تقرير: القمع خلف الحدود.. جهاز الأمن يلاحق الناشطين خارج حدود الإمارات

تقرير: القمع خلف الحدود.. جهاز الأمن يلاحق الناشطين خارج حدود الإمارات

مركز الإمارات للدراسات والإعلام
 

لا يكل جهاز أمن الدولة في الإمارات من ملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين داخل وخارج البلاد، منذ بدء الحملة الأمنية عليهم عام 2009م، نتيجة تبادل الآراء على أحد المنتديات على الانترنت.

وتفاقمت الحملة الأمنية مع "الربيع العربي" واستقطاب الإمارات لرجال المخابرات من الأنظمة الساقطة للعمل لصالحهم في الدولة، واشتدت وطأة الاختطافات والأحكام السياسية مع عام 2012م والأعوام اللاحقة.

ولم تتوقف الأجهزة الأمنية منذ ذلك العام عن ملاحقة المعارضين في الخارج على مستوى دولي، وأبرمت اتفاقات أمنية وقضائية كي تتمكن من خطف المعارضين السياسيين في تلك البلدان أو التضييق عليهم إن تعسر الأمر ذلك.

ويقول تقرير منظمة “إعلاميون حول العالم”، بفيينا على إن:”جهاز الأمن في الإمارات، يواصل ملاحقة الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان باستعراض مذل لمن يمتلك قرار هذا الجهاز من شخصيات أمنية وتنفيذية في أبو ظبي لشخصية حقوقية وخيرية ليست متورطة بأية أعمال جنائية أو عنف سياسي، تلاحق دوليا وبما يسيء لسمعة الدولة التي تتورط في العمل البوليسي”.

 

عبدالرحمن السويدي

واتضحت تلك الحملة نهاية العام الماضي عندما كشف عن اختطاف عناصر المخابرات الإماراتية بالتعاون مع الاندونيسية أحد الناشطين من جزيرة في الدولة بجنوب شرق آسيا، ففي 21 أكتوبر2015اعتقلت السلطات الإندونيسية المعارض الإماراتي عبد الرحمن خليفة السويدي، وهو أحد أبرز المعارضين الإماراتيين في الخارج، وهو متهم ب“الانتماء لجمعية الإصلاح،”، وهو ضمن المحكومين غيابيا بالسجن 15 عامًا في قضية تعرف بـ “الإمارات94 ” أما إندونيسيا فقد اعتقلت السويدي بسبب “إقامته غير الشرعية”، وفي الأيام الأولي لهذا الاعتقال كُشف أن حكومة الإمارات تضغط على الحكومة الإندونيسية من أجل  تسليم السويدي واعتقاله، فقد كُلفت السفارة الإماراتية بالضغط على إندونيسيا لتسليم “السويدي”، وأبدت جاكرتا تخوفها من "الإعلام" و المساءلة الداخلية والملاحقة القانونية أمام القضاء وأمام مجلس الشورى، وفي 18 ديسمبر (2015) سلمت أندونيسيا السويدي لدولة الإمارات في عملية سرية، إذ قام 11 شخصا  5 عناصر من المخابرات الإماراتية و 6 من المخابرات الاندونيسية باقتياد السويدي إلى مطار “هانج ناديم باتام”  حيث تم ترحيله على متن طائرة خاصة إلى أبو ظبي.

وأكدت منظمة “إعلاميون حول العالم” ومقرها فيينا في تقرير لها على موقعها الالكتروني أن:”السلطات الإماراتية دفعت رشاوى ضخمة لعناصر في المخابرات الإندونيسية لتسليم الناشط الإماراتي عبد الرحمن خليفة بن صبيح السويدي، وقالت: “بعد أكثر من شهرين من ضغوط أبوظبي عبر جهاز الأمن وبالمال السياسي الفاسد، والذي اشترى عناصر مخابراتية أكثر فسادا في جهاز المخابرات الإندونيسي، وفي انتهاك واضح للقوانين والأعراف الدولية التي تحظر تسليم اللاجئين والناشطين السياسيين تسلمت أبو ظبي الناشط السويدي من الأمن الإندونيسي في جاكرتا فجر السبت الماضي”.

وأشارت المنظمة أن العملية تمت من خلف حكومة جاكرتا ومؤسساتها القضائية والشرعية وبمقايضة مالية ضخمة على شكل رشاوى دفعها جهاز الأمن في أبوظبي لفاسدي المخابرات الإندونيسية.

 

عثمان المرزوقي

وليست هذه الحادثة الواحدة التي يجري فيها ملاحقة الناشطين ففي أغسطس 2015م، اعتقلت السلطات التايلاندية المعارض الإماراتي عثمان المرزوقي، كان الرجل يفكر حينها في ترك تايلاند والاستقرار في تركيا أو ماليزيا كما قال الناشط الإماراتي إبراهيم آل حرم على "تويتر"، لكن جاء قرار اعتقاله بطلب من الحكومة الإماراتية قبل أن ينفذ ما خطط له متخوفًا من هذا المصير.

وسرعان ما اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي متخوفين من قيام بانكوك بتسليم المرزوقي إلى الإمارات، فأطلقوا الوسم “لا تسلموا عثمان للإمارات”، ودعوا المنظمات الدولية إلى التدخل لمنع تسليم المرزوقي من التسليم للأمن الإماراتي الذي يترصد للمعارضين في الخارج.

وبواسطة المال السياسي يتخوف معارضون ومحللون مطلعون على علاقات البلدين أن تساهم في تسليم المرزوقي خصوصاً أن البلد يعاني من تدهور في الحريات،لذلك لم يتوقع أن تهتم تايلاند بـ” الاتفاقيات الدولية التي تحظر تسليم أي مطلوب لأية دولة إذا كان يتهدده خطر التعذيب، أو اعتقال على خلفية نشاط سياسي”، وهو أمر حدث من قبل تايلاند سابقاً عندما قامت بتسليم مجموعة من مسلمي الإيغور للصين التي تنتهك حقوق الإيغور بشكل كبير.

وعادة ما يقيم الناشطون الإماراتيون فعاليات أمام المنظمات الدولية والحكومية في أوروبا من أجل التعريف بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، فيقوم أمنيون وجواسيس تم إرسالهم من "أبوظبي" بالاعتداء وتهديد المشاركين في تلك الفعاليات ويقومون بتصويرهم، كما حدث في فعاليات عديدة في جنيف عامي 2014-2015م.

 

الضغط بالاستثمار للحد من نشاط الناشطين

وتستخدم أبوظبي المال السياسي والضغط بالاستثمارات من أجل الحصول على مكاسب سياسية لملاحقة الناشطين والتضييق عليهم ففي مايو 2014 نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريراً أن الحكومة الإماراتية قامت بإنهاء عمل 80 ضابطا بريطانيا يعملون ضمن برنامج طويل بين حكومتي البلدين، ونقلت الصحيفة عن ضابط من الذين أنهيت عقودهم "نحن كبش فداء سياسي".

واضافت أن أبو ظبي اشتكت سراً إلى المملكة المتحدة بعد منحها اللجوء السياسي لناشطين اماراتيين فروا من البلاد منذ الحملة على الاسلاميين التي انتهت بسجن نحو 70 شخصاً في العام 2013 في القضية المعروفة دولياً بـ"الإمارات 94" بتهمة المشاركة في مؤامرة مزعومة لإسقاط الحكومة.

ولفتت الصحيفة إلى أن ثلاثة مواطنين اماراتيين حصلوا على اللجوء السياسي في المملكة المتحدة في الربع الأول من العام 2014 فيما علّقت سلطات الهجرة طلبات ثلاثة آخرين، وفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية البريطانية.

ويبدو أنه حتى اللجوء السياسي لحماية الإنسان أصبح إجراماً بنظر جهاز الأمن الذي يستخدم كل أدوات الضغط من أجل عدم حدوثه.

 

حظر سفر أهالي المعتقلين

وتفرض السلطات الإماراتية حظراً من أعلى المستويات يمنع أهالي الناشطين في الخارج من السفر، إضافة إلى عشرات الانتهاكات الأخرى داخل البلاد، وتمنع حتى زوجاتهم وأبنائهم  من اللحاق بهم، وهي تضيق بشكل واضح ومقصود على من تربطه بالمعارض صلة قرابة، ولعل في حكاية الشاب العشريني “محمد” خير مثال، فمحمد الذي لا يتكلم ولا يتحرك بدون مساعدة، وهو ملقي على ظهره طول الوقت بسبب إصابته بالشلل الدماغي، منعه جهاز الأمن الإماراتي في ديسمبر الماضي من السفر إلى بريطانيا؛ حيث يوجد والده المعارض والناشط الإماراتي أحمد محمد الشيبة.

هذا الشاب تناولت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية قصته في تقرير صحفي مطول لم يتمكن حتى الآن من الالتحاق بعائلته التي استطاعت الإفلات من الأمن الإماراتي بعد معاناة ومضايقة كبيرة، ولم تتمكن عائلته من العودة للإمارات للوقوف معه في المستشفى الشارقة التي نقل إليها بسبب معاناته الجسدية والنفسية.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن سفارة الدولة في لندن رفضت التعقيب على تساؤلاتها بشأن مأساة محمد، وهذا يعني أن هناك شيء يُخفي ولا تجرؤ على نفي ما يمكن تأكيده والتحقق منه كما ذكرت الصحيفة.

إننا أمام استفحال مشبع بغريزة الحقد و"الذعر" من نشاط سلمي يعتبر "إرهاباً" داخل الإمارات، وشيطنة خارج الحدود، إنه قمع لم يحدث في تاريخ الإمارات ولن يحدث إلى بتاريخ يسيطر عليه أذناب الأنظمة الهالكة الذين وجدوا في الإمارات ملجأ وطريق ليتربحوا من خيرات الإمارات والشعب الإماراتي.

الكاتب