موقف أبوظبي بعد اتفاق "الصخيرات" الليبي وتهديدات كيري

موقف أبوظبي بعد اتفاق "الصخيرات" الليبي وتهديدات كيري

وقعت الأطراف الليبية مؤخرا اتفاق "الصخيرات" برعاية الأمم المتحدة بعد أسابيع قليلة من استقالة المبعوث الأممي السابق ليون الذي أكدت الوثائق أنه كان يعمل لمصلحة أبوظبي في إعاقة الوصول لهذا الاتفاق من ناحية، وكانت تزود اللواء المشنق خليفة حفتر بالسلاح لتجمع بين العمل الدبلوماسي والعسكري لعرقلة السلام في هذا البلد. وبعد توقيع الاتفاق ومباركة دول العالم وخاصة أوروبا وواشنطن التي حذرت من أي طرف من وضع العراقيل أمام أنهاء الحرب في ليبيا نظرا لضرورة تحقق السلام في حال وجود رغبة حقيقية لمكافحة "إرهاب داعش". 

ورغم أن أبوظبي تزعم ليل نهار بأنها رأس حربة في محاربة الإرهاب وداعش تحديدا إلا أن موقفها من الأزمة الليبية يكشف الكثير من هذه الإدعاءات. فكيف عبرت أبوظبي عن رفضها لاتفاق الصخيرات بصورة تتحاشى فيها تهديد جون كيري بمعاقبة مخربي العملية السياسية ودون كشف المزاعم بصورة رسمية.

تهديدات واشنطن

في أبريل من العام الماضي حذر أوباما قبيل اجتماعه بولي عهد أبوظبي بواشنطن الدول الخليجية التي لا تسهم في إنهاء الأزمة في ليبيا عبر مواقفها ودعمها لأطراف هناك. وبعد بضعة شهور كشفت "نيويورك تايمز" في نوفمبر الماضي أن أبوظبي متورطة في انتهاك قرارات الأمم المتحدة بحظر إرسال السلاح إلى ليبيا وزودت به قوات حفتر منذ فبراير 2015 ما دفع المحللين لاستنتاج المقصود بتصريحات أوباما هي أبوظبي.

وفي ديسمبر وجه جون كيري تحذيرا محددا سواء لمن هم في الداخل الليبي أو خارجة من مغبة إفساد الحل السياسي في ليبيا دون أن يحدد ذلك بالأسم.

الموقف الإماراتي في ليبيا

بات من الواضح موقف أبوظبي في ليبيا بعد الوثائق والإيميلات المسربة التي تفيد بتورط أبوظبي بالوقوف خلف اللواء حفتر عسكريا وماليا وقد كشف "الإمارات71" في نوفمبر الماضي عددا من الوثائق التي حصل عليها حصريا تؤكد إرسال أبوظبي ترسانة من الأسلحة لمليشيا حفتر.

الضغوط الإعلامية الغربية نتيجة التسريبات الأخيرة دفعت وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش على إصدار بيان يدعي فيه التزام أبوظبي السلام في ليبيا وعدم الجهود الأممية التي تسعى لحل الأزمة الليبية. 

وبعد الإعلان عن اتفاق الصخيرات رأت أبوظبي أنه لن يكون من السهل أن تجاهر بموقف رسمي ضد اتفاق السلام في ليبيا، ليس لأنها مسؤولين كبار في الدولة يكررون حرصهم على إرساء السلام في المنطقة ويبررون حروبهم بالسلام، وإنما لأن التحذير الأمريكي والأوربي يبدو حاسما كون مواجهة داعش لا يمكن أن تنجح في ظل الثورة المضادة التي يقودها حفتر وتدعمه القاهرة وأبوظبي فيها.

فكيف عبرت أبوظبي عن موقفها؟

من بين المزاعم العريضة لأبوظبي أنها تتبع سياسة الحياد وعدم الانحياز لأي طرف، جنبا إلى جنب مع سلوك دبلوماسي وسياسي يتمثل بأن يتولى الهيئات والتكتلات الإقليمية شخصيات إما إماراتية أو مصرية أو محسوبة على التوجهات السياسية لأبوظبي ونظام السيسي لاختطاف هذه المنابر لهذه التوجهات. 

فنبيل العربي أمين الجامعة العربي منحاز لنظام السيسي، يختطف منبر الجامعة العربية للهجوم على تركيا مثلا. أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي إماراتي محسوب على توجهات أبوظبي يستغل هذا المنبر لتوجهات ومواقف أحادية وتقديمها على أنها تعبر عن المجموع العربي فيدخل طرفا في الأزمات وليس وسيطا محايدا أو نزيها.

فالجروان التقى في تونس برئيس برلمان طبرق المنجل بقرار المحكمة الدستورية الليبية "أي أنه فاقد للشرعية"، وهو طرف في الأزمة في ليبيا مع مليشيا حفتر ضد برلمان طرابلس وحكومتها وثوراها.

الجروان، لم يطالب بتطبيق اتفاق الصخيرات ولم يجمع رئيسي البرلمانين في اجتماع حوار أو مصالحة، وإنما طالب بتسليح جيش حفتر لمحاربة الإرهاب، والمقصود في أدبيات السياسة الإماراتية بالإرهاب هو الإخوان المسلمون والإسلام الوسطي.

ورغم أن الأجواء تصالحية في ليبيا والجميع يتحدث عن التوافق وتطبيق الاتفاق، أعرب الجروان  عن "رفضه لفرض أجندات على الشعب الليبي تتعارض مع إرادته الحرة"، معتبرا أن اتفاق السلام أجندة خارجية،  وطالب الجروان "المجتمع الدولي بإعطاء الفرصة الكاملة للقيادة السياسية في ليبيا ممثلة بالبرلمان المنتخب والمعترف به دوليا(برلمان طبرق)، بحيث يكون التعامل مع الملف الليبي من خلاله".

أي أن موقف أبوظبي بصورة محددة، أنه يرفض اتفاق السلام وحكومة الوحدة الوطنية المرتقبة ويصر على العمل ضد الرغبة الدولية وضد الاستقرار الداخلي للدول العربية وتصر على عزل حكومة طرابس وبرلمانها وثوارها. 

(الإمارات 71)

الكاتب