الاتحاد للطيران ستستغني عن 50 طياراً من طواقمها بفعل خسائرها المتتالية

الاتحاد للطيران ستستغني عن 50 طياراً من طواقمها بفعل خسائرها المتتالية

بعد موجة من الخسائر المتتالية التي منيت بها خلال الٍسنوات الماضية، تخطط شركة الاتحاد للطيران بأبوظبي للاستغناء عن 50 طيارًا بنهاية هذا الشهر، بحسب ما قاله مصدران اطلعا على مذكرة داخلية للناقلة لـ"رويترز" الخميس، كمرحلة أولى للتخلص من 160 طيارًا زائدًا عن احتياجات الشركة التي يبلغ عدد طياريها 2056 طيارًا.

الشركة تخضع لعملية مراجعة شاملة ومن المرجح أن يكون هناك تخفيض في عدد العاملين بها خلال الفترة المقبلة حسبما أشارت المتحدثة باسم الشركة التي ذكرت أن الخفض لن يكون كبيرًا على الأرجح، في إطار ما ذكرته المذكرة بشأن تكبد الشركة "خسارة كبيرة" العام الماضي، وأن ذلك سيستمر في 2019.

تزامنت تلك الهزة التي تتعرض لها الشركة مع قيامها بحذف اسمي قطر وإيران من خرائط شاشات العرض داخل طائراتها، وهو ما قوبل بسخرية واستنكار من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذي فسروا هذه الخطوة بـ"الساذجة" لا سيما مع ما تحققه شركة الطيران القطرية من نجاحات متواصلة.

وتعرضت شركة الاتحاد للطيران إلى خسائر غير مسبوقة خلال العامين الماضيين بلغت قرابة 3.5 مليار دولار وفقًا لميزانياتها المنشورة عن العامين 2016 و2017، حسبما أشار توني دوجلاس الرئيس التنفيذي للشركة للوكالة الإنجليزية، لافتًا إلى أن الشركة أصبحت "أكثر ترشيدًا" بعد تلك الهزة العنيفة بحسب ما أورده تقرير لموقع " نون بوست".

وكانت مجلة "فوربس" الأمريكية في عددها الصادر في يوليو/تموز الماضي، قد أشارت إلى أن الشركة التي تتخذ من إمارة أبوظبي مقرًا لها، لديها مشكلة في تحقيق المزيد من الأرباح على الرغم من امتلاكها أسطولاً مكونًا من 110 طائرات من بينها 10 طائرات جامبو عملاقة من طراز إيرباص إيه 380.

جدير بالذكر أن محمد مبارك المزروعي، رئيس مجلس إدارة الشركة في تصريح له قبل فترة أشار إلى أن الشركة منيت بخسائر قدرت بمليار و780 مليون دولار في 2016 نظرًا لتراجع قيمة أصولها وضعف عائدات استثماراتها في شركتي أليطاليا وإير-برلين.

المزروعي في بيان له قال: "مجموعة من العوامل ساهمت في هذه النتائج المخيبة للآمال لعام 2016"، لافتًا إلى أن مليارًا و60 مليون دولار من خسائر الشركة ناجمة عن تراجع تقييم أسعار طائراتها و808 ملايين دولار نتيجة استحواذها على حصص في شركتي أليطاليا وإير-برلين، موضحًا أنها حققت "عائدات بلغت 8 مليارات و360 مليون دولار أمريكي".

وتابع البيان "أدت تكاليف خفض القيمة المتكبدة لمرة واحدة وخسائر التحوط لتقلبات أسعار الوقود إلى التأثير سلبًا على نتائج الأداء القوي في أعمال شركة الطيران الأساسية"، فيما أشارت الشركة إلى أن التباطؤ في سوق الشحن الجوي أدى إلى زيادة الضغط على عائدات البضائع وعوائدها، في حين شهدت تحسنًا طفيفًا في الشحن الذي بلغ 596 ألف طن خلال فترة الـ12 شهرًا.

استمرارًا لتبعات الخسائر التي شهدتها الاتحاد للطيران خلال العامين الماضيين أفاد مصدران أن الشركة الإماراتية أوقفت تشغيل خمس طائرات شحن إيرباص وتعرض على عدد من العاملين بها إجازات غير مدفوعة الأجر بينما تواصل مراجعة إستراتيجيتها في محاولة لتقليص المصروفات.

ففي يناير الماضي أكدت الشركة أنها أوقفت أسطولها للشحن من طائرات إيرباص، والمكون من خمس طائرات إيه 330، وفضلت تشغيل أسطول لطائرات الشحن من طراز بوينغ 777 بالكامل، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس التنفيذي لعمليات الشركة بيتر بومجارتنر في رسالة بالبريد الإلكتروني أن "طائرة الشحن هذه هي الطائرة المناسبة لمتطلباتنا في الأجل الطويل".

ومن ناحية أخرى قال أحد المصادر إن الشركة تدرس بيع طائرات الشحن الخمس الموقوفة أو تأجيرها لا سيما بعدما تباطأت عمليات الشحن في 2016 ليستقر النمو عند 596 ألف طن وهو ما دفعها لإعادة النظر في إستراتيجية استيراد شحنات أخرى من الطائرات خلال الفترة المقبلة.

في السياق ذاته أبلغت الشركة طياريها أنهم يستطيعون الانضمام لمنافستها طيران الإمارات بشكل موقت لمدة عامين، بحسب رسالة إلكترونية داخلية، في إطار تبني سياسة جديدة تهدف إلى ترشيد النفقات وتقليص العمالة وهو ما يتطابق مع ما قاله الرئيس التنفيذي للشركة.

الشركة في رسالتها أشارت إلى أن الطيارين المعارين لطيران الإمارات لمدة عامين سيُمنحون إجازة مع الاحتفاظ بأقدميتهم في الاتحاد والحصول على أجورهم وكامل المزايا من الشركة المنافسة، خاصة أن الأخيرة قد اضطرت قبل ذلك إلى إلغاء العديد من رحلاتها بسبب نقص الطيارين لديها.

المتحدث باسم الاتحاد كشف أن برنامج الإعارة ممارسة معتادة بين شركات الطيران تتيح الإدارة الفعالة للطيارين، لافتًا إلى أن الشركة تعمل مع بقية شركات الطيران الأخرى بشأن برنامج إعارة لبعض الطيارين، ولم يتضح حتى الآن عدد الطيارين الذين سيُعرض عليهم برنامج الإعارة، لكن الرسالة قالت إن أي طيار سيتقدم للبرنامج سيحتاج لإكمال برنامج تدريب في طيران الإمارات.

ملاحقات قضائية

الأزمة التي تواجهها الاتحاد للطيران دفعتها إلى تقليص أصولها واستثماراتها في عدد من شركات الطيران العالمية على رأسها شركة "إير برلين" التي تعد ثاني أكبر شركة طيران في ألمانيا سابقًا، وهو ما أثار استياء تلك الشركات التي هددت بملاحقة الشركة الإماراتية قضائيًا.

ففي ديسمبر الماضي قالت محكمة في برلين إن المسؤول عن إدارة "إير برلين" يقاضي شركة "الاتحاد" للطيران الإماراتية، المالك السابق لشركة الطيران الألمانية، للتعويض عن خسائر بمبلغ ملياري يورو (2.26 مليار دولار)، لافتة إلى أن قرار الشركة الإماراتية سحب تمويل مخصص لـ"إير برلين" قد تسبب في إشهار إفلاس الشركة الألمانية، فيما قال المسؤول عن إدارة الشركة إن "الاتحاد" لم تف بالتزاماتها المالية تجاه "إير برلين".

 

المحكمة في بيان لها قالت: "المطالبات تتعلق بمدفوعات قيمتها 500 مليون يورو، والتأسيس على أن الشركة المدعى عليها ملتزمة بسداد المزيد من التعويضات"، الدائرة حددت المبلغ مؤقتًا في النزاع عند ما يصل إلى ملياري يورو، كاشفًا أنه أمام الاتحاد حتى نهاية يناير الحاليّ للرد على الدعاوى المرفوعة ضدها.

جدير بالذكر أن الشركة الإماراتية تملك حصة نسبتها 29% من الشركة الألمانية، وتقدم لها تمويلاً منذ إعلان الشراكة بينهما في 2012، وفي أبريل 2017 أرسلت الاتحاد خطابًا يفيد بتقديم المزيد من التمويل على مدى الـ18 شهرًا المقبلة لشركة إير برلين، غير أنه وبعد أشهر قليلة تراجعت الشركة عن وعودها ما تسبب في انهيار نظيرتها الألمانية التي جرى تقسيم أصولها وبيعها منذ ذلك الحين.

حذف اسمي قطر وإيران من على شاشاتها

في الوقت الذي تواجه فيه الاتحاد شبه الإفلاس وتسريح عمالتها قامت بحذف اسمي قطر ومن بعدها إيران من على خرائط شاشات العرض بداخل طائراتها، حسبما أشار خبير الطيران أليكس ماكراس في تدوينة له عبر حسابه في موقع "تويتر" الخميس، وفي المقابل لم تجر بقية الخطوط الجوية الإماراتية الأخرى أي تحديث على خرائطها داخل الطائرات.

أثارت هذه الخطوة استنكار العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ممن عقدوا مقارنة مع الخطوط الجوية القطرية التي لم تقف بمثل هذا التصرف رغم الحصار المفروض عليها من دول الحصار منذ يونيو/تموز 2017، وهو ما يمثل وفق وصفهم "تحركات صبيانة" تكشف عن حالة العداء الواضحة لقطر.

ومن ثم وفي ظل الهزات المتتالية التي تعرضت لها شركة الاتحاد بدءًا بالخسائر الكبيرة التي أعقبها وقف لشحنة طائرات ثم تسريح لبعض طياريها ووقف رحلاتها لبعض المدن، وملاحقات قضائية قد تزيد من جراحها، بات الإفلاس شبحًا يهدد مستقبل واحدة من كبريات شركات الطيران في الشرق الأوسط.

وكان انطلاق شركة «طيران الاتحاد» الإماراتية منذ 15 عاما، بدعم من إمارة أبوظبي، أغنى إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتتولي حصصا في شركات الطيران في جميع أنحاء العالم؛ من أجل بناء شبكة سريعة تتناسب مع إمكانيات منافسيها الإقليميين، «طيران الإمارات»، ومقرها دبي، و«الخطوط الجوية القطرية»، ومقرها الدوحة.

الكاتب