الأكاديمي البريطاني "هيدجز" جاسوس أم مظلوم؟! وأين معتقلونا من العفو الرئاسي؟!

الأكاديمي البريطاني "هيدجز" جاسوس أم مظلوم؟! وأين معتقلونا من العفو الرئاسي؟!

بداية القصة:
علقت مجلة “إيكونوميست” على قرار محكمة إماراتية سجن أكاديمي بريطاني مدى الحياة قائلة: (إن الإمارات تقدم نفسها كمساحة للمرح أمام العالم، ولكنها لا تقدم إلا مساحة قليلة للمثقفين).

وقالت: (إنَّ الأكاديمي ماثيو هيدجز -31 عاما- والذي قضى خمسة أشهر في سجن انفرادي ظهر أخيرا لكي يستمع لحكم لم يستغرق سوى خمس دقائق).
وكان القضاء الإماراتي قد حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمٍ تتعلق بالتجسس على الإمارات لحساب جهات لم يعلن عنها الأمن الإماراتي، واكتفى بأنَّ "هيدجز" استغلّ الصفة الأكاديمية كستار لممارسة أنشطته المشبوهة في البلاد.

ثم تفاجأ العالم بالعفو الرئاسي الكامل عن هذا الجاسوس البريطاني بحجة الاحتفال بالعيد الوطني الإماراتي، بمثابة مكرمة من رئيس الدولة، الأمر الذي لا يمكن تصديقه كون العشرات ممّن هم أخف من جريمته وأقل خطورة منه لم يتم الإفراج عنهم ضمن المكرمة الرئاسية!.

ويرى المتابعون والنشطاء أن الضغوطات الدولية عامة والبريطانية خاصة على السلطات الإماراتية كانت أقوى بكثير مما يمكن لحكومة الإمارات أن تصمد أمامه، وأن الخضوع جاء تحت مظلة عفو رئاسي استفاد منه بعض المجرمين والجناة والسارقين وذوي القضايا المالية، في حين بقي كل من له علاقة بحرية الرأي ودعوة الإصلاح وحقوق الإنسان داخل السجون سيئة السمعة!.
وإلا كيف يمكن تفسير الإفراج عن جاسوس أجنبي بكل بساطة لمجرد عفو من رئيس الدولة، المختفي أصلا عن دائرة الأحداث الإماراتية محليا وإقليمياً.

جاسوس مذنب أم أكاديمي بريء؟!
وتبادرت بعض الأصوات التي تؤكد براءة البريطاني، حسبما ذكرته زوجته السيدة "هيدجز" أن زوجها (سافر إلى الإمارات طالباً للدراسات العليا بهدف مواصلة بحثه في السياسات الأمنية المحلية في البلاد، وأصبح مشاركاً بدون رغبة منه في بحثه عندما اعتقلته السلطات الإماراتية في مايو منتصف هذا العام، عند وصوله إلى مطار دبي، ولم تقدم الإمارات أيَّ دليلٍ ولم تذكر حتى اسم الدولة التي يتجسس "هيدجز" لصالحها، ولكن القضية مرتبطة على ما يبدو بقطر التي تشارك الإمارات في حصارها مع السعودية ومصر والبحرين).

وتضيف: (إن السلطات الإماراتية لم تسمح له بالاتصال مع أي محام إلا في منتصف أكتوبر، -بعد خمسة أشهر- وأن هذا المحامي لا يعرف اللغة الإنكليزية بشكل جيد، وأجبروه للتوقيع على اعتراف باللغة العربية والذي لم يقرأ منه شيئاً).

بل تطور الأمر لأبعد من ذلك، وهو اتهامها للأمن الإماراتي بمساومة زوجها على التعاون الأمني والتجسس لحسابهم، وأنه رفض ذلك قطعياً ما جعله عرضةً للتعذيب والتنكيل كل تلك الشهور!.

وقالت مجلة “إيكونوميست”: (إن الإمارات تقدم نفسها مع “وزارة السعادة” ومعالمها السياحية كبلد مرح ومتنوع في الخليج. مع أنها أسستْ نظام رقابة واسع للتنصت على المواطنين والزوار، وأصدرت على نقاد الحكومة والناشطين في مجال حقوق الإنسان أحكاماً طويلة بالسجن وغرامات مالية ثقيلة، فقط لأنهم وضعوا مواد على وسائل التواصل الاجتماعي).

تضييق الخناق على الأكاديميين:
ويبدو أنَّ تضييق الخناق على الأكاديميين بالإمارات ليس حديثاً، بل ظهر منذ عام 2011م، حين بدأت جامعة نيويورك بتقديم حصص في أبو ظبي والتي كانت واحدة من الجامعات الأمريكية التي فتحت فروعا لها في المنطقة، ووعد الإداريون بالالتزام بنفس الحرية كما في المركز الأصلي، مع أن الأكاديميين العاملين فيها يقولون إن الوضع هو العكس.

فقد منعت السلطات "أندرو روس"، الأستاذ في جامعة نيويورك من دخول الإمارات لأنه انتقد الممارسات التي تستخدم ضد العمالة الوافدة إلى البلد، كما أن الإمارات ليست الدولة الوحيدة في هذه الممارسات، حيث مُنِعَ مُتخرّج من جامعة "جورج تاون" دخول قطر عام 2017م.

ويخشى جهاز أمن الدولة النخبة الإماراتية التي ترفض أن تكون منقادة لسياسات تضر الدولة والمواطنين، فدفع بعشرات المواطنين إلى السجون، معظمهم من الأكاديميين والصحافيين والناشطين الحقوقيين والمحامين ورجال القانون والفكر والاقتصاد والأعمال. وانسحب الأمر لاحقاً لمنع دخول الدولة أو محاكمة أي أكاديمي يتحدث عن حقوق الإنسان أو يقوم ببحوث متعلقة بالأمن والسياسة والاجتماع.

وقد تطرق أستاذ علم الاجتماع الدكتور "جون ناجل"، إلى الحرية الأكاديمية في الإمارات حيث عمل أربعة أشهر في جامعة الإمارات كأستاذ زائر. وقال إنه أدرك بسرعة حدود ما يُسمح له بالحديث عنه أو العكس؛ مضيفاً أنه يُحِب أن يعود إلى الإمارات لكنه يخشى أن تكون مقالته التي كتبها في "الإندبندت البريطانية" سبباً في اعتقاله إذ أنَّ أبو ظبي تراقب كل شيء.

وجاء حديث "ناجل" تعليقاً على قضية الأكاديمي البريطاني "هيدجز"، حيث قال: (إنَّ قضية "هيدجز" تكشف عن القيود القصوى المفروضة على الحرية الأكاديمية في الإمارات، لكن محنة "هيدجز" -رغم كونها شنيعة- لا تمثل صدمة بالمرة بالنسبة للمراقبين المتمرسين والعارفين بالنظام الملكي الخليجي الغني بالنفط).

#أكاديميو_الإمارات_أولى_بالحرية:

وسمٌ تداوله نشطاء كثيرون عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بعدما صُدموا بالعفو الرئاسي عن جاسوس بريطاني مُدان بالقضاء الإماراتي، بينما يتواصل سجن معتقلي الرأي الإماراتيين ومنهم خيرة التربويين والأكاديميين في الدولة، ومنهم من أكمل محكوميته مثل أسامة النجار، ومنهم من يموت بمرض السرطان موتا بطيئاً مثل علياء عبد النور.

وكتب الناشط الإماراتي "عبد الله الطويل" في تغريداته: (عندما عُدت بذاكرتي قليلاً .. تذكرت السجال الجميل مابين المعتقل د.#ناصر_بن_غيث والأكاديمي #عبد_الخالق_عبدالله عندما كان قلماً وسطاً .. نشتاق لك #ناصر ونشتاق لاعتدالك #عبد_الخالق).

وكتب "علي الحتاوي": (من الأولى بالحرية ؟؟ أبناء الوطن والذين سجنوا غدرا منذ عام 2012 أم #هيدجز المتهم بالتجسس صاحب أقصر مؤبد في التاريخ !!.)

وهاجم "جاسم سيف" شيوخ الإمارات: (هنا الانبطاح بمعانيه الواضحة شيوخنا الأشاوس بكل رعب وجُبن وقلة حيلة يفرجون عن جاسوس بريطاني استجابة لضغوطات من حكومته !! ،، لكن #أحرار_الإمارات مازالوا بالسجون ومنهم من أكمل فترة حكمه ومع ذلك لم يفرج عنه).

الكاتب