الامارات ومصر تتحرك لإيجاد بدائل سياسية للواء خليفة حفتر

الامارات ومصر تتحرك لإيجاد بدائل سياسية للواء خليفة حفتر

تواصل كل من الإمارات ومصر تحركاتها في المشهد السياسي الليبي لإيجاد بدائل سياسية للواء خليفة حفتر في ظل فشل الخيار العسكري في حسم الأوضاع في ليبيا، لتلجأ كل من أبوظبي والقاهرة للاستعانة برموز النظام السابق وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عبر إعادته لواجهة المشهد السياسي في ليبيا.

وكانت صادر ليبية رفيعة المستوى، ومصرية من داخل اللجنة المعنية بالملف الليبي، كشفت عن لقاء على مستوى رفيع عُقد أخيراً، جمع سيف الإسلام القذافي ومسؤولا إماراتيا بارزا، رجحت أن يكون مدير الاستخبارات الخارجية ومستشار الأمن القومي في الإمارات، طحنون بن زايد، ومسؤولا أمنيا مصريا رفيع المستوى.

وكان إعلان سيف الإسلام القذافي خلال شهر آذار الماضي عزمه الترشح رسميا، للانتخابات الرئاسية المُقبلة في ليبيا، ليؤكد ما ذكرته مصادر إعلامية حول وجود «خطة إماراتية» لإعادته إلى السلطة بمباركة أمريكية، بما يفسر الاهتمام الكبير من قبل وسائل الإعلام الإماراتية بخبر ترشحه للرئاسة.

وبحسب ما أوردته مصادر ليبية ومصرية لصحيفة "العربي الجديد" اللندنية فإن اللقاء كان يهدف بشكل أساسي إلى مناقشة إعادة ترتيب البيت الليبي، وفقاً لتصور التحالف المصري الإماراتي، وناقش المستقبل السياسي لنجل حاكم ليبيا المخلوع، وإمكانية الاستعانة به مجدداً لتوحيد قطاع من القبائل الليبية حوله.

وأوضحت المصادر أنه "بدأت أخيراً تحركات مصرية وإماراتية واسعة، بهدف إيجاد بدائل متعددة ومقبولة ليبياً، للدفع بها إلى المشهد السياسي ولعب دور على الساحة، تحت سيطرة كاملة من تحالف القاهرة وأبوظبي".

وأكدت المصادر أن التفكير في إمكانية خوض سيف الإسلام القذافي أي انتخابات رئاسية مقبلة في ليبيا، كان محل نقاش واسع خلال اللقاء.

وقالت "مصر والإمارات ضد تنظيم أي انتخابات في الوقت الراهن في ليبيا، قبل التخلص من حكومة الوفاق الوطني، المدعومة أممياً، وعلى رأسها فائز السراج، وكذلك القضاء تماماً على نفوذ القوى الإسلامية هناك، لإدراكهما أنه في حال إجراء أي انتخابات، نيابية أو رئاسية، ستكون نتيجتها غير مأمونة العواقب بالنسبة لهما، وستمنح الإسلاميين هناك مزيداً من الشرعية الدولية والنفوذ على الأراضي الليبية".

ولفتت المصادر إلى أن التحالف المسيطر على شرق ليبيا، ويتقدمه قائد القوات التابعة لمجلس النواب في طبرق، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمعاونة من القاهرة وأبوظبي، لديه خطط واضحة لإضعاف السراج إلى أبعد مدى، لإسقاط الدعم الدولي عنه، وترسيخ تصور بأن قواته هي الوحيدة التي يمكنها بسط السيطرة على الأراضي الليبية.

وبحسب مصادر مصرية رفيعة المستوى، فإن القيادي المفصول من حركة "فتح" الفلسطينية، محمد دحلان، الذي يعمل مستشاراً أمنياً لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قام في وقت سابق بترتيب لقاءات في القاهرة بين ممثل قانوني لسيف الإسلام، مع مسؤولين مصريين على درجة عالية من القرب من الرئيس، كاشفة عن أن إحدى وسائل الإعلام المصرية تلقت أموالاً مباشرة من دحلان، وكان من بين أهدافها الترويج لنجل معمر القذافي.

وقالت مصادر ليبية إنها لا تستبعد تأدية التحالف المصري الإماراتي، وذراعه في ليبيا خليفة حفتر، دوراً بارزاً في الأحداث التي تشهدها العاصمة طرابلس من تقاتل، من وقت لآخر، بين المجموعات المسلحة، من دون أسباب واضحة.

وأضافت المصادر "اللقاءات التي تدور أحاديث بشأنها في الأوساط الليبية، بين نجل القذافي وأطراف من المسؤولين عن إدارة الصراع في ليبيا، بالتأكيد ليست بعيدة عما تشهده العاصمة"، مضيفة "بالتأكيد هناك من يحركهم سيف الإسلام القذافي، خصوصاً أنه ما زال يملك من الأموال والنفوذ القبلي ما يجعله يستقطب مجموعات مسلحة تساعده في العودة مجدداً للصورة".

ورجّحت المصادر أن يكون هناك تنسيق بين مجموعات تابعة لنجل القذافي وخليفة حفتر بترتيب مصري إماراتي، على أن يكون لكل منهم دور مقبل في مستقبل ليبيا. وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، أكد أن البعثة حصلت على توقيع جميع الأطراف المتصارعة في العاصمة طرابلس على اتفاق وقف إطلاق النار "باستثناء واحد" من دون أن يسميه، مؤكداً أن هذا الاتفاق "بحاجة إلى تحصين لكي يبقى مستمراً"، وفق ما نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبر صفحتها على "فيسبوك".

وفي يونيو/حزيران من عام 2017، أعلنت كتيبة "أبوبكر الصديق"، في بيان، إطلاق سراح سيف الإسلام، بموجب قانون العفو، والذي كان محتجزاً في مدينة الزنتان غرب ليبيا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011.

وأشارت إلى أنها أطلقت سراح سيف الإسلام بناءً على طلب من الحكومة الانتقالية التي تتخذ من شرق ليبيا مقراً لها، والتي عرضت العفو عنه في وقت سابق. وكانت محكمة في طرابلس قضت غيابياً بإعدامه رمياً بالرصاص في عام 2015، بعد محاكمة خضع لها مع نحو 30 من رموز نظام القذافي، بعدما أدين بجرائم حرب، بينها قتل محتجين خلال ثورة 17 فبراير/شباط ضد والده، فيما تطالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة سيف الإسلام بجرائم ضد الإنسانية خلال قمع الثورة ضد حكم والده.

ودان المجلس العسكري لثوار الزنتان، الذي شارك سابقاً في احتجاز نجل القذافي، والمجلس البلدي للزنتان، إطلاق سراحه من قبل "كتيبة أبوبكر الصديق".

وقبل أشهر، نشرت صحيفة جنوب افريقية تقريراً مطولاً حول «صفقة سرية» للإمارات تحظى بمباركة أمريكية، وتتلخص بإعادة سيف الإسلام القذافي إلى الحكم، على أن يقوم باقتسام السلطة مع الجنرال خليفة حفتر، مشيرة إلى أن كلاً من واشنطن وأبوظبي تحاولان إقناع مختلف الأطراف السياسية والقبلية في ليبيا بهذه الخطة، فضلاً عن إقناع المجتمع الدولي (والمحكم الجنائية الدولية خاصة) بضرورة الكف عن الملاحقة القضائية لسيف الإسلام، ومنحه «فرصة» جديدة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا.

وهذا ما يفسر حجم الأموال التي أنفقتها أبوظبي لإقناع كتيبة «أبو بكر الصدّيق» التي كانت تحتجزه في مدينة «الزنتان» (غرب)، حيث أشارت بعض المصادر إلى أن نورالدين بوشيحة مدير مكتب رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، وإحدى الشخصيات المحسوبة على أبوظبي في ليبيا، أجرى مفاوضات طويلة مع آمر كتيبة أبوبكر الصديق العجمي العتيري لإقناعه بأطلاق سراح سيف الإسلام القذافي، مشيرة إلى أن الأخير قبِل بعد تلقيه ملايين الدولارات من أبوظبي.

ورغم الحشد المالي والإعلامي الذي تقدمه أبوظبي منذ أشهر لتلميع صورة نجل القذافي، إلا أنها عمدت إلى تقديم مرشّح آخر للانتخابات الرئاسية في ليبيا هو السفير الليبي السابق لديها عارف النايض والذي يصفه البعض بـ"رجل الإمارات الأول في ليبيا"، وهو يشكل إلى جانب شخصيات أخرى مثل خليفة حفتر ومحمود جبريل وجمعة الأسطى وسواهم، الأذرع السياسية والإعلامية و»الدينية» للمشروع الإماراتي الساعي لتقسيم ليبيا واستنزاف مواردها.

وربما تسعى أبوظبي لتقديم مرشحين للرئاسة الليبية إلى الإيهام وكأن ثمة تنافساً بين الرجلين، إلا أن المراقب لن يحتاج إلى الكثير من الجهد لاكتشاف هذه اللعبة الانتخابية، حيث سبق أن هاجم حفتر سيف الإسلام علنا وحاول التقليل من شأنه، لكنه عاد لاحقا (في تناقض مفضوح) لنفي هذا الأمر وتأكيد دعمه له.

وقد تلجأ أبوظبي للزج بمرشحين آخرين لن يكونوا سوى كمبارس لإغراق «السوق الانتخابية» أملاً في الدفع بمرشحها الأساسي إلى سدة الحكم.

ويرى محللون أن أبوظبي تلعب دورا له تبعات كارثية داخل الساحة الليبية، فمنذ إطاحة ثورة 17 فبراير بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهي تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وإقصاء الإسلاميين، من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة بالسلاح.

وتسبب التدخل الإماراتي -وفق مراقبين ومحللين- بفوضى عارمة داخل البلاد وانقسام سياسي داخل مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور الاقتصاد.

الكاتب