمين والمشبوهين وعديمي الفكر والإحساس، ليسهل اقتيادهم كالقطيع من الخرفان دون الحاجة إلا لكلبٍ وعصا فقط!!

 

الكاتب