تحقيق اسرائيلي يفيد بتورط وسيط اماراتي بصفقة لتجنيد باراك لدعم السعودية بصفات أسلحة

تحقيق اسرائيلي يفيد بتورط وسيط اماراتي بصفقة لتجنيد باراك لدعم السعودية بصفات أسلحة

كشف تحقيق إسرائيلي أن وسيطاً إماراتياً حاول خلال العام 2015 وبتوجيه من العائلة المالكة في السعودية، تجنيد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الأمن ورئيس الأركان الأسبق، إيهود باراك، لمصلحة مساعي إبرام صفقات للسلاح والتكنولوجيا المتطورة للسعودية، عبر إقامة شركة استشارة خاصة، يكون باراك أحد أقطابها.

وأورد التحقيق، الذي نشرته صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية، الأربعاء، نص اتصال هاتفي بين الشخص الإماراتية وبين إيهود باراك، وفيه يقول الوسيط الإماراتي إنه التقى مسؤولين في الحكومة السعودية في معرض لصناعات السايبر أقيم في دبي، وأن له علاقات ثقة مع الرجلين الثاني والثالث في المملكة، وزير الدفاع وشقيقه، في إشارة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي كان حينها وزيراً للدفاع في المملكة العربية السعودية.

وقالت الصحيفة إن استخدام والاعتماد على الخدمة في الجيش والنشاط في الحياة السياسية لصالح الأعمال، من قبل جنرالات ووزراء إسرائيليين ليس جديداً، لكنه في هذه الحالة يشكل: "مؤشراً إضافياً للتحالف الذي يجري نسجه بين إسرائيل والسعودية، والذي بات متاحاً على خلفية العداء المشترك لإيران من جهة، ولكن أيضاً بفضل تكنولوجيا التجسس والاختراق التي طورتها شركات إسرائيل وترغب الدول المجاورة بالحصول عليها".

وبحسب الصحيفة، فإن الوسيط الإماراتي ذكر بالاسم شركات "سايبر" إسرائيلية محددة تثير اهتماماً خاصاً لدى السعودية، وأن هدف التوجه لباراك هو إقناعه بالقبول بمنصب تمثيلي في شركة أسسها المواطن الإماراتي في محاولة لإبرام صفقات لشراء تكنولوجيا "سايبر" هجومية تساعد السعوديين على اختراق الاتصالات الهاتفية لمعارضين سعوديين وأعداء المملكة

ويأتي الكشف عن التوجه لإيهود باراك، بعد أيام معدودة من نشر صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تحقيقاً موسعاً عن اتصالات لإبرام صفقة بين السعودية وإسرائيل، لشراء برنامج "بيغاسوس 3" التجسسي من شركة NSO الإسرائيلية، عبر وسيط أوروبي وتركي، بعد أن افتضح أمر الصفقة بفعل عدم تلقي الوسيط الأوروبي عمولته من شركة NSO على الصفقة المذكورة، وقيامه على إثرها برفع دعوى قضائية في إسرائيل ضد الشركة.

ووفقاً للمحادثة التي تمت بين باراك والوسيط الإماراتي، فإن السعوديين سيضعون شروط مبنى وهيكل الصفقة بشكل يمنح "امتيازات مالية للمقربين من العائلة المالكة". ولم تخف المحادثة تلميحات لإغراء مالي كبير في حال إبرام الصفقة، عبر التشديد على أنه ينبغي عقد لقاء بين الرجلين لشرح كل التفاصيل التي لا يمكن الحديث عنها عبر الهاتف. وتكرر خلال المحادثة ذكر اسم ولي العهد محمد بن سلمان، الذي شغل حينها منصب وزير الدفاع في السعودية.

كذلك يكشف رجل الأعمال الإماراتي أنه يعمل مقابل محامي الدفاع الرسمي لوزارة الدفاع السعودية، وهو محام بريطاني يهودي الهوية، "وهو يرغب بالقدوم لإسرائيل لمعاينة البرنامج وتطبيقاته فعلياً، لأنه سيكون في صلب الموضوع وسيكون بمثابة عين وأذن السعوديين في الصفقة".

وخلال المحادثة، كشف الوسيط الإماراتي أنه التقى بمندوب إحدى شركات السايبر الإسرائيلية. وبحسب التقرير فقد تم خلال المحادثة ذكر أسماء شركات إسرائيلية أقر الوسيط الإماراتي؛ أن تكنولوجيات وبرمجيات هذه الشركات مستخدمة في عدة دول لا يمكنه ذكرها لأننا نجري المحادثة باتصال هاتفي خليوي، ويتضح أن المحادثة ذكرت شركات إسرائيلية تطور قدرات تنصت وتعقب ورصد للاتصالات الهاتفية مع القدرة على تحديد موقع صاحب الاتصال.

وخلص التقرير إلى القول إن باراك التقى في نهاية المطاف برجل الأعمال الإماراتي، بعد الاتصال بأسابيع، وقد عقد اللقاء في إسرائيل لكن باراك رفض العرض.

ومع أن التقرير يؤكد ذلك، إلا أن تقرير "هآرتس" السابق يشير إلى أن الاتصالات السعودية مع الجانب الإسرائيلي لم تتوقف، واستؤنفت في فينا عام 2017، عبر وسيط أوروبي هذه المرة، ورجل أعمال تركي، مع شركة NSO، وتم عقد أحد اللقاءات في قبرص، ولاحقاً طار رئيس شركة NSO حولو شاليف إلى الرياض خلافاً لتوصيات قسم مبيعات الخدمات الأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، بحسب ما أورد تقرير "هآرتس" قبل يومين.

فيما أشار تقرير لصحيفة هآرتس العبرية أنه وفقا لبيان صادر عن "باراك"، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي العرض في المكالمة الهاتفية التي كان مصدرها من دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الوسيط كان قد أخبر "باراك"، وهو أيضا وزير دفاع أسبق لـ(إسرائيل)، عما وصفها بفرصة عمل مثيرة للاهتمام، وتحدث الوسيط عن اجتماع عقده مع الحكومة السعودية قبل أسابيع في أكبر مدينة في الإمارات وهي "دبي".

وذكر الوسيط أن السعوديين جاؤوا إلى الإمارات لمشاهدة عروض تقديمية تتعلق بتقنيات الحرب السيبرانية والتنصت، مؤكدا أنه حظي بثقة الرجلين في الصف الأول خلف الملك، وهما وزير الدفاع وشقيقه.

وكان يشير إلى ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، وشقيقه "خالد بن سلمان" الذي يشغل حاليا منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، حسبما ذكرت الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاهتمام الذي يظهر تجاه ضباط الجيش، والسياسيين الإسرائيليين السابقين، ليس بجديد، لكن هذه المرة كانت الظروف مثيرة للاهتمام بشكل خاص لعدة أسبابـ أولا: باراك هو رئيس وزراء سابق، ثانيا: الاتصال تم باسم دولة، وليس شركة، ثالثا: كانت المملكة العربية السعودية التي ارتبطت مصالحها الاستراتيجية والدبلوماسية والأمنية بمصالح (إسرائيل)،

ورابعا: الشخص الذي قال الرجل إنه يمثله، هو واحد من أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم العربي والعالم.

ولفتت الصحيفة إلى أن الرجل (الوسيط) قال إن الصفقة ستكون مفيدة ماليا لعدد من الأفراد المقربين من العائلة المالكة بحيث يكون هيكل الصفقة مميزا جدا، وأنه سيكون سعيدا بالجلوس مع "باراك" وتوضيح ذلك.

وقال الرجل أيضا إن هذا الموضوع ليس مناسبا للحديث فيه عبر الهاتف، وأن معاليه (بن سلمان) يفضل أن تتم الصفقة بطريقة معينة، وقال إن هناك دائما ميزة اقتصادية للأشخاص الذي يشاركون في صفقة بهذا الحجم.

وكان رد "باراك" أن الأمر على ما يرام، وأنه يتفهم ذلك، ثم سأل الرجل، إذا ما كان "باراك" بالفعل يتفهم ما يريده بالتحديد، وأجاب "باراك" أنه فهم.

وفى بيان أصدره "باراك" في هذا الصدد قال إنه "لم يقم بالتعامل فيما يتعلق بالأسلحة أو الأنظمة العسكرية أو أنظمة الدفاع في أي مرحلة من مراحل نشاطه التجاري، وبالطبع يقترب منهم عشرات الأشخاص كل أسبوع كتابيا أو شفهيا، مع أفكار مختلفة".

وعلقت الصحيفة أن "باراك" غالبا ما يعبر عن وجهات نظر تتناول مواضيع سياسية واجتماعية ودبلوماسية، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو الاجتماعية، لافتة إلى بعد أنه ترك السياسة في وقت مبكر من هذا العقد، وانخرط في مجال الأعمال.

وذكرت أن بعضا من اهتمامات "باراك" معروفة علنا، على سبيل المثال، هو رئيس شركة الماريجوانا الطبية InterCure، لكن العديد من اهتمامات "باراك" مخفية عن الرأي العام.

وأوضحت أنه هذا التسجيل يساهم في إظهار خبرة "باراك" في مجال الصناعة السيبرانية الإسرائيلية، ومعرفته بمنتجاتها ونظام توزيعها.

وأشارت الصحيفة إلى أن معظم عملاء هذه الصناعة هم من الحكومات، بما في ذلك بعض العملاء الذي يمثلون الدول العربية التي ليست لديها علاقات رسمية مع (إسرائيل).

وقالت إن "باراك" أكد أكثر من مرة، خلال الأشهر الأخيرة، أن الكيانات التي لديها علاقات حارة مع دول المنطقة هي الشركات الخاصة،  ردا منه على محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إظهار هذه الإنجازات كنجاحات سياسية لحكومته.

وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن صفقة 2015 لم تتم، لكن السعوديين ظلوا يبدون اهتماما بالحلول السيبرانية المشابهة التي تنتجها الشركات الإسرائيلية.

وكما ذكرت "هآرتس" هذا الأسبوع، ففي عام 2017، تفاوض السعوديون مع شركة NSO Group Technologies، التي يقع مقرها في هرتسليا بالقرب من تل أبيب.

وبالعودة للمحادثة بين الوسيط و"باراك" في 2015، قالت الصحيفة إن الوسيط قال إنه يدير الأمر مع محام يمثل وزارة الدفاع السعودية، وهو مواطن بريطاني من أصل يهودي.

وقال الوسيط إنه اكتسب ثقة المحامي الطرف الآخر، الذي أراد الحصول على دعوة رسمية للقدوم إلى (إسرائيل) لرؤية الانظمة أثناء عملها، وسيكون بمثابة عين وأذان السعوديين في الصفقة.

وسأل "باراك"، عن الجهة التي يعمل لديها الوسيط، وذكر له أسماء عدد قليل من الشركات السيبرانية، وقال الوسيط إنه يعمل فقط لنفسه، و"لكي يكون دقيقا لصالح زوجته"، ثم قال اسمها بالكامل، وانفجر في الضحك.

وقال الوسيط، وفقا للصحيفة، إنه تلقى نصائح من أشخاص مقربين منه وتوصيات من أصدقائها، وأضاف أنه التقى مع ممثل إحدى الشركات، مضيفا أنه يعلم أن التقنية الخاصة بـ"باراك" تم استخدامها وتركيبها في عدد من البلدان التي لا يمكن مناقشتها عبر الهاتف.

وأوضحت الصحيفة أن الشركات التي ذكرها "باراك" والوسيط، تعمل على تطوير قدرات التنصت والرصد للمحادثات الهاتفية، وهي تقنية تهدف إلى توفير قدرة استماع شاملة على عدد هائل من المكالمات الهاتفية في نفس الوقت.

ويرى مراقبون أن مثل هذه الاتصالات مع الجانب الاسرائيلي لا يمكن أن تتم دون تنسيق من السلطات في الإمارات، حيث يعود الفضل الأول لأبوظبي في دعم القاطرة الإسرائيلية نحو محطات جديدة لاختراق الدول العربية عبر صفقات اقتصادية وتطبيع سياسي ورياضي وثقافي وهو ما يعكس درجة التفاهم والتنسيق الكبيرة بين تل أبيب وأبو ظبي خلال الفترة الأخيرة.

الكاتب