فياض لـ”السلطة” ودحلان لـ”فتح”.. قضي الأمر الإماراتي المصري الإسرائيلي
يبدو أن مركب الرئيس الفلسطيني محمود عباس اصبح يقتصر على قيادات قليلة ما زالت تؤيده بعد ان تقافزت منه قيادات كثيرة نحو تحالفات عصبها هو القيادي الفتحاوي المفصول والهارب إلى الإمارات محمد دحلان.
وحسب مصادر بالسلطة فإن آخر المنضمين إلى تحالفات دحلان كان نائب أمين السر في حركة فتح اللواء جبريل الرجوب بعد ان سبقه بأسابيع قليلة القيادي اللواء توفيق الطيراوي.
وحسب مصادر “وطن” فان علاقة عباس بالطيراوي والرجوب شهدت خلافات كبيرة بعد اصرار رئيس السلطة على تعيين صائب عريقات نائبا له في ظل البحث عن بديل لعباس الذي تجاوز الثمانين من عمره ومع جمود العملية السياسية واستنفاذ عباس لكل برنامجه القائم على المفاوضات.
ولوحظ مؤخراً هجوم الطيراوي على جماعة الإخوان لينال الرضا الإماراتي والمصري كما نصحه دحلان. ودخل الطيراوي في مساجلة مع شخصية حمساوية بارزة هو أحمد يوسف حول الجماعة متهما اياها بأنها سبب الإنقسام الفلسطيني وإرسال اليهود إلى فلسطين وسرقة ثورات الربيع العربي وطالبه يوسف بالاعتذار لكنه لم يفعل. واستغرب البعض توقيت هجوم الطيراوي وخصوصا أنه يأتي في وقت تحتل فيه الإنتفاضة الفلسطينية كل الأولويات. إلا ان مصادر “وطن” أكدت أن الطيراوي التقى دحلان في أبوظبي الذي أسدى له نصيحة الهجوم على حركة حماس وجماعة الإخوان واجتمعا على رفض تعيين عريقات نائبا لرئيس السلطة واتفقا على مخططات تمنع التعيين وتوقف تفرد عباس بالقرارات.
وتؤكد مصادر “وطن” ان دحلان حرص على استمالة الطيراوي لسبب مهم احتل أولوية لديه وهو ان الطيراوي الذي يرأس لجنة التحقيق باغتيال ياسر عرفات وحده القادر على تبرئة دحلان من دم الزعيم الفلسطيني حيث تسود شكوك كبيرة لدى الشعب الفلسطيني بأنه متورط بقتله. وشددت المصادر بأنه لن يستطيع العودة إلى الأراضي الفلسطينية وتحقيق هدفه بالاستيلاء على قيادة فتح والسلطة قبل أن يقنع الفلسطينيين ببراءته أما فيما يتعلق بملفات الفساد والاستيلاء على ملايين الدولارات وعمليات اغتيال مناضل فلسطينيين فتلك الملفات كفيل- كما يقول- بالتعامل معها.
ويعرف عن دحلان بأنه يتلقى دعماً ماليا كبيراً من الإمارات بالإضافة إلي نحو 120 مليون دولار أمريكي متهم باختلاسها. هذا عدا استثماراته في البوسنة وامتلاكه لأكبر فندق على شاطيء غزة.
ويستخدم دحلان المال لشراء وسائل الإعلام ولتنفيذ مخططاته وله يد كبرى في الثورات المضادة للربيع العربي.
واستخدم دحلان وسائل اعلامه مؤخرا على غير عادتها لابراز تصريحات الطيراوي عن اغتيال عرفات ونقل هجومه على جماعة الإخوان في حملة تلميع ملفتة لانتباه المراقبين وهو الأمر الذي فعله أيضا مع الرجوب بعد لقائه مع تلفزيون فلسطين التابع للسلطة والذي أحدث ضجة كبيرة بعد توجيهه انتقادات شبه علنية لعباس ومكاشفته للمشاهدين عن الأزمات التي تعانيها فتح والتي حاول أن يلصقها بعباس حليفه السابق متجاهلا منصبه بانه يعد الرجل الثاني في فتح بعد عباس مباشرة وبالتالي يشارك عباس المسؤولية عن كل الاخفاقات التي تشهدها الحركة منذ استشهاد زعيمها عرفات.
وتحول الرجوب فجأة عند مناصري دحلان إلى قائد وطني بعد أن اشبعوه هجوماً بالسنوات الماضية وكتب د.سفيان ابو زايدة وهو أحد المقربين من دحلان يقول: “ نائب امين سر اللجنة المركزية للحركة اثلج صدر الغالبية العظمى من ابناء حركة فتح، خاصة اولئك الذين دفعوا في رأس مال هذه الحركة من حياتهم و شبابهم، الذين يشعرون بالقهر من تراجع دور هذه الحركة العظيمة وغياب مؤسساتها ونظامها الداخلي، والاهم من ذلك فقدانها لاهم قانون من قوانينها وهو قانون المحبة الناظم الاساس للعلاقة الاخوية بين ابناءها على مدار اربعة عقود من الزمان”.
ويظهر التلميح واضحاً في كلامه بعودة دحلان وخصوصا أن الرجوب لمح للأمر خلال اللقاء التلفزيوني حيث تحدث بشكل صريح عن ضرورة عقد المؤتمر السابع لحركة فتح “وفقا للنظام والقانون ، وليس وفقا للاهواء والمزاجيات، مؤتمر يوحد كل ” قبائل فتح ” دون استثناء ودون اقصاء احد او فصل احد او فرض احد على الحركة وابناءها”.
ومن الطبيعي أن يقصد الرجوب “قبيلة” دحلان التي تنادي بعودته والتي تم فصل الكثير من اعضائها تنفيذاً لقرارات عباس وقطع المخصصات المالية عن آخرين.
وأكدت مصادر “وطن” ان الرجوب سبق والتقى دحلان عدة مرات العام الماضي في دبي وأبوظبي وكان غير متشجع لعودته حتى اصبح الرجوب جاهزاً للتحالف مع خصمه القديم دحلان مقابل أن تقرر قواعد فتح ومؤتمراتها وأعضاؤها من هو زعيمها وهي معركة سيخسر الرجوب فيها في سباق الرئاسة لكنه سيحافظ في كل الأحوال على أن يبقى ضمن الفريق الرابح وهو فريق الإمارات وإسرائيل ومصر وأمريكا الذي انضم إليه من قبل سلام فياض وياسر عبدربه.
الرئيس عباس
المصادر التي تحدثت مع “وطن” من رام الله أشارت إلى ان عباس يتعرض لضغوط شديدة أثرت على صحته ويتهامس البعض عن انه لم يتبق له في السلطة الكثير وان مصدر الضغوط عليه دول عربية مثل الإمارات ومصر بالإضافة إلى أمريكا وإسرائيل يطالبونه بالمصالحة مع دحلان وعودته. وقالت المصادر: كانت الإمارات ومصر تضغطان لتعيينه نائبا للرئيس وحين وجدتا تعنتا شديدا ومعارضة منه ومن المقربين حوله خففوا الضغوط وطالبوا فقط بعودة دحلان وتعيين سلام فياض نائبا لرئيس السلطة.
وكان عباس قد اجتمع مع عبدالفتاح السيسي قبل أسابيع ونقلت صحف مقربة من النظام ان السيسي استدعى دحلان بطائرة مصرية خاصة من أبوظبي للاجتماع مع عباس بغرض المصالحة ونشرت “وطن” حينها تقريراً يؤكد فشل المحاولة لتلحقها بعد ذلك محاولات أدت إلى ادخال الوضع السياسي الفلسطيني كله في عنق الزجاجة على حد وصف المصدر المقرب من السلطة في حديثه لـ”وطن”.
وتداول عباس العديد من الحلول للخروج من المأزق كان واحدا منها استدعاء سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني ومن الرعيل الأول الم}سس لحركة فتح لتسليمه جميع مهامه والتنحي عن الحكم والعمل السياسي ومع ضيق حلقة القادة الـذين يثق فيهم حوله وجد عباس نفسه محاصراً من ضغوط دولية ومن قادة فلسطينيين بدأوا القفز من مركبه كالرجوب والطيراوي متبنيان خطط دحلان والنقد الذي يوجهه إلى عباس كما فعل الرجوب باللقاء التلفزيوني الذي أغضبه كثيرا.
في هذا السياق كان دحلان يطلق عبر مناصريه اشاعات عن وفاته ويشن هجوما شخصيا عليه في حملات ممولة ماليا من قبله في مواقع التواصل الإجتماعي. في الوقت الذي اجتمع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع “الكابينت” الإسرائيلي لبحث انهيار السلطة.
أمام هذا المشهد المتسارع اشار عليه رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج بأن يطل على الناس في خطاب جماهيري فاستغل عباس مناسبة عيد الميلاد للمسيحيين الشرقيين واطل في خطاب شدد فيه على استمرار السلطة وأكد على لقاء الأسبوع المقبل لجميع القيادة الفلسطينية من أعضاء تنفيذية ومركزية منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكدت المصادر المقربة بأن عباس قرر ألا يتخذ القرار وحيداً حول خليفته بالحكم أو السماح بعودة دحلان التي يعارضها وأنه سيعهد الأمر لمناقشته من قبل القيادة كما سيتخذ قرارا بشأن خطوات مقاطعة إسرائيل.
يذكر أن دحلان يعد رأس حربة الثورات المضادة حيث يعمل مستشارا لولي عهد أبوظبي وتجمعه علاقة قوية مع عبدالفتاح السيسي ويحظى أيضا بعلاقات مثيرة للشكوك مع وكالة الإستخبارات الأمريكية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وكان محل اعجاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن حين اشار إليه قائلا: هذا الفتى يعجبني.
عودة دحلان وسلام فياض
وحسب مصادر في رام الله ومن غزة علمت “وطن” ان المخطط الإماراتي المصري يفضي إلى فصل السلطة وفتح مؤقتاً بأن يعين سلام فياض رئيسا للسلطة الفلسطينية ومحمد دحلان سيتولى بنفسه بقوة المال والإعلام المدعوم من الإمارات ومصر والسعودية قيادة حركة فتح التي تفتقر إلى قادة تاريخيين كالذين عاصروا أوج كفاحها.
وسربت صحف إسرائيلية في الأسابيع الماضية اسم فياض رئيساً للسلطة الفلسطينية ونشرت صحيفة “المصدر” أمس ما جاء في حديثها مع من وصفتهم بدبلوماسيين عرب وغربيين بأن اسم رئيس الوزراء السابق، سلام فياض، عاد وبقوة الى بورصة الأسماء المرجحة لخلافة السلطة الفلسطينية في حال شغور منصب الرئاسة مستقبلا. وأكدت مصادر فلسطينية أنه وفي اتصالات ولقاءات مع جهات عربية ودولية أمريكية وأوروبية تم تناول احتمال عودة فياض الى مقدمة الساحة السياسية الفلسطينية وتحديدا الى رئاسة السلطة وما التوقعات بالنسبة لردود الفعل الفلسطينية وتحديدا عند حركتي حماس وفتح.
ورجحت المصادر أن فتح قد تتعايش مع فياض كرئيس للسلطة اذا ما تم احترام مصالحها وكوادرها العاملة في السلطة واذا ما رُفق الأمر بإعادة تفعيل منظمة التحرير بقيادة فتح.
وأشارت المصادر أن حماس رغم خلافها الماضي مع فياض ستجد الطرق للتعايش معه سياسيا، مشيرة الى أن حماس سمحت مؤخرا لفياض بزيارة القطاع ومتابعة مشاريع تقوم بها الجمعية التي يرأسها، وأنه في حال اصطفاف فلسطيني وعربي ودولي خلفه، وهو الأمر الذي لا يتمتع به حاليا الرئيس عباس، لن يكون أمام حماس خيار سوى التعاطي الإيجابي مع الموضوع.
(وطن)