كيف تسعى الإمارات لتبييض صورتها حقوقياً.. إلدار ماميدوف يُجيب

كيف تسعى الإمارات لتبييض صورتها حقوقياً.. إلدار ماميدوف يُجيب

سلط الدبلوماسي الأوروبي إلدار ماميدوف، المسؤول عن لجان البرلمان الأوروبي الخاصة بالعلاقات البرلمانية مع إيران وشبه الجزيرة العربية ودول الشام، الضوء على علاقة الإمارات بالاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن هذه العلاقة "قوضها سجل أبوظبي الإنساني".

وتطرق ماميدوف، في مقاله الذي نشره موقع "لوب لوغ" الأمريكي الأحد، إلى المعرض الذي نظمته الإمارات في البرلمان الأوروبي، في التاسع من يناير الحالي؛ أبرزت فيه أنشطتها لإغاثة المنكوبين في جميع أنحاء العالم؛ سعياً منها لتلميع صورتها على الصعيد الدولي.

وقبل افتتاح المعرض من قبل رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني، عُقدت ندوة مشتركة رأستها رئيسة المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات أمل القبيسي، وعضو البرلمان الأوروبي الإسباني أنطونيو لوبيز، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الأوروبية-الإماراتية، بحسب موقع الجزيرة نت.

لكن إلدار ماميدوف، وصف في مقاله هذا النشاط بأنه "جزء من حملة ضغط سياسي إماراتي داخل أوروبا"، لافتاً النظر إلى أن ما يميز هذه الحملة هو "ابتعاد الإمارات من خلالها عن مهاجمة خصومها التقليديين"، الذين حددهم الكاتب بـ"قطر وإيران وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين".

وأضاف أن "الإمارات فضلت التركيز على جدول أعمال إيجابي، قائم على تقديم المساعدات الإنسانية للأماكن المنكوبة، مثل اليمن وأفغانستان والصومال، وحتى أوروبا من خلال تمويل مخيمات اللاجئين في اليونان".

وأفاد الكاتب بأن رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، تحدث في خطابه عن إدارة الهجرة باعتبارها من التحديات الرئيسية التي تواجه الاتحاد الأوروبي.

وهذا ما جعل الكاتب يعتبر أن "التركيز على احتياجات الاتحاد الأوروبي في هذا المجال الحساس طريقة فعالة على المدى الطويل، مقارنة بمهاجمة المنافسين الإقليميين، خاصة عندما تقدم هذا الخطاب امرأة تتحدث الإنجليزية بطلاقة مثل أمل القبيسي".

غير أن ذلك لم يحل دون كشف محدودية نجاح حملة العلاقات العامة الحالية التي لم تدخر الإمارات جهداً لجعلها تبدو جيدة ومتطورة، بحسب الكاتب الذي نبه إلى أنه حتى مكان انعقاد الاجتماع مثير للشكوك؛ وذلك بسبب اختيار "مجموعة الصداقة" البرلمانية-الإماراتية بدل هيئة رسمية تابعة للبرلمان الأوروبي.

ورغم أنه لا يحق لمجموعات الصداقة أن تتحدث باسم البرلمان الأوروبي- يقول الكاتب- فإنها في الواقع تستغل من قبل الأنظمة الاستبدادية في محاولة إيجاد قدم لها في البرلمان الأوروبي، بحيث يمكنها من ممارسة الضغط وجمع الأصوات.

وهو ما يعني في هذه الحالة أن مجموعة الصداقة الإماراتية الأوروبية تصرفت كناطق رسمي باسم أبوظبي، لكن صورة الإمارات العربية المتحدة كقوة إنسانية عظمى تقوضها الحقائق القاسية على أرض الواقع، بحسب ماميدوف.

وذكر الكاتب ماميدوف أن مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، كريستوس ستيليانيدس، أشاد مراراً وتكراراً "بالقيم المشتركة" التي يعتقد أنها تربط بين الاتحاد الأوروبي والإمارات.

لكن ماميدوف تحفظ على ذلك حين أورد ما تعرض له الناشط الإماراتي المدافع عن حقوق الإنسان، أحمد منصور، من محاكمة بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير، فضلاً عما عاناه الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، الذي لم يسترجع حريته إلا مؤخراً، بعد أن أمضى خمسة أشهر في الحبس الانفرادي بتهمة التجسس.

واستطرد الكاتب موضحاً أن هذه الإساءات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان بالإمارات، وردت في تقرير جديد نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بعنوان: "الإمارات.. ظلم وتعصب وقمع، محاكمات غير عادلة في البلاد وجرائم حرب محتملة في اليمن".

وأبرز الكاتب الاختلاف الكبير بين خطابات الإمارات والإجراءات التي تتبعها في الداخل؛ "فهي تدعم المهاجرين واللاجئين خارج حدودها، لكنها تعامل عمالها المهاجرين بقسوة".

ونسب لتقرير للأمم المتحدة أن العمال المهاجرين في الإمارات يتعرضون لصنوف الاستغلال الشديد، حيث يعملون في ظروف قاسية لأكثر من 12 ساعة في اليوم، إلى جانب المشاكل المتعلقة برواتبهم وحجز جوازات سفرهم، والعديد من الانتهاكات الأخرى.

الكاتب ذكر أيضاً أن العرض تضمن أرقاماً مثيرة للإعجاب؛ تشير إلى أن إجمالي المساعدات الأجنبية الإماراتية بين سنة 2013 و2017 يعادل 32 مليار دولار، لكنه نبه إلى كون مفهوم "المساعدة الأجنبية" يختلف تماماً عن مفهوم "المساعدة الإنمائية" أو "الإنسانية".

ونصح المسؤول الأوروبي أبوظبي بأنه لكي تحسن صورة الإمارات لدى الاتحاد الأوروبي عليها إجراء إصلاحات حقيقية؛ مثل وضع حد للقمع الداخلي والتدخل العنيف في اليمن، بدل اللجوء لحملات دعائية منمقة في البرلمان الأوروبي.

وتعتبر مصر أكبر دولة تتلقى المساعدات الإماراتية، بحصة بلغت 16.75 مليار دولار. ودعمت الإمارات الانقلاب العسكري في مصر سنة 2013، الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً ورئيسها محمد مرسي، واستبدلها بالنظام القمعي لعبد الفتاح السيسي.

وقال الكاتب إن على أبوظبي لكي تثبت مصداقيتها أن تتعامل مع المزاعم التي تشير إلى أن بعض أموال الإعانات الإنسانية التي قدمت لمصر قد خصصت في الواقع لدعم الديكتاتورية العسكرية هناك.

في ختام مقاله ذكر الكاتب أن "اللوبي" الإماراتي لا يمكنه منع دعوة دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف بيع الأسلحة إلى الإمارات والسعودية بموجب القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي، بشأن الوضع في اليمن في أكتوبر 2018؛ نظراً لأن هذه مواقف البرلمان الأوروبي الرسمية وليست بيانات مجموعة الصداقة.

إن محاولة "القبيسي" وجهاز أمن الدولة تحسين السمعة في البرلمان الأوروبي فاشلة للغاية، فسبق أن أصدر البرلمان الأوروبي قراراً عام 2012م بشأن المعتقلين السياسيين في القضية المعروفة دولياً بـ"الإمارات94"، وفشلت الدولة ووسائلها في إخفاء هذا القرار الذي تحول إلى وثيقة عن العلاقات الإماراتية مع الاتحاد الأوروبي.

يُلزم القرار الجديد الذي صدر في أكتوبر/تشرين الأول2018، الهيئات الأوروبية ودول الاتحاد ببحث حقوق الإنسان مع السلطات الإماراتية، والبرلمانات الأوروبي مع برلمان الإمارات، ولذلك بعث جهاز الأمن ب"القبيسي" كأداة من أدوات تحسين السمعة.

يشير القرار إلى مطالبة وفد الاتحاد الأوروبي في أبوظبي إلى توفير الدعم المناسب لأحمد منصور بما في ذلك زيارات السجون ومراقبة المحاكمات وتوفير أي شكل من أشكال المساعدة القانونية، كما يدعو القرار "دائرة العمل الخارجي الأوروبية (EEAS) إلى تقديم تقرير إلى البرلمان الأوروبي عن الإجراءات التي اتخذها حتى الآن وفد الاتحاد الأوروبي لدعم السيد منصور".

والتقت "القبيسي" بمسؤولين في البرلمان رئيس لجنة العلاقات البرلمانية الأوروبية، ديفيد ماك اليستر، ورئيسة لجنة العلاقات مع شبه الجزيرة العربية التابعة للبرلمان الأوروبي، اليو ماري، حسب ما أفادت وسائل الإعلام الرسمية؛ دون الإشارة إلى المزيد من التفاصيل عما تم مناقشته.

لكن البرلمان الأوروبي أرسل نسخة من القرار إلى "المجلس الوطني الإماراتي" ويبدو أن هذا الرد عبارة عن لقاءات، للحديث عن دور الدولة في مكافحة الإرهاب العالمي، ومساعدة المحتاجين واستخدام شعار "التسامح 2019" كغطاء للانتهاكات التي تحدث في البلاد.

الكاتب