" وول ستريت " الأمريكية تتساءل - لماذا الصين يا امارات -

" وول ستريت " الأمريكية تتساءل - لماذا الصين يا امارات -

ناقش تقرير لصحيفة " وول ستريت جورنال" الأمريكية أسباب ودوافع التقارب الإماراتي تجاه الصين وما شهدته زيارة الرئيس الصيني إلى الإمارات الأسبوع الماضي من اهتمام وحفاوة إماراتية بالغة، وما تضمنه الزيارة من توقيع 13 اتفاقية تعاون استراتيجي في مختلف المجالات .

وكان التقى الرئيس الصينى «تشى جين بينغ» بقادة دولة الإمارات يوم الجمعة لتعزيز العلاقات الاقتصادية للصين مع حليف رئيسي للسعودية، في الوقت الذي تبرز فيه بكين كشريك حاسم لإيران المعزولة على نحو متزايد، وتأتي الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني لمدة 3 أيام إلى في وقت حاسم لمنطقة تتأجج فيها التوترات السعودية الإيرانية.

واتخذ «تشي»، مثله مثل غيره من القادة الصينيين من قبله، نهجا متوازنا تجاه الشرق الأوسط، مغازلا الدول العربية المسلمة السنية بقيادة السعودية والإمارات، وكذلك منافسها الرئيسي على السلطة والنفوذ في المنطقة، إيران ذات الغالبية الشيعية.

ومع ذلك، فإن إيران لديها دافع أكثر من أي وقت مضى لدعم علاقتها مع الصين، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية في مايو/أيار الماضي وأعلنت إعادة فرض عقوبات على النفط الإيراني بدءا من نوفمبر/تشرين الثاني، ما سيقلل عملاء نفط الجمهورية الإسلامية.

وطالما كانت الصين منفذاً تقليدياً لمبيعات النفط عندما تواجه إيران عقوبات غربية.

في يوم الجمعة، تم توقيع 13 اتفاقاً ومذكرة تفاهم بين الصين والإمارات بحضور الرئيس «شي»، وقادة الإمارات وفي مقدمتهم ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد آل نهيان».

وشمل ذلك اتفاقاً بين شركة بترول أبوظبي الوطنية المملوكة للدولة «أدنوك» وشركة البترول الوطنية الصينية لاستكشاف الفرص التجارية التي من شأنها تعزيز الشراكة بين البلدين في مجال الطاقة.

وكانت «أدنوك» قد منحت قبل ذلك بيوم عقوداً بقيمة 1.6 مليار دولار إلى شركة تابعة لشركة البترول الوطنية الصينية.

وشملت الصفقات الأخرى توقيع شركة موانئ دبي العالمية التي تتخذ من دبي مقراً لها اتفاقية شراكة مع مجموعة «سيتي تشغيانغ» الصينية للسلع لتشيد سوق جديدة للتجار في المنطقة الحرة لجبل علي للترويج لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

وتريد دولة الإمارات والسعودية أن تواصل الصين شراء نفطهما، وأن تساعد في دعم الطلب العالمي على النفط، وقد ارتفعت أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، لكن ذلك لم يحدث إلا بعد حوالي 3 سنوات من الضعف النسبي.

كانت سياسة بكين في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة مدفوعة بشكل أساسي بالمصالح الاقتصادية، حيث تستورد الصين كميات كبيرة من النفط من المنطقة، كما أنها تراها الآن وجهة استثمارية لتوسيع وجودها عبر الطرق التجارية الممتدة عبر آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

في الوقت الذي تصبح فيه الصين أكثر تداخلاً اقتصاديًا مع المنطقة، فإن مصالحها الأمنية تتزايد أيضاً رغم محدوديتها، وقد وسّعت بكين التعاون الأمني ​​ومكافحة الإرهاب مع بعض الدول، وعقدت تدريبات على مكافحة الإرهاب مع قوات الأمن السعودية، وفي نفس الوقت وافقت إيران على زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية مع الصين في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة.

وقال «لي شاو شيان»، مدير معهد الصين العربي للأبحاث في جامعة نينغشيا بشمال غرب الصين: «الصين صديقة لكل الأطراف في الشرق الأوسط المعقد، عندما نطور العلاقات في المنطقة، نولي الاهتمام للحفاظ على التوازن».

وللقيام بذلك، يعتمد «تشي» على تعطش المنطقة لأن تغطي الأعمال الصينية على قائمة متنامية من النزاعات السياسية، حيث تفاقمت التوترات بين دول الخليج وإيران خلال السنوات القليلة الماضية، وهناك صدع سياسي بين دولة قطر المنتجة للغاز ومعظم حلفائها في الخليج.

تود كل من السعودية والإمارات لو أن بكين قطعت العلاقات الاقتصادية مع منافسيها، لكن كلاهما يفهم أن سياسة الصين هي البقاء خارج المعترك السياسي.

وقد سار «تشي» على هذا الحبل السياسي لسنوات، وفي المنتدى الوزاري الصيني العربي في بكين هذا الشهر، تعهد بتقديم أكثر من 23 مليار دولار من قروض التنمية والمساعدات الإنسانية لدول الشرق الأوسط، واستضاف الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في قمة دولية في مدينة تشينغداو الصينية في يونيو/حزيران.

وتحاول الدول العربية ضمان ألا تحصل إيران على حصة أكبر من فطيرة التمويل الصينية من خلال التعاون بشكل أكثر عمقاً على مشاريع الحزام والطريق، وهناك بالفعل عدد من المشروعات التي تمولها الصين، بما في ذلك محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم ومشروع للطاقة الشمسية في دبي ومشروع تطوير ميناء صناعي في سلطنة عمان.

وأضاف: «إيران هي شريك رئيسي في مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي كلما زادت بلدان الخليج العربية تعاملاً مع الصين في الحزام والطريق، أعتقد أن ذلك يمنحها تأثيراً أكبر قليلاً مع شريك إيراني كبير».

ووضع الإعلام الإماراتي كل ثقله خلف الزيارة التي يقوم بها حالياً الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى الامارات العربية المتحدة، في محاولة مستميتة لإظهار أن زيارة كهذه ستشكل بالفعل بداية تحول في العلاقة مع العملاق الصيني؛ يمكن أن يقفز بها فوق نقاط التماس الخطيرة التي نشأت في الجغرافيا الإقليمية على خلفة النفوذ التجاري لكلا البلدين.

وجاءت زيارة الرئيس الصيني للإمارات بعد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي التي انعقدت منتصف شهر تموز/ يوليو الجاري، وشهدت مشاركة أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كأرفع مسؤول عربي في هذه الدورة، وإعلانه المثير للاهتمام عن اتفاق بلاده مع الصين، لتصبح بموجبه هذه الأخيرة شريكا استراتيجيا ومستثمرا أساسيا في تطوير البنية التحتية لمدينة الحرير، وإنشاء مناطق صناعية وتكنولوجية متقدمة في منطقة شمال الكويت، مع شركاء اقتصاديين آخرين في تطوير هذه المنطقة الحيوية الاستراتيجية؛ التي تتجاوز مساحتها أكثر من 10 في المئة من المساحة الإجمالية لدولة الكويت.

تتوالى الخسائر التجارية التي تتكبدها إمارة دبي نتيجة النشاط العسكري العابر للحدود الذي تنخرط فيه الإمارات؛ بتأثير من نزعة النفوذ التي تمارسها أبو ظبي ويجرون من خلالها البلد إلى مغامرة غير محسوبة.

الكاتب