2015 "عام التأزيم" في الإمارات.. قرارات سياسية وعسكرية تستنزف دماء الوطن وأمواله

2015 "عام التأزيم" في الإمارات.. قرارات سياسية وعسكرية تستنزف دماء الوطن وأمواله

كثيرة هي الأحداث والأزمات التي وقعت خلال عام 2015 فيما يتعلق بدولة الإمارات، داخلياً كانت أم متعلقة بقضايا خارجية وبمختلف المجالات، إلا أن الاثني عشر شهراً الماضية شهد رسماً سلبياً لصورة الإمارات في أذهان الكثيرين، والتي كان سببها الرئيس العديد من المواقف السياسية، كما أن 2015 كان من بين أقسى الأعوام بسبب فقدان عدد من خيرة أبناء الوطن في معارك خارج البلاد، بحسب الإمارات71.

حاول البعض رصد بعض أبرز ما شهدته الدولة داخلياً وخارجياً، في الوقت الذي تقوم به أطراف إعلامية أخرى بالإشارة إلى "المنجزات"، والتغاضي عن بعض النقاط الحساسة في سياسة الدولة الخارجية والداخلية، خصوصاً الخروج السياسي من المحلية إلى العالمية، بخطوات يراها البعض بأنها محسوبة، ولكن على حساب دماء وأموال مواطني الدولة.

 

ثمن مرتفع

لا يختلف المحللون الراصدون لتحركات الدولة على الصعيد الخارجي، والمرتبط بشكل مباشر في آثاره وتداعياته على الوضع الداخلي للمواطن، أن عام 2015 كان من أشد السنوات قسوة على المواطنين الإماراتيين، ففي هذه السنة فقدوا خيرة أبنائهم العاملين في القوات المسلحة في معارك لا تتصل بشكل مباشر بأمر الدولة، على الرغم من وجود عدو محتل لأجزاء من الدولة ولم يتم الالتفات إليه.

هذه النتيجة كانت بسبب قرارات سياسية في النهاية، كما يفسرون محللون. فقد تمثلت هذه القرارات على وجه التحديد في التدخل بشؤون الآخرين، خصوصاً إن كان في الأمر تحقيق لمصلحة، غير مفهومة للمواطن ولا يجد لها تفسيراً منطقياً.

وكان لإرغام القوات المسلحة بالمشاركة في معركة اليمن ضد الحوثيين، في وقت يتم فيه غض الطرف عن العدو الإيراني المحتل للجزر الإماراتية، سببا مباشراً في إثارة حفيظة المواطنين، وبدأت المجالس تتداول الأمر، ولسان الحال يرفض الزج بأبنائهم في معارك خارجية- حتى وإن كان الشعب الإماراتي يهمه إنهاء التمرد الحوثي- بالتذرع بتلبية دعوة دولة أخرى، إذ كانت النتيجة في نهاية المطاف  فقدان خيرة أبناء الجيش خلال تلك المعارك.

 

قوت الناس مستهدف

شهد 2015 استهدافاً مزدوجاً للمواطن، فقد هزهم من جهة العدد الكبير من الشهداء الذين قتلوا في معارك اليمن، كما ساءهم التأثيرات الاقتصادية والمجتمعية التي بدأت الدولة تتأثر بها بسبب قرارات سياسية تتعلق بدفع دول ضخمة، كمصر على سبيل المثال، بالمال المنقطع النظير، إلى درجة أن اضطرت الدولة إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية قاسية على المواطن وتجعله يدفع ثمن تلك القرارات والسياسات.

فقد تم رفع الدعم الذي كان موجوداً على أسعار المحروقات، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد، في وقت يتم فيه الإعلان عن دعم مالي ضخم لحكم قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، لا سيما وأن الإمارات لعلها تكون الدولة الأبرز في الدعم والتأثير على سياسة حكم السيسي، وكأن مصر انضمت إلى الإمارات.

الأمر لم يتوقف على مصر وحالة الاستنزاف التي تسببه، بل إن ليبيا كان التدخل فيها واضحاً، وصل حد القصف الجوي بطائرات سلاح الجو الإماراتي، ثم شراء ذمم المبعوث الأممي إلى ليبيا والقيام بمنحه وظيفة رفيعة في أبوظبي بعد انتهاء مهمته.

أما حرب اليمن والتدخل في شؤونها من أجل فرض قوة سياسية وعسكرية موالية في عدن، فكان لها نصيب كبير من الثمن المادي الذي يستنزف ميزانية الدولة، وذلك من أجل السعي على انفصال جنوب اليمن عن الوطن الأم، طمعاً في الكثير من الأمور السياسية والعسكرية والاستراتيجية وحتى الاقتصادية، لا سيما السيطرة على طريق بحري رئيس في العالم، المتمثل بميناء عدن.

 

حريات مقيدة

على أبواب العام الجديد 2016؛ لاتزال قضية معتقلي الرأي في الدولة تتفاعل، حيث شهد عام 2015 حالة من الإصرار والتصعيد ضد المعتقلين على خلفية رأيهم السياسي، بل شهد محاكمات وأحكام قاسية على عدد من معتقلي حركة الإصلاح في البلاد، في الوقت ذاته تضاعف حجم التحرك الحقوقي حول العالم للتضامن مع المعتقلين، حيث تمكنوا من إيصال القضية إلى برلمانات ونواب أوروبيين.

وللتذكير؛ فإن هناك مواطنين إماراتيين معتقلين، معظمهم من الأكاديميين والمفكرين الذين لهم مكانة في المجتمع وتأثير، حُكموا بالسجن لمدد تتراوح بين خمسة وخمسة عشر عاما، بسبب مطالباتهم بالإصلاح.

قضية معتقلي الرأي بدأت تشهد تململاً في أوساط جزء لا بأس به من المواطنين، على الرغم من حالة التعتيم المفروض عليهم، فالمعتقلون على خلفية آرائهم هم شخصيات مجتمعية معروفة ولها مكانتها بين المواطنين.

ولمعرفة مدلول هذه الاعتقالات لا بد من التطرق إلى بعض أبرز الأسماء من بين المعتقلين: الشيخ سلطان بن كايد القاسمي رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح، والقاضي محمد سعيد العبدولي، وأستاذ القانون والمحامي الدكتور هادف العويس، والدكتور محمد المنصوري، المستشار القانوني والشرعي لحاكم إمارة رأس الخيمة، والدكتور والمحامي وأستاذ القانون محمد الركن، وهما محاميان من أشهر المدافعين عن حقوق الإنسان، والدكتور أحمد الزعابي، والأستاذ صالح محمد الظفيري وهو من الشخصيات الشرعية المعروفة، والشيخ محمد عبد الرزاق الصديق عضو اتحاد علماء المسلمين والدكتور علي الحمادي خبير التطوير الإداري، والكثير غيرهم، وهي أسماء تشير بكل وضوح إلى طبيعة القضية أنها سياسية وليست أمنية.

 

مصدر القرارات "غرباء"

تحتضن الإمارات منذ سنوات مجموعة من المستشارين الأمنيين، أصبح ملموساً لدى مواطني الدولة قدرتهم على توجيه السياسات، بل وتوريط البلاد في حروب خارجية، وزرع الفتن داخلياً، سعياا وراء المال والمنصب.

ويقول محللون إن للإمارات سوابق لافتة في استضافة عسكريين "مخلوعين" أو قادة متقاعدين أو سابقين كان لهم شأن وتأثير واضح في دولهم، خصوصاً العقيد الفلسطيني السابق محمد دحلان، والقيادي العسكري المصري الأسبق أحمد شفيق، والقيادي العسكري الليبي السابق خليفة حفتر.

وفي ظل تزايد تدخل المستشارين الأمنيين، بدأ الشارع الإماراتي يتململ من فكرة تدخل "الغرباء" في توجيه دفة الدولة، والزج بأبناء الوطن في حروب لا علاقة للبلاد بها من قريب أو بعيد، وما ينجم عن ذلك من فقدان لعدد كبير من أبناء القوات المسلحة، الأمر الذي يحتم على البلاد أن تدفع ثمن هذه السياسات من دماء أبنائها وقوت أهلها.

 

(الإمارات 71)

الكاتب