تقرير حول مستقبل العلاقات الإماراتية السعودية
خاص - شؤون إماراتية
تسارع الأحداث في المنطقة العربية ومختلف ملفاتها الساخنة، بات قادراً على إظهار التباعد الكبير والفجوة التي بدأت تتسع شيئاً فشيئاً بين النظامين الإماراتي والسعودي، وتشكلت ملامح جديدة في توجهاتهما، واختلفت أشكال ونوعيات التحالفات التي تظهر فرقتهما.
يمكن أن نعتبر لحظة تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في السعودية بداية لهذا الافتراق، الذي وصل في مراحله الحالية إلى عملية هجوم ممنهجة تمارسها الإمارات ضد التحالفات والتوجهات السعودية الجديدة، ويبدو أن نقطة الالتقاء بين الجارين الخليجيين باتت أبعد من أي وقت مضى.
الملفين السوري واليمني لهما تأثيرات كبيرة في حسابات البلدين، وباتت اختلاف السياسات المتبعة من قبل الجارين واضحاً، فالإمارات اتخذت طريقاً واضحاً بالتعاون مع روسيا وحليفتها إيران في الملف السوري، وبات عملها موجهاً نحو الحفاظ على نظام الأسد ومحاربة التيارات الإسلامية المعتدلة قبل المتشددة، في حين أظهرت الفترة الأخيرة تقارباً سعودياً من القطب الآخر في المنطقة الذي يتكون من تركيا وقطر.
هذا الاختلاف في التوجهات في الملف السوري أثر بشكل كبير على الملف اليمني بدوره، فقوات التحالف التي تقودها السعودية أصبحت تعاني مما يشبه انفصام الشخصية، ومع الحقيقة المفروضة على الأرض بتولي القوات البرية السعودية مسؤولية الشمال اليمني وترك الجنوب لتصرف القوات الإماراتية، يعطينا الحصار المفروض على تعز فكرة واضحة عن اختلاف الغرض الرئيسي للإمارات والسعودية من عمليتهما في اليمن.
الإمارات تقدم عوناً بطريقة مباشرة للحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح، بهدف القضاء على عدوها الأول حزب الإصلاح اليمني الذي يمثل ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، وهو ما يتماشى مع توجهات الحليف الإيراني والروسي، في حين أن السعودية تستشعر الخطر الكبير من الزحف الإيراني في المنطقة وتسعى بكل قوتها إلى القضاء على الحوثيين.
هذه التجاذبات والحسابات المختلفة والتي كانت في السر بداية الأمر، تحولت للظهور بشكل علني شيئاً فشيئاً، فبعد أن وصفت الخارجية الإماراتية حادثة إسقاط تركيا لطائرة روسية بأنه عمل إرهابي، خرجت الأنباء عن إلغاء مبعوث الرئيس الروسي بوتين زيارة كانت مقررة إلى الرياض واكتفائه بختام جولة في المنطقة بزيارة أبوظبي، تبع ذلك زيارة وصفت بالتاريخية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى السعودية، لتتضح بشكل كبير معالم التحالفات في المنطقة خلال الفترة القادمة.
زيارة إردوغان للرياض وما تبعها من إعلان النية عن تشكيل حلف استراتيجي بين تركيا والسعودية، أشعل الفتيل تماماً في العلاقات السعودية الإماراتية، فخروج عبد الخالق عبد الله المقرب من النظام الإماراتي ومهاجمته الصريحة لهذا الحلف، يمكن اعتبارها انعكاساً للموقف الإماراتي الرسمي، وقد ينذر بالمزيد خلال الفترة المقبلة.
عبد الخالق عبد الله علق في عدد من التغريدات عبر حسابه الرسمي في تويتر على فكرة مجلس التعاون التركي السعودي، واصفاً الأمر بالفكرة الجيدة لكنها صعبة التطبيق بشكل واقعي، وحاول أن يبعث برسائل مبطنة تفيد بأن المستفيد الأكبر من هذا التحالف هي تركيا وليست السعودية، بحجة أن تركيا هي من تحتاج السعودية في الجانب الاقتصادي بشكل يفوق حاجة السعوديين لنظرائهم الأتراك في الجانب السياسي.
وحاول عبد الله أن يضرب على وتر حساس للغاية بالنسبة للسعوديين، وهو وتر العلاقة التركية الإيرانية، والتي وصفها بأنها علاقات ضخمة ولا يمكن لدول الخليج أن تعوضها بالنسبة لتركيا، وأن إردوغان مهما تقرب من السعودية فلن يستطيع الابتعاد عن إيران التي تمثل العدو الأول للسعودية في المنطقة.
هذه التصريحات من الواضح أنها تحمل هجوماً مدروساً وإن لم يكن يحمل الصفة الرسمية من الإمارات، لكن الأمر بات واضحاً بأن التقارب السعودي التركي مع وجود الضلع الثالث القطري، بات يشكل صداعاً في رأس محمد بن زايد ورجالاته، ويشكل خطراً كبيراً على أجندته ومخططاته في المنطقة، ويبقى الترقب كبيراً لما ستحمله الأيام المقبلة من مفاجآت في العلاقات الإماراتية السعودية.