موت القضاء في الإمارات .. بعده ماتت السعادة والحريات!!

موت القضاء في الإمارات .. بعده ماتت السعادة والحريات!!

في أكبر فضيحة حقوقية وقضائية شهدها الوطن العربي والإسلامي وربما العالمي، انتفضت حكومة الإمارات بأجهزتها الأمنية لتنالَ مِن كلِّ مواطن أو أجنبي مقيم بها كان له دور أو بصمة في دعوة الإصلاح، أو دعمَ أو أيّدَ –حتى لو بتغريدة- معتقلي الرأي بالإمارات، بعدما قدّمَ نخبةٌ من رموز البلاد وعلمائها عريضةً إصلاحية عُرفت باسم (عريضة 3 مارس)، هؤلاء الذين كان همّهم مصلحة الوطن وتحسين نواحي الحياة فيه، تعاملت معهم الحكومة على أنهم إرهابيون يهدفون إلى قلب نظام الحكم، فخطفت واعتقلت وعذبت ونكلت بهم ومارست عليهم وذويهم كل أنواع القمع والانتهاكات الحقوقية داخل وخارج السجون.

ومن بين المعتقلين يوجد أكاديميون ومهندسون ودعاة وناشطون حقوقيون وصحافيون وطلبة جامعات ونساء وحتى بنات الشهيد العبدولي ومريضة السرطان علياء عبد النور، ولكنّ أسوأ ما في الأمر أنَّ الاعتقالات طالت المحامين والمستشارين القانونيين وحتى القضاة!

فقد يُعتقَلُ المحامي لأنه دافع عن المظلومين، والخبير الاستشاري لأنه نصرهم وأيَّدهم بالرأي، ولكنَّ اعتقال القضاة قصَم ودفنَ كلَّ شعارات العدالة والتسامح والسعادة الوهمية التي تباهت بها الحكومة الإماراتية، وإن كان بينهم مَنْ أُطلق سراحُه وتمتْ تبرئته مثل "خميس الصم"، إلا أنّ ما حدث لهؤلاء سيبقى وصمة عار في تاريخ القضاء الإماراتي.

ومِنْ أبرز المحامين والقضاة ورجال الحقوق الذين تعرضوا لشتّى الانتهاكات بالاختطاف والاعتقال والتعذيب والإهانات ورفع الحصانة وسحب رخصة المهنة، الدكتور "محمد الركن" الذي قالها علناً للقاضي الذي يحاكمه "فلاح الهاجري": (لقد كنتَ طالباً عندي!)، كما يبرز اسم القاضي (أحمد الزعابي) من أهم قضاة المحاكم الشرعية ومستشار شرعي وعضو السلطة القضائية ومحكّم قانوني وخبير استشارات قانونية، والدكتور (علي سعيد الكندي) أمين سر جمعية الحقوقيين، ويقضي جميعهم حكماً بالسجن 10 سنوات مع 3 أخرى إضافية للمراقبة، وغرامات مالية تراوحت بين نصف المليون والمليون درهم!.

كما اعتُقل مثلهم (محمد العبدولي) رئيس محكمة الجنائية قسم أبو ظبي محكمة الاستئناف، والمحامي (سالم الشحي)، وأيضاً القاضي الذي تمت تبرئته (خميس الصم الزيودي) والأستاذ (طارق القاسم) مدير الإستراتيجية والتميز المؤسسي في النيابة في دبي، وغيرهم الكثير مِن الذين يُكرَّمون في كلِّ دول العالم إلا دولة السعادة!.
وفي ذلك انتهاكٌ صارخٌ للقيم والقوانين والأعراف الدولية، التي يضرب بها محمد بن زايد عرض الحائط، ولا حسيب ولا رقيب، بعدما استطاع قتْلَ القضاء في الإمارات، ما بين ثلاثة أصناف: الأول في قبضة السجان، والثاني مرتشي مأجور، والثالث صامت جبان!.

ردود الفعل:

أوردت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تقريراً خاصاً عن الانتهاكات التي قامت بها السلطات الإماراتية تجاه معتقلي الرأي بشكلٍ عام، ورجال القانون بشكلٍ خاص، جاء فيه: (إنَّ اعتقال السلطات الإماراتية للقضاة يُعدُّ تصعيدًا غير مسبوق منذ نشأت دولة الإمارات، وانتهاكاً صريحاً لكافة القوانين والمواثيق الدولية, ويبرهن على التخبُّط الواضح لدى السلطات الإماراتية في قراراتها في السنوات الأخيرة الماضية، باعتقالها عددًا كبيرًا من النشطاء والإصلاحيين والحقوقيين والمحاميين, والقضاة وحتى مريضة السرطان "علياء عبد النور" التي تتعذب بمرضها وتموت بشكلٍ بطيء أمام أعين سجانها، فضلاً عن اعتقال أحد أفراد الأسرة الحاكمة "سلطان القاسمي", وبنات الشهيد العبدولي بدون أي اتهامات واضحة، ناهيك عن الأجانب المقيمين في الإمارات الذين لم يسلموا من بطش الأجهزة الأمنية).

وطالبت الشبكة العربية السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري عن المعتقلين بالسجون الإماراتية, والكشف عن أماكن احتجاز بعضهم ممّن بقي تحت الاختفاء القسري في مكانٍ مجهول وبلا محاكمة, وتوضيح موقف من أنهى محكوميته ولم يُطلق سراحه مثل "أسامة حسين النجار"، الذي اعتُقل من أجل تغريدة تضامن فيها مع والده المعتقل، وحُكمَ عليه بالسجن 3 سنوات قضاها كلها، ولم يُفرج عنه حتى اليوم، وناصره ودعم قضيته الناشط الحقوقي "أحمد منصور"، فكتب وغرد عنه أكثر من مرة، حتى اعتقلته السلطات الإماراتية، أو بمعنى أدق اختطفه الأمن الإماراتي، وتعذب وانتُهكت حقوقه إلى أن حوكمَ بالسجن 10 سنوات مع 3 إضافية للمراقبة وغرامة مالية مليون درهم، وهو الذي نال الجوائز الدولية لرفعة مكانته وتضامنه مع المظلومين!.

الكاتب