بيان الدولي للعدالة وحقوق الانسان حول تعديل قانون جرائم المعلومات بالدولة

بيان الدولي للعدالة وحقوق الانسان حول تعديل قانون جرائم المعلومات بالدولة

بادرت سلطات دولة الإمارات بتعديل المواد 26 و28 و42 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن جرائم تقنية المعلومات وذلك بمقتضى القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2018 لتضيف مواد قانونية فضفاضة في صياغتها وواسعة وغير واضحة تُجرّم الحق في حرية التعبير وحرية التنظم وتكوين الجمعيات من خلال التذرع بمكافحة ومنع الإرهاب وتعريض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر.

ويمثّل التعديل المرسوم بالقانون الاتحادي عدد 2 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات تقويضا لدور التكنولوجيا الرقمية في تعزيز حرية التعبير والوصول إلى المعلومات وتوفير فضاءات للخطاب المعارض ولرصد وتوثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وهو ما أكد عليه الإعلان المشترك لعام 2016م حول حرية التعبير ومكافحة التطرف العنيف الصادر عن الخبراء الدوليين الأربعة المكلفين من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمة الدول الأمريكية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.

اذ تتخذ سلطات دولة الإمارات من التصدي للإرهاب ذريعة لانتهاك حق الإماراتيين في حرية التعبير وفي انتقاد السلطة القائمة وفي التنظم وإنشاء جمعيات ترصد الانتهاكات وتطالب بتعقب المسؤولين وبإنصاف الضحايا وجبر ضررهم وتنتهك سلطات دولة الإمارات بهذا التعديل حق كل شخص في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونشرها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

ويجد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في هذا التعديل خلطا بين الإرهابيين والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين وتسوية بين التنظيمات الإرهابية والتنظيمات التي اتخذت من الدفاع عن ضحايا الانتهاكات ورصد تجاوزات سلطات دولة الإمارات في مجال الحقوق والحريات هدفا لها.

فلقد حرصت المادة 26 بعد تعديلها بمقتضى القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات على تجريم الجماعات الإرهابية وغيرها من المجموعات والهيئات والمنظمات غير المشروعة وشدّدت في تجريم إنشاء أو إدارة مواقع الكترونية والإشراف عليها ونشر المعلومات وتسهيل الاتصال بقادتها وترويج أفكارها ورفعت العقاب إلى مدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد عن خمس وعشرين سنة وغرامة لا تقل عن مليوني درهم ولا تتجاوز أربعة ملايين درهم.

غير أنّ سلطات دولة الإمارات تنتهك بشكل ممنهج حرية التنظم وتمنع تأسيس الأحزاب والجمعيات إلاّ ما كان منها مواليا لها ونخشى أن يكون المقصود من المجموعات والمنظمات والهيئات غير المشروعة هي تلك التي تنتقد سلطات دولة الإمارات وتوثق انتهاكاتها لحقوق الإنسان وتتعاون من أجل ذلك مع المنظمات والهيئات والآليات الدولية لفضح الاعتداء على كرامة الإماراتيين وغير الإماراتيين وعلى حقوقهم وحرياتهم.

وجرّمت فضلا عن ذلك المادة 26 جديد من القانون كلّ من حمّل محتوى أي من المواقع أو أعاد بثها أو نشرها بأي وسيلة كانت أو تكرر دخوله إليها لمشاهدتها أو نشر أي محتوى يتضمن التحريض على الكراهية وجعلت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم.

ونخشى في المركز الدولي للعدالة وحقوق الانسان أن يكون القصد من تعديل المادة 26 هو تهديد الإماراتيين وتخويفهم في حال تصفحوا منشورات تهم دولة الإمارات وما تقترفها من انتهاكات على شبكة الإنترنت وذلك بقصد التعتيم على ما يتم تداوله على الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقترفها سلطات دولة الإمارات داخل دولة الإمارات وخارجها.

على صعيد آخر يرحب المركز باستبدال العقوبة البدنية في المادة 26 في فقرتها الثالثة بإيداع المتهم إحدى دور المناصحة. تجدر الإشارة في هذا الخصوص أن المركز نبه في بيانات سابقة من خشية تعسف سلطات دولة الامارات في استعمال هذه المراكز وتحويلها الى مراكز اعتقال تعسفي لتمديد العقوبة تحت غطاء المناصحة والإرشاد. وقد وردت على المركز مجموعة من الحالات التي ثبت فيها تمديد اعتقال نشطاء ومعتقلي راي في مراكز المناصحة بدعوى "الخطورة الإرهابية" ونذكر بحالة الناشط أسامة النجار وعبد الله الحلو وفيصل الشحي وبدر البحري وأحمد الملا.

كما حرصت سلطات دولة الإمارات من خلال تعديل المادة 28 بمقتضى القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2018 على منع انتقاد مأموري الضبط القضائي أو أي من المكلفين بتنفيذ أحكام القانون من خلال الشبكة المعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل التقنية ولو برسوم كرتونية.

وجعلت عقوبة ذلك السجن المؤقت والغرامة التي تصل إلى مليون درهم وهو ما يمثل دعما من سلطات دولة الإمارات لكل من ينتهك حقوق الإنسان من مأموري الضبط القضائي والمكلفين بتنفيذ أحكام القانون وطمأنة لهم بحمايتهم من كل انتقاد وإفلاتهم من ثمة من كل مساءلة أو محاسبة أو عقوبة.

ويذكر المركز بأن هذا التعديل للقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن جرائم تقنية المعلومات يضاف الى عدد من القوانين الأخرى التي تشدد الخناق على حرية التعبير مثل قانون مكافحة الجرائم الإرهابية وقانون العقوبات كما دأبت سلطات دولة الإمارات على الرقابة المشددة على الانترنت وتركيزها لمنظومة عين الصقر لاختراق الحسابات والمواقع على الانترنت والبريد الالكتروني والتجسس على المستخدمين ولأجل ذلك اقتنت تقنيات حديثة وتعاقدت مع شركات كبرى وانتدبت خبراء كما كلّفت الهيئة الوطنية للأمن الالكتروني بعمليات التسرب والاختراق في انتهاك لخصوصية مستخدمي الانترنت وحرية الرأي والتعبير على الانترنت.

ويهم المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن يدعو سلطات دولة الإمارات إلى:

1. مراجعة القانون الاتحادي بشأن جرائم تقنية المعلومات بما يجعله مطابقا للمعايير الدولية ذات الصلة بحق كل شخص في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونشر ونقلها إلى الآخرين والحق في حرية الرأي والتعبير والإعلام والنفاذ للإنترنت والحق في الخصوصية وصياغة المواد التي تنتقص من هذا الحقوق بشكل واضح ودقيق ووضعها تحت رقابة قضاء مستقل ونزيه.

2. الإفراج دون تأخير عن معتقلي الرأي والذين تمّ اعتقالهم ومحاكمتهم في انتهاك لحقهم في حرية الرأي والتعبير وحقهم في الحرية والأمان الشخصي وفي محاكمة عادلة.

3. السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بالحق في حرية الرأي والتعبير والمقرر الأممي الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة.

4. التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين به، والبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري

الكاتب