المركز الدولي للعدالة يدين اختطاف السويدي على يد الأمن الإماراتي
أدان المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، والذي يتخذ من مدينة جنيف السويسرية، جريمة اختطاف معتقل الرأي الإماراتي عبد الرحمن بن صبيح السويدي على يد الأمن الإماراتي من الأراضي الإندونيسية، واستغلال المال السياسي لرشوة بعض العناصر المتنفذة في الحكومة الإندونيسية لتنفيذ جريمة اختطافه بطائرة خاصة إلى أبوظبي.
وطالب المركز في بيانه الذي نشره ظهر الإثنين الجهات المعنية في الأمم المتحدة وغيرها بفتح تحقيق عاجل في هذا التسليم الغير قانوني، ومحاسبة كل الأطراف المشاركة في هذا العمل الإجرامي.
ووجه المركز نداءً إلى الحكومة الإماراتية طالبها من خلاله بضرورة الكشف عن مكان احتجاز السويدي، والتأكيد على عدم تعرضه لأي نوع من أنواع الانتهاكات الحقوقية والتعذيب.
إليكم نص البيان:
جنيف، 28 ديسمبر 2015
علمنا أن المواطن الإماراتي، عبد الرحمن خليفة سالم بن صبيح المولود في 1965/09/02 بدبي قد تم اختطافه من مكان احتجازه في جزيرة باتام بإندونيسيا وتسليمه بصورة غير قانونية يوم الجمعة 18 ديسمبر 2015 لدولة الإمارات العربية المتحدة حيث كان معتقلا في إندونيسيا منذ 21 أكتوبر 2015. وتم تسليمه للإمارات بطريقة بوليسية خارج إطار القانون حيث يواجه خطر السجن والتعذيب مثل العديد من الحالات التي تابعناها في مركزنا. وتعد هذه الحالة من الاختطاف والاختفاء القسري انتهاكا خطيرا للقانون الدولي من قبل إندونيسيا والإمارات العربية المتحدة.
استدعت شرطة باتام بإندونيسيا خلال الأسبوع الماضي محامي السيد بن صبيح للحضور إلى قسم الشرطة يوم الجمعة 18 ديسمبر كانون الأول بسبب انتهاء فترة احتجاز السيد بن صبيح وبذلك لم يعد ممكنا بقاؤه رهن الاعتقال لعدم وجود أدلة ضده، وبالتالي قررت الإفراج عنه. ونظرا لأنها ستفرج عنه سيصبح بإمكان المحامي تحويل الملف إلى المفوضية العليا للاجئين بجاكرتا لمتابعة إجراءات طلب اللجوء هناك. يوم الجمعة ذهب المحامي إلى مركز الشرطة وتأكد من قرار الإفراج، ولكن الشرطة قالت له أن إجراءات الإفراج عنه ستتم بين السبت والأحد، وكان عليه أن ينتظر حتى نهاية الإجراءات.
على الساعة 10:00 من مساء يوم الجمعة، اقتحم 11 شخصا مركز الشرطة في باتام (5 أشخاص من السفارة الإماراتية و6 أشخاص من المخابرات الإندونيسية) أمام دهشة الجميع وقاموا بخطف السيد عبد الرحمن بن صبيح من مركز الشرطة على مرأى ومسمع أفراد الشرطة والمحامي. ثم قاموا بنقل عبد الرحمن على متن طائرة إماراتية خاصة مباشرة من باتام إلى مطار أبو ظبي. وفي أعقاب ذلك، قدم محامي عبد الرحمن شكوى أمام المحكمة المختصة لتسليط الضوء على بطلان الإجراءات وحقيقة أنها كانت مخالفة للقانون الدولي، معتبرا أنها حالة اختفاء قسري. وهناك اتهامات بأن النظام الإماراتي قد دفع رشاوي للأمن الإندونيسي مقابل تسوية هذه القضية بطريقة غير مشروعة.
ونشير إلى أن السيد بن صبيح اعتقل في 21 أكتوبر 2015 في باتام واحتجز في مركز شرطة مقاطعة باتام. وقد ألقي عليه القبض لأنه كان يقيم في إندونيسيا بطريقة غير قانونية في انتظار إيجاد حل حيث عثرت الشرطة على بطاقة هوية مزورة بحوزته.
ووفقا لمحاميه، مباشرة بعد إلقاء القبض عليه في 21 أكتوبر 2015، طلبت سفارة دولة الإمارات في إندونيسيا من الشرطة الإندونيسية تسليمها عبد الرحمن لكي يتم إعادته إلى الإمارات العربية المتحدة لكن الشرطة رفضت وواصلت سفارة دولة الإمارات القيام بضغوط كبيرة من خلال سفيرها والتعاون مع أجهزة الاستخبارات.
ونشير إلى أن السيد عبد الرحمن محكوم في يوليو 2013 ضمن مجموعة "الإمارات 94” وحكم عليه بالسجن غيابيا لمدة 15 سنة. وكان عضوا في مجلس إدارة جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي في الإمارات للمرة الأولى بين سنة 1985-1994، ثم من سنة 2008 حتى 2011 ولديه نشاط اجتماعي خيري وسياسي في البلاد. وهو ما دفعنا في المركز الدولي للعدالة إلى تقديم طلب تدخل للمفوضية السامية للاجئين لمنع تسليم السيد بن صبيح ولكن عندما كان الإجراء في مراحله الأخيرة قامت السفارة الإماراتية بمساعدة المخابرات الإندونيسية ب “عملية هجومية" لاختطافه باعتباره معارضا للنظام.
ونحن نعتبر في المركز الدولي للعدالة وحقوق الانسان أن هذا الاختطاف والترحيل غير قانوني وهو في الحقيقة انتهاك خطير للمعاهدات وللقوانين الدولية من قبل دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان، كما نشعر بالقلق حول مصير ومكان وجود السيد بن صبيح ونحمل المسؤولية للسلطات الإندونيسية بعد تسليمه بهذه الطريقة، في حال كان محتجزا بمعزل عن العالم الخارجي، وعرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. كما نشير ببالغ القلق إلى أن السلطات الإندونيسية لم تتخذ أي إجراءات قانونية لمنع هذا التسليم.
تجدر الإشارة إلى أنه في 2 فبراير 2014 وقعت إندونيسيا اتفاقيتين قضائيتين مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بشأن تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية. وفيما يتعلق باتفاق تسليم المجرمين الذي يتيح للطرفين طلب إعادة مواطنيهما المدانين ليقضوا فترة حكمهم في بلدهم الأصلي، يجب أن يتم ذلك مع الحصول على إذن قضائي ولكن هذا لم يتم في حالة عبد الرحمن بن صبيح.
ومن الواضح أن هذا الاتفاق الثنائي لا يتوافق مع الالتزامات الدولية، وتحديدا، اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها إندونيسيا في 28 أكتوبر 1998، وهي تحظر إعادة أي شخص إلى بلد سيكون فيه خطر التعرض للتعذيب أو غيره من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، فإن المادة 3 (1) تنص أنه "لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أو تعيد أو أن تسلم شخصا إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب". بوصفها عضوا في هذه الاتفاقية للأمم المتحدة، كان على إندونيسيا الامتثال لهذه الاتفاقية واحترام التزاماتها الدولية بمنع هذا التسليم، إذكانت هناك العديد من الأدلة والأسباب الحقيقية التي تدعو إلى الاعتقاد بأن السيد بن صبيح سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا ما تم تسليمه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويذكر المركز بأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251 الذي أنشأ مجلس حقوق الإنسان سنة 2006، يدعو أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى "الالتزام بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان."
وبناء على هذا الأساس يعبر المركز عن شديد إدانته لممارسات السفارة الإماراتية والمخابرات الإندونيسية الخارجة عن القانون والمخالفة لمبادئ حقوق الانسان ويوجه نداء عاجلا إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية للاجئين والمفوضية السامية لحقوق الانسان والإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة (المقررين الخاصين المعنيين بالتعذيب، وبالمدافعين عن حقوق الإنسان والفريق المعني بالاختفاء القسري) لـ:
-
طلب فتح تحقيق حول هذا التسليم غير القانوني
-
حث الحكومة الإندونيسية على القيام بإجراء عملي من أجل ضمان أمن وسلامة السيد عبد الرحمن بن صبيح في الإمارات العربية المتحدة
-
مساءلة الحكومة الإماراتية حول هذا الاختطاف واعتمادها إجراءات خارج نطاق القانون في عملية التسليم
نحث الجهات المعنية داخل الأمم المتحدة على ضمان ما يلي:
-
أن يتم الاعتراف بأن تسليم عبد الرحمن بن صبيح غير قانوني بما أنها عودة قسرية
-
ألا يتعرض السيد بن صبيح إلى التعذيب وغيره من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان
-
أن يقع التعرف على مكان احتجاز السيد بن صبيح
-
ألا تنتهك دولة الإمارات العربية المتحدة التزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ودستورها الذي يحظر التعذيب
-
أن تتعاون دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل كامل مع جميع الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بهذه القضية.
المصدر: اضغط هنا