محمد بن زايد .. مؤسس لوبي إماراتي يعبث بالسياسات الدولية !!

محمد بن زايد .. مؤسس لوبي إماراتي يعبث بالسياسات الدولية !!

في السنوات الأخيرة، تشكل لدى قيادة دولة الإمارات وتحديدا لدى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مشروع إقليمي، عنوانه الأبرز: استثمار الدولة كامل قوتها وقدراتها لتحقيق أهدافها السياسية، والتي اتضح معظمها مع اندلاع الربيع العربي 2011م.

ويدرك محمد بن زايد، أنَّ الوزن الاستراتيجي لدولة الإمارات -وإن كانت ذات رصيد اقتصادي ومالي كبير- لا يؤهلها لأن تكون قوة إقليمية مؤثرة، فالمال وحده لا يكفي، لذلك استعان بخبثه ودهائه وأفكاره الشيطانية في سبيل تحقيق ما وصفه محللون غربيون "إمبراطورية الإمارات" أو "إسبرطة الصغيرة" أو "لوبي إماراتي" إن صح التعبير.

ونجح بالفعل محمد بن زايد ليكون رقما صعبا تحسب له أنظمة المنطقة حسابا، وذلك بـ"توظيف" محمد بن سلمان –ولي عهد السعودية- وهو ممثل القيادة السعودية لعقود قادمة قد تصل أربعين سنة على الأقل!

ومن أهم أوراقه كان استخدامه لـ"يوسف العتيبة" للضغط والسيطرة على محمد بن سلمان عن طريق السياسة الأمريكية، وتضاعفت العلاقة بين ولي عهد أبو ظبي ونظيره السعودي لتكون أمام العالم عبارة عن مصالح مشتركة، لكنها في الحقيقة الخفية علاقة "استخدام"، وهي مؤشرات للسذاجة السياسية في شخصية "ابن سلمان" التي سمحت أن يُستَعمل بهذه الطريقة كالدمية أو حجر الشطرنج على رقعة أطماع محمد بن زايد الشخصية!!.

محمد بن زايد مؤسس اللوبي الإماراتي:

في 2016م، نشر الصحفي الأمريكي "جيفري غولدبيرغ" المقرب من الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" مقالا في مجلة "ذا أتلنتك" الأمريكية، تحدث فيها عن محمد بن زايد، قال فيه أنّ الأخير هو واحد من عدد قليل من القادة العرب الذين يعتقد "أوباما" أنه موضوعي، وأنه مفكر استراتيجي، وأنه الزعيم الأكثر طموحاً وإثارة للإعجاب، في منطقة الخليج.

ويضيف الكاتب: المسئولون في إدارة أوباما يفهمون أن دولة الإمارات لاعب حاسم في مجلس التعاون الخليجي، فقد استطاعت سياسة محمد بن زايد -سواء نتفق معها أو نتحفظ- خلال سنوات قليلة أن تجعل الإمارات لاعباً إقليمياً ممتدَّ النفوذ في إفريقيا وآسيا، ولها بصماتها وأذرعها المتغلغلة في كل مكان، بصورة دفعت معهد واشنطن لوصف أبو ظبي في دراسة لها، أنها "صانعة الملوك" في إفريقيا، فيما وصف وزير الدفاع الأمريكي "جيمس ماتيس" دولة الإمارات بأنها "إسبرطة الصغيرة"، وذلك قبل توليه منصبه.

ولا يختلف اثنان أنَّ شخصية محمد بن زايد السياسية تقوم بكل هذه الأدوار، بما فيها دعم نظام الانقلاب في مصر وتمويل انقلاب تركيا والتدخل في ساحات دول عديدة استراتيجياً وعسكرياً مثل ليبيا واليمن فالمغرب والأردن وصولاً إلى محاولة العبث في تونس والسودان والصومال وأثيوبيا، وأخيرا الأزمة الخليجية مع قطر بمكر ودهاء وخسة ودناءة يحملها في صدره.

من جهته، تحدث "ديفيد هيرست" مدير تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عما أسماه "مخطط الإمبراطورية الإماراتية"، حيث أكد أنّ اتساع النفوذ الإماراتي في المنطقة وصل للتلاعب بمصائر الدول فيها.

ويشرح "هيرست" أنّ ما حدث كان بسبب أداء يوسف العتيبة الدبلوماسي في واشنطن بتوصية من بن زايد، ويعقّب على ذلك قائلا: (بمقدورهم أن يتدخَّلوا، ويُنصِّبوا حكاماً ديكتاتوريين، ويُدبِّروا انقلابات، وبمقدورهم استخدام القوة القصوى، لكن لن يحظى حكمهم أبداً بقبولٍ شعبي).

بينما يستعرض "آندرياس كريغ" الأستاذ بشعبة الدراسات الدفاعية بكلية لندن الملكية في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" بعض الوقائع التي تشير إلى أنَّ: (الإمارات أنشأت "لوبي خاص" بها ليس للتأثير في صناعة القرار الأميركي فحسب، بل لتغيير كامل السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط).

وأوضح "كريغ" أنَّ شبكة معقدة من المحافظين الجدد التي وحّدت بين اللّوبيات الإسرائيلية وعملاء الإمارات نجحت في خلق "مطبخ قوي" لا يمكن للجمهوريين ولا البيت الأبيض أن يتجاهلوه، وبات له من القوة ما يتيح فرصة التلاعب والعبث بمصائر الحكومات والدول الأخرى حسب رؤية وأطماع محمد بن زايد، الذي لقبه النشطاء بـ"شيطان العرب"!.

من جانب آخر، يشير تحقيق المحقق الخاص "روبرت مولر" إلى أنَّ: (ربما تكون الإمارات قد أصبحت الأكثر تأثيراً على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، كما أصبح تأثيرها يضاهي تأثير اللوبي الإسرائيلي "أيباك").

وأنشأت الإمارات، بشكل بارع وماكر شبكة من صناع القرار السياسي والباحثين والخبراء والحسابات الإلكترونية "المفبركة" بالولايات المتحدة، والتي تحاكي في كثير من الأوجه طرق بث الرسائل من قبل اللوبي الداعم لـ"إسرائيل"، وقد استخدم محمد بن زايد كل هذه البنية من أجل القبول بـ"ابن سلمان"، والسيطرة على المملكة بقوتها وقيمتها في المنطقة فتكون واجهته لتحقيق أطماعه، ويكون مع محمد بن سلمان ثنائياً قوياً كفاية لضرب وقمع الإسلاميين بحجة محاربة الإرهاب، ونيل رضا إسرائيل والتطبيع علناً وليس سراً.

ولكن رغم كل ما يقال من جدل حول طبيعة علاقة هذيْن الرجليْن، إلا أنَّ هناك من يتوقع في أي لحظة ما وقوع خلافات حادة بينهما، خاصة وأنّ المصالح التي تبدو مشتركة الآن، قد تصبح متضاربة مستقبلاً!.

وعلى هذا، فقد صرّح "هيرست" مدير تحرير "ميديل إيست": (بمجرد أن يصل ابن سلمان إلى السلطة، قد لا يعود ملائماً للملك الشاب أنْ يتلقّى الأوامر والإرشادات من ولي عهد دولةٍ أصغر كثيراً منه، وببساطةٍ قد تتفرَّق مصالحهما، لأن ما تجمعه المصلحة يفرقه الطمع).

وفي كلمة للدكتور "سعد الفقيه"، أحد أبرز الإسلاميين السعوديين الإصلاحيين، إثر مقابلة سابقة مع موقع "ساسة بوست": (النظام السعودي الحالي لا يحتاج الإمارات ومصر لمواصلة الحرب مع المعارضة؛ لأنّ الوسائل الأمنية والإعلامية والمالية والمخابراتية التي بيد النظام كافية، والمبالغة في الحديث عن هذا الحلف ربما يضعف النظام أكثر؛ وقد يضره بسبب السمعة السيئة لمصر والإمارات).

وحول تبعية ولي عهد المملكة لنظيره الإماراتي، أضاف "الفقيه": (لا أعتقد أن ابن سلمان يتبع محمد ابن زايد، صحيح أن الأخير له فضل عليه في تقوية الصلة مع نتنياهو وترامب ونفعه بخبرته في استخدام البلاكووتر والمرتزقة، لكنه فيما عدا ذلك مجرد تشابه التوجهات والأذواق، وتطابق الموقف العدائي من الإسلاميين والشعوب والعروبة بشكل عام، فكلاهما يكره الإسلام، ويكره العروبة، ويؤمن بعظمة الصهاينة، وأنهم هم الذين يضمنون السلطة).

ومهما كانت طبيعة العلاقة بين هذا الثنائي الشيطاني، فإن النتائج سيئة جداً على شعبيْهما أولاً، وعلى المنطقة الخليجية ثانياً، وعلى العرب والإسلام ككل ثالثاً، حيث وصل قمع الآراء وقتل حرية التعبير إلى أبعد ما يكون، وامتلأت بالشرفاء السجون، فيما يعيث خراباً الفاسدون، وباتت السعودية والإمارات ملجأ يفضله الهاربون.

 

الكاتب